يمنى العيد.. الكاتبة اللبنانية صاحبة المسار النقدي الخاص

اشتهرت الكاتبة والناقدة اللبنانية يمنى العيد بأسلوبها الخاص والمميز في النقد الأدبي التي خصصت غالبيته في الرواية والسرد وقليل من الشعر ونتج عن هذا النقد عددًا من المؤلفات النقدية التي جمعت فيه بين النظرية النقدية والتطبيق لهذه النظريات، تعرف أكثر على مسيرتها الأدبية وحياتها.

من هي يمنى العيد؟

اسمها الحقيقي حكمت المجذوب الصباغ  هي كاتبة وناقدة وأديبة لبنانية ولدت في صيدا عام 1935 وتعد من أشهر النقاد العربي التي قدمت العديد من المؤلفات النقدية البارزة.

قدّمت العيد إلى المكتبة العربية العديد من الكتب والمقالات النقدية التي تتناول فيها مناهج متنوعة من بينها الماركسية والبنيوية والبنيوية التكوينية.

وتميزت العيد بكونها من أوائل النقاد العرب وأول امرأة عربية تستكشف المنهج البنيوي نظريًا وتطبيقيًا والذي  يعد منهجًا حديثًا وجديدًا في العالم العربي.

درست العيد في فرنسا وهناك احتكت بشكل أكبر بالنظريات الغربية النقدية وقد ترجمت عدداً من الأعمال النقدية الغربية على اللغة العربية، لذا كانت من أبرز من شرح المنهج البنيوي وتطبيقه على أعمال إبداعية عربية خصوصًا في الرواية والسرد.

نشرت العيد على مدار أكثر من 40 عامًا العديد من الدراسات والمنشورات البحثية التي شرحت فيها المنهج البنيوي وتطبيقه على فن الرواية والسرد العربي.

نشأتها ودراستها

ولدت الناقدة والكاتبة اللبنانية يمنى لعيد في صيدا جنوب لبنان، وقد درست في لبنان وحصلت على شهادة الإجازة والماستر في الجامعة اللبنانية ثم سافرت إلى فرنسا لإكمال دراسة الدكتوراه وحصلت على درجة الدكتوراه في الأدب من جامعة السوربون عام 1977.

مسيرتها المهنية

بعد إنهاء دراستها في فرنسا عملت يمنى لعيد في التدريس في كلية الآداب والعلوم الإنسانية حتى تقاعدها عام 1999 وخلال هذه الفترة كانت أستاذة زائدة في عدد من الجامعات العربية والغربية منها جامعة السوربون في باريس وجامعة صنعاء في اليمن، كما عملت في مركز البحوث التطبيقية والدراسات النسوية في صنعاء.

وخلال حياتها شاركت يمنى في العديد من الندوات والمؤتمرات التي ناقشت فيها مؤلفاتها النقدية، كما أنها عضوة في اتحاد الكتاب اللبنانيين واتحاد الكتاب العرب والمجلس الثقافي اللبناني الجنوبي وجمعية الكاتب والكتاب في بيروت. السيدة يمنى أيضًا عضوة في مركز مهدي عالم العربي، والهيئة الاستشارية لمشروع كتاب في جريدة.

عملت العيد في النقد لهدف أساسي ألا هو إثبات الخصوصية العربية في الأدب ولنفي تهمة تقليد الغرب عن الكتاب العرب.

جوائز وتقديرات

حازت مؤلفات يمنى العيد على عشرات الجوائز وشهادات التقدير ومنها جائزة سلطان العويس للنقد العربي عام 1993 التي سوغت فيه اللجنة قرارها بأن العيد تمكنت من الجمع بين النظرية والتطبيق الواعي لهذه النظريات في نصوص الإبداع العربية، وهو ما يعد تميزا واضحًا في المجال النقدي.

في عام 2019 تم اختيارها شخصية العام الثقافية في فعاليات الدورة 38 من معرض الشارقة الدولي للكتاب الذي أقيم تحت شعار "افتح كتابا تفتح أذهانًا" وذلك تقديرًا لجهودها المعرفية لأكثر من 40 عامًا في تأليف النصوص العربية الأدبية والنقدية ودراستها المتخصصة في النقد العربي والنقد المقارن والتوثيق الأدبي كذلك.

وعن اختيارها شخصية العام في معرض الشارقة قالت يمنى العيد إن هذا دليل على اهتمام المرأة وقد توجهت بالشكر لإدارة معرض الشارقة الدولي للكتاب وقالت: "شعر بالفخر والسعادة وأتقبل هذا الاعتراف، وأنا من الكاتبات اللاتي لا يسعين وراء الشهرة، فكان لدى هم واحد وهو صياغة منهج نقدي يهتم بالرواية العربية من باب علاقة الرواية بمرجعها الحي الذي هو الواقع الاجتماعي".

كتب يمنى العيد

أصدرت الناقدة يمنى العيد العديد من المؤلفات النقدية وبدأت مسيرتها في النقد من خلال مجموعة من الأبحاث والدراسات التي نقبت فيه عن الوعي الاجتماعي في التاريخ والأدب، ومن أبرز الكتب التي ألفتها كتاب "الدلالات الاجتماعية لحركة الأدب الرومنطيقي في لبنان" وصدر الكتاب عام 1979.

في عام 1983 أصدرت كتاب "في معرفة النص" التي مارست فيه النقد بوصفه قراءة مفتوحة غير مقيدة بمنهج وحيد، وقد درست في مؤلفاتها تلك الأعمال الشعرية الروائية المختلفة.

تمكنت العيد من خلال مؤلفاتها النقدية أن ترسم مسارًا نقديًا خاصًة بها في الرواية والسرد غالبًا وفي قليل من الشعر، وتمكن من اشتقاق مصطلحات نقدية تطبيقية فاختارت مصطلح "المرجع الحي" بدلًا من مصطلع "الواقع" التي حررها من فكرة أن الأدب يجب أن يكون انعكاسًا مباشرًا للواقع.

من مؤلفاتها أيضًا كتاب "الرواية العربية- المتخيل وبنيته الفنية التي عرضت فيها فكرة المرجع الحي من خلال عدد من الروايات اللبنانية والعربية منها رواية "وردية ليل" لإبراهيم أصلان أو "ميرامار" لنجيب محفوظ.

من مؤلفاتها الأخرى "تقنيات السرد الروائي"، و"في مفاهيم النقد وحركة الثقافة العربية"، و"فن الرواية العربية: بين خصوصية الحكاية وتميز الخطاب"، و"رهانات الخطاب النقدي العربي"، و"ممارسات في النقد العربي"، و"الرواي: الموقع والشكل".

ألفت كذلك عدد من الكتب إلى العربية منها كتاب "الماركسية وفلسفة اللغة" لميخائيل باختين،، كما صدر عنها عدة روايات منها "أرق الروح"، و"زمن المتاهة".

كتاب "واحات ثقافية"

في عام 2023 أصدرت الكاتبة يمنى العيد كتاب "واحات ثقافية" وهي عبارة عن سيرة ذاتية وغيرية ناقشت فيه سير عدد من المثقفين والمثقفات العرب ممن قابلتهم في حياتها أو تعرفت عليهم خلال أنشطتها الثقافية المتنوعة والتي أسهمت في تشكيلة سيرتها المعرفية والأدبية.

زخر لكتاب بحوارات أدبية عميقة عمقت فيها الحس الإنساني والمخزون المعرفي لها، ومن ضمن النقاد والكتاب الذين تحدثت عنهم في كتابها النقاد إحسان عباس والكاتب والمفكر مهدي عامل ومحمود درويش ومحمود أمين العالم وسيد بحراوي وغيرهم.

هذا النص الفريد والبسيط والمبدع يندرج تحت فن السيرة، حيث تتجلى فيه لغة رقيقة ومبدعة بسلاسة ويسر، سواء كان يتحدث عن الشعر أو الرواية أو حتى السيرة الذاتية للكتّاب والمفكرين. تمتزج في هذا النص البراعة والرقة، حتى عندما يتعلق الأمر بمناقشة القضايا الفلسفية والفكرية العميقة.