-
معلومات شخصية
-
الاسم الكامل
-
اسم الشهرة
-
اللغة
-
الجنسية
-
بلد الإقامة
-
السيرة الذاتية
يُنظر للشاعر الأمريكي والت ويتمان على نطاق واسع بأنه والد الشعر الحر، فهو يعتبر أحد أكثر الشعراء تأثيرًا في الأدب الأمريكي وعرف بدمجه للفلسفة المتعالية والواقعية في أعماله التي كانت مثيرة للجدل في عصره، وخاصة مجموعته الشعرية الأشهر "أوراق العشب" والتي تعرض بسببها لانتقادات حادة بسبب أسلوبها الشهواني العلني.
زخرت مسيرة ويتمان بشغله العديد من الوظائف طوال مسيرته المهنية والأدبية، فقد بدأ العمل منذ سن 11 عامًا وتأثرت أعماله ومجموعاته الشعرية بتجارب حياتيه خاضها، في السطور التالية تعرف أكثر على مسيرته الفنية وحياته وأهم إبداعاته الأدبية والشعرية.
من هو والت ويتمان؟
والتر ويتمان جونيور هو صحفي وكاتب وشاعر أمريكي ولد في 31 مايو عام 1819 في نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية وهو واحد من أكثر الكتاب والشعراء تأثيرًا في الأدب الأمريكي.
يعد والت ويتمان من الرواد البارزين في الشعر الأمريكي، ويعتبر الشاعر الأهم الذي عبر عن الديمقراطية الأمريكية وكان أول شاعر أمريكي ينال إعجاباً واسعاً في كل من أمريكا وأوروبا.
اعتبر علماء النفس أشعاره مصدراً غنياً لدراسة مكونات النفس البشرية، بينما رأى فيه النقاد فيلسوفاً يمتلك نظرة شاملة ومتكاملة تجاه الكون والكائنات الحية، حيث تتضمن هذه النظرة الإنسان والمجتمع والعلاقة بينهما من حب وديمقراطية وغموض وصراع.
هاجم ويتمان التعصب والفاشية والديكتاتورية، وأكد على أهمية ترسيخ الديمقراطية لتحقيق الازدهار، ولٌقب بـ"أبي الشعر الحر" لأنه تحدى القوالب الشعرية القديمة وتجاوزها، محطماً الأشكال الأوروبية التي فُرضت على الشعر الأمريكي
كان ويتمان يؤمن بأن الحرية الفردية تجد متنفسها في الحب، في حين تتحقق الحرية الاجتماعية من خلال الديمقراطية، وأن الحب والديمقراطية هما وجهان لعملة واحدة تُجسد المجتمع الإنساني كما ينبغي أن يكون، كانت عينه مركزة على الحياة الأمريكية، بينما تتابع الأخرى الحياة في كل مكان.
نشأته وعائلته
ولد والت ويتمان في ويست هيلز في نيويورك في عائلة كبيرة، فهو الابن الثاني من بين تسعة أطفال ووالده من أصول إنجليزية هولندية. في سن الرابعة انتقلت العائلة لى بروكلين عيش عاش في منازل مختلفة بسبب استثمارات والده الفاشلة، وقد عاش طفولة مضطربة وغير سعيدة بسبب المشكلات الاقتصادية التي عانت منها العائلة.
طوال مسيرته المهنية عمل ويتمان في العديد من الوظائف، فقد عمل مدرسًا وصحفيًا ونجارًا ومحررًا بجانب وظائف أخرى من أجل دعم مسيرته المهنية كشاعر وكاتب، وقد قضى حياته في مناطق عدة منها بروكلين ولونج آيلاند ومانهاتن.
عانت عائلة ويتمان ظروفًا صعبة، فقد توفي شقيقه أندرو جاكسون بسبب مرض السل بعد رحلة طويلة من إدمان الكحول، بينما قبض عليه شقيقه الآخر جورج من قبل القوت الكونفدرالية.
مسيرته المهنية
بدأ والت ويتمان مسيرته المهنية في سن مبكرة، فقد ترك التعليم في المدرسة في سن الحادية عشرة بعدما أنهى تعليمه الرسمي واضطر للعمل من أجل مساعدة أسرته التي كانت تعاني اقتصاديًا فعمل في البداية موظفًا في مكتب محامي، وبعدها أصبح متدربًا في صحيفة لونغ آيلاند الأسبوعية وفيها تعلم عن الطباع والتنضيد.
انتقل ويتمان بعدها للعمل في مطبعة أخرى اسمها ستار ثم أصبح راعيًا منتظمًا للمكتبة المحلية، وبدأ حضور العروض المسرحية ونشر قصائده الأولى خلال هذه الفترة في الصحف دون الكشف عن هويته.
ترك ويتمان جريدة ستار وانتقل إلى نيويورك للعمل كمؤلف، وقد عانى كثيرًا من أجل البحث عن عمل جيد بسبب الأزمة الاقتصادية في ذلك الوقت، لذا قرر العودة إلى عائلته مرة أخرى في لونغ آيلاند وعمل في التدريس بشكل متقطع في مدارس مختلفة ولكنه لم يحب مهنت التدريس.
عاد ويتمان مرة أخرى إلى نيويورك من أجل تأسيس جريدته الخاصة باسم "لونغ آيلاندر" وعمل فيها كمحرر وصحفي وموزع، كما أنه كان يقوم بخدمة توصيل الجرائد إلى المنازل وبعد 10 أشهر باع الجريدة إلى شخص آخر ولا يوجد أي طبعة من جريدته حتى الآن.
في عام 1839 وجد وظيفة كاتب طابعة في جريدة "ديمقراطي لونغ آيلاند"، ثم تركها للعمل لفترة قصيرة في التدريس، وقد قيل إنه طرد من مهنة التدريس بعد أن اتهمه واعظ محلي بأنه "لوطي".
عاد بعدها إلى نيويورك مرة أخرى وساهم في أربعينيات القرن التاسع عشر في الرواية والشعر المستقل للعديد من الصحف والمجلات الأمريكية في ذلك الوقت، وقد كان ينشر العديد من الأعمال والروايات تحت اسم مستعار.
حصل ويتمان أخيرًا على وظيفة حكومية كمساعد وزير الخارجية بداية من عام 1865 براتب سنوي قدره 200 دولارًا ولكنه طرد من وظيفته فيما بعد، وقيل إنه فقد وظيفته الحكومية بسبب جدل مجموعته الشعرية "أوراق العشب"
أوراق العشب والت ويتمان
بعد سنوات من الكتابة قرر والت ويتمان أن يصبح شاعرًا وقد قام بتجربة عدد من الألوان الأدبية الشعبية وفي عام 1850 بدأ بكتابة مجموعته الشعرية "أوراق العشب" وهي المجموعة التي استمر في كتابتها ومراجعتها حتى وفاته، وكان ينوي بأن يجعلها ملحمة أمريكية مميزة.
استخدم ويتمان الشعر الحر في كتابته هذه المجموعة وقد طبع المجموعة عام 1855 ن نفقته الخاصة، وقد تم طبع أكثر من 700 نسخة منها ولكن لم يتم ذكر اسم المؤلف، وقد كتب في مقدمة المجموعة الشعرية مقدمة نثرية مكونة من 800 سطرًا تقريبًا.
تضمنت المجموعة 12 قصيدة شعرية، وقد أثارت الطبعة الأولى من المجموعة اهتمامًا واسعًا ويرجع ذلك بسبب مدح المجموعة الشعرية من قبل عدة أدباء، إلا أنه تعرض لانتقادات حادة بسبب طبيعة الشعر، فقد اتهم بأنه استخدم ألفاظ شهوانية وفاحشة للغاية.
في قصيدته تناول ويتمان العديد من الموضوعات منها الحرية والديمقراطية والطبيعة والحب والجنس والدين والفلسفة واعتمد في أسلوبه على البساطة والقوة واستخدم اللغة العامية في بعض الأحيان.
ومن نماذج القصائد في مجموعته الشعرية "أوراق العشب" قصيدة "ذلك الظل شبيهي، ويقول فيها:
ذلكَ الظِّلُّ، شبيهي، الذي يمضي غدوةً ورواحا،
مُسترزقًا، مُثرثرًا، مُساومًا،
كم مرة أجدني واقفًا أرمقه إلى أين يرحل!
كم مرة أتساءلُ وأرتابُ
في ما إذا كان ذلكَ، أنا حقًا!
غير أنّي بين أحبّائي، ومُنشدًا هذه الأغاني،
لا أرتابُ أبدًا فيما إذا كان ذلك، حقًا أنا.
قصيدة أخرى بعنوان "هنا أوراقي الأكثر هشاشة"، ويقول فيها:
هنا توجد أوراقي الأكثر هشاشة ومع ذلك الأشدّ تحمّلًا،
هنا أفكاري أسترها وأُواريها، ومن تلقائي لا أُعرّيها،
ومع ذلك، فهي تُعرّيني أكثر من قصائدي الأُخرى كلها.
بجانب مجموعة "أوراق العشب" الشهيرة التي ألفها كتب ويتمان العديد من القصائد الشعرية التي عبر فيها عن أزمات اجتماعية وسياسية، ومنها الحرب الأهلية الأمريكية، فقد كان من الداعين إلى الاتحاد وعدم الفرقة ونشر قصيدته "اضربوا اضربوا".
تأثير شعر والت ويتمان
تمكن ويتمان في شعره من تجسيد أصوات المهمشين الذين التقى بهم خلال حياته وتنقلاته، ليظهروا بوضوح في كتابه الشعري الأبرز الذي أمضى حياته في تنقيحه، وكأن النسخة النهائية تمثل اكتمال الإنسان.
هذا الإنسان الذي يصوره ويتمان يتجسد في الصياد، والجندي، والمرأة، والطفل، والعبد، والعاهرة، والمزارع، فقصائد ويتمان تعبر عن مواقف متنوعة تجاه الإنسان بكل جوانبه.
تأثر بشعره العديد من الشعراء من بعده ومنهم ألين غينسبيرغ، وجيمس جويس، وويليام وفولكنر، ولم يكن تأثيره حاضرًا في الشعراء الأمريكيين فقط، بل تأثر به الشعراء العرب أيضًا.
في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، شهد العالم العربي فترة تحوّل هامة في مختلف بناه الثقافية، وخلال هذه الفترة، ظهرت محاولات جادة في الأدب العربي لتحرير الشعر من قيود الصناعة والتقليد.
قاد أمين الريحاني وجبران خليل جبران حركة تجديد الأدب العربي في المهجر، مستفيدين من وجودهما في الولايات المتحدة وإتقانهما اللغة الإنجليزية، مما أتاح لهما الاطلاع على أعمال والت ويتمان.
أثّر ويتمان بشكل كبير على الريحاني، مما دفعه إلى ابتكار نمط شعري جديد أطلق عليه اسم "الشعر الحر"، والذي عرف لاحقًا بالشعر المنثور أو قصيدة النثر، كما جمع الريحاني نصوصه التي كتبها متأثراً بويتمان في كتابه «هتاف الأودية»، الذي يعتبره النقاد أول ديوان في الشعر المنثور في الأدب العربي، وتبع جبران خليل جبران الريحاني في تأثره بويتمان وسار على نهجه في التجديد الأدبي.
تأثر شعراء أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي بأشعار والت ويتمان أيضًا، وهاصة في القرنين التاسع عشر والعشرين، ومن أهم الشعراء الذين تأثروا به الشاعر الكوبي خوسيه مارتي، والشاعر الأرجنتيني خورخي لويس بورخيس وغيرهم.
وجهات نظره حول الدين والجنس
كان للشاعر الأمريكي والت ويتمان فكر خاص به فيما يتعلق بالأديان، فقد تأثر بشدة بفكرة الربوبية، وكان يؤمن بأنه لا يوجد دين أكثر أهمية من دين آخر، وعبر عن نفسه بأنه يعتنق جميع الأديان على قدم المساواة.
وقد ظهرت وجهة نظره عن الدين جليه في أشعاره وكتاباته فقد كان يقول أنه يتبنى كل نظرية دينية وكل أسطورة وكل الأناجيل وأراها صحيحة بلا استثناء. وعلى رغم من قبوله إلى جميع الأديان ولكنه كان متشككًا دينيًا ولم يكن مؤمنًا بأي من هذه الأديان.
كانت وجهة نظر ويتمان عن الله بأنه "جوهري"، وقد كان من الشخصيات البارزة التي اتخذت نهجة "وحدة الوجود" ورأت أن الله لا يجب أن يتم رؤيته منفصلًا عن العالم.
أما فيما يتعلق بالجنس فقد عرف ويتمان بجرأته في الحديث عن الجنس، وقد عرضه هذا الأمر لانتقادات حادة، فقد صور شعره الحب والجنسي بطريقة كثر فردية ومختلفة عن الثقافة الأمريكية الشئاعة في ذلك الوقت، لذا توصف مجموعته "أوراق العشب" بأنها إباحية وفاحشة".
وقد اختلفت الأقاويل حول ميول والت ويتمان الجنسية، فقد اتهم بأنه شاذ جنسيًا، وأن العديد من قصائد الحب التي كتبها كانت موجهة للرجال. كان لويتمان صداقات قوية مع الرجال طوال حياته، ولكنه رفض التصريح صراحة حول ميوله الجنسية ولا تزال ميوله مختلفًا عليها حتى وقتنا هذا.
وجهات نظره حول العبودية والقومية
كان والت ويتمان من أكثر الشعراء والمثقفين المعارضين لتوسع العبودية في الولايات المتحدة، وقد كتب منشورًا في الصحف بعنوان "الرئاسة الثامنة عشرة" دعا فيها رجال الجنوب إلى إلغاء العبودية.
ورغم ذلك كان ويتمان قلقًا من تزايد عدد الأمريكيين من أصل أفريقي في المجلس التشريعي، كما أنه تبنى التحيزات البيضاء السائدة في زمانه ومكانه، حيث كان يعتقد أن السود خانعون، عديمو الحيلة، جاهلون، ومتذمرون، ومهووسون بالسرقة، وعلى الرغم من أن آرائه لم تتغير بشكل كبير، إلا أن قراء القرن العشرين، بما في ذلك السود، اعتبروه مناهضًا متحمسًا للعنصرية.
نظر إلى ويتمان أيضًا بأنه الشاعر الوطني، وقد خلق للولايات المتحدة صورة خاصة بها وتبنى تسلسلًا هرميًا يرى فيها أمريكا في المقدمة وبقية العالم أسفل منها.
تعرضت أفكار ويتمان الوطنية والقومية انتقادًا لاذعًا خاصة بعد وفاته، حيث وصفها العديد من النقاد بأنها "متغطرسة، وتوسعية وعنصرية وهرمية" حيث رفض فيها ويتمان قبول الأمريكيين الأصليين والأمرييكن من أصل أفريقي بجانب المهاجرين والمعاقين وغيرهم.
وفاة والت ويتمان
عانى والت ويتمان في نهاية حياته من المرض، فقد تعرض لسكتة دماغية جعلته طريح الفراش واضطر بعدها إلى شراء منزل وسمح لجارته العيش مجانًا مقابل رعايتها له، وخلال فترة مرض أصدر طبعات أخرى لمجموعته الشعرية "أوراق العشب" في الفترة من 1876 إلى 1881.
توفي ويتمان في النهاية في 26 مارس عام 1892 في نيوجيرسي عن عمر 72 عامًا، وقد كشف التشريح الطبي له بأنه كان يعاني من مشكلات شديدة في التنفس بسبب التهاب رئوي قصبي حاد، كما كان لديه خراجًا بحجم البيضة في صدره أدت إلى تآكل أضلاعه.
بعد وفاته عرضت جثته في منزله وزاها أكثر من ألف شخص خلال 3 ساعات، وقد دفن بعد 4 أيام من وفاته في مقبرة هارلي في نيوجيرسي، وفي جنازته ألقى الأصدقاء الخطب والشعر.