تتناول الطبيبة والروائية السورية هيفاء بيطار موضوعات تمس المجتمع السوري والعربي في رواياتها وقصصها، وقد أضفت ممارستها الطب على تجربتها في مجال الكتابة، فقد عاشت الكثير من القصص الحية خلال مسيرتها الطبية التي انعكست على كتاباتها، في السطور التالية تعرف على مسيرتها الأدبية وحياتها.
نبذة عن حياة هيفاء بيطار
هيفاء باسل بيطار هي طبيبة وقاصة وروائية سورية ولدت في اللاذقية عام 1960، ودرست الطب في جامعة تشرين وجامعة دمشق وتخصصت في أمراض العيون.
تعد بيطار واحدة من أشهر الروائيات السوريات المعاصرات التي ألفت العديد من الروايات والقصص القصيرة بداية من التسعينات، وأسهمت مؤلفتها على تشكيل الوعي المجتمعي، حيث شخصت بعض العلل والمشكلات المجتمعية من خلال مؤلفاتها.
نشأت بيطار في أسرة متعلمة ومثقفة، فوالدتها كانت أستاذة في الفلسفة، بينما كان والدها أستاذًا في اللغة العربية وآدابها، وأثر توجيههم لها منذ الصغر على حبها للقراءة والكتابة.
درست بيطار الطب البشري في جامعة تشرين في مدين اللاذقية، وتخرجت فيها عام 1982، ثم انتقلت إلى دمشق ودرست تخصص طب العيون في جامعة دمشق حتى عام 1986، وقد درست في باريس لمدة عام ثم عادت إلى سوريا.
بعد عودتها عملت هيفاء بيطار طبيبة متخصصة في أمراض العيون وجراحة العيون في مستشفى اللاذقية الحكومية، ومن خلال تعاملاتها اليومية مع المرضى تمكنت من تلمس المعاناة الجسدية والنفسية لهم وهو ما أثرى كتاباتها الأدبية فيما بعد.
مؤلفات هيفاء بيطار
بدأ الكاتبة هيفاء بيطار مسيرتها الأدبية عام 1992 حيث أصدرت أول مجموعة قصصية لها بعنوان "ورود لن تموت"، وفي العام التالي أصدرت مجموعتها القصصية الثانية "قصص مهاجرة"، و"ضجيج الجسد" في العام نفسه.
في مجموعتها القصصية الثالثة "ضجيج الجسد" تعمقت هيفاء في الحياة العربية والإنسانية بشكل عام وبطريقة جريئة، وسلطت الضوء على الزيف وسوء الفهم الذي قدم يدمر المصائر البشرية.
تحوي "ضجيج الجسد" على 18 قصة قصيرة تقريبًا، ويمكن معرفة من الكتاب أنها طبيبة حيث نجحت هيفاء أن تنقل أفكار وتصورات مرضى الاكتئاب في سطور قصيرة لتعبر عن السواد الذين يعيشون بداخله.
في عام 1994 أصبحت هيفاء بيطار عضو اتحاد الكتاب العرب، وقد أصدرت بعدها مجموعات قصصية أخرى منها "مقهى رصيف" و"فضاء كالقفص عام 1995، و"كومبارس"، و"عطر الحب"، و"يكفي أن يحبك قلب واحد لتعيش" عام 1996.
و"ظل أسود"، و"موت البجعة، عام 1997 و"الساقطة" عام 2000، أيضًا أصدرت مجموعة قصصية بعنوان "وجوه من سوريا" والتي تحدثت فيها عن الثورة السورية والحرب في سوريا وآثارها على الشعب.
أصدرت كذلك "مطر جاف"، و"جمولة". أيضًا أصدرت مجموعة قصصية بعنوان "غروب وكتابة" وتناولت فيها موضوعات عن الوحدة ومرور الزمن، كما تناولت قصص رومانسية وركزت على تجارب المرأة فيها.
أما كتاب "وجوه من الثورة السورية" فهو واحد من أشهر كتب هيفاء بيطار التي تعد قصصًا توثيقية لأشخاص قابلتهم بعد الثورة السورية، وأوضحت أنها لم تغير أسماء الأشخاص الذين التقت بهم في الكتاب.
يعد هذا الكتاب كتابًا توثيقيًا مهمًا جدًا في زمن الحروب، ورغم حسه الأدبي وأسلوبه البلاغي لتحول إلى تقرير صحفي يرصد أوضاع الثورة في سوريا.
روايات هيفاء بيطار
أصدرت الكاتبة هيفاء بيطار العديد من الروايات منذ التسعينات، فقد أصدرت روايتها الأولى عام 1994 بعنوان "يوميات مطلقة" ومن خلال الرواية اعتقد البعض أنها عبارة عن سيرة ذاتية لحياتها ولكنها لم تذكر اسمها.
تتحدث الرواية عن امرأة مطلقة في الثلاثين من عمرها تعاني من الوحدة وتصور أحزانها ووحدتها، كما نقلت نموذجًا حيًا لامرأة واجهت الطلاق في مجتمع عربي لا يرحم المرأة المطلقة، وذلك بأسلوب جذاب وساحر.
أصدرت بعدها رواية "قبو العباسيين" عام 1995، كما أصدرت رواية "أفراح صغيرة" عام 1996، والتي ترجمت إلى اللغة الفارسية، وفي عام 1998 أصدرت رواية "نسر بجناح وحيد"، وفي العام التالي أصدرت رواية "امرأة من طابقين".
في عام 2007 أصدرت هيفاء بيطار رواية "امرأة من هذا العصر"، وفي هذه الرواية تعمدت الروائية أن تلفت نظرنا إلى الانحلال الأخلاقي الذي أصاب المجتمعات العربية، وتطرقت إلى الأخلاقيات غير السوية التي أصيب بها المجتمع العربي. في العام نفسه أصدرت رواية "أبواب مواربة"، ورواية "هوى".
في عام 2015 أصدرت رواية "امرأة في الخمسين" وفي روايتها ركزت على تناقض المجتمع في نظرته للمرأة في الخمسين والرجل في الخمسين، حيث تعري فيها رجل خمسيني ناقد ومثقف يحتقر النساء الكبيرات ويعتبرهن منتهيات الصلاحية.
رواية الشحاذة هيفاء بيطار
في رواية "الشحاذة" للكاتبة هيفاء بيطار ركزت على الحالة السورية والمأساة التي يعيشها الشعب السوري، الذي وصفته بأنه يعيش كأنه يشحذ الحرية والكرامة.
ورغم أنها رواية إلا أن هيفاء بيطار ترى أنها لا تنطبق عليه شروط الرواية التقليدية، فأحداثها مفككة وليست مترابطة وروت فيها عن رحلات هروب السوريين في قوارب الموت وحياتهم في المهجر.
المرأة في قصص الكاتبة هيفاء بيطار
تناولت الكاتبة هيفاء بيطار في قصصها وروايتها المرأة بشكل بارز، فقد ركزت على آلام المرأة في المجتمع الشرقي وتطلعاتها ومشاعرها، كما تناولت الجوانب الإنسانية وأثرها على المرأة مثل الفقر.
اهتمت الدكتورة هيفاء بيطار بمعالجة مشكلات المرأة في المجتمعات العربية من خلال كتابتها، فنرى في قصة "خواطر في مقهى رصيف" التركيز على امرأة تحاول اختيار زوجها المستقبلي ويتمتع كل رجل محدد بشروط مادية واجتماعية مختلفة.
في قصص وروايات بيطار نجد أن المرأة حريصة على استقلالها الذاتي. أيضًا ركزت بيطار على مشكلة الخيانة الزوجية، والمرأة الأرملة في المجتمع ونظرة المجتمع لها بعد وفاة زوجها، أيضًا تحدثت عن الطلاق. كما ركزت على معاناة الأم العربية في تربية الأبناء.
ركزت بيطار كذلك على مشكلات الرجل في المجتمع، فالرجل والمرأة معًا يعانيان من وطأة الضغوط الاجتماعية الخارجية التي لا ترحم، وقد نجحت بكتابتها في رصد المشكلات الاجتماعية ومحاولة علاجها.