هل تصاب الحيوانات بالأمراض العقلية مثل البشر؟

  • DWWbronzeبواسطة: DWW تاريخ النشر: منذ 3 أيام
هل تصاب الحيوانات بالأمراض العقلية مثل البشر؟

يدور منذ عقود السؤال بشأن ما إذا كانت الحيوانات تصاب بالأمراض العقلية، وفي الوقت الذي يتكهن فيه الباحثون وأصحاب الحيوانات الأليفة مثل القطط والكلاب كل يوم بشأن الأفكار التي تدور في خلد حيواناتهم، فقد أعطى التقدم العلمي والطفرة التي حدثت في المسح الإشعاعي للمخ نظرة أوضح لحقيقة ما يحدث داخل عقول الحيوان.

صار الخبراء الآن على قناعة بأن معظم الثدييات وربما بعض الطيور أيضا يمكن أن تصاب بالتوتر، على غرار ما يحدث للبشر على نحو يدعو للدهشة.

ويقول أطباء بيطريون وباحثون في مجال سلوكيات الحيوان إن الحيوانات تصاب بالفعل بالأمراض العقلية والاضطرابات النفسية، ولكن طبيعة الأعراض التي تظهر عليها تختلف بالطبع عما يحدث لدى الانسان.

القطط والكلب التي تعاني من القلق والتوتر ربما لا تظهر عليها نفس الأعراض المذكورة في كتب ومراجع الطب النفسي، وقد تختلف سلوكياتها عن التعريف التقليدي لمرض "اضطراب القلق المعمم" ويقصد به القلق المزمن. وتتسم أعراض هذا المرض النفسي بشعور مفرط بالتوتر معظم الوقت وعدم القدرة على التحكم في القلق.

ورغم أن البشر يمتلكون اللغة التي تسمح لهم بالتعبير عن معاناتهم، فإن الحيوانات لا تستطيع توصيل معاناتها النفسية للآخرين. ومن جانبهم، يستطيع الأطباء البيطريون تشخيص إصابة الحيوان بالقلق أو بالوسواس القهري عندما يرصدون مؤشرات معينة في سلوكياتها.

ويرى كارلو سيراكوزا أخصائي الطب البيطري بجامعة بنسلفانيا الأمريكية إن الحيوانات تصاب "بالقطع" بالأمراض العقلية، ويعمل سيراكوزا بانتظام مع أصحاب حيوانات أليفة تظهر عليها أعراض عنف أو سلوكيات مدمرة، ويقول إنها نتاج للشعور بالتوتر أو الخوف.

ويوضح في تصريحات للموقع الإلكتروني "بوبيولار ساينس" المتخصص في الأبحاث العلمية أن التفاعلات الداخلية في المخ الناتجة عن القلق لدى الحيوان تتشابه بشكل أو بآخر مع الانسان، فنفس المناطق التي تنشط في مخ الانسان تنشط أيضا لدى الحيوان عند الشعور بالخوف.

ورغم اختلاف مخ الإنسان والحيوان من حيث الحجم ودرجة التعقيد، فإن العملية الانفعالية لدى الاثنين تتم داخل "اللوزة الدماغية". وعلى غرار الانسان، فإن الكلاب التي تشعر بالإهمال أو تتعرض لتغيرات جذرية في البيئة التي تعيش فيها، قد تظهر عليها سلوكيات اندفاعية وعدوانية، كما أن الحيوانات الأليفة قد تبدي سلوكيات قهرية مثل الانسان.

ويقول إن المرض النفسي لدى الحيوان لا يتم ملاحظته في كثير من الاحيان إلا عندما ينعكس بشكل سلبي على نمط حياة أصحاب هذا الحيوان.

ويؤكد العلماء أن بعض أنواع المرض العقلي تقتصر على الانسان، فانفصام الشخصية على سبيل المثال يرتبط مباشرة بتعقد تركيب المخ البشري.

وقد توصلت دراسات حديثة أجريت في مركز "ماونت سايناي" الطبي في الولايات المتحدة ومراكز بحثية أخرى أن انفصام الشخصية على وجه الخصوص ربما يكون نتاج تغيرات في أجزاء من الحمض النووي تعرف باسم "مناطق التسارع البشرية" داخل المخ.

وقد حدثت في هذه الأجزاء طفرات سريعة لدى البشر لم تواكبها تغيرات مماثلة لدى الحيوان، ومن هناك يمكن التأكيد على أن الحيوانات مثلا لا يمكن أن تشعر بـ"عدم الأمان" في المواقف الاجتماعية المحرجة أو ينتابها شعور باليأس بشأن مفاهيم وجودية مجردة، وهذا يعني أن الحيوانات لا يمكن أن تصاب ببعض أنواع الاكتئاب السريري التي قد يعاني منها البشر.

وأرجع سيراكوزا هذا الاختلاف إلى أن مخ الحيوان لا يعرف وظيفة التخطيط طويل المدى التي تتم داخل منطقة القشرة الجبهية شديدة التعقيد لدى الانسان.ويقول الباحثون إن المرض العقلي لدى الحيوان يمكن أن يظهر بأشكال مختلفة، نظرا لأن الحيوانات تعبر عن اضطراباتها العقلية أو النفسية من خلال تفاعلات مع البيئة المحيطة بها.

فقط تجد الكلاب أو القطط التي تشكو من الاضطراب تتحرك في أرجاء الغرفة أو ترتعد أو تنزع فرائها، وقد تتقيأ الوجبات التي تتناولها بشكل متعمد. ولوحظ على بعض الرئيسيات مثل القرود في الأسر أنها قد تقوم بجرح نفسها أو القاء فضلاتها على الآخرين في حالات المرض العقلي.

وشوهدت بعض الحيوانات الأليفة تقوم بتحطيم قطع الأثاث أو تزمجر وتهاجم المحيطين بها غير المألوفين لديها في حالات الفصل بينها وبين أصحابها.

وأثبت العلم أيضا أن الصدمات النفسية الحادة التي قد يتعرض لها الحيوان في الماضي تظل تؤثر على سلوكياته مثلما يحدث للبشر.

وذكر باحثون أن 10% من كلاب الجيش الأمريكي التي شاركت في حرب أفغانستان تم تشخيصها باعتبار أنها مصابة باضطرابات التوتر ما بعد الصدمة على سبيل المثال.

ولا شك أن تقدم العلم الحديث في مجال تصوير المخ ساهم في اتساع دائرة فهم البشر لنفسية الحيوان، وهو ما أفضى إلى ظهور موجة من أدوية الأمراض النفسية الخاصة بالحيوان، فقد أظهر استبيان أجرته مؤسسة "باكيدجد فاكتس" لقياس الرأي في الولايات المتحدة عام 2017 أن 8% من أصحاب الكلاب و6% من أصحاب القطط يعطون حيواناتهم الاليفة أدوية لعلاج التوتر وضبط المزاج النفسي.

وظهرت في السنوات الأخيرة نسخ من الأدوية البيطرية تماثل دواء بروزاك المخصص لعلاج الاكتئاب لدى البشر. ولا يمانع ساركوزا في إعطاء الأدوية النفسية للحيوان في الحالات المتقدمة فقط ويحذر من خطورة المبالغة في وصف هذه الأدوية للحيوانات.

كما يعتقد أن اللجوء سريعا لعلاج الاضطرابات النفسية لدى الحيوانات بالأدوية مثل المهدئات والمنومات قد يؤدي إلى إخفاء أعراض المرض بدلا من التصدي له وعلاجه بشكل فعلي. ويؤكد أن زيادة الوعي بالمشكلات النفسية لدى الحيوان يمكن أن تساعد في تخفيف المعاناة التي تتعرض لها الحيوانات في صمت وبلا ضرورة.

م. ب،/ د ب أ

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة