تعد المفكرة هبة رؤوف عزت واحدة من أبرز الأصوات النسائية المعاصرة التي جمعت بين الفكر السياسي العميق والرؤية الإسلامية المتجددة، وقد برزت بمواقفها الحرة حول القضايا المجتمعية، وعرفت بقدرتها على ربط الفلسفة الإسلامية بالقضايا السياسية المعاصرة، في السطور التالية تعرف على مسيرتها وحياتها.
من هي الدكتورة هبة رؤوف عزت؟
هي كاتبة ومفكرة مصرية، ولدت في 25 يوليو عام 1965 في العاصمة المصرية القاهرة، وتعد من أبرز وأهم المفكرات في مصر والوطن العربي. درست هبة العلوم السياسية في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة، وحصلت على الماجستير والدكتوراه.
بدأت هبة حياتها المهنية بالعمل في الجامعة، وعرفت بتميزها الأكاديمية والتزامها بتقديم مادة علمية حرة ومتجددة. نشطت الدكتورة هبة أيضًا في الكتابة في الصحافة والمجلات الفكرية.
ركزت الدكتورة هبة رؤوف عزت خلال مسيرتها مجالات مهمة، ومنها الفكر السياسي والإسلامي، وقضايا الدولة والمجتمع المدني، والفلسفة الغربية والنقد الإسلامي لاه، وعلاقة الدين بالسياسة، والمرأة في الخطاب الإسلامي والسياسي.
كانت الدكتورة هبة من أوائل من قدموا قراءة نقدية للفكر السياسي من منظور إسلامي معاصر. خلال مسيرتها، شاركت الدكتورة هبة في التدريس وتقديم مقدرات ودورات فكرية حول العالم، فضلًا عن المشاركة تحرير وترجمة العديد من الكتب الفكرية، وألفت عدة كتب في مجالات السياسة والاجتماع والدين والحرية والمرأة وغيرها.
بسبب مواقفها السياسية، غادرت الدكتورة هبة مصر، ولكنها لم تتوقف عن نشاطها الفكري والأكاديمي، وقدمت الدورات التريبية ودرست في مؤسسات أكاديمية ودولية.
نشأتها وتعليمها
ولدت الدكتورة هبة رؤوف عزت في القاهرة، وكان منزلها في ميدان التحرير، لذا كانت شاهدة منذ صغرها على التحولات السياسية والاجتماعية التي طرأت على مصر، والذي كان ميدان التحرير مركزًا وميدانًا للعديد من هذه التحولات.
نشأت الدكتورة هبة في أسرة محبة للتعليم وتشجع أبنائها على القراءة والثقافة والدراسة. درست هبة حتى المرحلة الثانوية في المدرسة الألمانية في القاهرة، وأتقنت اللغتين الإنجليزية والألمانية خلال دراستها.
كانت هبة من أوائل الطالبات اللاتي ارتدين الحجاب في المدرسة، على الرغم من أن معظم المدرسين في مدرستها كانوا ألمان. في المدرسة، بدأت قراءات هبة عن التاريخ والفلسفة والدين الإسلامي، وطوّرت فكرها الفلسفي من خلال قراءاتها.
قررت هبة الدراسة في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة، وحصلت على درجة البكالوريوس بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف عام 1987. حصلت بعدها على درجة الماجستير في العلوم السياسية من جامعة القاهرة عام 1992، وكان موضوع دراستها بعنوان "المرأة والعمل السياسي: رؤية إسلامية".
في عام 2007، حصلت الدكتورة هبة على درجة دكتوراه الفلسفة في العلوم السياسية من جامعة القاهرة، مع مرتبة الشرف، وكان موضوع دراستها عن "المواطنة دراسة تطور المفهوم في الفكر الليبرالي"، وقد تم طباعة دراستها على نفقة الجامعة، وتم مبادلتها مع الجامعات العربية.
من هو زوج هبة رؤوف عزت؟
لا يوجد معلومات عن زوج الدكتورة هبة رؤوف وحياتها الشخصية.
دراسة العلوم الشرعية
اتجهت الدكتورة هبة رؤوف عزت إلى دراسة العلوم الشرعية بعد التخرج من الجامعة. ركزت في البداية على دراسة علوم الفقه في الجامع الأزهر على يد الشيخ علي جمعة.
اهتم الشيخ علي جمعة بتدريس العلوم الاجتماعية لشيوخ الأزهر، فبدأت الدكتورة هبة في تقديم دروسًا في العلوم الاجتماعية للشيوخ.
![هبة رؤوف عزت.. الصوت النسائي في عالم الفلسفة والسياسة]()
مسيرتها الأكاديمية
بدأت الدكتورة هبة رؤوف عزت مسيرتها الأكاديمية بالعمل كمعيدة في جامعة القاهرة، وخلال التسعينات، كانت باحثة زائرة في عدد من الجامعات حول العالم، منها جامعة وستمنستر في لندن، وجامعة كاليفورنيا بيرلكي، وجامعة جورجتاون في واشنطن، ومرز أكسفورد للدراسات الإسلامية في بريطانيا، كما أنها كانت محاضرة زائرة للنظرية السياسية بالجامعة الأمريكية.
عملت الدكتورة هبة بعدها مدرس العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة، كما كانت أستاذ مساعد في الجامعة الأمريكية في القاهرة، وهي زميلة زائرة في وحدة المجتمع المدني والأمن البشري في كلية لندن للاقتصاد في المملكة المتحدة.
كتب هبة رؤوف عزت
عملت الدكتورة هبة رؤوف عزت كباحثة المعهد العالمي للفكر الإسلامي في واشنطن، وعملت على عدة مشروعات بارزة، منها العلاقات الدولية في الإسلام. شاركت كذلك كباحثة في موسوعة العلوم السياسية في جامعة الكويت، وباحثة مشاركة في العديد من الكتب المتخصصة والمجلات العربية والإنجليزية.
ألفت الدكتورة هبة خلال مسيرتها عشرات الكتب الفلسفية والفكرية، والتي ركزت فيها على موضوعات المرأة والخطاب الديني والفكر السياسي والإسلامي وغيرها. من بين مؤلفاتها "العولمة: نحو رؤى مغايرة"، ومشاركة في كتابة كتاب "أصول التطرف: دراسة في الخريطة الاجتماعية للتيارات البروتستانتية—المتطرفة".
من بين كتب هبة رؤوف عزت كتب: "نحو عمران جديد"، و"الحداثة السائلة"، و"في ظلال رمضان"، و"الخيال السياسي للإسلاميين ما قبل الدولة وما بعدها"، و"المرأة والعمل السياسي"، و"الحياة السائلة"، وغيرها من الكتب.
![هبة رؤوف عزت.. الصوت النسائي في عالم الفلسفة والسياسة]()
عملها في الصحافة
بدأت رحلة الدكتورة هبة رؤوف عزت الصحفية بعد التخرج من الجامعة عام 1989 تقريبًا من خلال مجلة صغير اسمها "المختار الإسلامي". كتبت هبة في البداية ركن صغير، وكانت كتاباتها المبكرة ثورية إلى حد ما، ولكن لم تستمر تجربتها في المجلة لفترة طويلة.
بعدها بفترة، بدأت الكتابة في مجلة الشعب بترشيخ من الدكتور عبدالوهاب المسيري، وكتبت في الجريدة من عام 1992 حتى عام 1997. كانت مقالاتها في تلك الفترة تعليق على الأحداث السياسية والاجتماعية في تلك الفترة.
عملت الدكتورة هبة بعدها في قسم الإجابات في المركز الإسلامي بعد أحداث 11 سبتمبر كونها تتقن اللغات، حيث كانت تجيب على رسائل الأجانب للسؤال عن الإسلام.
نشاطها السياسية
عرفت الدكتورة هبة رؤوف عزت بنشاطها السياسي المبكر، فقد كانت عضوة مؤسسة لحركة حماية، وهي حركة سياسية هدفت لحماية الناخب من خداع نائبه في البرلمان، كما دشنت حركة "سجين" لإطلاق سراح المعتقلين في مصر.
امتلكت الدكتورة هبة نظرة سياسية ناقد تجاه السياسة في مصر والوطن العربي، وتحدثت كثيرًا عن تأثير السياسية على النساء في العالم العربي. اهتمت الدكتورة هبة بمناقشة الحقوق الاجتماعية للمرأة.
بعد القورة، كانت الدكتورة هبة من أوائل المشاركين في الثورة، وقد اقترب اسمها بجماعة الإخوان المسلمين، إلا أن علاقتها ساءت بهم بعدما انتقدت تصريحات بعد أعضاء جماعة الإخوان.
في عام 2014، انتشرت أنباء عن اعتقال هبة رؤوف عزت، حيث تم حجزها لعدة ساعات، ثم تم الإفراج عنها.وقد تم الإفراح عنها من قسم شرطة الخليفة. بعد خروجه من الاعتقال، هاجرت الدكتورة هبة خارج مصر.
![هبة رؤوف عزت.. الصوت النسائي في عالم الفلسفة والسياسة]()
هبة رؤوف عزت والنسوية
على الرغم من اهتمام الدكتورة هبة رؤوف عزت بقضية المرأة، وناقشت العديد من القضايا التي ترتبط بالمرأة من منظور الدين والسياسة والمجتمع الشرقي والغربي وغيره، إلا أنها لم تتبن الخطاب النسوي في حياتها، كما أنها رفضت مصطلح "النسوية الإسلامية"، وأكدت أنه مصطلح لا يمثلها ولا تتبناه.
وخلال حياتها، كان موضوع النسوية من الموضوعات التي درستها وراقبتها الدكتورة هبة باهتمام واسع، وقد انطلقت في دراسته من بيئة ثقافية وتاريخية مرتبطة بالدين الإسلامي وضوابطه الشرعية.
رأت الدكتورة هبة أن النسوية تفتقد للبعد الروحي، وتعاني من انفصال عن البعد الإنساني الأشمل، وفي المقابل، تملك هبة رؤية إسلامية حول قضايا المرأة، لكنها ناقشت عدة مشكلات في هذا الإطار، منها التأويل الذكوري للنصوص الشرعية، وغياب فكري نقدي نسائي نابع من الثقافة الإسلامية، فضلًا عن إسقاطات ثقافية موروثة تحجم دور المرأة باسم الدين.