بلحية بيضاء صغيرة، وقميص أبيض ورابطة عنق سوداء، وابتسامة صافية يطالعك وجه الكولونيل هارلاند ساندرز صاحب محلات كنتاكي على كل وجبة تحمل العلامة الشهيرة KFC أشهر سلاسل بيع وجبات الدجاج السريعة "فرايد تشيكن".
هذا الرجل الشهير باسم كولونيل ساندرز لم يعرف النجاح له طريقا إلا في عامه الـ66 بعدما كان يعاني الفقر، ويعيش على ضمان اجتماعي يقدر بحوالي مائة دولار شهريا، تبسم له الحظ وانتشرت وصفته السحرية، وصارت صورته علامة على الدجاج المقلي، ليصبح صاحب قصة من أشهر قصص ريادة الأعمال والملهمة في العالم. مسيرته وأبرز المعلومات عن حياته في السطور التالية...
هو هارلاند ديفيد ساندرز ولد في 9 سبتمبر 1890 في مزرعة هنري فيل، بولاية إنديانا، بالقرب من كنتاكي"، والديه ويلبرت ساندرز جزار ومارغريت آن دنليفي ربة منزل ولديهما أيضًا طفلان أصغر، توفي والد ساندرز عندما كان في الخامسة من عمره ، لذلك عملت والدته في تقشير الطماطم في مصنع تعليب وكسبت أموالاً إضافية عن طريق الخياطة ليلاً، وكان على ساندرز أن يعتني بإخوته، وأن يتعلم كيفية الطهي حتى يتمكن من إطعامهم، شغل وظيفته الأولى في سن العاشرة، حيث كان يعمل في مزرعة قريبة، لأن الأسرة كانت فقيرة للغاية، ترك ساندرز المدرسة بعد الصف السادس حتى يتمكن من العمل بدوام كامل.
تزوجت والدته، التي كانت تسعى جاهدة لتحسين الوضع المالي لعائلتها، من مزارع منتج وانتقلت العائلة إلى إحدى ضواحي إنديانابوليس عندما كان ساندرز في الثانية عشرة من عمره، في غضون عام، أعادته والدته إلى مقاطعة كلارك بولاية إنديانا.
عمل ساندرز كعامل مزرعة مقابل 15 دولارًا في الشهر، بالإضافة إلى غرفة وطعام، حتى بلغ 15 عامًا، ثم تمكن من الحصول على وظيفة كقائد ترام في نيو ألباني، إنديانا.
في عام 1906، عندما كان لا يزال دون السن القانونية ، التحق ساندرز بالجيش الأمريكي وقضى عامًا كجندي في كوبا، بعد الانتهاء من خدمته العسكرية، تزوج ساندرز من جوزفين كينج في جاسبر، ألاباما، ورزق الزوجين بثلاثة أطفال، خلال السنوات الأولى من زواجهما، انتقل ساندرز وعائلته إلى ألاباما وتينيسي وأركنساس، وعادوا أخيرًا إلى إنديانا، ولكنهما انفصلا عام 1947.
شركته الأولى
تولى كولونيل ساندرز عدداً من الوظائف المتنوعة كان من بينها وظيفة سكرتيرًا لغرفة تجارة كولومبوس، وهناك التقى بمخترع اكتشف كيفية تشغيل مصابيح الغاز الطبيعي على غاز مشتق من الكربيد، اشترى ساندرز حقوق براءة الاختراع وأطلق شركة تصنيع، لسوء حظه، ظهر برنامج كهربة الريف الذي جعل منتج شركته عفا عليه الزمن، فخسر أمواله.
إلا أن محاولات ساندرز لم تتوقف فأثناء عمله كرجل سكة حديد في سكة حديد إلينوي المركزية، أخذ ساندرز دورة بالمراسلة سمحت له بالحصول على شهادة في القانون من الجامعة الجنوبية، سمح له قاض محلي باستخدام مكتبته القانونية وساعده محامون محليين في دراسته من خلال شرح مصطلحات القانون، عندما فقد وظيفته في السكك الحديدية، بدأ ساندرز في ممارسة القانون، لقد حقق بعض النجاح في المجال القانوني من حوالي عام 1915 إلى أوائل العشرينات من القرن الماضي، إلا أن حياته القانونية دمرت بعد دخوله في شجار مع عميل في قاعة المحكمة، وعلى الرغم من أنه تم إثبات براءته من الاعتداء والضرب، إلا أن الممارسة القانونية لساندرز قد انتهت.
في عام 1929، انتقل كولونيل ساندرز إلى كوربين، كنتاكي، وهي بلدة صغيرة على حافة جبال الأبلاش، وافتتح محطة وقود على طول طريق الولايات المتحدة، عندما سأل السائحون ومندوبو المبيعات المتجولون ساندرز أين يمكنهم الحصول على شيء يأكلونه في مكان قريب، جاءته فكرة افتتاح مطعم صغير بجوار محطة البنزين، يحتوي المطعم على طاولة واحدة وستة كراسي ومتخصص في الطبخ الجنوبي مثل الدجاج المقلي ولحم الخنزير والخضروات والبسكويت.
بدأ مطعمه في النجاح، ونقل ساندرز مؤسسته عبر الشارع إلى موقع أكبر يتسع لـ 142 مقعدًا، ولكي يزيد من خبرته أخذ دورة لمدة ثمانية أسابيع في إدارة المطاعم والفنادق من جامعة كورنيل لمعرفة المزيد عن الأعمال التجارية، كان مقهى ساندرز يتمتع بأجواء منزلية، مع عدم وجود قائمة طعام، كان الحظ حليفه عندما زار المطعم ناقد طعام هو دنكان هاينز وكتب عنه فزادت شعبيته.
في عام 1935، أثار المقهى الشهير إعجاب الحاكم روبي لافون لدرجة أنه جعل ساندرز عقيدًا فخريًا في ولاية كنتاكي لمساهمته في مطبخ الدولة، في عام 1937، حاول ساندرز إنشاء سلسلة مطاعم في كنتاكي، لكن محاولته باءت بالفشل، بعد ذلك بعامين، افتتح فندقًا ومطعمًا آخر في أشفيل بولاية نورث كارولينا، لكن هذا فشل أيضًا.
استمر كولونيل ساندرز في تغيير وصفة الدجاج للحصول على التوابل بشكل صحيح، في عام 1939، ابتكر طريقة لطهي الدجاج بسرعة لأن العملاء لن ينتظروا 45 دقيقة حتى يتم قلي دفعة في مقلاة حديدية، استخدم ساندرز قدر الضغط، وهو اختراع جديد في ذلك الوقت، لطهي الدجاج في تسع دقائق، وجد أن الدجاج المطبوخ بهذه الطريقة اتضح أنه رطب ولذيذ، لا تزال طريقة ساندرز مستخدمة حتى اليوم.
في عام 1949، تم تكريم ساندرز مرة أخرى بلقب كنتاكي كولونيل، وهذه المرة من قبل الملازم الحاكم لورانس ويذربي، بدأ ساندرز في استخدام لقب "كولونيل" وارتداء بدلة بيضاء وقميص أبيض وربطة عنق سوداء وحذاءً أسود وشارب أبيض ولحية صغيرة ، وعصا ليمنح نفسه مظهر رجل نبيل من الجنوب القديم.
في عام 1949، تزوج ساندرز مرة أخرى من موظفة كلوديا ليدنجتون، بحلول عام 1953، بلغت قيمة المطعم الخاص به 165 ألف دولار، وفي نفس الوقت مع عدم وجود ما يخسره، أخذ ساندرز التوابل ووعاء الضغط وسافر في جميع أنحاء الولايات المتحدة في سيارته فورد عام 1946، قام بزيارة المطاعم محاولا إقناع أصحابها باستخدام وصفته، قال جون نيل، صاحب الامتياز، إن ساندرز لم يحالفه الحظ مع أفضل المطاعم. "لقد طردوه جميعًا من أماكنهم، لقد وجد الكثير من الرجال والنساء الرائعين الذين يعملون بجد والذين يديرون مطاعم متنوعة ومتنوعة، أخذوا أساليبه ودفعوا له مبلغًا نقديًا واحدًا، قام العقيد بشحن التوابل لهم".
وقع ساندرز مع عدد قليل من أصحاب المطاعم ما يشبه الامتياز بأن يشحن لهم بهاراته المصنوعة من وصفة سرية من 11 نوعًا من الأعشاب والتوابل، إذا وافقوا على دفع خمسة سنتات عن كل دجاجة مطبوخة بها، وكان بيت هارمان، صاحب مطعم في ولاية يوتا والذي التقى بساندرز في شيكاغو في ندوة لأصحاب المطاعم ، أول صاحب امتياز له.
في عام 1956، وضعت الحكومة الفيدرالية خططًا لبناء طريق سريع جديد ، متجاوزًا كوربين. تراجعت قيمة موقع ساندرز، وقام ببيع العقار بالمزاد مقابل 75000 دولار لسداد ديونه، في سن 66 كان على وشك الإفلاس، ويعيش على شيك ضمان اجتماعي شهري قدره 105 دولارات وبعض المدخرات، وانتقل ساندرز إلى شيلبيفيل، كنتاكي.
نجاح الوصفة السرية
في وسط حالة الإفلاس التي كان يعيشها كولونيل ساندرز أصبح بحلول عام 1960، لدى ساندرز 400 صاحب امتياز، وكانت صورته تُستخدم لبيع الدجاج في جميع أنحاء البلاد، بحلول عام 1963، حقق 300 ألف دولار من الأرباح سنويًا ، قبل الضرائب.
في عام 1969، نما عدد الامتيازات إلى أكثر من 5000 وحدة في الولايات المتحدة و 4500 في الخارج، قام ساندرز بحراسة وصفته السرية للأعشاب والتوابل بعناية ، حيث قام بتعيين اثنين من الموردين المختلفين لخلط الدُفعات، والتي كان يجمعها بعد ذلك ويرسلها بالبريد إلى أصحاب الامتياز.
في عام 1964، باع كولونيل ساندرز لمجموعة من المستثمرين، بما في ذلك جون واي براون جونيور وجاك ماسي، شركته بما فيها سر التتبيلة مقابل مليوني دولار، لقد كان قلقًا بشأن بيع الشركة لأنه كان يخشى ألا يحتفظ الملاك الجدد بمنتج عالي الجودة، إلى أنه أقنعه الأصدقاء والعائلة بعد أن بلغ من العمر 74 عامًا بالتخلي عن شركته.
في 6 يناير 1964، أنهى الصفقة بـ 2 مليون دولار، إلى جانب حصوله على راتب مدى الحياة قدره 40 ألف دولار في السنة (ارتفع لاحقًا إلى 75 ألف دولار)، عمل ساندرز كمتحدث باسم الشركة، حيث ظهر في العروض الشخصية والإعلانات التلفزيونية، احتفظ بحقوقه الكندية في الشركة وأنشأ مؤسسة في كندا ، وقام بتحويل أرباحه إلى جمعيات خيرية ، مثل الكنائس والمستشفيات وفتيان الكشافة وجيش الخلاص، كما تبنى 78 يتيمًا أجنبيًا.
وفاة صاحب كنتاكي
توفي كولونيل ساندرز في شيلبيفيل، كنتاكي في 16 ديسمبر 1980، بعد معركة استمرت سبعة أشهر مع سرطان الدم. يحتوي متحف الكولونيل ساندرز في مقر كنتاكي فرايد تشيكن في لويزفيل على تمثال بالحجم الطبيعي لساندرز في مسرح صغير، ومكتبه - تمامًا كما تركه، وبدلة الكتان البيضاء، وعصا، وقميص، وربطة عنق، وأحد فساتين زوجته، وحلة الضغط الأصلية الخاصة به.
