أستاذ التمثيل وأحد أبرز النجوم في العالم العربي نور الشريف استطاع خلال مسيرة فنية أن يسجل عدة أعمال تدون في التاريخ كأفضل الأعمال في تاريخ السينما المصرية، عانى اليتم وفراق الزوجة والمرض، ولكنه ظل معطاء لآخر أيام في حياته. مسيرته الفنية وأبرز المعلومات عن حياته في السطور التالية..
اسمه الحقيقي محمد جابر محمد عبدالله، من مواليد حي السيدة زينب بالقاهرة، ولد في 28 أبريل 1946، وبعد ولادته بعدة أشهر توفي والده وهو لم يكمل عاما، وسريعا ما تزوجت والدته وسافرت مع زوجها للعيش في المملكة العربية السعودية، لينتقل "محمد" الطفل الرضيع وشقيقته الكبرى "عواطف" لمنزل أعمامهم.
تبادل أعمامهم "إسماعيل وأمين" إلى جانب عمتهم أيضا، على رعايتهم، كان الطفل "محمد" يعتقد أن عمه إسماعيل هو والده وأن اسمه هو نور وهو الاسم الذي أطلقه عليه جده لأمه عند مولده، حتى بلغ السادسة والتحق بالمدرسة، اكتشف أن اسمه محمد جابر وأنه يتيم الأب.
ظل محمد جابر يشعر بالحزن واليتم، اتجه لتفريغ طاقته في لعب كرة القدم، وبدأ اللعب مع أطفال الجيران في الحارة، وكون فريق كرة معهم أطلق عليه "الأسد المرعب"، وتميز في لعب كرة القدم حتى انضم إلى ناشئي نادي الزمالك وهو في المرحلة الإعدادية.
وفي نفس الوقت بدأ نور يحب التمثيل من خاله "شعيب" الذي كان يرأس قسم التمثيل بالمدرسة التي يعمل بها وهي (مدرسة محمد علي الإعدادية)، كون خاله فريق تمثيل على عربات الكارو كان يقدم عروضا ليلية في الحارة وجمهوره كان الأطفال والأهالي الذين يشاهدونهم ليلا، واشترك "نور" معه في بعض العروض.
عشق السينما ومحاولات التمثيل
بدأ حب السينما يتسلل إليه فبدأ يدخر مصروفه من أجل دخول السينما، فبجواره في حي السيدة سينما إيزيس وفي منطقة قريبة منه سينما "وهبي" وكان يحرص على الأقل دخول السينما ثلاث مرات أسبوعيا، وبدأ يقلد النجوم الكبار مثل تشارلي تشابلن.
وانضم إلى فرقة التمثيل بالمدرسة الإعدادية، وشارك لأول مرة في عرض مسرحي كبير في مسرحية "مصرع كليبر"، وبعد انتهاء المرحلة الإعدادية ذهب نور بصحبة أحد أصدقائه إلى مدير مكتب الإنتاج السينمائي تاكفور أنطونيان، وعرضوا عليه المشاركة في أي دور ولكن المحاولة باءت بالفشل.
قرر الصديقان المحاولة حينما قرأ إعلان طلب وجوه جديد لفيلم "واسلاماه" تقدما ولكن باءت بالفشل أيضا، وفي المرحلة الثانوية أصر "نور" على الالتحاق بالمدرسة الإبراهيمية الثانوية بحي جاردن سيتي، وكانت مدرسة لأبناء الأثرياء، إلا أنه كان بها فريق تمثيل مميز، حاول نور طوال المرحلة الثانوية الانضمام إليه إلا أن هيمنة أبناء الأثرياء عليه حالت دون ذلك.
ولكن في أحد الأيام كان الفنان سعد أردش يختار مجموعة من طلبة المدرسة للمشاركة مع المجاميع في إحدى مسرحياته، واختاره "أردش" وقال جملة واحدة وهي «يا عبد الرافع.. إن كان ده مكان الاجتماع فده بيتك يا أخي.. شوف لك طريقة في العيال دول».
ولكن كانت هذه المرة الأولى التي يتمكن فيها نور من الوقوف على خشبة مسرح كبرى بجوار مجموعة من أشهر الفنانين مثل محسنة توفيق، حمدي غيث، ورشوان توفيق.
بعد المرحلة الثانوية التحق "نور" بفرقة الطليقة التي أساسها عبد العزيز مكيوي وفوزي فهمي، وشارك معهم في تقديم مسرحة "الأم الشجاعة وأولادها".
التحق "نور" بالمعهد العالي للفنون المسرحية، فشعر أن التمثيل هو شغفه الحقيقي، وأن كرة القدم كانت لملأ فراغ، فابتعد عنها وقرر التركيز في الدراسة والتمثيل، واستطاع أن يكون الأول على دفعته عام 1967، بتقدير "ممتاز" وعين معيدا بالمعهد.
أول جائزة لنور
بعد تخرج نور تم اختياره للمشاركة في مسرحية "روميو وجوليت" مع المخرج كمال عيد، وفي هذه المسرحية كانت بداية تعارف نور الشريف وعادل إمام، الذي ساعده لدخول السينما بترشيحه له للمخرج حسن الإمام، الذي كان يبحث عن وجه جديد للمشاركة في فيلم "قصر الشوق" عام 1966.
لفت نور الأنظار إليه كوجه جديد موهوب، وحصل عن هذا الدور على أول جائزة له وكانت عبارة عن شهادة تقدير، ليبدأ بعدها، ويتم ترشيحه لأدوار أكبر وشارك مجموعة من كبار النجوم مثل الفنان فريد شوقي، والفنانة سعاد حسني، والفنان صلاح ذو الفقار.
واختار لنفسه اسما فنيا هو نور الشريف لأن شقيقته كانت من محبي الفنان العالمي عمر الشريف، وقام محمد جابر بتغير اسمه في الأوراق الرسمية لينتهي اسم محمد جابر للأبد.
علاقة وطيدة بين النجمين نور والزعيم عادل إمام بدأت حينما رشحه لأول أدواره واستمرت طوال حياتهما، حتى إن عادل إمام الذي نادرا ما يحضر جنازات شارك في جنازة نور.
وكان الزعيم عادل إمام يستعد لحفل زفاف نجله محمد عادل إمام إلا أنه أعلن تأجيل حفل الزفاف، وقال في الجنازة " فقدت صديق عمري وأجلت فرح ابني محمد حزن عليه ونور الشريف فنان قضى حياته كلها للفن".
واحدة من أِشهر قصص الحب في السينما المصرية وفي الواقع كان الثنائي نور الشريف وبوسي، التقى نور وبوسي أثناء بروفات مسلسل «القاهرة والناس»، وكانت لا يزال عمرها 15 عاماً ولكنه وقع في غرامها من أول نظرة وهي أيضا أعجبت به وأحبته.
تقدم "نور" لخطبتها، ولكن بسبب ظروفه المادية عارضت والدتها في البداية، ولكن بوسي تمسكت بحبها، وهددت بالانتحار، وفي النهاية رضخت العائلة وتم الزواج في عام 1972، وعلى مدار قصة حب وزواج أنجبا خلالها ابنتهما سارة ومي، وقدما سويا مجموعة من الأعمال الرائعة لعل أشهرها فيلم حبيبي دائما عام 1980.
بعد قصة حب وزواج 26 عاما فاجأ الثنائي الجميع بإعلان انفصالهم في 2006، وهو الانفصال الذي صاحبته مجموعة من الشائعات منها زيجة نور من الفنانة ساندي.
تزامن خبر الانفصال مع شائعات زواج نور الشريف وساندي وهي ممثلة تونسية من مواليد 1981، يكبرها الفنان نور بـ35 عاما، ولكن ساندي نفت أن تكون سبب الانفصال أو أنها تزوجته، مؤكدة أن العلاقة التي تربط بينهما هي علاقة صداقة وأنها تحبه حب التلميذة لأستاذها.
وأكدت على أنه منحها فرصة عمرها حينما رشحها في فيلم "دم الغزال"، بعد فترة تزوجت "ساندي" لتنتهي تلك الشائعات، ومعروف عن نور أنه مكتشف الوجوه الجديدة فهو أول من قدم حسن الرداد، عمرو يوسف، وأحمد العوضي وغيرهم.
مرض نور وتم إعلان إصابته بسرطان الرئة، فعادت له بوسي بعد انفصال دام ثماني سنوات، ليجتمعا مرة أخرى في عام 2015.
في نفس العام الذي تم إعلان عودة نور وبوسي رافقته زوجته ورفيقة الدرب في رحلة علاجه، ولكن في 11 أغسطس 2015، تم إعلان رحيل الفنان نور الشريف بعد صراعه مع سرطان الرئة، ليتوفى وعمره 69 عاما بعد مسيرة عطاء كبيرة للفن.
حصد خلال مسيرته على مجموعة الجوائز ففي عام 1977 فاز بجائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وحصل على جائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم بتوقيت القاهرة بمهرجان وهران للفيلم العربي.
كما حصل علي جائزة التمثيل الذهبية من مهرجان نيودلهي عن فيلم سواق الأتوبيس. وتم اختيار 7 أفلام من أفلام نور ضمن أفضل أفلام السينما المصرية وهي زوجتي والكلب 1971، أبناء الصمت 1974، الكرنك 1975، أهل القمة 1981، حدوتة مصرية 1982، العار 1982، سواق الأتوبيس 1982