فتاة خجولة صاحبة حنجرة ذهبية، حينما تغني يصمت الحضور ليستمعوا لصوتها الذي يسلب العقول ويخلق حالة من السحر، نجاة الصغيرة غنت للحب ومن أجل الحب وإن لم تعشه أبدًا وخلقت حالة خاصة بها، بدأت الغناء صغيرة وحملت أعباءً ليس من المفترض أن تحملها في هذا السن، ولكن كل تلك الأعباء شكلت شخصيتها.
نجاة محمد كمال حسني الباب هي مغنية وممثلة مصرية ولدت في مدينة القاهرة في 11 أغسطس عام 1938، والدها هو محمد كمال حسني الباب الخطاط الدمشقي الشهير الذي هاجر إلى مصر وهو شاب وتزوج من سيدة مصرية.
نجاة هي أخت الممثلة سعاد حسني من الأب، وابن عمها هو الفنان السوري أنور البابا، بدأت نجاة الغناء وهي صغيرة في التجمعات العائلية حينما كانت تبلغ من العمر 5 سنوات، وقدمت أول فيلم لها الذي حمل اسم "هدية" حينما كانت تبلغ من العمر 8 سنوات.
قالت نجاة إنها لم تشعر بطفولتها وحُرمت منها، ولكن رأت في ذلك ميزة لأنها كانت مطربة متكاملة في سن صغير.
تداولت الكثير من الأقاويل حول عدد أخوات نجاة، فقيل أن لها 17 عشر أخًا وأختًا، حيث اعتبروا إخوة سعاد حسني من أمها إخوةً لنجاة، ولكن هذا صحيح.
لدى نجاة 7 أشقاء وشقيقات من أمها وأبيها، وهم أربعة أولاد: عز الدين، ونبيل، وفاروق، وسامي، وأربع بنات، وهم: خديجة، وسميرة، وعفاف.
ولها 3 أخوات من والدها وزوجته الثانية جوهرة محمد حسن، وهم كوثر، وسعاد حسني، وصباح، وبعد انفصال جوهرة عن محمد حسني تزوجت برجل آخر وأنجبت منه 6 أبناء آخرين.
ولدت نجاة في بيت فني من الدرجة الأولى، حيث كان يُعرف بيت والدها حينها بـ"بيت الفنانين" فابنه عز الدين كان ملحنًا موسيقيًا، وهو من درّس نجاة الموسيقى والغناء، وابنة الآخر سامي كان عازف على آلة التشيلو، أما والدها نفسه فنان فهو خطاط ومصمم مجوهرات وعازف عود.
تربت نجاة على أغاني أم كلثوم، ومن كان يعلمها الأغاني هو شقيقها الأكبر عز الدين، وكانت تقوم بأداء أغاني أم كلثوم في حفلات مختلفة حينما كانت طفلة.
تزوجت نجاة مرتين، المرة الأولى في سن مبكرة عام 1955 حيث كانت تبلغ 17 عامًا تقريبًا، وزوجها الأول كان صديقاً لشقيقها ويُدعى "كمال منسي"، وأنجبت منه ابنًا واحدًا اسمه "وليد"، ولكنها انفصلت عنه بعد خمس سنوات في عام 1960.
عانت نجاة في زواجها الأول، حيث واجهت العديد من المشكلات وهي صغيرة التي سعت لحلها بشكل ودي ولكن لم يتحقق هذا الأمر، وهو ما دفعها إلى اللجوء للقضاء لتحصل على الطلاق.
تزوجت نجاة للمرة الثانية في عام 1967 من المخرج حسام الدين مصطفى، ولكنها انفصلت عنه بعد فترة قصيرة، ولم تتزوج بعدها مرة أخرى وإنما كرست حياتها لابنها الوحيد وليد من زواجها الأول.
حينما كانت نجاة تبلغ من العمر 9 سنوات أخذها والدها إلى صفحي في جريدة المصري اليومية اسمه "محمود يوسف" لكي يكتب عمودًا عنها لعل يقرأ عنها أحد الفنانين ويتبنى موهبتها.
رفض الصحفي محمود يوسف في بادئ الأمر أن يكتب عنها، حيث قال لوالدها أن البنت لا تزال صغيرة ولا ينبغي أن يرهقها بالغناء في هذا السن، وعليه أن ينتظر حتى تكبر ويشتد عودها، وحينها بكت نجاة.
وحينما بكت نجاة أقنعه محرر يتمرن معه بألا يكسر بخاطر البنت، وبالفعل استمع إلى نجاة وأعجب بصوتها وكتب مقالًا في عموده اليومي يحمل عنوان "نجاة الصغيرة" حتى يفرق بينها وبين المغنية نجاة علي.
كما أنه أجرى اتصالاته مع الإذاعي المشهور محمد محمود شعبان حتى يتبنى نجاة ويأخذها معه في برنامج الأطفال.
بدأت نجاة الصغيرة مشوارها الفني بتقليد الفنانين، وخاصة تقليد أغاني أم كلثوم، وفي عام 1946 كتب عنها الصحفي المصري فكري أباظة في مجلة المصور تقريرًا بعنوان "مطربة يجب أن تستولي تستولي الحكومة" لدعم موهبة نجاة الفنية.
كان والدها يخضعها لتدريبات لصوتها مكثفة، وفي عام 1949 قدم الفنان محمد عبد الوهاب شكوى رسمية في مركز الشرطة ضد والدها حيث ادعى أن هذه التدريبات تعرقل العملية الطبيعية لتنمية صوتها، وأنها يجب أن تترك لوحدها لتتطور دون أي تدريبات.
وبعد ذلك تبناها الفنان محمد عبد الوهاب وقدم لها الكثير من الأغاني الناجحة، ففي عام 1955 تركت نجاة تقليد المطربين وغنت أول أغنية خاصة بها حينما كانت تبلغ من العمر 16 عامًا، وأغنيتها الأولى كانت "ليه خلتني أحبك" التي غنتها الفنانة ليلى مراد أيضًا.
وبعدها أطلقت عدة أغاني التي أذيعت في محطات الراديو وكانت في البداية تقدم أغاني قصيرة مدة كل واحدة 7 دقائق، ومن ثم بدأت في تقديم الأغاني الطويلة التي تستمر عادة من 20 إلى 40 دقيقة.
تعاونت نجاة مع كبار الشعراء منهم الشاعر نزار قباني، وتميزت أغانيها بالبساطة والأناقة والتحدث عن مواضع الحب والأمور النسوية، وغنت لنزال 4 قصائد لحنها الفنان محمد عبد الوهاب.
كانت أغانيها الطويلة ناجحة جدًا وزادت شعبيتها جدًا حتى اقتربت من شعبية أم كلثوم، وكان أداؤها على المسرح مميزًا جدًا بسبب تدريباتها الدقيقة.
قدمت نجاة طوال مسيرتها الفنية أكثر من 200 أغنية، تعاونت فيهم مع كبار الملحنين العرب في القرن العشرين منهم الملحن كمال الطويل الذي لحن لها أشهر أغانيها "عيش معايا"، والملحن محمد عبد الوهاب الذي قدم لها أفضل أغانيها منها "لا تكذبي".
ومن الملحنين الآخرين التي تعاملت معهم هم بليغ حمدي الذي لحن لها "أنا في انتظارك"، والملحن سيد مكاوي الذي لحن لها "تفرق كتير"، والملحن محمد الموجي الذي لحن لها "عيون القلب"، والملحن محمود الشريف الذي لحن لها "عطشان يا أسمراني".
أيضًا لحن لها شقيقها عز الدين حسني أغنية "علي جناحك"، وتعاملك كذلك مع حلمي بكر، ورياض السنباطي، وزكريا أحمد وغيرهم.
أما الشعراء فقد تعاونت مع الكثير من الشعراء ولعل أشهرهم الشاعر نزار قباني، بجانب الشاعر مأمون الشناوي الذي كتب أغنية "حبك حياتي"، وكامل الشناوي الذي كتب أغنية "لا تكذبي".
أيضًا تعاملت مع عبد الرحمن الأبنودي الذي كتب لها أغنية "مثل الماس"، وكانت تسعى دائمًا أن تتحرى من جودة الكلمات التي تغنيها وكانت حذرة جدًا في اختيارها للكلمات، حيث كانت تستبدل كلمات أو تحذفها من القصيدة حتى تناسب ذوقها.
وفي حياتها كانت نجاة تنافس عددًا كبيرًا من فنانات عصرها الناجحات، ومنهم الفنانة وردة الجزائرية، وشادية، وفايزة أحمد، وصباح، وفيروز وغيرهن.
اعتزلت نجاة الصغيرة الغناء عام 2006، ولم تظهر بعدها في التلفزيون مطلقًا، وإنما كانت تجري حوارات هاتفية على التلفزيون، أو حوارات صحفية.
في السينما شاركت نجاة في 13 فيلمًا سينمائيًا وفي عام 1947 كان مشاركتها الأولى في فيلم سينمائي "هدية"، وفي العام نفسه اختارها المخرج عز الدين ذو الفقار للمشاركة في فيلم "الكل يغني" مع الفنانة كاميلية، ونجاة علي، والفنان إسماعيل ياسين.
وفي عام 1950 شاركت في فيلم "محسوب العائلة" مع تحية كاريوكا، وإسماعيل ياسين، والفنان محمود المليجي، وبعدها ب4 سنوات أي عام 1954 شاركت في فيلم "بنت البلد" مع إسماعيل ياسين، السيد بدير.
وفي عام 1958 شارك في فيلم "غريبة" وقدمت في هذا الفيلم عدة أغنيات ناجحة منها "غريبة منسية"، وأغنية "بان علي حبة من أول ما بان"، وشاركت التمثيل مع الفنان أحمد مظهر، وأحمد رمزي، والفيلم من إخراج أحمد بدرخان.
وفي عام 1962 شاركت في فيلم "الشموع السوداء" أما صالح سليم، وأمينة رزق، وقدمت فيها أشهر أغانيها "لا تكذبي".
وفي عام 1967 شاركت في فيلم "شاطئ المرح" أمام حسن يوسف، وعبد المنعم دبولي، وثلاثي أضواء المسرح، وقدمت في الفيلم عددًا من الأغنيات منها "آه لو تعرف يا حبيب قلبي".
وفي عام 1968 شاركت في فيلم "7 أيام في الجنة" مع حسن يوسف، وعادل إمام، ويوسف فخر الدين، وقدمت فيه أيضًا عدة أغنيات منها "إلا أنت"، وأغنية "دوارين في الشوارع".
وفي عام 1971 شاركت في فيلم "ابنتي العزيزة" مع رشدي أباظة وقدمت في الفيلم أغنية "أما براوة"، وأغنية "حبايبنا"، وكان آخر أفلامها فيلم "جفت الدموع" مع الفنان محمود ياسين، وقدمت فيها عددًا من الأغاني منها "حمد لله على السلامة يا أبو أجمل ابتسامة".