نابليون الثالث.. آخر ملوك فرنسا الذي انتهى به الأمر أسيرًا

شخصية تاريخية
  • معلومات شخصية

    • الاسم الكامل

      شارل لويس نابليون بونابرت

    • اسم الشهرة

      نابليون الثالث.. آخر ملوك فرنسا الذي انتهى به الأمر أسيرًا

    • الفئة

      شخصية تاريخية

    • اللغة

      الفرنسية، الإيطالية، الألمانية

    • الجنسية

      فرنسا

    • بلد الإقامة

      فرنسا

    • الزوجة

      يوجيني

السيرة الذاتية

كان نابليون الثالث أول رئيس لفرنسا، وآخر ملك فرنسا كإمبراطور للفرنسيين، ورغم أنه كان ملكًا شعبيًا، وشهدت فرنسا تحت حكمه تطورات اقتصادية واجتماعية هامة، ولكن في نفس الوقت تعرض لانتقادات شديدة بسبب سياساته الخارجية التي قادته في النهاية إلى سقوطه وانتهاء حكمه، تعرف أكثر على مسيرته وحياته في هذا المقال.

من هو نابليون الثالث؟

اسمه الحقيقي شارل لويس نابليون بونابرت، وأطلق على نفسه نابليون الثالث، هو أول رئيس لفرنسا من عام 1848 إلى عام 1852، وآخر ملك لفرنسا كإمبراطور للفرنسيين من عام 1852 حتى نهاية حكمه في عام 1870.

بعد سقوط عمه نابليون بونابرت، عاشت العائلة في المنفى. قضى نابليون الثالث شبابه في ألمانيا وسويسرا وبريطانيا، وقد قام بمحاولتين فاشلتين للاستيلاء على السلطة في فرنسا (في 1836 و1840)، ولكنه سُجن بعد المحاولة الثانية.

بعد ثورة 1848، تم انتخابه كأول رئيس للجمهورية الفرنسية الثانية، وفي 1851، قاد انقلابًا وأصبح إمبراطورًا في العام التالي، معلنًا بداية الإمبراطورية الفرنسية الثانية.

قاد نابليون الثالث العديد من الإصلاحات الداخلية، وحاول توسيع النفوذ الفرنسي في الخارج، بما في ذلك المشاركة في حرب القرم (1853-1856) ودعم حملة الاستعمار في إفريقيا وآسيا.

إلا أن حكمه انتهى بعد هزيمة فرنسا في الحرب الفرنسية-البروسية عام 1870، حيث تم أسره، وتنازل عن العرش. عاش بقية حياته في المنفى في إنجلترا، ورغم أن فرنسا شهدت في عهده بعض التطورات الاقتصادية والاجتماعية الهامة، لكنه في نفس الوقت، تعرض لانتقادات بسبب حكمه السلطوي والسياسات الخارجية التي قادت في النهاية إلى سقوطه.

نشأته وأسرته

ولد نابليون الثالث في عام 1805 في باريس. والده هو لويس بونابرت، وهو الأخ الأصغر لنابليون الأول، وكان ملكًا لهولندا من عام 1806 إلى عام 1810. أما والدته فهي هورتنس دي بوهارنيه.

نابليون هو ابن شقيقه نابليون الأول من والده، كما أنه حفيد الإمبراطورية جوزفين من والدتها، وقد كانت ظروف طفولته غريبة، وهناك العديد من شكوك تحوم حول نسبه، حيث لم يتم تسميته إلا بعد شهر من ولادته، ولم يتم تعميده حتى عام 1810.

بعد سقوط الإمبراطورية الفرنسية الأولى، نفيت أسرة بونابرت خارج فرنسا، وقد انتقلت بين عدة أماكن، حتى استقرت في النهاية في كانتون تورغاو في سويسرا، وهناك تلقى تعليمه في ألمانيا في مدرسة للألعاب الرياضية؛ ولهذا السبب كانت لغته الفرنسية متأثرة باللهجة الألمانية بشكل ملحوظ.

تعلم نابليون الثالث ي منزله على يد فيليب لو باس، وهو تعلم على يديه التاريخ الفرنسي، والسياسة الراديكالية، وعندما بلغ سن 15 عامًا انتقل إلى روما مع والدته، وأمضى وقته في تعلم اللغة الإيطالية، والعلاقات الرومانسية.

وعندما كان يبلغ من العمر 23 عامًا أجبر على رب مع شقيقه نابليون لويس، وسافر متخفيًا إلى باريس، حيث كان النظام القديم للملك شارل العاشر قد سقط، وحل محله نظام الملك لويس فيليب الأول، وعندما وصلت والدته إلى باريس، كتبت نداءً إلى الملك للبقاء في فرنسا، فيما عرض لويس نابليون التطوع في الجيش الفرنسي، فوافق الملك على ذلك.

نابليون الثالث.. آخر ملوك فرنسا الذي انتهى به الأمر أسيرًا

محاولة الوصول إلى الحكم

منذ سقوط نابليون عام 1815، وكانت هناك حركة بونبارتية في فرنسا، وهي حملة تأمل عودة بونابرت إلى العرش، وقد كان نابليون الثالث يأمل الوصول إلى الحكم من جديد، وفي عام 1836 خطط لثورته من أجل العودة إلى الحكم.

ورغم محاولته الفاشلة، وعودته هاربًا إلى سويسرا مرة أخرى، إلا أنه تمتع بشعبية واسعة في المنفى، وتزايدت شعبيته في فرنسا بشكل كبير، بعد محاولة الانقلاب الفاشلة، وأصبح يُنظر إليه كوريث لأسطورة بونابرت، وزادت هذه الأسطورة من شهرته.

بعد المحاولة الفاشلة للانقلاب طلب الملك لويس فيليب الحكومة السويسرية بإعادة نابليون إلى فرنسا، إلا أنهم رفضوا لأنه؛ جندي ومواطن سويسري، ورغم ذلك قرر نابليون الخروج طوعًا، وسافر إلى لندن، ثم البرازيل متجهًا إلى نيويورك، وهناك التقى بنخبة من الفرنسيين، ثم عاد إلى سويسرا بعدما مرضت والدته، وبقي بجانبها حتى وفاتها.

بعد وفاة والدته حصل على ثروة ضخمة منة، فاشترى منزلًا كبيرًا في لندن، وبدأ التخطيط لمحاولة الانقلاب الثانية، فطوال فترة بقائه في لندن لم يتخلَ عن حلمه بالعودة إلى فرنسا، والاستيلاء على السلطة.

وبالفعل في عام 1840 بدأ تنفيذ خطته، وجمع فرقة من ستين رجلًا مسلحًا، واستأجر سفينة، وأبحر إلى ميناء بولوني، ولكنها كانت محاولة ثانية فاشلة، وإخفاقا كبيرا، وتحولت إلى مصدر سخرية له من الصحف البريطانية والفرنسية كذلك، وقد تم القبض عليه، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة شمال فرنسا.

سنوات السجن

وأثناء وجوده في السجن، كتب نابليون الثالث قصائد ومقالات سياسية حول موضوعات متنوعة، وقد ساهمت هذه المقالات في زيادة شهرته في فرنسا ولندن ككاتب مشهور، وقد حقق شهرة واسعة حينما قدم دراسة عرض فيها أسباب الفقر بين الطبقة العالمة الصناعية في فرنسا، وقد حقق الكتاب شهرًا واسعًا، وأعيد طبعه ونشره وتوزيعه بشكل واسع في فرنسا، وقد لعب هذا الكتاب دورًا مهمًا في نجاحه الوصول إلى رأس الحكم مستقبلًا.

ورغم أنه كان مشغولًا في السجن، ولكنه لم يكن سعيدًا، وكان مدركًا بأن شعبيته تتزايد، وفي عام 1846، وبمساعدة طبيبه وأصدقائه تمكن أخيرًا من الهرب، حيث تنكر في هيئة عامل يحمل الأخشاب، وخرج من السجن متجهًا إلى إنجلترا، وبعد شهر من هروبه توفي والده، وأصبح الوريث الواضح لسلالة بونابرت.

ولادة الجمهورية الفرنسية الثانية

بعد خروجه من السجن استعاد نابليون الثالث مكانته في بريطانيا، وتعددت علاقاته العاطفية، فقد كان على علاقة مع الممثلة الفرنسية الشهيرة راشيل، كما كان له علاقة غرامية مع الوريثة هارييت هوارد، وبدأت العيش معه، وربت طفليه غير الشرعيين مع ابنها، كما وفرت له التمويل لخططه السياسية، حتى يعود إلى فرنسا، ويستولى على الحكم.

في عام 1848، وخلال الثورة الفرنسية، علم نابليون الثالث أن وقته قد حان للعودة إلى فرنسا، وخاصة حينما تنازل الملك لويس فيليب عن العرش، فغادر إنجلترا، وعندما وصل إلى باريس، وجد أن الجمهورية الثانية تم الإعلان عنها، وأن هناك منافسة كبيرة على الحكم بين فصائل مختلفة من الجمهوريين والمحافظين.

قرر نابليون عدم الترشح في أول انتخابات للجمعية الوطنية، حيث أراد أن يظهر ولاءه للجمهورية الفرنسية، في ظل غضب العديد من الفصائل السياسية من وجوده في فرنسا في ذلك الوقت.

قرر نابليون بعدها مغادرة باريس، وخلال غيابه اندلعت انتفاضة شديدة بقيادة اليسار، وأدت إلى مقتل نحو 5 آلاف متمرد، وكان غياب نابليون في صالحه، لأن هذا يعني أنه لم يكن مرتبطًا بالانتفاضة والقمع الوحشي الذي أعقبها.

وبسبب ذلك تم انتخابه في 5 مقاطعات في باريس، وحصل على نسبة كبيرة من الأصوات، وانضم إلى الجمعية الوطنية في باريس، لذا عاد إلى باريس مرة أخرى، بعدما أنهت الحكومة الدستور الجديد، واستعدت لأول انتخابات على الإطلاق لرئيس جمهورية فرنسي.

نابليون الثالث.. آخر ملوك فرنسا الذي انتهى به الأمر أسيرًا

نابليون الثالث أول رئيس لفرنسا

بعد إعلان الدستور، تم الإعلان عن الانتخابات الرئاسية، وقد رشح نابليون الثالث نفسه، واستقبلت حملته الرئاسية دعمًا من اليسار واليمين، وخاصة بعدما أعلن عن نيته الواضحة في توفير فرص عمل للعاطلين والاهتمام بكبار العمال، وإدخال تحسينات في القوانين الصناعية، والعمل على تحقيق الرفاهية والرخاء للجميع.

أجريت أول انتخابات في شهر ديسمبر من عام 1848، وحصل على 74% من الأصوات، وكان حكم انتصاره مفاجئًا للجميع، وما ساعده على تحقيق تلك النسبة أنه حصل على دعم من شرائح مختلفة من السكان، منهم الفلاحون، والعمال العاطلون، وكبار السن.

هذه الفترة كانت حاسمة في التاريخ الفرنسي، وشهدت تحولات كبيرة، ففترة حكمه كرئيس للجمهورية الثانية كانت مليئة بالتحديات والتحولات السياسية، وأدت في النهاية إلى تغيير النظام السياسي في فرنسا بشكل جذري.

سعى نابليون لتحسين الوضع الاقتصادي من خلال تنفيذ مشاريع كبيرة للبنية التحتية، مثل بناء السكك الحديدية وتعزيز الصناعات، كما قدم سياسات اجتماعية تهدف إلى تحسين ظروف العمال والفلاحين، بما في ذلك قوانين لحماية العمال وتقديم الدعم الزراعي.

شهدت فترة حكمه الأولى استقرار سياسي، حيث ركز على تحقيق الاستقرار السياسي في البلاد بعد فترة من الاضطرابات. استخدم وسائل قمعية ضد المعارضة السياسية وحاول تعزيز سلطته التنفيذية، كما سعى لكسب دعم الشعب من خلال سياسات شعبوية وزيارات ميدانية في مختلف أنحاء البلاد.

وفي السياسة الخارجية، حافظ نابليون الثالث على نهج دبلوماسي حذر، محاولاً تجنب النزاعات الكبرى. شارك في بعض التحالفات الأوروبية لتعزيز مكانة فرنسا الدولية.

إلا أنه واجه صعوبات مع الجمعية الوطنية (البرلمان)، التي كانت تسيطر عليها قوى معارضة لسياساته، وهذا الصراع أدى إلى توتر سياسي مستمر.

تعيين نفسه إمبراطورًا لفرنسا

وفي محاولة لتعزيز سلطته وتجاوز القيود التي فرضها الدستور، دعا نابليون الثالث إلى تعديل الدستور لتمديد فترة ولايته الرئاسية، ولكن البرلمان رفض ذلك.

في 2 ديسمبر 1851، قام بانقلاب وأعلن حله للجمعية الوطنية، كما عرض دستوراً جديداً يمنحه سلطات تنفيذية واسعة، وأعلن نفسه إمبراطوراً في العام التالي، في 2 ديسمبر 1852، مما أدى إلى تأسيس الإمبراطورية الفرنسية الثانية.

حكم نابليون الثالث بسلطة مركزية قوية، معتمداً على دعم الجيش والشرطة لضمان السيطرة، وقدم إصلاحات إدارية تهدف إلى تحسين كفاءة الحكومة وتعزيز الاقتصاد، حيث قاد مشروعات كبيرة للبنية التحتية، بما في ذلك توسيع شبكة السكك الحديدية وبناء الطرق والقنوات، كما شجع على التصنيع والتجارة، مما ساهم في نمو اقتصادي كبير.

أجرى نابليون الثالث أيضًا إصلاحات اجتماعية تهدف إلى تحسين ظروف العمل، بما في ذلك تحديد ساعات العمل وتحسين ظروف العمل في المصانع، كما دعم التعليم العام والتدريب المهني لتطوير مهارات العمال.

فيما أشرف على إعادة تصميم باريس بقيادة البارون هوسمان، مما أدى إلى بناء شوارع واسعة ومنتزهات عامة وتحسينات في البنية التحتية المدنية.

وفيما يتعلق بسياسته الخارجية، فقد أثارت جدلًا وانتقادات كثيرًا، حيث شهدت فترة حكمه وتحالفات ونزاعات مختلفة، منها أنه شارك في حرب القرم (1853-1856) إلى جانب بريطانيا والدولة العثمانية ضد روسيا، مما عزز مكانة فرنسا الدولية.

كما دعم الوحدة الإيطالية، وساعد كافور في توحيد إيطاليا ضد النمسا، مما أدى إلى ضم سافوي ونيس إلى فرنسا، وتدخل في المكسيك (1862-1867) لتثبيت الإمبراطور ماكسيميليان، ولكن الحملة فشلت وأدت إلى انسحاب فرنسي مكلف.

تورط نابليون الثالث أيضًا في الحرب الفرنسية-البروسية (1870-1871) التي بدأت بسوء تقدير لقدرات بروسيا العسكرية، والتي أدت إلى نهاية إمبراطوريته في النهاية.

وعلى الرغم من حكمه الاستبدادي، شهدت فرنسا تقدمًا اقتصاديًا واجتماعيًا كبيرًا، فقد شهدت فترة حكمه تطورات في البنية التحتية والنقل والصناعة ساهمت في تحسين معيشة الفرنسيين.

نابليون الثالث.. آخر ملوك فرنسا الذي انتهى به الأمر أسيرًا

سياسة نابليون الثالث في الجزائر

اتبع نابليون الثالث سياسة استعمارية نشطة في الجزائر، والتي كانت بالفعل تحت الحكم الفرنسي منذ عام 1830. سياسته تجاه الجزائر كانت مزيجًا من السيطرة العسكرية والإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي تهدف إلى تعزيز الهيمنة الفرنسية وتعزيز الاستقرار في المنطقة.

ركز نابليون الثالث على تعزيز الوجود العسكري الفرنسي في الجزائر لمواجهة المقاومة المحلية، وقامت القوات الفرنسية بسلسلة من الحملات العسكرية ضد القبائل الجزائرية المتمردة لتعزيز السيطرة الفرنسية.

قدم إصلاحات إدارية تهدف إلى تنظيم الحكم في الجزائر وجعله أكثر كفاءة. أنشأ إدارات جديدة، وأدخل نظام القضاء الفرنسي في الجزائر.

شجع على تطوير البنية التحتية الاقتصادية في الجزائر، بما في ذلك بناء الطرق والموانئ والسكك الحديدية. الهدف كان تعزيز الاستثمارات الزراعية والتجارية وتحقيق الاستفادة الاقتصادية من المستعمرة.

كمت دعم الاستيطان الزراعي الفرنسي في الجزائر. قدم الأراضي للمعمرين الفرنسيين، وشجعهم على تطوير الزراعة. هذا أدى إلى نزوح العديد من السكان الأصليين من أراضيهم الزراعية.

سياسة نابليون الثالث في الجزائر ساهمت في تعزيز السيطرة الفرنسية ولكنها أيضًا زادت من التوترات مع السكان المحليين، هذه السياسات أدت إلى مزيد من النزاعات والمقاومة من قبل الجزائريين، مما أدى إلى عقود من الصراع والمقاومة ضد الحكم الفرنسي.

نابليون الثالث والأمير عبد القادر

في عام 1852، ومع تولي نابليون الثالث إمبراطورية فرنسا، قرر على الفور إطلاق سراح الأمير عبد القادر، الذي يعد من أهم المجاهدين في تاريخ الجزائر، وكان يقضي فترة سجنه في فرنسا، حيث قضى 5 سنوات في السجن.

أمر نابليون بعدم عودة الأمير عبد القادر إلى الجزائر، لذا سافر إلى تركيا، ومنها إلى سوريا عام 1855، واستقر في مدينة دمشق، ودرّس في المسجد الأموي، وظل في دمشق حتى وفاته.

سقوط نابليون الثالث

سقطت إمبراطورية نابليون الثالث نتيجة سلسلة من الأحداث العسكرية والسياسية خلال الحرب الفرنسية البروسية (1870- 1871)، حيث انخرط طوال فترة حكم في مغامرات عسكرية خارجية، رغم معارضة كبيرة داخل فرنسا، وخاصة أنه اتبع سياسية حكم مركزية وسلطوية.

كانت المغامرات العسكرية تلك سببًا في إنهاك الموارد الفرنسية، كما أضرت بسمعة فرنسا، إلا أنه واصل في تنفيذ أوامره، رغم المخاطر الشديدة، والمعارضة الداخلية.

كانت الأساسية المباشرة للحرب بين فرنسا وبروسيا هو الصعود السريع لبروسيا كقوة عظمى تحت قيادة أوتو فون بسمارك، وهو الصعود الذي هدد توازن القوى، فيما واصل بسمارك اتباع أسلوب دبلوماسي استفزازي بالنسبة للفرنسيين، وهو ما أثار المشاعر الوطنية في فرنسا، ودفع نابليون الثالث إلى إعلان الحرب على بروسيا.

الحملة العسكرية الفرنسية بدأت بتفاؤل، لكن الجيش الفرنسي كان غير مستعد وضعيف مقارنة بالجيش البروسي المنظم والمجهز بشكل أفضل، وبعد سلسلة من الهزائم السريعة للقوات الفرنسية، أبرزها معركة سيدان في 1 سبتمبر 1870، وهي المعركة التي تم أسر نابليون الثالث مع 100 ألف جندي فرنسي.

أسر نابليون الثالث في معركة سيدان كان ضربة قاضية للإمبراطورية، حيث سُجن في قلعة في ألمانيا ثم نفي إلى إنجلترا، وبعد يومين من أسر نابليون، تم إعلان سقوط الإمبراطورية الثانية وتأسيس الجمهورية الفرنسية الثالثة في باريس، حيث تم تشكيل حكومة دفاع وطنية بقيادة ليون غامبيتا لمواصلة الحرب ضد بروسيا، رغم الحالة اليائسة.

بعد الأسر حاصرت القوات البروسية باريس لمدة أربعة أشهر مما أدى إلى معاناة كبيرة للسكان المدنيين، وفي يناير عام 1871 استسلمت الحكومة الفرنسية المؤقتة، وقبلت شروط السلام التي فرضتها بروسيا.

أدى سقوط الإمبراطورية الثانية أدى إلى تغيرات كبيرة في النظام الأوروبي، وبروسيا وحدت الولايات الألمانية لتشكيل الإمبراطورية الألمانية، مما غيّر التوازن السياسي في أوروبا.

نابليون الثالث.. آخر ملوك فرنسا الذي انتهى به الأمر أسيرًا

كيف مات نابليون الثالث؟

بعد أسره ونفيه، عاش نابليون الثالث في إنجلترا في المنفى، حيث استقر مع زوجته وابنهما وحاشته في منزل ريفي كبير في قرية تيشيلهبيرست في كنت قريبة من مدينة لندن، واستقبلته الملكة فيكتوريا.

قضى نابليون الثالث معظم وقته في تصميم موقد يعمل بأكثر كفاءة باستخدام الطاقة، وقد كانى لفترة طويلة من حصوات المرارة، وأجرى عمليتين جراحتين، وأصبح مريضًا بشكل خطير حتى وفاته في 9 يناير 1873.

دفن نابليون الثالث في كنيسة القديسة مريم الكاثوليكية، ثم تم نقل جثمانه بجانب دير وكنيسة صغيرة بناها حفيده لجده ووالده في عام 1888.

علاقاته وحياته الشخصية

اشتهر الإمبراطور نابليون الثالث بعشقه للنساء، وعلاقاته النسائية المتعددة، حيث كان لديه العديد من العشيقات في نفس الوقت، وكان يرتب للمواعيد الغرامية كما يرتب لأمور أخرى مهمة في الحكم.

ومن بين عشيقاته الممثلة الفرنسية إليسا راشيلأ، والتي كانت الممثلة الأكثر شهرة في أوروبا في ذلك الوقت، كما كانت عشيقته هارييت هوارد، وهي ممثلة ثرية دعمته ماليًا لسنوات من أجل مساعيه السياسية.

لم تكن علاقاته الغرامية مجرد نزوات عادية وتافهة، بل صرفت انتباهه عن الحكم، وأثرت  على علاقته بالإمبراطورة، كما قللت من شأنه بشكل كبير في أوروبا.

تزوج نابليون الثالث من سيدة فرنسية من النبلاء، وهي أوجيني دي مونتيجو، وقد تزوجت منه عام 1853، ورزقت له بالوريث لويس نابليون، الذي أطلق عليه بالأمير الإمبراطوري، وهو الابن الوحيد لهما.

مقتل ابنه الوحيد في أفريقيا

عاش يوجين لويس نابليون، نابليون الثالث، في إنجلترا، بعد نفي والده وسقوط الإمبراطورية الفرنسية، وواصل يوجين دراسته في بريطانيا، وأصبح ملازمًا في الجيش البريطاني. بعد وفاة والده أصبح يوجين لويس نابليون رمزًا مهمًا لدى البونابرتيين الذي أيدوا عودته إلى السلطة.

في عام 1879 قتل عدد من الجنود البريطانيين في معركة إيساندهلوانا في جنوب أفريقيا على يد شعب الزولو، لذا قرر يوجين الانضمام إلى الجيش البريطاني لمساعدة القوات البريطانية في جنوب أفريقيا، حيث أراد رد الجميل للشعب البريطاني والملكة فيكتوريا، اللذين استضافاه وأفراد عائلته بعد النفي.

وبالفعل تم تعيينه في منصب مرموق وتميز بين زملائه بفضل مكانته كأمير فرنسي من عائلة بونابرت، وانطلق مع مجموعة من الجنود البريطانيين في مهمة استكشافية بالقرب من مواقع ملك شعب الزولو، سيتشوايو كامباندي.

وأثناء توقفهم قرب أحد الحصون، تعرضوا لهجوم مفاجئ من مقاتلي الزولو. قتل اثنان من الجنود البريطانيين، مما دفع الباقين إلى الانسحاب بسرعة، ومع نجاح الجنود الآخرين في الفرار على أحصنتهم، لم يتمكن يوجين من ذلك، حيث سقط عن حصانه وكُسرت يده اليمنى، مما جعله يواجه مقاتلي الزولو بمفرده.

حاول يوجين الدفاع عن نفسه، إلا أنه تلقى 17 طعنة قاتلة من رماحهم وعثر على جثته في اليوم التالي، ومات وهو في الـ23 من عمره، ليصبح أول بونابرت يُقتل في الحرب.

أُعيد جثمان يوجين لويس نابليون إلى بريطانيا ودُفن في منطقة فارنبورغ بجوار قبر جده، الإمبراطور السابق نابليون الثالث. بمقتله في جنوب إفريقيا، دخل الأمير الشاب التاريخ كأول فرد من عائلة بونابرت يُقتل في المعركة، مما أضاف صفحة مأساوية إلى سجل العائلة.