ميخائيل غورباتشوف واحد من أشهر الشخصيات في روسيا، الذي ساهمت جهوده خلال رئاسته الاتحاد السوفيتي السابق إلى سقوط الشيوعية وانهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991، بعد دعوات للديموقراطية واعتماد اللامركزية في اقتصاد البلاد.
كما كان له دور كبير في إنهاء الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي، وحصل على جائزة نوبل للسلام، وساهم في توحيد ألمانيا، مسيرته وأبرز المعلومات عن حياته في السطور التالية..
نشأة ميخائيل غورباتشوف وحياته
ولد ميخائيل سيرغيفيتش غورباتشوف، قرية بريفولنوي، ستافروبول كراي، يوم 2 مارس عام 1931، وكانت منطقة " بريفولنوي" مقسمة ما بين ذي الأصل الروسي، والأصل الأوكراني.
كانت عائلة والده من أصل روسي، أما عائلته لأمه فكانت من أصل أوكراني، تعرف والديه وتزوجوا في عام 1928، وكانوا فقراء، عاشوا في البداية في كوخ جده، حتى تمكنوا من أن يبينا كوخاً خاصاً بهم.
كان والده يرغب في أن يسميه "فيكتور" ولكن صممت والدته المسيحية الأرثوذكسية المتدينة على تعمديه وأطلقت عليه اسم "ميخائيل"، ارتبط منذ صغره بوالده سيرغي أندرييفيتش غورباتشوف، أما علاقته بوالدته فكانت تتصف بالبرود.
بعد ميلاده بعام، مرت البلاد بمجاعة كبيرة، في الفترة من 1932 حتى عام 1933، وتوفي ثلاثة من عائلة "غورباتشوف" 2 من أعمامه وعمته، وبدأت حملة اعتقالات في البلاد للمعترضين، وتم اعتقال جده لأمه في عام 1934، وجده لأبيه في عام 1937، وبعدما خرجوا استمع "غورباتشوف" لجده وهو يروي لوالده عن التعذيب الذي تعرض له فأثر ذلك كثير عليه.
في عام 1942 وأثناء اندلاع الحرب العالمية الثانية، احتلت القوات الألمانية مدينة بريفولنوى، وبقوا فيها مدة أربعة أشهر ونصف، بعد أن غزو الاتحاد السوفيتي في عام 1941.
انضم والده إلى صفوف الجنود في الجيش الأحمر، ونقل لهم معلومة بالخطأ عن وفاته بالمعركة، ولكنه عاد بعد فترة مصاب بعد اشتراكه في معركة كورسك الشهيرة، وانتهى الأمر بهزيمة الألمان، وفي عام 1947 أنجبت الأسرة المولود الثاني وهو ألكسندر، وكان الشقيق الوحيد لميخائيل ويصغره بـ 16 عاما.
كان المدارس مغلقة في روسيا في أغلب فترات الحرب، وعادت في عام 1944 لاستقبال الطلاب، وعاد "غورباتشوف" وبدأ التفوق في الدراسة، إلى جانب ذلك تعلق بالقراءة، فأخذ يقرأ مختلف الروايات الغربية، لمشاهير الكتاب مثل نيقولا غوغول، ألكسندر بوشكين، وميخائيل ليرمنتوف، وآخرين.
مسيرته السياسية
عام 1946 قرر غورباتشوف، وهو لا يزال في الخامسة عشر من عمره، الانضمام إلى منظمة الشباب السياسي السوفيتي "كومسومول"، وسريعا ما أصبح زعيما للمجموعة بين زملائه، وتم انتخابه عضوا في لجنة كومسومول للمنطقة.
التحق غورباتشوف بالمدرسة الثانوية في منطقة مولوتوفسكي، وكانت بعيدة مسافة كبيرة عن المنزل، وفي المدرسة زاد نشاطه الطلابي سواء في المسرح، أو الأنشطة الرياضية والاجتماعية.
وفي عام 1948 حصل على وسام الراية الحمراء للعمل بعدما ساعد والده في تشغيل ماكينة الحصاد واستطعوا الحصول على ما يزيد عن 8000 سنتال من الحبوب، وحصل والده على وسام لينين.
استطاع غورباتشوف أن ينهى المرحلة الثانوية برتبة شرف، وحصل على الميدالية الفضية، وتمكن من الالتحاق بجامعة موسكو، ودرس بها القانون، وأنهى دراسته الجامعية في عام 1950، ولم يكتف بذلك ففي عام 1967 استطاع الحصول على درجة الماجستير من معهد ستافروبول للزراعة بالمراسلة.
وداخل أروقة جامعة موسكو نشأت علاقة حب بين "غورباتشوف" وزميلته رايسا تيتارينكو، وتم الزواج في عام 1953، وفي عام 1957 رزق الزوجان بابنة أطلقوا عليها اسم إيرينا.
في عام 1952 حصل "غورباتشوف" على العضوية الكاملة للحزب الشيوعي، بعد سنوات من ممارسته العمل السياسي، فقد بدأ في المرحلة الثانوية، وكان شديد الإخلاص في العمل، وهو ما جعله يترقى سريعا، فأصبح سكرتير الحزب الأول في إقليم ستارفوبول، وفي عام 1970 كان أصغر رؤساء حكومات الأقاليم في البلاد.
في تلك الفترة عمل "غورباتشوف" على تحسين مستوى المعيشة للعمال، وقدم لهم المساعدات من أجل إعادة تنظيم المزارع الجماعية، وفي عام 1978 استطاع أن يحصل على منصب أمين الزراعة في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي.
وفي عام 1979 أصبح عضوا في المكتب السياسي، وفي عام 1980 حصل على العضوية الكاملة في الحزب، وأصبح أكثر الأعضاء نشاطا، وفي عام 1985 تم انتخابه أمين عام في المكتب السياسي للحزب الشيوعي.
كان غورباتشوف كثير السفر خارج البلاد، وهو ما أدى لتطوير أفكاره السياسية، فعمل على إعادة الهيكلة، وكان يسعى لنشر الديموقراطية، وإدخال العديد من التطورات التقنية لزيادة الإنتاج مع تقليل الهدر.
ميخائيل غورباتشوف رئيسا للاتحاد السوفيتي
في عام 1985 انتخب غورباتشوف رئيسا للحزب الشيوعي السوفيتي، وفي عام 1988 تم انتخابه رئيسا للدولة في الاتحاد السوفيتي السابق، وبقي في المنصب حتى عام 1991.
وبدأ في بناء علاقات مع رونالد ريغان الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت، وكان يسعى لتطوير العلاقات السوفيتية مع العالم الغربي، وبسبب علاقته مع "ريغان" استطاع أن ينهي الحرب الباردة بين الدولتين، بعد نجاحه في توقيع معاهدة تدمير الدولتين للمخزون الحالي من القذائف النووية ذات المدى المتوسط .
في عام 1989 حصل على ميدالية أوتوهان للسلام. وفي عام 1990 حصل على جائزة "نوبل" للسلام، وفي عام 1992 حصل على جائزة هارفي، وكرمته العديد من الجامعات حول العالم بمنحه الدكتوراه الفخرية. وفي أثناء فترة توليه رئاسة الدولة، ألغى ميخائيل غورباتشوف دور الحزب الشيوعي الدستوري في تنظيم الدولة.
وبعد تسع سنوات من احتلال القوات السوفيتية لأفغانستان، أشرف غورباتشوف على انسحابها من البلاد، وحاول تحرير الحكومة من قبضة الحزب الشيوعي، فأنشاء برلمان ينوب عن الشعب عن طريق الانتخاب، وهو ما أوجب على أعضاء الحزب الشيوعي الدخول في انتخابات مع مرشحين آخرين.
كما ساهم في خلال فترة حكمه في إعادة توحيد ألمانيا، وتشجيع سقوط جدار برلين، وكان له بصمات واضحة في القضايا الداخلية وطبق العديد من الإصلاحات التي عادت بالنفع على المواطنين داخل الاتحاد السوفيتي.
في عام 1991 حاول بعض المحافظين الشيوعين الانقلاب الاستيلاء على السلطة، وتدخل بوريس يلتسين واستطاع أن يفشل الانقلاب، والتفت حوله الجماهير واعتبروه بطلا، لقرر ميخائيل غورباتشوف في أواخر عام 1991 ترك منصب رئيس الاتحاد السوفيتي ويتولى مكان البطل الجديد بوريس يلتسن.
وبعيدا عن العمل السياسي، فإن غورباتشوف بدأ بالمشاركة بعد العديد من الحملات الإعلانية، وشارك في مجموعة من الأفلام الوثائقية، وسجل ألبومات غنائية، وفي عام 2004 حصل على جائزة الغرامي Grammy Award.
