مطلب بن عبدالله النفيسة.. سيرة ومسيرة وزير الدولة السعودي

يعد مطلب بن عبدالله النفيسة واحد من أبرز الشخصيات في المشهد السياسي في المملكة العربية السعودية، فقد شغل منصب وزير الدولة، وشكل خلال مسيرته المهنية رسم السياسيات الحكومية، وساهم في اتخاذ العديد من القرارات الاستراتيجية في المملكة، واستطاع أن يكن جزءًا من عملية التطوير والإصلاح في بلاده، وبعد وفاته، نسلط الضوء على سيرته ومسيرته المهنية وأهم إنجازاته.

من هو مطلب بن عبدالله النفيسة؟

مطلب بن عبدالله بن مطلب بن محمد النفيسة، هو سياسي سعودي سابق، شغل منصب وزير الدولة في المملكة العربية السعودية، ولد في عام 1937 في رياض الخبراء في القصيم.

بدأ مطلب النفيسة مسيرته المهنية بالعمل في المجال الحكومي، واكتسب العديد من الخبرات في صنع القرار، ثم تولى منصب وزير الدولة، وهو ما جعله جزءًا من منظومة الحكم في المملكة، وساهم في تقديم المشورة بشأن سياسات الدولة والإصلاحات الحكومية.

تميز مطلب بدوره بالمشاركة في الملفات الاستراتيجية ومناقشة القرارات الهامة التي تتعلق بشؤون المملكة الداخلية والخارجية، كما كان له حضور بارز في اللجان الحكومية ومجالس الدولة.

استمرت مسيرة النفيسة لأكثر من 6 عقود في العمل الحكومي، برز فيها كقيمة وقامة فكرية وتنفيذية وإنسانية كذلك، وترك بصمة راسخة وإرثًا لا يُنسى في تاريخ المملكة.

نشأته وتعليمه

ولد مطلب بن عبدالله النفيسة في محافظة رياض الخبراء في منطقة القصيم وسط السعودية، وقد درس حتى المرحلة الثانوية في المملكة العربية السعودية.

انتقل النفيسة إلى القاهرة، وحصل على شهادة البكالوريوس في القانون من جامعة القاهرة في مصر عام 1962. لم يكتف النفيسة بشهادته، وقرر مواصلة دراسته العليا، ولكن هذه المرة من الولايات المتحدة الأمريكية.

كان النفيسة من بين الطلاب الذين ابتعثوا للدراسات العليا في الولايات المتحدة، حيث حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في القانون في جامعة هارفارد في ولاية ماساتشوستس الأمريكية، وذلك في الفترة من 1971 و1975.

مسيرته المهنية

بدأ معالي مطلب بن عبدالله النفيسة –رحمه الله- مسيرته المهنية منذ الستينات، فبعد إنهاء دراسته في القاهرة، عاد إلى بلده، وبدأ مسيرته المهنية في العمل الحكومي.

كان أول منصب يشغله النفيسة تعيينه مستشارًا قانونيًا في مجلس الوزراء، وبعدها أصبح نائبًا للمدير العام في معهد الإدارة العامة، وخلال تلك الفترة، بدأ في مزاولة مهنة المحاماة في مكتبه الخاص.

سافر النفيسة بعدها إلى الولايات المتحدة لدراسة الدكتوراه والماجستير، وبعد عودته عام 1975 تم تعيينه رئيسًا لشعبة الخبراء في المجلس، وهو المجلس الذي يعرف حاليًا باسم هيئة الخبراء بمجلس الوزراء، وقد ظل يشغل هذا المنصب حتى عام 1995.

تعيينه وزيرًا للدولة

كان المنصب الأهم الذي شغله مطلب بن عبدالله النفيسة خلال مسيرته المهنية تعيينه وزيرًا للدولة وعضوًا في مجلس الوزراء، وهو المنصب الذي شارك في تشكيل سياسات الدولة، واتخاذ العديد من القرارات المصيرية.

لم يكن النفيسة مجرد مسؤول يتقلد منصبًا مهمًا في الدولة، بل كان صوتًا للعقل القانوني المتزن، واتصف بالحكمة وخاصة في المواقف التي تتداخل فيها المصالح، وتتشابك فيها الرؤى.

أصبح اسم النفيسة مرتبطًا بالعمل القانوني والتنظيمي للدولة، وتولى ملفات ذات طبيعة قانونية، وأبرزها قضايا الحدود مع الدول المجاورة. ولم يقتصر دوره فقط على صناعة القرار، بل امتد إلى مراجعة إعداد أهم الأنظمة التي شكلت البنية القانونية للمملكة، ومنها النظام الأساسي للحكم، ونظام مجلس الوزراء، ومجلس الشورى، ونظام المناطق، فضلًا عن الأنظمة القضائية والتجارية والمالية في الدولة.

كان النفيسة كذلك الجهة المختصة بدراسة الأنظمة وصياغتها قبل عرضها على مجلس الشورى، كما كان مسؤولًا عن مراجعة ما يصدر من المجلس، وهو ما جعله منصة رئيسي لتنسيق العمل القانوني بين مختلف الجهات الحكومية.

ظل النفيسة على مدار عقود شخصية محورية في صناعة القرار في المملكة، ليس فقط من موقعه التنفيذي، بل بقيمته الفكرية والإنسانية التي جعلته أحد أعمدة الدولة.

مناصب أخرى شغلها

وخلال شغله منصب وزير الدولة، شغل مطلب عبدالله النفيسة عضويًا عدد من مجالس الدولة، ومنها المجلس الاقتصادي الأعلى، ومجلس الخدمة المدنية والعسكرية. كان النفيسة كذلك عضوًا للجنتين الوزاريتين لنظام الضمان الصحي التعاوني وللتنظيم الإداري، كما كان عضوًا في اللجان العليا لإعداد النظام الأساسي للحكم، فضلًا عن نظامي المناطق ومجلس الشورى.

تم تعيين النفيسة كذلك عضوًا في المجلس الأعلى لشؤون البترول والمعادن، وذلك في الفترة من 1999 إلى عام 2015. وفي عام 2022، صدر أمر ملكي بإعادة تعيين النفيسة وزير دولة وعضوًا في مجلس الوزراء مرة أخرى.

مسيرته الأكاديمية

وإلى جانب مسؤولياته وعضويته في عشرات اللجان والمجالس الحكومية، كان للنفيسة دور مهم في البيئة الأكاديمية، حيث مارس التدريس في معهد الإدارة العامة، وفي قسم القانون في جامعة الملك سعود.

أثرى النفيسة المكتبة القانونية بعشرات المؤلفات التوثيقية والتعليمية، والتي أصبحت مرجعًا رئيسًا في مجال القانون والإدارة العامة. كان للنفيسة أيضًا دور بارز في تأهيل الكوادر القانونية في المملكة، وتبنى نهجًا صارمًا في تطوير مستشاري هيئة الخبراء من خلال تنظيم لقاء يومي لمناقشة القضايا المطروحة، وإشراكهم في الحوارات القانونية.

كان النفيسة حريصًا على إيفاد الطلاب إلى جامعات مرموقة في كندا والولايات المتحدة وأوروبا للحصول على درجة الماجستير والدكتوراه.

وفاة مطلب بن عبدالله النفيسة

رحل مطلب بن عبدالله النفيسة في 28 مارس عام 2025 عن عمر 88 عامًا بعد مسيرة مهنية طويلة في العمل الحكومي استمرت لأكثر من 6 عقود تاركًا خلفه بصمة لا تمحى وسيرة ناصعة تروي وإرثًا يستشهد به عند الحديث عن رجال الدولة الذين حملوا على عاتقهم مسؤولية بناء الدولة بكل أمانة وحكمة.

وبعد وفاته، نعاه الديوان الملكية السعودي، وأصدر بيانًا جاء فيه بأن النفيسة كان من بين رجالات الدولة الذين خدموا دينهم وملكهم وبلادهم بكل تفان وإخلاص. وقد أعلن الديوان عن موعد الصلاة على الفقيد، حيث ستكون في جامعة الملك خالد بمدينة الرياض بعد عصر الجمعة.