مطر بن لاحج.. الفنان مبدع واجهة متحف المستقبل في الإمارات

مطر بن لاحج واحد من أبرز الفنانين في الخليج في فن النحت والرسم الذي برع في وقت لم يكن للفن الذي وجد شغفه فيه جمهورًا كبيرًا في المنطقة الخليجية، ليصل الآن ليصبح من الفنانين الذين شاركوا في إنجاز أجمل مبنى على وجه الأرض وهو متحف المستقبل في الإمارات، في السطور التالية تعرف على مسيرته الفنية وحياته.

حياة مطر بن لاحج ونشأته

مطر بن لاحج هو رسام ومصور ونحات إماراتي ولد في دبي عام 1968 أسس مرسم مطر وهو أول معرض فني في الإمارات العربية المتحدة يديره فنان إماراتي.

اكتشف مطر موهبته الفنية منذ الصغر، وهي موهبة نماها بمرور الوقت، وقد قال إن المنظومة التعليمية التي كان بها لم تكن تشجعه إطلاقًا على اكتشاف موهبته وتنميتها وتطويرها.

تحدث مطر إنه نشأ في فترة السبعينيات والثمانينات حيث تغير كل شيء، وكانت بداية إنشاء دولة الإمارات العربية المتحدة، ولهذا السبب لم يكن من السهل بالنسبة له أن يسلك مجال الفن في هذه الفترة.

منذ صغره كان مطر ناقدًا لأسلوب التعليم، حيث لم يحب أن يكون التعليم هو مجرد إعطاء مادة، بل يجب أن يكون المعلم قادراً على اكتشاف الموهبة للطالب ومساعدته على اكتشافها، ولا يتعلق الأمر بالفن فقط، بل بالمواد الأخرى كاللغات والرياضيات والأحياء وغيرها.

علاقته بوالديه

تحدث مطر بن لاحج عن والده، حيث قال والده هو من اكتشفه وساعده في مسيرته، كما قال إنه عمل مع والده لفترة طويل، كما قال إنه كان له دور كبير في رحلته ليصبح فناناً.

أما والدته فقد كان لها دور عظيم في حياته، حيث قال إنها من تنبأت له بمستقبل واعد، وكان هذا له تأثير كبير في تكوين الشخصية الفنية داخله، كما قال إنه عندما مرضت أخرجت الروح الفنية بداخلها وبدأت الرسم.

رغم أنها فقدت النطق لمدة 14 عامًا ولكنها اكتشفت موهبتها الفنية، فتمكنت من التواصل مع العالم من جديد من خلال الرسم.

وعن وفاة والدته قال إنه علم خبر وفاتها عندما كان في برلين، وقرر من هذه الفترة ألا يحزن عليها، فروحه بداخلها، وهو تعايش مع هذا الأمر، حيث يقول "أنا أتعايش مع وجود الوالدة، فروحها بداخلي".

حياته كأب وزوج

الفنان مطر بن لاحج متزوج ولديه 7 أبناء، ومنهم بنت واحدة هي الأكبر، وقد قال إنها من تحمل مهنته وتساعده. وعن سؤاله عن الأبوة قال إنه ليس كل من ينجب أطفالاً يصبح أبًا، فالأب هو من يبني شخصية الأبناء. وعن عمله كفنان قال مطر إنه أثر بشكل كبير على دوره كأب وزوج، فعمله يبعده بعض الشيء عنهم.

بدايات مشواره الفني

تحدث الفنان مطر بن لاحج عن بدايات مشواره الفني، حيث قال إنه بدأ الرسم على الرمال حيث كانت لوحاته في فترة السبعينات مساحات الرمال في باحة منزلهم بعد ترطيبها، وكان معلمه الأول هو الخادم الذي كان يمهد له الأرض ليرسم بالعصا.

كانت هذه المرحلة مرحلة تسلية فقط، وبعدها انتقل من الرسام بالرمل إلى الرسم على أي سطح، مثل جدران المنزل وأوراق أكياس الأسمنت، واستبدل العصا بفحم الخشب الذي كان يحصل عليه من الموقد.

في مرحلة الروضة اكتشفت معلمته، واسمها زينب، قدرته على الرسم وحاولت تشجيعه برفعه على الطاولة ليصفق له الأطفال، ومن هذه المرحلة استبدل الفحم بالقلم والطباشير، والأكياس الورقية إلى الدفاتر والكتب.

في المرحلة الإعدادي عانى مطر بتجربة سيئة، وذلك عندما وبخ إحدى رسوماته إلى معلمه الذي وبخه واتهمه بأنه ادعى أنه رسم هذه الرسمة، وحينما طلب منه المعلم رسمها على السبورة زاد من توبيخه، وكان ذلك كفيلًا أن يترك الرسم، ولكنه كان أكثر إصرارًا وعنادًا.

في المرحلة الثانوية بدأ مطر الاطلاع على المجلات الأجنبية ومراسلتها للحصول على أدوات الرسم، وحينها شرع في تجربة أنواع الألوان وتجربة رسومات مختلفة.

في هذه المرحلة اكتشف مطر اهتمامه بالتصوير الفوتوغرافي، وكانت مشاركاته الفنية تنحصر على ما يطلبه المدرسون منه، أما مدرسته الفنية التالية فكانت المحيط الخارجي به... البيئة.

ومن البيئة تعلم مطر الانطباعية، حيث كان يرسم أحداث القصص التي يحكيها والده، ثم تعلم الرمزية، وتعرف بعدها على تقنيات الألوان.

افتتاح مرسمه

افتتح مطر بن لاحج مرسمه الأول عام 2003 مع شقيقه يوسف بعد عودته من الولايات المتحدة، وقد واجه عدة صعوبات في محاولة منه لاختراق البيئة المحلية وإقناع الأهلي بأهمية مشاركة الأطفال في الدورات الفنية.

في عام 2007 اضطر مطر متابعة الرسم بمفرده، وبذل المزيد من الجهود بجانب مسؤولياته الأسرية والعمل من جهة أخرى، وتوقف عن العديد من الأنشطة لأسباب مادية.

آمن مطر بضرورة اكتشف الفنانون الشباب، حيث يقول إن الإعلام يسلط الضوء على بعض الشباب الذين لهم تجارب محدودة لمجرد أنهم إماراتيون، وهو ما يشعرهم بأنهم وصلوا إلى القمة، وهم لا يزالون في المهد.

قدم مطر العديد من الدورات في المرسم، وتعرف من خلاله على العديد من المواهب منهم أحمد الشحي، ومسفر النهدي، وراوية الملك، وفريد الريس.

المعارض الفردية والجماعية

قدم الفنان مطر بن لاحج العديد من المعارض الفردية، ومنها معرض "مؤشر" عام 2011 في الإمارات، ومعرض "إسطنبول المعاصرة" عام 2010، ومعرض "أبو ظبي بالألوان" عام 2008، ومعرض "حركة السكون" عام 2009.

قدم كذلك العديد من المعارض الجماعية، منها معرض "بينالي الشارقة" عام 1996، ومعرض "التعبيرات الإماراتية" عام 2009، ومعرض "الانطباع الأول" في الهند عام 2012، ومعرض "سكة الفني" في دبي عام 2015.

متحف المستقبل

شارك الفنان مطر بن لاحج في تصميم أجمل مبنى على وجه الأرض وهو متحف المستقبل، الذي شكل منعطفًا جديدًا في مسيرته الفنية، ووضع بصامته الاستثنائية في تطويع الخط العربي لترجمة أقوال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.

صمم الفنان مطر السطح الخارجي للمبنى المنقوش بخط الثلث العربي، واستخدم الفنان مطر مقولات صاحب السمو محمد بن راشد، صاحب فكرة بناء المتحف، إلى جانب عبارات عربية أخرى وصممها بخط الثلث وحروفه.

عمل الفنان مطر على هذا التصميم لأكثر من 4 أشهر واستخدم الغلاف الأساسي من الستانلس ستيل والخط بالزجاج، وهو المدخل الأكبر في احتوائه على الخط العربي، وقد لعبت التكنولوجيا دورًا في طريقة وضع الخط على المبنى.