يعتبر الدكتور مصطفى زيور من أبرز رواد مجال علم النفس التحليلي في مصر والوطن العربي، وقد امتلك رؤية عميقة تمكن من خلالها من أن يصبح أحد الأسماء البارزة في مجال علم النفس، وتعلم على يده العديد من أهم علماء النفس في الوطن العربي، في السطور التالية نلقي الضوء على مسيرته المهنية والأكاديمية.
من هو مصطفى زيور؟
هو عالم نفس مصري، ولد في عام 1907 في محافظة القاهرة، وشغل منصب أستاذ علم النفس في جامعة عين شمس، ورئيس قسم الدراسات النفسية والاجتماعية بجامعة عين شمس، وهو أحد مؤسسين هذا القسم، الذي تولى إدارته حتى بلوغه سن المعاش.
بدأ زيور مسيرته الأكاديمية في مجال علم النفس خلال فترة الدراسة الجامعية، وقد أبدى اهتمامًا كبيرًا بفهم السلوك البشري والدوافع النفسية، وتمكن من اكتساب معرفة واسعة في هذا المجال من خلال المؤسسات العلمية المرموقة التي درس فيها.
لم يكن زيور عالم نفس فحسب، بل كان أكاديميًا ومعلمًا متميزًا، فقد تخرج على يده العديد من الدفعات المتميزة، كما قدم محاضرات وندوات حول العالم، وساهم في تطوير مناهج علم النفس في الجامعات المصرية، كما كان له دور بارز في إنشاء قسم علم النفس في جامعة القاهرة.
ترجم زيور العديد من المؤلفات في مجال علم النفس إلى اللغة العربية، وجعلها متاحة لطلاب العلم في هذا التخصص، وقد حظي بتقدير واسع في المجتمع العلمي المحلي والدولي، وحصل على العديد من التكريمات والجوائز.
ترك الدكتور مصطفى زيور إرثًا كبيرًا في عالم علم النفس العربي، وقد كان له دور هام في تقديم الفكر النفسي الحديث للمجتمعات العربية، وساهم في تكوين جيل من علماء النفس المميزين.
دراسته
التحق الدكتور مصطفى زيور بكلية الآداب، ودرس الفلسفة في الجامعة المصرية (جامعة القاهرة حاليًا)، وتخرج فيها عام 1929، وكانت أول دفعة تتخرج من الجامعة.
سافر زيور بعدها إلى فرنسا لإكمال دراسته، وحصل على شهادة الفلسفة العامة والمنطق عام 1930، وشهاد في العلوم الطبية والكيمياء البيولوجية في عام 1938. في عام 1939، حصل على دبلوم الدراسات العليا في علم النفس التجريبي.
درس زيور بعدها في معهد التحليل النفسي في فرنسا لمدة 4 سنوات، وحصل على دبلوم التحليل النفسي، ثم حصل على زمالة الاتحاد الدولي للتحليل النفسي، ليصبح بعدها أول محلل نفسي مصري يحصل على تلك الزمالة. في عام 1941، حصل على درجة الدكتوراه في الطب من جامعة ليون.
مسيرته الأكاديمية
عاد الدكتور مصطفى زيور إلى مصر، وعمل في التدريس في العديد من الجامعات المصرية منذ الأربعينيات في القرن الماضي، وقد درس في أكبر 3 جامعات في مصر، وهم جامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حاليًا)، وجامعة فاروق الأول (جامعة الإسكندرية حاليًا)، وجامعة إبراهيم (جامعة عين شمس حاليًا).
درّس زيور في تلكا لجامعات مواد علم النفس العالم، وعلم النفس التحليلي، الطب النفسي، وعلم نفس الطفل، وعلم النفس المرضي في كليات الآداب والتربية.
مؤسس أول قسم لعلم النفس في جامعة عين شمس
في عام 1952، اختار الأديب طه حسين، الذي كان يشغل منصب وزير المعارف حينها، الدكتور مصطفى زيور لتأسيس أول قسم لعلم النفس في كلية الآداب في جامعة عين شمس.
أنشأ زيور القسم، ووضع أقسامه وبرامجه، كما اختار المواد العلمية في الكلية، وقد كان للدكتور مصطفى دور بارز في التركيز على أهمية علم النفس واعتباره علمًا مستقلًا، في وقت كان فيه علم النفس جزءًا من الدراسات الفلسفية، ولم يكن يتم النظر إليه كعلم وقسم مستقل بذاته.
كان مصطفى زيور أول من أدرك القيمة العلمية لعلم النفس في مصر، وقد أسس القسم ليخرج منه علماء نفس محترفين. ضم القسم العديد من البرامج، منها مداخل العلوم والفلسفة، وفروع علم النفس التجريبي، والقياس النفسي، كما ضم إليه دراسات مهمة لا غنى عنها في علم النفس، منها الإحصاء، وعلوم المجتمع البشري. وضع أيضًا منهجًا للتحليل النفسي.
اختار زيور في القسم نخبة من علماء النفس التجريبيين في مصر، منهم عماد الدين إسماعيل، والسيد محمد خيري، ولويس كامل مليكة، وعطية هنا، وعبد المنعم المليجي، ومصطفى صفوان. وكان نتيجة هذه الجهود أن تخرج على يديه أول رعيل من علماء النفس المحترفين في مصر.
اهتم زيور كذلك بقسم الدراسات العليا في الكلية، حيث أصر بأن يكون القسم ذو صبغة تجريبية، وكان هذا الإصرار سببًا في تخرج نخبة منا لعلماء الذين اكتسبوا نضجًا وخبرة تجريبية مهمة، أثرت على مسيرتهم المهنية فيما بعد. وخلال مسيرته، أشرف د. مصطفى زيور على عشرات رسائل الماجستير والدكتوراه.
إصدار مجلة علم النفس
ساهم الدكتور مصطفى زيور، بالتعاون مع أستاذ علم النفس المصري يوسف مراد، الذي يعد من أبرز علماء النفس العرب، والذي كان يشغل آنذاك أستاذ علم النفس في كلية الآداب بجامعة فؤاد الأول، ساهما معًا في إصدار مجلة "علم النفس" والتي كانت تصدر 3 مرات في السنة منذ عام 1945 وحتى عام 1953.
كانت المجلة بمثابة مكتبة علمية طبية، نشرت فيها العديد من المقالات والأبحاث والدراسات الطبية في مجال علم النفس، وقد ذاع صت هذه المجلة، وأقبل العديد من العلماء من حول العالم في النشر فيها، منها السير بيرت بولو فريس، وجون آدم، وشارلز فالنتين وهنري فالون وغرهم.
وصلت شهرة وأهمية هذه المجلة أن مجلة الملخصات السيكولوجية التي كانت تصدرها جمعية علم النفس الأمريكية، تتولى مهمة نشر الملخصات التي كانت تصدر من مجلة علم النفس المصرية في ذلك الوقت.
مؤلفاته
أشرف الدكتور مصطفى زيور على ترجمة ونشر أمهات كتب التحليل النفسي إلى اللغة العربية، وقد ساهم في إصدار سلسلة من المؤلفات الأساسية في التحليل النفسي، ومن ضمن ترجماته "حياتي والتحليل النفسي" لسيجموند فرويد، وكتاب "المجمل في التحليل النفسي" للباحث الفرنسي دانييل لاجاش.
بالإضافة إلى ذلك، نشر سلسلة من المقالات في مجالات علم النفس، كما أنه شارك في كتابة مصطلحات التحليل النفسي في معجم العلوم الاجتماعية.