يعد رجل الأعمال الكويتي الراحل محمد عبدالمحسن الخرافي من أبرز رجال الأعمال الكويتيين الذين تركوا بصمة هامة في الاقتصاد الكويتي من خلال قيادته لمجموعة الخرافي، والتي تعد واحدة من أكبر الشركات العائلية في الخليج، واستطاع تحويل الشركة إلى إمبراطورية اقتصادية تعمل في قطاعات مختلفة، وبجانب أعماله التجارية الرائدة، عُرف بإحسانه وأعماله الخيرية، في السطور التالية نسلط الضوء على مسيرته وقصة حياته.
من هو محمد عبدالمحسن الخرافي؟
محمد عبد المحسن الناصر الخرافي، هو رجل أعمال كويتي، ولد في عام 1919، وهو مؤسس مجموعة الخرافي، التي تعد من أشهر الشركات العائلية في الخليج والشرق الأوسط.
بدأ الخرافي مسيرته في عالم الأعمال منذ بداية الثلاثينات، حيث عمل في التجارة لسنوات، وتنقل بين عدة بلدان من أجل التجارة، وفي الخمسينات، عاد إلى الكويت بعد انتعاش الاقتصاد الكويتي بسبب النفط، واستقر فيها وأسس مجموعته العائلية عام 1956.
نجحت مجموعة الخرافي تحت قيادته للتوسع في العديد من المجالات، مثل البنية التحتية، والتمويل، والزراعة، وقطاع السياحة والفنادق، وقد امتلك رؤية مستقبلية ساعدت على توسيع أعمال المجموعة، التي حققت نجاحًا كبيرًا في الأسواق الإقليمية والدولية.
دخل الخرافي مجال السياسة كذلك، كما أنه يعرف بأعماله الخيرية الرائدة، فاشتهر بعمارة المساجد، ورعاية الأيتام، والاهتمام بالتعليم من خلال إنشاء المدارس والمعاهد داخل وخارج الكويت، كما كان ينظم رحلات للحج والعمرة للفقراء، وأسس جمعيات ومشروعات لرعاية المعوقين، وغيرها من الأعمال الخيرية.
عُرف عن محمد عبدالمحسن الخرافي كذلك بدعمه للقضايا العربية والإسلامية، وتبرع بالكثير من الأموال لدعم تلك القضايا، وقد حصل على جوائز وتكريمات من عدة دول عربية.
نشأته وتعليمه
ولد رجل الأعمال الكويتي محمد عبدالمحسن الخرافي في منطقة القبلة في العاصمة الكويت، وقد التحق بالكتاب في سن السادسة من عمره، حيث تعلم القراءة والكتابة والحساب، وحفظ القرآن الكريم.
التحق الخرافي فيما بعد بمدرسة الملا محمد صالح العجيري، وفيها تعلم التجويد، وأتقن القراءة والكتابة، وخلال العطلات الصيفية، كان يسافر مع والده في رحلاته التجارية في كراتشي، وهناك تعلم اللغة الإنجليزية، وغيرها من المهارات، وخاصة في التجارة.
في نهاية العشرينات، التحق الخرافي بالمدرسة الأحمدية، وتلقى فيها تعليمًا نظاميًا، واستمر في المدرسة لمدة 4 سنوات حتى عام 1932، وهو العالم الذي بدأ فيه تعلم الأعمال التجارية تحت إشراف من والده.
بداية مسيرته التجارية
في بداية الثلاثينات، حسه والده إلى السفر لعدن باليمن في رحلة تجارية، حتى يتعلم محمد عبدالمحسن الخرافي أصول التجارة، وفي عدن التحق بمدرسة بازرعة لصاحبها التاجر اليمني الشهير المعروف باسم "بازرعة"، وفي المدرسة تعلم أساسيات التجارة، كما واصل دراسة اللغة الإنجليزية.
خلال فترة إقامته في عدن، كان الخرافي يتردد بكثرة على النادي العربي، وهو النادي الذي أتاح له فرصة الاختلاط بالعرب من دول مختلفة. التحق بعدها بمدرسة الدولة، وهي مدرسة إنجليزية هدفها تعليم أبناء القبائل وفقًا للنظام الإنجليزي، حيث كانت اليمن ذلك الوقت مستعمرة بريطانية.
بعد 4 سنوات من التجارة والدراسة في عدن، قرر والده أن يعيده إلى الكويت مرة أخرى عام 1936، وهذه المرة أنابه للقيام بأعماله التجارية بين البصرة والهند، ثم سافر إلى كراتشي في الهند، واتسعت أعماله التجارية هناك، واستقر في كراتشي لمدة 6 أشهر تقريبًا.
عاد محمد بعدها إلى الهند، واستمرت رحلاته بين الهند والكويت لمتابعة تجارة العائلة، وفي أوائل الأربعينات استقر في الهند بعد زواجه، واصطحب زوجته وابنيه ناصر وجاسم، وأدخلهما إحدى المدارس في مومباي.
في أوائل الخمسينات، قرر محمد عبدالمحسن الخرافي العودة إلى الكويت بعد تحسن اقتصاد الكويت بسبب النفط، وتقسيم الهند إلى دولتين، وهو الأمر الذي أثر على تجارته فيها، لذا قرر أن يهتم بتجارته داخل بلاده.
تأسيس شركة محمد عبدالمحسن الخرافي
في عام 1956، أسس رجل الأعمال الكويتي محمد عبدالمحسن الخرافي شركة الخرافي، والتي تأسست في البداية كشركة مقاولات، إلا أنها سرعان ما تنوعت في أنشطتها التجارية لتشمل مجموعة واسعة من القطاعات، مثل الصناعات الغذائية، والزراعة، والصناعة، والترفيه، والضيافة. توسعت أنشطة الشركة كذلك لتشمل مجموعة من الدول، منها مصر، وسوريا، ولبنان، وإثيوبيا، وألبانيا.
في عام 1999، تأسست شركة "الخرافي الوطنية" والتي كانت جزءًا من استراتيجية الشركة الأساسية للتوسع الإقليمي، وأصبحت الشركة فيما بعد لاعبًا أساسيًا في سوق التوريد والإنشاء والبناء والمقاولات والتوريد في مصر.
شغل محمد عبدالمحسن الخرافي منصب رئيس الشركة لسنوات، ثم تناوب على إدارة الشركة فيما بعد أبناءه، منهم ابنه الراحل ناصر الخرافي، الذي تولى المنصب حتى عام 2011، ثم ابنه جاسم، والذي شغل المنصب حتى وفاته عام 2015، وبعدها ابنه فوزي الخرافي قبل وفاته عام 2021.
محمد عبدالمحسن الخرافي وأولاده
تزوج رجل الأعمال الكويتي محمد عبدالمحسن الخرافي من ابنة التاجر جاسم محمد بودي عام 1938، وقد رزق منها بثلاثة أبناء، وهم جاسم وناصر وفوزي.
ولد ابنه جاسم في عام 1942، وتوفي عام 2015، وقد تولى رئاسة مجموعة العائلة حتى وفاته، كما شغل منصب وزير المالية والاقتصاد في الكويت في الفترة من عام 1985 حتى عام 1990.
ابنه الثاني ناصر الخرافي، ولد في عام 1944، وتوفي في عام 2011، وقد شغل منصب رئيس مجموعة الخرافي أيضًا، كما شغل عددًا من المناصب الإدارية خلال مسيرته.
ابنه الثالث فوزي الخرافي، الذي ولد عام 1945، وتوفي في عام 2021، وقد شغل منصب الرئيس التنفيذي لمجموعة الخرافي.
بجانب إدارة مجموعته التجارية، تولى الخرافي عدد من المناصب الإدارة في شركات ومؤسسات في الكويت، ومنها توليه منصب رئيس مجلس إدارة البنك الوطني الكويتي، ولجنة تنمية الصناعة في وزارة التجارة.
تولى كذلك منصب النائب الأول لرئيس غرفة تجارة وصناعة الكويت، كما أنه كان عضوًا في عدة مجالس، مثل الغرفة الخليجية للتجارة والصناعة، ومجلس المعارف، ومجلس إدارة شركة ناقلات النفط الكويتية. ساهم الخرافي كذلك في تأسيس الخطوط الجوية الكويتية.
مسيرته السياسية
اهتم محمد عبدالمحسن الخرافي بهموم بلاده، لذا دخل مجال السياسة في بداية الستينات، فقد شارك في انتخابات مجلس الأمة الكويتي عام 1963 في الدائرة الثانية، إلا أنه خسر الانتخابات.
ترشح للمرة الثانية في انتخابات مجلس الأمة الكويتي عام 1967، وفاز بالانتخابات، إلا أنه لم يشارك في جلسات المجلس بسبب اعتراضه على ما أسماه حينها "تزوير الانتخابات"، لذا اعتبره المجلس مستقيلًا من منصبه.
عرف عن الخرافي كذلك دعمه للقضايا العربية والإسلامية، فقد أسس اللجنة الشعبية الكويتية لدعم التبرعات لدعم القضايا العربي والإسلامية، وكانت اللجنة من أوائل من تبرعت لمصر خلال العدوان الثلاثي، وقد نال وسام الاستحقاق من مصر بسبب ذلك. دعم الخرافي كذلك ثورة التحرير في الجزائر من خلال اللجنة.
أعماله الخيرية الرائدة
اهتم محمد عبد المحسن الخرافي بأعماله التجارية، ولكنه لم ينس أبدًا الاهتمام بالجانب الخيري والإنساني، وعرفه بكرمه واهتمامه بالفقراء والمحتاجين، فقد كان يفتح بابه لكل محتاج، ولا يرد سائلًا أبدًا.
بنى الخرافي عشرات المساجد والمدارس والمراكز التعليمية في الكويت، حيث أدرك أهمية التعليم في رفعة وبناء الوطن والأمة، كما أنه أسس مسجدًا باسم والده، ومسجدًا آخر باسم والدته. أما خارج الكويت، فقد شيد 13 مسجدًا، في أفريقيا وآسيا وأوروبا كذلك.
قدم الخرافي خلال حياته الدعم المالي للأيتام، فأسس العديد من دور الأيتام في عدة دول أفريقية وآسيوية، كما أنه بنى المراكز الإسلامية كذلك، التي ضمت منشآت حيوية، مثل فصول الدراسة، وقاعة المحاضرات، وغرف التدريب المهنية.
حرص الخرافي على العلم، واهتم بشكل خاص بعلم الحاسوب، الذي كان يؤمن بأنه مستقبل التجارة، لذا أسس العديد من المراكز والمعاهد التي تختص بتدريس علوم الحاسوب. حرص كذلك على تنظيم رحلات الحج والعمرة للفقراء والمحتاجين.
اهتم الخرافي بخدمة كتاب الله، فأسس مسابقة محمد عبدالمحسن الخرافي، وهي مسابقة سنوية لحفظ القرآن الكريم على مستوى الكويت، والتي لا يزال يتنافس فيها حفاظ كتاب الله حتى الآن سنويًا.