محمد رحيم.. بليغ حمدي الجيل الذي عانى من التهميش

يعد الملحن المصري الراحل محمد رحيم أحد أعلام التلحين في العالم العربي، واسمًا بارزًا في تطوير الموسيقى المصرية الحديثة، فقد تميز بأسلوب فريد ولمسات موسيقية مبدعة، وخلق تناغمًا رائعًا بين الأصالة الموسيقية والحداثة الفنية، وتعاون خلال مسيرته مع عدد من النجوم وساعد في إنجاحهم، ورغم ما حققه من إنجازات، إلا أنه عانى من التهميش في الوسط الفني، تعرف أكثر على مسيرته الفنية وحياته.

من هو الفنان محمد رحيم؟

محمد فتحي مصطفى رحيم هو ملحن وموزع مصري، ولد في 9 ديسمبر عام 1979 في العاصمة المصرية القاهرة، وهو واحد من أشهر وأنجح الملحنين في الوسط الفني في مصر والوطن العربي.

بدأ رحيم مسيرته الفنية منذ أكثر من ربع قرن، تعاون فيها مع كبار نجوم الغناء في مصر والوطن العربي، منهم عمرو ديا، وسميرة سعيد، ووردة الجزائرية، وإليسا وحسين الجسمي وغيرهم.

اشتهر رحيم بألحانه العذبة المليئة بالإحساس، وتنوع ألحانه، فقد قدم مختلف الألوان الموسيقية، وكانت له بصمة واضحة في أبرز أغاني نجوم الوطن العربي، مثل وغلاوتك لعمرو دياب، وأجمل إحساس لإليسا، وأغنيات أخرى.

وقد شهدت المسيرة الفنية لرحيم العديد من التقلبات، بداية من إعلانه الاعتزال المفاجئ، ثم العودة، وبعدها الوعكة الصحية التي أثرت على مشواره الفني، ومن ثم الموت المفاجئ الذي شكل صدمة لمحبيه في الوطن العربي.

نشأته وبداية مسيرته الفنية

ولد الملحن محمد رحيم في أسرة محبة للفن والغناء والموسيقى، فوالدته هي الشاعرة الراحلة إكرام العاصي، أما والده فكان محبًا للموسيقى ومستمعًا جيدًا لها، وقد كانت هذه النشأة سبباً في حب وميوله للغناء والموسيقى منذ سن مبكرة.

بدأ رحيم تعلم الموسيقى في سن السادسة، ورغم معاناته في البداية من صعوبة في حفظ الأناشيد المدرسية، إلا أنه كان يجيد تلحين النصوص الشعرية والنثرية في مدرسته، لتبرز موهبة موسيقية صغيرة، نمت بمرور الوقت.

وبمرور السنوات، كان لدى رحيم كم كبير من الألحان الموسيقية المتنوعة ما بين الألحان الشرقية والألحان الغربية، وتنوع في استخدام الآلات الموسيقية، فعزف على الجيتار والعود والبيانو، وكل هذا وهو لا يزال في الـ16 من عمره فقط.

التحق رحيم بعدها بالدراسة في كلية التربية الموسيقية، وكانت دراسته في الكلية سببًا في دخوله الوسط الفني، وتعرف على نجوم الغناء الذين منحوا له فرصة التألق وإظهار مواهبه في التلحين.

خلال دراسته في كلية التربية الموسيقية، حضر رحيم ندوة موسيقية في التربية حضرها الفنان حميد الشاعري، الذي أعجب بموهبة الملحن الشاب، وعرض عليه أن يذهب إلى الاستوديو حتى يسمع ألحانه.

ذهب رحيم إلى الاستوديو، وفوجئ بحضور الفنان دياب، حيث كان سيسجل أغنية في نفس الوقت، حيث كان يسجل أغنية في ألبوم "عودوني"، فطلب منه عمرو دياب أن يستمع إلى أحد ألحانه، بعرض عليه رحيم لحن أغنية "وغلاوتك".

أعجب دياب باللحن، وطلب منه أن يعزف اللحن مرة أخرى، وبعد الاستماع إليها مجددًا، قرر دياب أن يعتمد اللحن ضمن ألبومه الجديد "عودوني" والذي صدر عام 1998، لتشكل بداية لأحد أهم الملحنين في الوسط الغنائي.

نجوم تعاون معهم

وبعد التعاون مع عمرو دياب في أغنية "وغلاوتك" ونجاح الأغنية بشكل كبير، بدأت مسيرة محمد رحيم مع الفنانين المصريين والعرب، وخلال أكث رمن 26 عامًا، صنع رحيم الكثير من الأغنيات التي ساهمت في نجومية عدد كبير من المطربين، ونجاح ألبومات أنجح نجوم الغناء في الوطن العربي.

ومن أبرز النجوم المصريين الذين تعاون معهم رحيم خلال مسيرته الفنية عمرو دياب، وشيرين عبد الوهاب، وتامر حسني، ومحمد حماقي، ومحمد منير، وهيثم شاكر، وسومة، ومحمد فؤاد، وهشام عباس، وخالد حجاج، وحكيم، وروبي، ومصطفى قمر، وحمادة هلال، وإيهاب توفيق وآخرين.

تعاون رحيم كذلك مع عدد من الأسماء العربية، ومنهم وردة، وأصالة نصري، وإليسا، ونانسي عجرم، ونوال الزغبي، وكارول سماحة، وحسين الجسمي، ورامي عياش، ولطيفة، ورجال بلمليح، وأمل حجازي، وهيفاء وهبي، وجنات، ومريام فارس ورولا سعد، وغيرهم.

ألحان محمد رحيم

وقد تنوع رحيم في تقديم أغنيات تنوعت بين العاطفية والشعبية والوطنية، ومن أشهر ألحان محمد رحيم مع عمرو دياب أغاني: "غلاوتك"، و"تملي معاك"، و"حبيبي ولا على باله"، و"لو عشقاني"، و"كل حياتي".

تعاون رحيم كذلك مع الفنانة شيرين عبد الوهاب في أغنيات "أنا في الغرام"، و"مشاعر"، و"صبري قليل"، كما تعاون مع محمد منير في أغنيته الشهيرة "يونس" التي تعد من المحطات المهمة في مسيرته الفنية، وأغنية "قلبي ما يشبهنيش".

تعاون كذلك مع تامر حسني في "جرى إيه يا عيني"، و"عين شمس"، و"صحيت على صوتها"، ومع حماقي في "ياللي زعلان مني"، كما تعاون بهاء سلطان في "أنا"، و"الوردة"، و"الواد قلبه بيوجعه".

تعاون مع نوال الزغبي في ياما قالو، وخلاص سامحت، وصوت الهدوء، وليك وحشة، والليالي، كما تعاون مع نانسي عجرم في أنا ليه، والدنيا حلوة، وسهرني سهر، وابن الجيران، وعيني عليك، وأوكيه، وفي حاجات.

وبجانب الألحان للألبومات، لحن رحيم ألحان العديد من أغاني الأفلام والمسلسلات، مثل أغنية فيلم حسن طيارة، ومسلسلات سيدنا السيد، وحكاية حياة، الخانكة، والحساب يجمع، ومدرسة الحب.

أغاني محمد رحيم

وبجانب ألحانه المميزة للنجوم، قدم محمد رحيم عددًا من الأغنيات بصوته وألحانه، والتي مزج فيها بين الطابع الشرقي والحداثة، ومن أغنياته أحلم بايه، وزي الحلم، ووحشاني نظرة عنيك، وحبيبة حبيبك، وارجع يلا، ويستحي، وندالة قلبي، ونضحك على الدنيا، وست بلاد الدنيا، وبخاف من الغروب، وأجمل ما شافت عيني، وغيرها.

اعتزال محمد رحيم

في شهر فبراير عام 2024، فاجأ الملحن محمد رحيم الوسط الفني بإعلانه تعليق جميع أنشطته الفنية لأجل غير مسمى، وقد أثار هذا الإعلان الجدل في الوسط الفني، وخاصة لإشارته بأنه من المحتمل أن يعتزل ويسافر خارج البلاد.

وقد كتب رحيم عبر حسابه على فيسبوك: "تعليق كل نشاطاتي الفنية لأجل غير مسمى حتى إشعار آخر، مع احتمالية اعتزال المهنة والسفر خارج البلاد".

وقد أوضح رحيم أن سبب إعلانه الاعتزال هو التجاهل الذي يعاني منه نتيجة عدم دعوته لحضور حفل ليالي سعودية مصرية الذي أقيم في دار الأوبرا المصرية، رغم أن الكثير من الأعمال التي قدمت في الحفل من ألحانه.

وقد عبر رحيم عن استيائه من الأمر في رسالة مطولة متسائلًا كيف يتم دعوة الملحنين وصناع الموسيقى في مصر ما عداه، مؤكدًا على تركه بصمة واضحة في المشهد الموسيقي المصري العربي.

إلا أن رحيم تراجع عن قراره سريعًا، فقد نشر رسالة عبر حسابه على إنستغرام مؤكدًا بأنه تلقى الكثير من الدعم من الجمهور، لذا تراجع عن القرار، وكتب: "أنا بكيت من كتر الإحساس اللي في الرسائل اللي بعتوهالي، خلاص يا جماعة، أنا هرجع عشان خاطركم أنت بس، أعظم جمهور وعائلة في العالم، وإن شاء الله هرجع بطاقة أكبر، وأسعى لإسعادكم بكل الطرق".

محمد رحيم وزوجته

تزوج الملحن محمد رحيم هي مدربة الأسود أنوسة كوتة، وقد تزوجها عام 2018 عبد قصة حب طويلة، وقد رزق من زوجته بطفلة واحدة اسمها كنز ولدت عام 2019.

أنوسة هي مدربة أسود مصرية، حاصلة  على ليسانس حقوق ودبلومة في القانون، وهي من أهم وأصغر مدربي الأسود في مصر، وهي من واحدة من أشهر العائلات المعروفين بتربية الحيوانات المفترسة، وهي عائلة الحلو، فهي حفيدة محاسن الحلو، وابنة المدرب مدحت كوتة.

مرض محمد رحيم

تعرض الفنان محمد رحيم في شهر أكتوبر الماضي لذبحة صدرية، دخل على إثرها إلى المستشفى، وأجرى عملية قسطرة وتركيب دعامات. وقد طمأن الجمهور على حالته الصحية عبر حسابه على فيسبوك.

وقد أصيب الفنان رحيم بحزن وإحباط شديدين في الفترة الماضية؛ بسبب التجاهل الذي يواجهه في الوسط الفني، رغم النجاحات الكبيرة التي حققها مع النجوم، حيث كان يغيب اسمه دائمًا عن الحفلات أو البرامج التلفزيونية، وبسبب اليأس تعرض لوعكة صحية شديدة.

وفاة محمد رحيم

توفي الملحن المصري محمد رحيم بشكل مفاجئ في 22 نوفمبر 2024 عن عمر 45 عامًا في منزله في منطقة الهرم في الجيزة. وبعد وفاته، حضر شقيقه ومفتش الصحة، وشك في وجود شبهة جنائية، وذلك بعد معاينة جثمان الراحل.

وخلال المعاينة، وجد مفتش الصحة انتفاخاً في جسد الفقيد، وتبين وجود زرقة في الوجه، وخروج دم من الأنف، وآثار جروح وكدمات في جسده، لذا تحفظت النيابة على جثمانه، وباشرت في التحقيقات.

وقد استدعت النيابة أفراد أسرته وعدد من المقربين، وتم فحص كاميرات المراقبة في منزله، وأعلنت عن تأجيل الجنازة لحين انتهاء التحقيقات، وفي اليوم التالي من وفاته، أكدت عدم وجود شبهة جنائية في وفاته، وأن وفاته كانت طبيعية بسبب تعرضه لأزمة قلبية.

وأكدت النيابة في تحقيقاتها أن المنزل لم يكن به أي علامات مقاومة، كما لم يتواجد حركات مريبة حول الشقة قبل وفاته، فيما أوضحت بأن الكدمات في جسده نتيجة العلاج الذي كان يتلقاه بسبب وعكته الصحية الأخيرة.

وقد أعلنت زوجته عن موعد جنازته 3 مرات، حيث تم تغيير موعد الجنازة أكثر من مرة؛ بسبب ظروف الوفاة المفاجأة وتحقيقات الشرطة.

وقد كتبت زوجة محمد رحيم على حسابها موعد الجنازة، فيما غيرت الصورة الشخصية على فيسبوك بصورة الراحل في المسجد النبوي. وبعد وفاته، نعاه العديد من نجوم الوسط الفني، منهم إليسا، ولطيفة، وعزيز الشافعي، وتامر حسني وغيرهم.