بصوته الهادئ وأسلوب اللين في الدعوة أفاد الداعية السوري محمد راتب النابلسي الأمة الإسلامية بجهوده المثمرة في الدعوة إلى الله من مؤلفات هامة ومؤتمرات عالمية شارك فيها ودروسًا دينية قدمها في مساجد سوريا والدول العربية، في السطور التالية تعرف على مسيرته وحياته.
نشأة الشيخ محمد راتب النابلسي ودراسته
ولد الشيخ محمد راتب عبد الغني النابلسي في العاصمة السورية دمشق في 29 يناير عام 1938 ونشأ في أسرة محبة للعلم ومشجعه له، فقد كان والده عالمًا من علماء دمشق يُدرّس في مساجدها وترك خلفه مكتبة كبيرة تضم المخطوطات العربية والإسلامية.
درس النابلسي في مدارس دمشق حتى المرحلة الثانوية، وبعدها التحق بمعهد إعداد المعلمين وتخرج فيه عام 1956، وأكمل دراسته في كلية الآداب في قسم اللغة العربية في جامعة دمشق، وتخرج فيها عام 1964 وحصل على ليسانس في آداب اللغة العربية وعلومها.
أكمل الشيخ النابلسي حفظه الله بعدها دراسته في كلية التربية بجامعة دمشق، حيث حصل على دبلوم التأهيل التربوي بتفوق عام 1966
في عام 1999 حصل الشيخ النابلسي على شهادة الدكتوراه في التربية بناءً على إنجازاته العلمية وخبراته ومؤلفاته في مجال التربية.
حصل أيضًا على درجة الدكتوراه الفخرية من الجامعة اللأمريكية المفتوحة في العلوم الإسلامية والعربية، وذلك عام 2015 في عمان تقديرًا لجهوده في الدعوة.
وبجانبه دراسته الأكاديمية طلب الشيخ النابلسي العلوم الشرعية منذ طفولته، فدرس التفسير والحديث والفقه والسيرة والفرائض، كما حصل على إجازة في رواية الحديث من الدكتور صبحي الصالح أستاذ علوم القرآن الذي كان يدرسه في كلية الآداب.
مسيرته المهنية
عمل الشيخ محمد راتب النابلسي في مهنة التعليم ابتداءً من التعليم الثانوية الرسمي، وبعدها درّس في الجامعة، حيث عمل محاضرًا في كلية التربية في جامعة دمش من عام 1969 حتى عام 1999.
عملها الشيخ النابلسي بعدها أستاذّا لمادة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة في كلية الشريعة وأصول الدين في جامعة الأزهر في دمشق، كما درّس مادة العقيدة الإسلامية في جامعة أم درمان في دمشق لمدة 3 سنوات لغير الناطقين باللغة العربية، وعمل أستاذًا لمادة أصول التربية في جامعة طرابلس الإسلامية.
مسيرته الدعوية داخل سوريا
بدأ الشيخ محمد راتب النابلسي مسيرته الدعوية في سوريا عام 1974 حيث أصبح خطيبًا في مسجد جده الشيخ عبد الغني النابلسي، وفي المسجد أعطى دروسًا أسبوعيًا في العلوم الشرعية منها التفسير، والحديث، والفقه، والعقيدة، والسيرة.
تمكن الشيخ في فترة قصيرة من استقطاب طلاب العلم من معظم مناطق دمشق وريفها، وهو ما دفعه لتقديم دروسًا دينية في مساجد أخرى في دمشق، وفي الوقت نفسه كان النابلسي أحد خطباء الجامع الأموي الكبيرة لفترة طويلة.
في أثناء ذلك ألقى الشيخ العديد من المحاضرات على الأئمة والخطباء الذي يفدون إلى دمشق من دول عربية مختلفة، وكان له الفضل في تدريس مادة الإعجاز العلمي في معهد الفتح الإسلامي وهو الكتاب الذي ألفه وقام بتدريسه لمدة طويلة في المعهد.
مراكز تعليمية أسسها في سوريا
أسس الشيخ معهدًا لتحفيظ القرآن الكريم في دمشق، وضم المعهد مئات الطلاب والطالبات من مختلف الأعمار، كما أسس مركزًا ترفيهيًا لطلاب المعهد يضم المسابح والملاعب ونشاطات أخرى يمكن للطلاب المشاركة فيه حتى يمتزج التعليم الشرعي مع الترفيه لتحقيق نتائج جيدة.
انتقل بعدها لتأسيس مدرسة ثانوية شرعية، وقد كانت المحاولة الأولى لها عام 1990 ولكنه واجه العديد من العقبات حتى تحول حلمه إلى حقيقه عام 2006 وبدأت المدرسة بتدريس العلوم الشعرية للذكور والإناث وضمت أيضًا مئات الطلاب والطالبات.
أطلق الشيخ على مدرسته اسم مجمع الشيخ عبد الغني النابلسي للعلوم الإسلامية، ويُدرس في هذ المجمع المدرسون والعلماء الأكفاء.
نشاطه الدعوى خارج سوريا
لم تقتصر الجهود الدعوية للشيخ محمد راتب النابلسي داخل سوريا فقط، وإنما امتد أثره خارج سوريا بداية من عام 1993 بمشاركته في المؤتمرات الإسلامية العربية والعالمية، ولعل أهمهاه تمثيل بلده سوريا في مؤتمر الإسيسكو أو "المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة" وذلك عام 1993.
أيضًا شارك الشيخ في مؤتمر الأسرة عام 1998 في أبو ظبي، ومؤتمر الفقه الإسلامي في الولايات المتحدة عام 1999، كما شارك في مؤتمر الشباب المسلم عامي 1998، و1999.
شارك أيضًا في مؤتمرات المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في القاهرة في عدة أعوام، والؤتمر العالمي السادس للإعجاز العلمي في القرآن عام 2000 في بيروت.
شارك أيضًا في ندوة التجارب القوفية في دمشق، ومئتمر وزارة الأوقاف في العالم الإسلام في ماليزيا عام 2002، وغيرها من الندوات والمؤتمرات.
أيضًا أعد الشيخ العديد من الأورقة والمؤسسات الدينية في الأردن، وشارك في جائزة القرآن الكريم في دبي لعدة أعوام، وألقى العديد من المحاضرات في عدة دولة، منها عمان، ولبنان، والأردن والبحرين، وليبيا، والجزائر، والكويت وغيرها.
لبّى الشيخ العديد من الدعوات الرسمية، منها دعوة الحكومة الألمانية وهناك التقى بقيادات جامعية ودينية وسياسية، وألقى كلمة في البرلمان الألماني، أيضًا سافر إلى الصين واطلع على أحوال الملمين في بكين، وسافر إلى السعودية، والأردن واليمن والسودان وغينيا وغيرها.
أهم مؤلفاته
أثرى الشيخ محمد راتب النابلسي المكتبة العربية والإسلامية بالعديد من الكتب الهامة في التفسير وسماحة الإسلام، ومن هذه الكتب مجلدات تفسير النابلسي للقرآن الكريم، وألفها في 10 مجلدات.
أيضًا ألف موسوعة أسماء الله الحسنى في أربعة مجلدات، وموسوعة الإعجاز العلمي في القرآن الذي ألف في مجلدين، وله كتاب "أولادنا الورقة الرابحة الأولى".
ألف أيضًا عدة كتب دينية، منها "نظرات في الإسلام"، و"ربيع الإيمان"، و"قوانين من القرآن الكريم"، و"مقومات التكليف" وله عدة كتيبات، منها "الإسراء والمعراج"، و"الهجرة"، و"الحج" وغيرها.
بالإضافة إلى الكتب قدم النابلسي العديد من المقالات الإسلامية في المجلات والصحف العربية، منها مجلة "منبر الداعيات"، ومجلة "الميرا"، وصحيفة "كوبنهاغن بوست"، وصحيفة "المسلمون"، و"الاعتدال"، و"الديار" وغيرها.
مواقعه على الإنترنت
يملك الشيخ محمد راتب النابلسي العديد من المواقع الإلكتروني التي نُشر فيها الدروس الدينية والمحاضرات في العلوم الشرعية، ومن هذه المواقع "موسوعة النابلسي للعلوم الإسلامية"، وموقع محمد وهو موقع غرضه التعريف بالإسلام والنبي محمد وموجود بعدة لغات.
القناة المرئية وبها كل المحاضرات المرئية التي قدمها الشيخ ومترجمة بعدة لغات، والقناة الصوتية باللغة العربية وفيها كافة الدروس الصوتية التي قدمها الشيخ، والمكتبة النصية، وموسوعة الإعجاز العلمي.
