يعد الشاعر السوداني محمد الفيتوري من رواد الشعر الحديث في السودان، وقد لُقب بشاعر إفريقيا والسودان وشاعر العروبة بفضل أعماله الشعرية التي تغنت بالعروبة وأفريقيا، في السطور التالية تعرف على مسيرته الأدبية وحياته.
من هو محمد الفيتوري؟
محمد مفتاح رجب الفيتوري هو شاعر سوداني ولد في 24 نوفمبر عام 1936 وهو من رواد الشعر الحديث ولد في الجنينة في ولاية غرب دارفور في السودان، وهو من أبرز شعراء الشعر الحر في السودان والوطن العربي.
بدأ الفيتوري كتابة الشعر في سن مبكرة وقد تأثر بالأحداث الوطنية وكتب العديد من القصائد الوطنية عن ثورة أكتوبر السودانية وعن الوطن العربي، كما اشتهر بقصائده التي دعا فيها إلى المساواة والعدل وعرف بقصائده الرومانسية الجميلة.
اشتهرت قصائد الفيتوري بشكل كبير، ويتم تدريس بعض من أشعاره في مناهج اللغة العربية في بعض الدول منها مصر، وقد تغنى العديد من المغنيين بأشعاره وقصائده، وحصل على لقب شاعر أفريقيا والعروبة لما أنتجه من أشعار وقصائد تتحدث عن الوطن العربي وأفريقيا.
نشأته وتعليمه
نشأ محمد الفيتوري في أسرة صوفية والده من أصول ليبية ووالدته مصرية، وقد عاش لمدة 3 سنوات في السودان ثم انتقل مع أسرته إلى مدينة الإسكندرية في مصر الذي تربى ونشأ فيها وكان لهذا المزيج أثر كبير على نشأت وثقافته. والد كان صوفي يتزعم زاوية الطريقة الصوفية الشاذلية الأسمرية في مدينة الإسكندرية.
عاش الفيتوري في بيئة شعر بالدونية فيها نظرًا للونه وقصر قامته وبشرته، وقد كان يشعر بالحزن والانفراد في هذا المجتمع وشعر بالاغتراب في وطنه وكان هذا دافعًا في كتابة العديد من قصائده.
حفظ الفيتوري القرآن الكريم في سن مبكرة، وقد درس في المعهد الديني في الإسكندرية، وبعدها انتقل إلى القاهرة ودرس في كلية العلوم بالأزهر الشريف، وبعد تخرجه عمل محررًا أدبيًا في صحف مصرية وسودانية.
مسيرته المهنية
عمل الفيتوري محررًا أدبيًا في عدة صحف مصرية وسودانية، وفي عام 1968 تم تعيينه خبيرا للإعلام في جامعة الدول العربية ولمدة 4 سنوات، ثم عمل مستشارًا ثقافيًا في سفارة ليبيا بإيطاليا كونه يحمل الجنسية الليبية بفضل والده السوداني من أصول ليبية.
عمل الفيتوري كذلك مستشارًا وسفيرًا في السفارة الليبية في العاصمة اللبنانية بيروت، كما عمل مستشارًا للشؤون السياسية والإعلامية في سفارة ليبيا في المغرب.
قصيدة محمد الفيتوري للقائد معمر القذافي
عانى الفيتوري من صدمات وعقبات في حياته، ولعل أهمها إسقاط الحكومة السودانية الجنسية السودانية عنه عام 1974 بسبب معارضته لنظام الحكم إبان عهد الرئيس جعفر نميري، ثم عرضت الحكومة الليبية الجنسية ومنحته جواز سفر ليبي.
كان الفيتوري صديقًا مقربًا للرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، وقد كتب الفيتوري قصيدة، وقال فيها مخاطبًا القذافي:
ها أنت ذا فوقَ صخرِالموتِ تزدهرُ ...
تصحو وتصحو المَرَايا فيكَ والصورُ
ها أنت ذا تنفضُ الأجيالَ ثانيةً ...
فتستفيقُ الضحايا حيثُ تنتصرُ
ها أنت ذا أيها الآتي وقد سقط ...
الغيم القديم وجف العشب والشجرُ
كأنما جئتَ في كل العصور وقد ...
كنتَ النبوءة في أحلام من عبروا
وكنت في الشوق حيث الروح مثقلة ...
بالشوق والحلم في الأجفان ينتظرَ
وبعد سقوط القذافي سحبت السلطات الليبية الجديدة الجنسية الليبية وجواز السفر الليبي عن الفيتوري، فانتقل بعدها إلى المغرب وعاش مع زوجته المغربية في صاحية سيد العابد في العاصمة المغربية الرباط، وفي عام 2014 منحته الحكومة السودانية جواز سفر دبلوماسي بعد حرمان لسنوات.
وفاة محمد الفيتوري
توفي يوم الجمعة في 24 أبريل عام 2015 عن عمر 85 عامًا بعد صراع مع المرض حيث عانى من عدة جلطات قبل وفاته، وتوفي في المغرب التي كان يعيش فيها مع زوجته المغربية.
اجمل ما كتب الفيتوري
بدأ الشاعر محمد الفيتوري مسيرته الأدبية في سن مبكر فقد أحب نظم الشعر منذ صغره وبرع فيه، وقد عبّر عن مشاعره وتجاربه في الحياة من خلال شعره. يعتبر الفيتوري من رواد الحركة الأدبية المعاصرة في الوطن العربي، كما أنه من رواد الشعر الحر.
وقد بدت مظاهر التجدد في قصائده في محاور كثيرة منها تجدد الغرض الشعري والتحرر من الأغراض الشعرية القديمة مثل الوصف والغزل، تحرر شعر الفيتوري أيضًا من القافية والأوزان وعبر عن وجدانه وذاته بأسلوبه الخاص.
وعن الموضوعات التي كتب عنها في شعره فقد كتب عن الظلم والمرأة والمآساة الأفريقية من وجهة نظر وعن لونه وما واجهه بسبب ذلك، وعن العروبة وغيرها من الموضوعات الجديدة.
وكان ديوان محمد الفيتوري الأول بعنوان "أغاني أفريقيا" وصدر عام 1955 وهو من أشهر دواوينه التي حققت نجاحًا كبيرًا والتي حصل بفضلها على لقب "شاعر أفريقيا"، ويقول الفيتوري في إحدى قصائده:
يا أخي في كل أرض عريت من ضياها
وتغطت بدماها
يا أخي في كل أرض وجمت شفتاها
واكفهرت مقلتاها
قم تحرر من توابيت الأسى
لست أعجوبتها
أو مومياها انطلق
فوق ضحاها ومساها
وواصل الفيتوري التعبير عن حبه ومشاعره لإفريقيا فكتب ديوان "عاشق من أفريقيا" وهو من شعر محمد الفيتوري المميز وصدر عام 1964. من دواوينه الأخرى "اذكريني يا أفريقيا" وصدر عام 1965، و"أحزان أفريقيا" الذي صدر عام 1966.
صدرت له دواوين أخرى منها "شرق الشمس غرب القمر"، و"أغصان الليل عليك"، و"معزوفة درويش متجول"، و"ثورة عمر المختار"، و"البطل والثورة والمشنقة"، و"يأتي العاشقون إليك"، و"نار في رماد الأشياء"، و"عريانا يرقص في الشمس".
كتب الفيتوري أيضًا عدد من المسرحيات منها "يوسف بن تاشفين"، و"الشاعر واللعبة"، و"سولارا"، كما كانت له بعد الأعمال النثرية والنقدية والدراسات التي نشرت في الصحف والمجلات العربية وترجم بعضها إلى لغات أجنبية ومنها دراسة بعنوان "نحو فهم المستقبلية"، و"تعليم الكبار في الدول النامية"، و"التعليم في بريطانيا".
اجمل ما قاله محمد الفيتوري
كتب الفيتوري عن موضوعات مختلفة ولعل أهمها قصائد عن الوطن والحرية ومناهضة الاستبداد، ومن هذه القصائد قصيدة بعنوان "أصبح الصبح" والتي غناها المغني السوداني محمد وردي ويقول فيها:
أصبح الصبح فلا السجن ولا السجان باق
وإذا الفجر جناحان يرفان عليك
وإذا الحسن الذي كحل هاتيك المآقي
التقى جيل البطولات بجيل التضحيات
التقى كل شهيد قهر الظلم وما
بشهيد لم يزل يبذر في الأرض بذور الذكريات
أبدا ما هنت يا سوداننا يوما علين
بالذي أصبح شمساً في يدينا
وغناء عاطرا تعدو به الريح، فتختال الهوينى
ومن قصائد محمد الفيتوري في الحب:
في حضرة من أهوى عبثت بي الأشواق
حدقت بلا وجه ورقصت بلا ساق
وزاحمت براياتى وطبولى الآفاق
عشقي يفنى عشقي وفنائي استغراق
مملوكك لكني سلطان العشاق