-
معلومات شخصية
-
الاسم الكامل
-
اسم الشهرة
-
الفئة
-
اللغة
-
التعليم
-
الجنسية
-
بلد الإقامة
-
سنوات النشاط
-
السيرة الذاتية
العلّامة التونسي محمد الطاهر بن عاشور هو عالم دين وفقيه وخطيب شهير اشتغل بالقضاء لسنوات وقد عُرف بقوته وجرأته في الحق ومواجهته للظالمين والمستعمرين فكان ذلك سببًا لإبعاده عن الخطابة والقضاء، وقد اشتهر بن عاشور بأنه صاحب أسرع خطبة في تاريخ الإسلامي قالها على منبر جامع الزيتونة، في السطور التالية تعرف أكثر على حياته وأهم المحطات في مسيرته المهنية والدعوية.
من هو محمد الطاهر بن عاشور؟
محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور هو علّامة وفقيه وخطيب وإمام تونسي ولد في عام 1879 م الموافق 1296 هـ وهو واحد من أهم علماء الدين في تونسي ولد في عائلة علمية عريقة تمتد أصولها إلى الأندلس.
عمل بن عاشور في الخطابة والإمامة في فترة الاحتلال الفرنسي وبعد الاستقلال وقد عمل في القضاء كذلك، وكان من أهم شيوخ وعلماء جامعة الزيتونة، وكان صاحب اجتهادات فكرية وإصلاحية.
تتلمذ بن عاشور على يد كبار علماء الدين والشيوخ الأجلاء في عهده، وقد عمل في التدريس ودرّ المنهج المالكي لسنوات إلا أنه استقال من التعليم بسبب العراقيل التي واجهها وانشغل بتنفيذ المنهج الإصلاحي الذي عكف على نشره طوال حياته.
ترك بن عاشور خلفه إرثا عظيما من الكتابات والمؤلفات الدينية التي ثار فيها على الجمود والتقليد الأعمى والابتعاد عن الاجتهاد في العلوم الدينية، وقدم تفسيرات حديثة اعتبرت إضافة نوعية في مجال التفسير.
اشتهر بن عاشور بجرأته وقوته في الحق والدفاع عن الدين الإسلامي حتى ولو على سبيل حياته أو حريته أو وظيفته، وقد اشتهر بدوره البارز في معارضة الرئيس التونسي السابق بورقيبة دفاعًا عن الإسلام، كما اشتهر بأنه صاحب أقصر خطبة في التاريخ أيضًا.
نشأته وتعليمه
ولد العلّامة محمد الطاهر بن عاشور في ضاحية المرسى في العاصمة تونس في أسرة علمية عريقة تعود أصولها إلى الأندلس، وقد ولد قبل عامين من الاستعمار الفرنسي.
انتقلت الأسرة إلى تونس من الأندلس بعد حملات التنصير للمسلمين هناك، وقد خرج من هذه العائلة العديد من العلماء الذين درسوا في جامعة الزيتونة.
نشأ بن عاشور في فترة ظهرت فيها الدعوات للإصلاح والتجديد بعد فترة طويلة من الجمود والتقليد بهدف الخروج بالوطن من التخلف ومستنقع الاستعمار إلى التقدم والاستقلال، وقد كان من رواد هذه الدعوات جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ومحمد رشيد رضا، وقد استجابت حينها جامع الزيتونة لهذه الدعوات وأجرت إصلاحات في التعليم قبل جامع الأزهر في مصر.
حفظ بن عاشور القرآن الكريم في سن صغيرة، وقد تعلم اللغة الفرنسية كذلك، والتحق بجامع الزيتونة وهو في سن الرابعة عشر من عمر وكان ذلك في عام 1892 فدرس فيها علوم الدين وأظهر نبوغًا مبكرًا.
حمل بن عاشور على عاتقيه، كغيره من العملاء في جامع الزيتون، هدف إصلاح النفوس والعقول وبث هذه الروح التجديدية في الدين، وكان هدفه أن الإسلام هو دين الفكر والحضارة والعلم.
مسيرته المهنية
تخرج محمد الطاهر بن عاشور من جامع الزيتونة في عام 1896 وبعدها بدأ مسيرته المهنية في التدريس في الجامعة نفسها، ثم بعد عدة سنوات قليلة تم تعيينه مدرسًا من الطبقة الأولى، وتحديدًا في عام 1903.
اختير بن عاشور كذلك مدرسًا في المدرسة الصداقية، وذلك في عام 1900، وكانت هذه المدرسة تتخذ منهجًا معاصرًا بالتدريس، على عكس جامع الزيتونة، وكان هذا الاختلاف سببًا في تفتح وعية علوعيهورة سد الفجوة بين التيارين الفكريين وأن يسيرا على خط واحد.
دوّن بن عاشور هذه الأفكار في كتاب "أليس الصبح بقريب" والتي قدم فيها رؤيته الحضارية التاريخية الشاملة لما يمر بها المجتمع الإسلامي في تونس والعالم.
استمر بن عاشور في التدريس والتأليف وفي عام 1903 زاره الإمام محمد عبده، مفتي الديار المصرية، وأطلق عليه "سفيرة الدعوة" في جامع الزيتونة، وكان بينهما العديد من الآراء والأفكار والصفات المشتركة. كتب بن عاشور كذلك مقالات رأي في مجلة "المنار".
أهم المناصب التي شغلها
شغل العلّامة محمد الطاهر بن عاشور عددًا من المناصب الهامة في حياته، ففي عام 1907 تم اختياره نائبًا أول في النظارة العلمية بجامع الزيتونة، وخلال شغله هذا المنصب طبق رؤيته الإصلاحية والتربوية وأدخل إصلاحات على الناحية التعليمية.
قدم بن عاشور لائحة من الإصلاحات التعليمية وقدمها للحكومة والتي نفذت بعض من بنود هذه اللائحة، كما أنه سعى لإحياء علوم اللغة العربية للتصدي للتغريب بسبب الاحتلال فاهتم بدروس الصرف وأدب اللغة وكان يقدم دروسًا لشرح ديوان الحماسة لأبي تمام.
في عام 1910 تم اختيار محمد الطاهر بن عاشور في لجنة إصلاح التعليم الأولى في الزيتونة ولجنة الإصلاح الثانية في عام 1924، كما تم اختياره شيخًا لجامع الزيتونة عام 1932، فكان أول شيخ في الزيتونة يجمع بين هذه المنصبين.
لم يستمر بن عاشور في هذا المنصب لفترة طويلة، حيث استقال من المشيخة بعد عام ونصف بسبب العراقيل التي وضعت أمامه في سبيل خططه الإصلاحية، بجانب اصطدامه ببعض الشيوخ الذين عارضوا المنهج الإصلاحي في الجامعة.
إلا أنه أعيد تعيينه شيخًا لجامع الزيتونة مرة أخرى وذلك في عام 1945، وحينها تمكن من تنفيذ إصلاحات كبيرة في نظام التعليم، وكان من أهم هذه الإصلاحات زيادة عدد الطلاب في الجامعة وزيادة عدد المعاهد التعليمية.
بعد استقلال تونس تم اختيار بن عاشور رئيسًا لجامعة الزيتونة وذلك في عام 1956 حتى عام 1960 وهو العام الذي أحيل فيه للتقاعد بسبب مواقفه الرافضة من قرارات الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة حول الشأن الديني.
ما هي عقيدة محمد الطاهر بن عاشور؟
عقيدة الطاهر بن عاشور ومذهبه هو المذهب المالكي، أما عن عقيدته في مسائل الاعتقاد وعلم الكلام فكان على مذهب الأشاعرة من حيث الأصل حيث كان يؤول نصوص الصفات أو يفوضها هو منهج معروف للأشاعرة، ولكنه مختلف عن مذهب السلف الذين يثبتون الصفات على ما يعرف معناها في لغة العرب بدون تأويل لها. إلا أنه في الوقت نفسه خالف بن عاشور الأشعار في بعض المسائل.
هل ينصح بقراءة تفسير ابن عاشور؟
قدم محمد الطاهر بن عاشور تفسيرًا للقرآن الكريم بعنوان "تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد في تفسير الكتاب المجيد" وقد تم اختصار اسم هذا الكتاب "التحرير والتنوير".
وقد عكف بن عاشور على تفسير القرآن قرابة 40 عامًا واشتمل الكتاب على العديد من الفوائد وتلمس الحكمة من الأحكام والتشريعات، كما نقل عن الأئمة والعلماء في العلوم الشرعية واللغوية والبلاغية وغيرها من فروع العلم.
هذا الكتاب يعتبر بجدارة واحدًا من أفضل التفاسير في العصر الحديث، حيث يتميز بعمق المعرفة وقوة التحقيق، ورغم ذلك فإنه ليس خاليًا من بعض النقائص التي تعاني منها معظم كتب التفسير، إذ تظل بعض النقاط المعلقة تحتاج إلى توضيح أو تصحيح.
صدر هذا الكتاب من 30 جزءًا من 15 مجلدًا وقد نشر في تونس عام 1956 ثم في القاهرة في سنتي 1965 و1966.
ما هو منهج ابن عاشور في التفسير؟
عكف محمد الطاهر بن عاشور على تفسير القرآن الكريم لمدة 40 عامًا تقريبًا في كتابه "التحرير والتنوير"، وفي بداية الكتاب، أشار المؤلف إلى منهجه الذي يسعى من خلاله إلى الوسطية بين مختلف مدارس التفسير، فهو يتنقل بين التوافق والاختلاف في وجهات النظر، محاولاً تقديم تقييم موضوعي ومتوازن.
وقد وصف تفسيره بأنه يحتوي على ما هو أفضل في التفاسير المختلفة، مسعى إلى استخلاص الجواهر والفوائد القيمة من كل تفسير.
اهتم بن عاشور في تفسيره على البلاغة فدقق في بلاغة كل آية في القرآن الكريم، وتحدث عن الحقائق العلمية التي أثبتها القرآن ولكن باعتدال. وفي كتابه انتقد كثيرًا من التفاسير، كما انتقد فهم الناس لهذه التفاسير أيضًا.
رأى بن عاشور أن أحد أسباب تأخر علم التفسير في هذا الوقت هو الاهتمام بالنقل حتى لو كان ضعيفًا دونا لرغبة في الارتقاء بالرأي والتحري، وقد قال في هذا الأمر: "لأنهم توهموا أن ما خالف النقل عن السابقين هو إخراج للقرآن عما أراد الله به.
أهم مؤلفات الطاهر بن عاشور
لدى محمد الطاهر بن عاشور عشرات المؤلفات في علوم الدين وآداب اللغة العربية والفكر الإسلامي، ولعل أهم هذه المؤلفات "التحرير والتنوير" في تفسير القرآن الكريم، وقد وصلت عدد مؤلفاته إلى الأربعين.
وقد تم تقسيم مؤلفات بن عاشور إلى قسمين، القسم الأول هو العلوم الإسلامية، ومنها "مقاصد الشريعة الإسلامية"، و"أليس الصبح بقريب"، و"الوقف وآثاره في الإسلام"، و"قصة المولد"، و"التوضيح والتصحيح"، و"تحقيقات وأنظار في القرآن والسنة"، و"النظر الفسيح عند مضايق الأنظار في الجامع الصحيح".
من مؤلفاته أيضًا "حاشية التوضيح والتصحيح لمشكلات كتاب التنقيح"، و"كشف المغطى من المعاني والألفاظ الواقعة في الموطأ"، و"أصول النظام الاجتماعي في الإسلام" وكتب أخرى.
القسم الثاني هو مؤلفاته عن اللغة العربية وآدابها، ومنها "غرائب الاستعمال"، و"أصول الإنشاء والخطابة"، و"تحقيق شرح القرشي على ديوان المتنبي"، و"موجز البلاغة"، و"سرقات المتنبي ومشكل معانيه لابن بسام النحوي"، و"نقد لكتاب الإسلام وأصول الحكم"، و"شرح قصيدة الأعشي"، و"ديوان بشار"، و"شرح معلقة امرئ القيس"، وغيرها.
كان لبن عاشور أيضًا عددًا من الإسهامات البارزة في المجلات العلمية، منها المجلة الزيتونية والسعادة العظمة، كما كتب في عدد من الصحف الشرقية منها مجلة "المنار"، و"نور الإسلام"، و"مصباح الشرق"، و"هدى الإسلام"، و"الهداية الإسلامية"، و"مجمع اللغة العربية في القاهرة"، وغيرها.
من هو صاحب أقصر خطبة؟
اشتهر محمد الطاهر بن عاشور بأنه صاحب أقصر خطبة في التاريخ حيث صعد على منبر جامع الزيتونة في إحدى طب الجمعة وقال فيها خطبته القصيرة التي انتقد فيها ملابس النساء التي تظهر جسدها.
وقال بن عاشور في خطبته الشهيرة: "نساء شكون إلي في الأسواق؟ نساء شكون إللي في الأسواق" ثم جلس وقام مرة أخرى وقال جملته الشهيرة: "لا خير في صلاتكم ونساؤكم عرايا أقم الصلاة يا إمام".
مواجهة بورقيبة
واجه بن عاشور العديد من التحديات في حياته، ولعل أقوى هذه التحديات هو مواجهة رئيس الجمهورية التونسية الراحل الحبيب بورقيبة الذي كان يعمل عاكفًا على منع مظاهر الإسلام والتدين في الشارع التونسي.
وكان بورقيبة من الداعين إلى مخالفة الشرع في وجوب صوم رمضان، وقد شوهد وهو يفطر في نهار رمضان ويحتسي القهوة في شرفة قصره لتشجيع التونسيين على الإفطار وأراد إضفاء صبغة شرعية على هذا الأمر.
دعا بورقيبة بن عاشور وأمره بأن يخاطب الناس ويجيز الإفطار في نهار رمضان، وأن يبرر بأن الصيام يؤخر عجلة التقدم وتطور البلاد، فخرج بورقيبة في التلفاز وخاطب الناس وبيّن حكم الشرع من الإفطار في شهر رمضان وأنكر من ينكر الشرع، وحرّم بشكل واضع الإفطار في نهار رمضان دون عذر.
وقد ختم بن عاشور خطابه القوي في التلفاز بجملته الشهيرة "صدق الله وكذب بورقيبة" وكانت هذه الجملة سببًا في ثبات الأمة على المعلوم من الدين، ولم يتجرأ بورقيبة بعدها على إنكار هذا الأمر. ولكن كانت هذه المواجهة سببًا في فصل بن عاشور من رئاسة جامع الزيتونة.
أزمة التجنيس
من الأزمات التي واجهها بن عاشور في حياته هو قانون التجنيس الذي فرضه الاحتلال الفرنسي آنذاك، وملخص هذا القانون أنه يتيح للتونسيين الحصول على الجنسية الفرنسية، وقد تصدى الوطنيون في هذا تونس لهذا القانون ومنعوا المتجنسين من الدفن في مقابر المسلمين.
أربك هذا القرار الفرنسيين فلجأوا إلى حيلة لإصدار فتوى تضمن للمتجنسين التوبة، إلا أن الطاهر، الذي كان يشغل رئاسة المجلس الشرعية لعلماء المالكية، تصدى لهذه الفتوى بفتوى أخرى أعلن فيها أنه على المتجنس أن ينطق الشهادتين ويتخلى عن جنسيته إلا أن المستعمر حجب هذه الفتوى فترض بن عاشور لحملة تشويه طويلة استمرت لعشرات السنين.
وفاته
توفي الشيخ محمد الطاهر بن عاشور في 12 أغسطس عام 1973 عن عمر 94 عامًا في مدينة المرسى في العاصمة تونس.