حصل الفنان التشكيلي السعودي محمد السليم على شهرة عربية وعالمية بفضل أعماله الفنية، وهو من بين الشخصيات التي عملت جاهدة لدعم مواهب الفن التشكيلي في المملكة، الذي يعد من المجالات الفنية الصاعدة، وحاول إثراء تاريخ بلاده التراثي والثقافي، تعرف على مسيرته في السطور التالية.
حياة محمد السليم ونشأته
محمد موسى السليم هو فنان تشكيلي سعودي ولد في 18 يونيو عام 1939 في محافظة مرات في المملكة العربية السعودية، وعاش في بداياته حياته في المملكة
كان والده يعمل بحارًا في صيد اللؤلؤ، وعائلته تعمل في الفلاحة، وكانت رافضة بشكل كبير عمله بالفن، ولم يشجعوه على استكمال مسيرته الفنية.
عندما كان صغيرًا عمل على رعاية الأغنام، وهو الأخ الرابع من بين خمسة أشقاء، وكان من أوائل من تعلم في المدرسة في قريته، حي درس المرحلة الابتدائية في عمر التاسعة.
درس الفن التشكيلي عام 1957، وبعد أن تمت الموافقة على إدخال المواد الفنية في المدارس السعودية عمل السليم كمدرس في مادة التربية الفنية لمدة 10 سنوات، وعمل كذلك في تصميم الديكور في البرامج التلفزيوني بعد افتتاح التلفزيون السعودي في منتصف الستينات.
خلال فترة الستينيات بدأت تظهر لوحاته وأعماله التشكيلية التي ظهرت فيها تأثره ببيئته التي عاش فيها، والتي غلب عليها الطابع البسيط والتقليدي.
سافر السليم بعد ذلك إلى إيطاليا في بعثة ودرس مجال الديكور، حيث التحق بكلية الفنون الجميلة في فلورنسا وتخرج عام 1973.
في إيطاليا تمكن من التعرف على العديد من الشخصيات المهمة في الفن التشكيلي العربي والأجنبي، كما رسم العديد من اللوحات التي عُرضت في متحف فلورنسا بإيطاليا.
تزوج الفنان الراحل وله 7 بنات أشهرهن ابنته نجلاء وهي فنانة تشكيلية تعمل على إحياء ذكرى والدها، ولديه ابن وحيد اسمه طارق يدرس الماجستير في المعلوماتية في الولايات المتحدة الأمريكية.
وفاته
قبل وفاته انتقل محمد السليم إلى إيطاليا لإقامة بعض المشاريع الربحية ليتمكن من سداد ديونه، ولكنه توفي وحيدًا في منزله في إيطاليا عام 1997، ونُقل جثمانه إلى مدينة الرياض، ودفن في مدافن العائلة.
بعد وفاته تم تكريمه أكثر من مرة آخرها عام 2016 بإطلاق اسمه على إحدى قاعات الفن التشكيلي في جامعة الأميرة نورة.
مشواره المهني
عمل الفنان التشكيلي محمد السليم مدرسًا لمادة الفنون في المدارس السعودية لمدة 10 سنوات، عمل السليم كذلك في تصميم الديكور وخلفيات البرامج في التلفزيون السعودي بعد افتتاحه.
سافر السليم بعد ذلك إلى إيطاليا للدراسة في كلية الفنون الجميلة في فلورنسا، وتخرج فيها عام 1973، وبعد التخرج تفرغ للعمل التشكيلي.
في أثناء دراسته في إيطاليا تأثر السليم بالفن الإيطالي بشكل كبير، وهو ما ظهر واضحًا في أعماله الفنية، ولكنه بمرور الوقت ابتكر لنفسه أسلوبًا خاصًا، وتأثر ببيئته السعودية الصحراوية، ومشاهد الغروب فيها.
عاد السليم بعد ذلك إلى المملكة العربية السعودية، وأسس دار الفنون السعودي، ليصبح أول فنان سعودي يؤسس دارًا سعودية للفنون تهتم بالفنانين والرسامين وتوفر لهم احتياجاتهم، ثم افتتح صالة الرياض العالمية للفنون التشكيلية.
فمن خلال الدار التي أسسها عمل السليم على اكتشاف المواهب والكفاءات الفنية في المملكة، وأقام العديد من المعارض المحلية والعالمية، فضلًا عن إقامته معارض لنفسه عرض فيها لوحاته الفنية.
ساهم السليم كذلك على تطوير الفن التشكيلي في المملكة، ومحاولة إيصال الفن التشكيلي السعودي إلى العالمية من خلال مؤسسته، ودعم الفنانين الشباب، وبفضل دوره الفني حصل على العديد من الجوائز والتكريمات المحلية والعالمية والعربية.
قدم السليم عدد من أعماله الفنية للرئاسة العامة للشباب، كما قدم مكتبته الفنية لمكتبة الملك فهد، وأثرى المكتب بالعديد من الكتب والدراسات الفنية، وأقام أو معرض فني له في مبنى نادي النصر عام 1967.
عمل السليم كذلك في التصميم، وظهر أثره الفني جليًا في مدينة الرياض، ومن أشهر التصاميم التي قام بها هو مجسم موجود في مدخل مطار الرياض القديم، والذي قدمه إلى المدينة كمبادرة منه لزياة جماليات المدينة.
بجانب هذا المجسم صمم السليم ونفذ 7 مجسمات جمالية في الميادين بالمملكة وخاصة في مدينة الرياض، وتتراوح أطوال هذه المجسمات ما بين 7 إلى 15 مترًا واستخدم الحديد والبرونز في تصنيعها.
في منتصف السبعينيات أنشأ أول متجر في المملكة بيع الخامات والأدوات الفنية، كما افتتح معملًا لصنع وأنشأ المجسمات في المملكة، وكتب عدة مقالات وكتب في مجال الفن التشكيلي، ومنها كتاب "الآفاقية: فن الرؤية الآفاقية الصحراوية التشكيلي".
بعد وفاته أكملت ابنته نجلاء مشواره الفني، حيث عمل على نشر أعماله الفنية ولوحاته، ومنها لوحة بها منظر طبيعي مكون من تلال وأراضي صحراوي، وجزء من منزل، ونشرت الصورة على حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي، وتعود ملكية اللوحة إلى الدكتور عبد الله القويز.
في أكتوبر عام 2018 تم عرض لوحتين نادرتين له وتم بيعهما في مزاد كريستيز العالمي للفنون في مدينة لندن، وهذه اللوحتان قد فقدهما قبل ثلاثين عامًا من تاريخ المزاد، حيث كان يرغب في بيعها إلى جهة تجارية لتسديد بعض ديون مؤسسته الفنية السعودية.
تمكنت ابنته نجلاء من استعادة اللوحتين بعد عدة مفاوضات مع الجهات المعنية، وهدفت إلى إكمال ما بدأ به الراحل في دعم الفن التشكيلي السعودي.
في اللوحة الأول رسم محمد السليم منظرًا طبيعيًا استخدم فيه أساليب جديدة في دمج الألوان، وقد رسم هذه اللوحة عام 1975، أما اللوحة الثانية الذي رسمها عام 1981 وظف الكتابة العربية في العمل الفني، حيث كتب لفظ الجلالة فيه.
وبهذه اللوحتين شارك السليم في عدد من المعارض الفنية المتجولة بين المملكة، والكويت، ومسقط، وإسطنبول، وأنقرة، وأبوظبي، ثم عُرضت مرة أخرى في المعرض الشخصي له عام 1989.
تعرضت المؤسسة الخاصة به للإفلاس عام 1995، حيث دخل في مناقصة أقامتها أمانة منطقة الرياض لتزيين الشوارع، ولكنه خسر المناقصة أمام مشروع التشجير، وظلت المجسمات التي قام بها في مخازنه بعد أن صرف عليها جميع ثروته، وتراكمت عليه الديون.