متلازمة العواطف المتجمدة : العيش بدون شعور

المفهوم العام

أليكسيثيميا (Alexithymia) أو (متلازمة العواطف المتجمدة): هي حالة نفسية تتصف بصعوبة تعرف الشخص على مشاعره التي يشعر بها، أو ربما التعرف عليها وعدم القدرة على التعبير عنها. حتى إنهم يواجهون صعوبة في تفهم مشاعر الآخرين المحيطين بهم. هذا ما يسبب سوء تفاهم وتواصل واضح بين الشخص صاحب الحالة والأشخاص المقربين منه، لأنهم قد يظنونه “لا مبالي” أو “قاسي القلب” في المناسبات التي تحمل معها عواطف جياشة (زفاف، حفل، جناز أو وفاة).

يأتي أصل كلمة أليكسيثيميا من اللغة اليونانية ومعناها “لا كلمات للعاطفة”، نسبة الإصابة بها 10% بين البشر (ذكور أكثر من إناث)، قد تكون النسبة صادمة؛ لأنها حالة غير معروفة، لكنها ناتجة عن عدم القدرة على تحديد أو تشخيص إصابة شخص بها، فالشخص بحد ذاته قد يكون غير مدرك لإصابته.

الأنواع

يمكن تصنيف الأليكسيثيميا الى اضطراب بدئي (فطري غير مسبب بعوامل أخرى)، أو ثانوي (ناتج عن الإصابة باضطرابات أخرى؛ مما أدى الى ظهورها). وأبرز الاضطرابات التي تترافق مع الأليكسيثيميا – ولا تعني بالضرورة الإصابة بها – هي:

• طيف التوحد

• الاكتئاب

• الوسواس القهري

• إصابات الأعصاب والدماغ

• اضطراب ما بعد الصدمة

• مرض ألزهايمر

الأسباب

لم تتوصل آخر الأبحاث إلى أسباب دقيقة للأليكسيثيميا، لكن هناك بعض الأسباب المتوقعة مثل:

• الأسباب الوراثية: بعض الدراسات تعزي المتلازمة لأسباب وراثية أبوية.

• تلف في الدماغ: في الجزيرة في الدماغ هو المسؤول عن العواطف والتعاطف والعلاقات الاجتماعية. لذلك تلف هذا الفص قد يسبب عواطف متجمدة كما نجد في الأليكسيثيميا.

• الاضطرابات نفسية: كما ذكرنا مسبقاً كطيف التوحد والاكتئاب وغيرها.

• التجارب الطفولية: كالتعرض لبيئة عاطفية غير مستقرة، أو عدم تلقي دعم عاطفي كافي في الطفولة.

الأعراض والعلامات

من الصعب تحديد الأعراض الواضحة لها، لكن من أبرز العلامات والأعراض التي يمكن أن تساعدنا في التشخيص:

• عدم القدرة على استشعار التغيرات الجسدية المستجيبة لمشاعره (أي قد يلاحظ الشخص تغيرات معدلات نبض القلب وزيادة الأدرينالين، دون أن يفهم شعور القلق الذي يستجيب جسده له).

• صعوبة التعاطف مع الآخرين وبناء علاقات اجتماعية فعالة. فيتسمون بالبرود والانعزال عن الآخرين (ما يعرضهم للإصابة باضطرابات نفسية كالقلق والاكتئاب ). وعلى الرغم من أن هذه الصفات يمكن أن تكون مفيدة في مجال العمل المهني، فإنها يمكن أن تسبب مشاكل في مجالات أخرى من الحياة (الحياة الزوجية أو العائلية والاجتماعية).

• عمليات تخيلية ضيقة، أي يعتبر المصابون بهذه الحالة أكثر واقعية، ويرجحون التفكير المنطقي العقلاني على التفكير العاطفي. برغم وجود حالات قادرة على التخيلات الواسعة، لكن لا يستطيعون التعبير عن أحلامهم وآمالهم.

العلاج

حتى الآن لا يوجد علاج واضح ودقيق للأليكسيثيميا. لكن يمكننا الاستفادة من بعض التعليمات عن كيفية التعامل معها:

• علاج الاضطراب الأولي: علاج الاضطراب الأساسي المسبب للأليكسيثيميا قد يساعد في علاجها (علاج الاكتئاب والقلق وغيرها).

• العلاج النفسي: يمكن أن يساعد العلاج النفسي، مثل العلاج السلوكي المعرفي، الأفراد في فهم مشاعرهم وتطوير مهارات التعبير عنها.

• التدريب على التعاطف: يمكن أن تسهم برامج التدريب على التعاطف في تحسين قدرة الأفراد على فهم مشاعر الآخرين.

• تقنيات الاسترخاء: يمكن أن تساعد تقنيات مثل التأمل واليوغا في تعزيز الوعي الذاتي وتقليل التوتر.

• العلاج الجماعي: من المفيد أن يكون الشخص مع جماعة في مساحة آمنة، يتبادل معهم ما يفكر ويمر به دون إطلاق الأحكام.

خاتمة

إن متلازمة العواطف المتجمدة (أليكسيثيميا) حالة نفسية معقدة ومنتشرة بين الأفراد. وبرغم عدم خطورتها، إلا أنها تؤثر بشكل مباشر في العلاقات والتفاعلات الاجتماعية، وعلى موقف الفرد تجاه نفسه. لذلك علينا تقديم الدعم المناسب لهم، ونشر الوعي وخلق بيئة داعمة تساعدهم على فهم مشاعرهم والتعبير عنها بشكل أفضل.

تم نشر هذا المقال مسبقاً على ليالينا. لمشاهدة المقال الأصلي، انقر هنا