دائمًا تكون التجارب الحياتية هي ما تصيغ معادن البشر، وقد تتعجب أن يعيش إنسانًا حياة من الضياع النفسي، وتفكك أسري وفقر ويخرج من كل هذا شخصًا ناجحًا وشامخًا، إنها مايا أنجيلو الكاتبة والممثلة، والمغنية، والناشطة الحقوقية الأميريكية التي عاشت طفولة تعيسة ولكنها أبت أن ترضخ لظروفها، في السطور التالية تعرف على مسيرتها وقصة حياتها.
مارجريت آن جونسون، ولقبها مايا هي شاعرة، وكاتبة، وناشطة حقوقية، وممثلة، ومطربة، ومخرجة سينمائية وأستاذة جامعية أمريكية من أصل أفريقي ولدت في سانت لويس بولاية ميسوري في 4 أبريل 1982.
والدها هو بيلي جونسون خبير أغذية في سلاح البحرية، ووالدتها هي فيفان جونسون ممرضة وبائعة يانصيب، وهي الابنة الثانية لديها أخ يكبرها بعام.
أطلق عليها أخوها لقب "مايا" اختصارًا لـMy sister، وانفصل والداها حينما كانت في الثالثة من عمرها، فأرسلهما والدها في قطار لوحدهما دون مرافق إلى جدتهما "آني هندرسون" في ستامبس بولاية أركنساس.
وفي هذه الفترة عاشت مع جدتها حياة جيدة، حيث حدثت طفرة مذهلة لوضع جدتهما المالي إبان الأزمة الاقتصادية الكبرى، والحرب العالمية الثانية حيث كان متجر جدتها يبيع السلع الضرورية.
وبعد مضي أربعة أعوام من عيشهما مع جدتهما، وكانت مايا حينها تبلغ من العمر 8 سنوات عاد والدهما دون إخبارهما وأعادهما إلى والدتهما في سانت ليو.
وحينما عادت اعتدى عليها حبيب والدتها "فريمان" واغتصبها، فأخبرت أخاها الذي بدوره أخبر العائلة كلها، وتم القبض على حبيب والدتها وسُجن سنة واحدة فقط، وبعد خروجه بأربعة أيام وجد مقتولًا، ويُقال إن من قتله هو أحد أعمام مايا انتقامًا لها.
ومنذ هذه اللحظة فقدت مايا القدرة على النطق لمدة 5 سنوات، حيث ظنت أن صوتها بإمكانه أن يقتل شخصًا ما، وأنها السبب في قتل رجل لأنها أفصحت عن اسمه.
وخلال فترة الخرس تلك تمكنت مايا من تطوير موهبة الإصغاء والقراءة، وزاد شغفها بالكتب والأدب، وقدرتها على الاستماع وإدارك ما حولها.
وبعد فترة وجيزة من مقتل فريمان عادت إلى جدتها مع أخيها مرة أخرى، واستأجرت جدتها معلمة لتعليمها النطق مرة أخرى، وقصّت عليها المعلمة تراجم لكبار الكتاب مثل ويليام شكسبير، وإدغار ألا بو وغيرهم، وأثر هؤلاء الكتاب على حياتها بشكل كبير.
وحينما بلغت الرابعة عشر من عمرها عادت مرة أخرى إلى والدتها وعاشوا معًا في أوكلاند بكاليفورنيا، والتحقت هناك بمدرسة جورج واشنطن، وكانت تدرس الرقص والدراما في المدرسة.
وقبل التخرج من الثانوية عملت بائعة تذاكر في الترام بسان فرانسيسكو لتصبغ أو سوداء تعمل في هذه المهنة، وقبل بلوغها سن الـ17 عامًا أنجبت ابنها "كلايد" الذي أصبح اسمه فيما بعد إلى "غاي جونسون".
وبعد هذه الفترة انحدرت حياتها وأصبحت أم وحيدة تعيش في أسفل السلم الاجتماعي للفقر، وعملت أعمال مختلفة ما بين طاهية، وداعرة، ومديرة أعمال البغايا.
وفاة مايا أنجيلو
توفيت مايا أنجيلو في 28 مايو عام 2014 عن عمر 86 عامًا في منزلها في وينستون سالم بولاية نورث كارولينا، وقد عانت قبل وفاتها من مشاكل في القلب، إلا أنها ظلت تكتب حتى آخر يوم في حياتها.
خلال حفل تأبينها في جامعة ويك فورست، ذكر ابنها جاي جونسون أنه على الرغم من معاناتها الصحية إلا أنها كتبت 4 كتب خلال العشر سنوات الأخيرة من حياتها.
تزوجت مايا أنجيلو لأول مرة في عام 1951 من رجل يوناني اسمه "إينستاتشس" وعلى الرغم من رفض والدتها أن تتزوج من عرق مختلفة ولكنها أصرت على الزواج، وطوال فترة زواجها تعلمت الرقص الحديث.
وبعدها أسست فرقة رقص مع ألفين آلي وأطلقا عليه اسم "آل وريتا" وقدما عروضًا مختلفة في منظمات السود الأخوية في سان فرانسيسكو، وبعدها انتقلت مع زوجها وابنها إلى نيويورك لدراسة الرقص الأفريقي.
وبعد انفصالها عن زوجها اليوناني عملت راقصة في الأندية والملاهي الليلية، كما غنت ورقصت على موسيقى الكاليبسو، وقامت بجولة حول العالم بدعم من الأوبرا بين عامي 1954- 1955، وتعلمت لغة كل بلد زارته وأتقنت العديد من اللغات.
وفي عام 1957 سجلت ألبومها الأول "ملكة جمال الكاليسبو"، وبعدها التقت بالروائي "جيمس أوليفر كيلينز" وانتقلت إلى نيويرك لتكرس حياتها للكتابة، وانضمت إلى نقابة كتاب هارلم واجتمعت مع كبار الكتاب الأمريكيين الأفارقة.
وفي عام 1960 أسست ملهى الحرية وكان لها إسهامات في الحقوق المدنية كما كان لها دور بارز وفعال مناهضة العنصرية حيث زاد نشاطها المناهض للفصل العنصري.
وبعدها بعام تعرفت على "فوزمومزي ماكي" مناضل للحرية من جنوب أفريقيا وسافرت معه برفقة ابنها إلى القاهرة وتولت هناك منصل المحرر المساعد بالجريم الأسبوعية الصادرة بالإنجليزية "أرب أوبزرفر"، وبعدها بعام انتهت علاقتها بماكي وسافرت إلى غانا.
وظلت هناك حتى عام 1965 بسبب إصابة ابنها في حادث سيارة، وهناك أصبحت مسؤولة في جامعة غانا وناشطة بجالية الأمريكيين الأفارقة فضلًا عن عملها كمحررة في مجلة "ذي أفريكان ريفيو"، وكاتبة مستقلة، ومقدمة عدة برامج إذاعية، وراقصة في المسرح الغاني.
عادت مرة أخرى إلى الولايات المتحدة عام 1965 أسست منظمة للحقوق المدنية، وبعدها انتقلت إلى هاواي واستأنفت مشوارها الغنائي، وبعدها انتقلت إلى لوس أنجلوس للتركيز على الكتابة.
مؤلفات مايا أنجيلو
في عام 1968 كتبت مايا العديد من الأفلام وأهمها "بلاكس، بلوز، بلاك" وهي سلسلة أفلام وثائقية مكونة من 10 أجزاء، وفي العام نفسه كتبت سيرتها الذاتية الأولى "أعرف لماذا يغرد الطائر الحبيس" التي نشرت عام 1969.
كما أنتجت العديد من الأفلام ومنها فيلم "جورجيا جورجيا" وهو فيلم تم تصويره في السويد ويعتر أول نص سينمائي تكتبه امرأة سوداء.
كما كتبت وألفت عشرات الأفلام، والقصص القصيرة، والسير الذاتية والأشعار والألحان، كما كانت ممثلة ناجحة ورشحت لجائزة توني عن دورها في فيلم "ننظر بعيدًا.
كما حصلت على العديد من الجوائز ومنها 30 شهادة دكتوراه فخرية، وعملت على تدريس مجموعة متنوعة من الموضوعات.
كما ألقت قصيدتها "على نبض الصباح" في حفل تنصيب الرئيس "بيل كلينتون" لتصبح أول شاعرة تلقي قصيدة في حفل تنصيب.
وفي في عام 1996 حققت الشاعرة مايا أنجيلو حلمها بإخراج أول فيلم روائي طويل وهو فيلم "إلى أسفل الدلتا" وبعدها شاركت في إلقاء العديد من المحاضرات ، وبعد 30 عامًا في كتابة سيرها الذاتية كتبت سيرتها الذاتية السادسة "الأغنية التي صعدت إلى عنان السماء".
وفي عام 2002 أصدرت سيرتها الذاتية السابعة "أمي وأنا وأمي" وتناولت فيها علاقتها بأمها، وفي نهاية عام 2010 تبرعت بأوراقها الشخصية وتذكاراتها التي وصل عددها 340 صندوقاً من الوثائق إلى مركز شكومبيرغ للبحث في ثقافة السود بهارلم.
أصدرت مايا أنجيلو سبع سير ذاتية، كما أصدرت مجموعة شعرية تحدثت فيها عن رحلة حياتها، وتعتبر مؤلفاتها امتدادًا لتاريخها والأحداث التي جرت في حياتها.
وبجانب السير الذاتية فقد كتبت عدة كتب عن فن المقال، فضلًا عن كتاباتها في الشعر، والنصوص السينمائية، والمسرحيات، والخطابة.
وتم ترشيح سيرتها الذاتية "أعطني كوب ماء بارد قبل أن أموت" لجائزة بلويتزر، وكتبت طوال حياتها 6 سير ذاتية، وهم:
- أعرف لماذا يغرد الطائر الحبيس في عام 1969.
- اجتمعا معًا في اسمي في 1974.
- قلب امرأة في 1981.
- كل أطفال الرب يحتاجون أحذية سفر 1986.
- أغنية صاعدة إلى عنان السماء 2002.
- أمي أنا أمي 2003.
واعتمد أسلوبها في السير الذاتية على تقنيات الرواية، مثل الحوار، والحبكة والتشخيص، وكافة سيرها الذاتية تعتمد على البراعة الفنية والشخصيات والفكرة أيضًا، وتميل إلى الابتعاد عن المفهوم التقليدي للسيرة الذاتية بوصفها أنها "قصة واقعية".