• معلومات شخصية

    • الاسم الكامل

      ماو تسي تونغ

    • اسم الشهرة

      ماو تسي تونغ.. من فلاح بسيط إلى زعيم وإمبراطور أحمر

    • الفئة

      قائد,شخصية تاريخية,سياسي

    • الوفاة

      09 سبتمبر 1976
      بكين، الصين

    • التعليم

      جامعي

    • الجنسية

      الصين

    • بلد الإقامة

      الصين

    • الزوجة

      لوه ييشويانغ كايهويهي زيزينجيانج تشينغ

    • سنوات النشاط

      1913 - 1976

السيرة الذاتية

مؤسس جمهورية الصين الحديثة، وواحد من أقطاب الشيوعية في العالم، إنه الزعيم السياسي والقائد العسكري الصيني ماو تسي تونغ صاحب المسيرة السياسية الملفتة والمثيرة للجدل، والذي لُقب ب"قائد الشعب" رغم أنه كان له يد في أكبر مجاعة شهدها التاريخ في القرن العشرين، ووصف بأنه "أكبر المجرمين" في القرن العشرين.

اتبع ماو سياسة فريدة من نوعها لإحكام سيطرته على الحزب الشيوعي الصيني والجمهورية الصينية، وقد أسس حركة فكرية خاصة به عرفت باسم "الحركة الماوية" وهي مزيج بين شيوعية لينين وماركس، وكانت هذه الحركة سببًا في تأسيس الجمهورية الصينية وتوليه سلطة البلاد والحزب.

من هو ماو تسي تونغ؟

ماو تسي تونغ  كان زعيمًا شيوعيًا صينيًا ومؤسس جمهورية الصين الشعبية، التي حكمها من تأسيسها في عام 1949 حتى وفاته في عام 1976. يُعتبر ماو أحد الشخصيات الرئيسية في القرن العشرين، وكان له تأثير كبير على التاريخ السياسي والاجتماعي للصين.

انضم ماو إلى الحركة الشيوعية الصينية في العشرينيات من القرن الماضي، وقد شارك في تأسيس الحزب الشيوعي الصيني عام 1921، وقاد الجيش الأحمر الصيني خلال الحرب الأهلية الصينية، ونجح في تأسيس جمهورية الصين الشعبية، بعد انتصار القوات الشيوعية في الحرب الأهلي.

تولى ماو سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية، والاجتماعية والثقافية في الصين، والتي عُرفت باسم "القفزة الكبرى للأمام"، و"الثورة الثقافية"، وقد هدفت تلك الإصلاحات إلى تحويل الصين إلى دولة اشتراكية قوية، ولكن في الوقت نفسه سببت تلك الإصلاحات كوارث اقتصادية واجتماعية أدت إلى مقتل ملايين الصينيين.

كانت مسيرة ماو تسي تونغ السياسية والعسكرية ملفتة للانتباه، ومثيرة للجدل، ورغم الجدل المثار حول سياساته الصارمة والمدمرة أحيانًا، إلا أنه يعتبر رمزًا كبيرًا في تاريخ الصيني، ولا يزال تأثيره محسوساً في السياسة، والثقافة الصينية الحديثة.

يُعتبر ماو شخصية محورية في تاريخ الصين، وقاد تحولات كبيرة في بلاده، وتركت سياساته آثارُا عميقة لا زالت تدرس وتناقش حتى يومنا هذا، ولا تزال قصة حياته مصدر اهتمام الكثيرين حول العالم.

نشأته وحياته المبكرة

ولد ماو تسي تونغ في 26 ديسمبر عام 1893 في قرية شاوشان في مقاطعة هونان لعائلة عملت في الزراعة، فوالده كان فلاحًا فقيرًا، لكنه أصبح أحد أغنى المزارعين في قريته، وذلك بعدما نجح في تجارة الحبوب.

نشأ ماو نشأ صارمة للغاية، فقد كان والده منضبطًا وصارمًا وقاسيًا، ولا يتردد في ضربهم من أجل تعليمهم، أما والدته فقد كانت بوذية متدينة ذات طبيعة هادئة، وحاولت تهدئة زوجها الصارم.

أصبح ماو بوذيًا بسبب عائلته، إلا أنه تخلى عن الدين في سنوات مراهقته المبكرة، وقد درس في مدرسة شاوشان الابتدائية، بينما كان يعمل في مزرعة والده في الوقت نفسه.

كان والده يرغب في أن يعمل في الزراعة، بينما أراد ماو استكمال تعليمه، وقد تمكن ماو من تشكيل ثقافته وتوجهه السياسي بفضل الكتب التي كان يقرأها، وخاصة كتب التاريخ، كما تشكلت آراؤه السياسية كذلك من الاحتجاجات في بلاده في أعقاب المجاعة في تشانغشا، عاصمة هونان.

في عام 1911، درس ماو في المدرسة الإعدادية في تشانغشا، وقد شكّل اتجاهًا معاديًا للملكية ومؤيدًا للجمهورية في ذلك الوقت، كما أنه انضم إلى جيش المتمردين كجندي خاص، إلا أنه لم يشارك في القتال، وقد اكتشف الاشتراكية في ذلك الوقت من خلال مقال صحفي، ولكنه لم يكن مقتنعًا بها، رغم أنه كان مهتمًا بالفكرة.

حرص ماو على الدراسة في أكثر من مكان، فعلى مدار السنوات التالي التحق بأكاديمية الشرطة، وكلية الحقوق، وكلية الاقتصاد، ومدرسة تشانغشا المتوسطة، كما أنه واصل دراسته بشكل مستقل، وانكب على قراءة الكتب السياسية وأعمال الفلاسفة الغربيين.

لم يكن والده مقتنعًا بما يقوم به ابنه، لذا قطع عنه المصروف، فترك ماو المنزل، وانتقل للعيش في نزل للفقراء، وفي ذلك الوقت أراد أن يصبح مدرسًا، والتحق بالمدرسة الرابعة، وقد كان طالبًا مشهورًا في المدرسة، وانتخب سكرتيرًا لجمعية الطلاب، كما نظم احتجاجات ضد قواعد المدرسة، وتخرج من المدرسة في عام 1919، واحتل المرتبة الثالثة في ذلك العام.

ماو تسي تونغ.. من فلاح بسيط إلى زعيم وإمبراطور أحمر

تزوج زوجته الأولى بالإكراه

تزوج ماو تسي تونغ للمرة الأولى في سن مبكرة جدًا، ومن سيدة تكبره ب4 سنوات، وقد كان زواجًا بالإكراه، أجبره عليه والده من أجل توحيد عائلاتهم المالكة للأراضي.

كان ماو يبلغ من العمر 13 عامًا، عندما تزوج من زوجته الأولى، لوه ييشو البالغة من العمر 17 عامًا، وقد رفض ماو الاعتراف بها كزوجته، وانتقد بشد الزواج المرتب، وانتقل من المنزل، وعاش مع صديقه، وخلال ذلك الوقت قضى وقتًا طويلًا في مطالعة الكتب.

وبسبب هروب ماو من منزل الزوجية، عانت زوجته الأولى من فضيحة وعار شديدين، وقد توفيت زوجته الأولى بعد حوالي 3 شهور من عيد ميلادها العشرين بسبب مرض الزحار.

زوجات ماو تسي تونغ

زوجة ماو تسي تونغ الثانية اسمها يانغ كايهوي، وتزوجها في عام 1920، وقد أنجبت له 3 أطفال، وهم ماو أنينغ، وماو آن تشينغ، وماو آن لونغ. زوجته هي ابنة معلمه المفضل في مدرسة هونان الابتدائية.

كانت زوجته ناشطة شيوعية، وقد دعمت الحزب الشيوعي بكل ما أوتيت من قوة، وأدى دعمها ذلك إلى إعدامها عام 1930، وهي تبلغ من العمر 29 عامًا، وقد توفيت بعد تعذيب لفترة طويلة، حتى إنها رفضت الاعتراف على زوجها وأعضاء الحزب المحلي.

ظل ماو حزينًا على زوجته طوال حياته، رغم علاقته مع نساء أخريات بعدها، وقد تحدث مع مراسلة أمريكية عام 1937 عن حزنه عليها، كما كتب لها قصيدة في ذكرى وفاتها.

تزوج ماو تسي تونغ للمرة الثالثة من هي زيزين، وكانت ثورية وسياسية صينية، وشاركت في المسيرة الطويلة، وقد تزوجها في عام 1928، بينما كان متزوجًا من زوجته الثانية.

حملت زوجته الثالثة زيزين 11 مرة في حياته، وأنجبت من ماو 3 بنات، و3 أبناء، ولكنهم أتوا جميعًا وهم صغار، أو انفصلوا عن العائلة، باستثناء ابنتهما لي مين. في عام 1937، انفصلت زيزين عن ماو وسافرت إلى الاتحاد السوفيتي.

زوجة ماو تسي تونغ الرابعة هي جيانج تشينغ، وكانت أيضًا ثورية شيوعية وممثلة وشخصية سياسية بارزة خلال الثورة الثقافية، وقد تزوجا في عام 1938، وأنجبت له ابنة واحدة اسمها لي نا، وقد ظل متزوجها حتى وفاته في عام 1976.

ماو تسي تونغ.. من فلاح بسيط إلى زعيم وإمبراطور أحمر

نشاطه السياسي المبكر

تأثر ماو تسي تونغ بالفكر الماركسي اللينيني في شبابه، وقد كان جزءًا من الجيش الثوري، وشارك في الانتفاضة المسلحة، والتي أدت إلى تأسيس جمهورية الصين، حيث تمكن الجيش الثوري بالإطاحة بآخر إمبراطوريات الصين في ذلك الوقت.

خلال الفترة التي عمل فيها ماو مدرسًا في مدينة تشانغشا، تأثر كثيرًا بالفكر الشيوعي، وخاصة عندما التقى عميد المدرسة تشن تو هسيو، وأمين المكتبة لاي تاو تشاو، وبمرور الوقت، ومع زيادة قراءاته أصبح إيمانه بالماركسية أكثر، وانضم إلى الحزب الشيوعي في عام 1921 في شنغهاي.

في الفترة من عام 1920 إلى عام 1921 عمل ماو جمع الحشود من أجل الاحتجاجات لمواجهة التوسع الياباني في الصين، وذلك بعدما سيطرت اليابان على إقليم شاندونغ الصيني، وقد اعتبر الصينيون في ذلك الوقت هذا الأمر إهانة لسيادة البلاد.

مشواره مع الحزب الشيوعي

كان ماو من ضمن المؤسسين للحزب الشيوعي في شنغهاي، وقد انضم إلى الحزب باعتباره موفدًا عن إقليم هونان، ومنذ انضمامه للحزب لعب دورًا بارزًا في تحالف الحزب الشيوعي مع الحزب القومي الصيني أو ما يُعرف باسم "الكومينتانغ" وذلك في عام 1923.

هدف هذا التحالف إلى توحيد الصين ومقاومة الاحتلال، والتخلص من ملاك الأراضي الكبار، الذين سيطروا على نسبة كبيرة من شمال البلاد، وفي عام 1924 أشرف على تنظيم احتجاجات الفلاحين ضد ملاك الأراضي، وبعدها هرب إلى جنوب الصين بعد ازدياد حدة الصراعات في الشمال.

ماو تسي تونغ.. من فلاح بسيط إلى زعيم وإمبراطور أحمر

الحركة الماوية

كان ماو يؤمن بأن أنصار الحزب الشيوعي يجب أن يكونوا من الطبعة العاملة، واتفق مع فكر كارل ماركس في هذا الأمر، إلا أنه سرعان ما غيّر طريقة تفكيره، وعمل على تطوير مفهوم جديد للشيوعية يعتمد فيه على الفلاحين، وذلك بما يناسب طبيعة الصين وظروفها، وطوّر مفهوم جديد للشيوعية سُمي على اسمه، وهي "الماوية"، والتي اعتبرت مزيجًا بين شيوعية كارل ماركس، فلاديمير لينين.

تؤكد الماوية على ضرورة استمرار الثورة بعد الوصول إلى السلطة. ماو كان يعتقد أن البرجوازية يمكن أن تعود في أي لحظة، لذا يجب أن تبقى الثورة مستمرة للحفاظ على الروح الثورية والنقاء الأيديولوجي.

طوّر ماو تكتيكات حرب العصابات كوسيلة فعالة للثورة في المناطق الريفية، وكانت تلك التكتيكات جزءًا أساسيًا من استراتيجيته العسكرية ضد الكومينتانغ. دعى ماو في حركته إلى  تشكيل تحالفات بين مختلف الطبقات الاجتماعية لتحقيق أهداف الثورة.

دعا ماو إلى تحقيق توازن بين التنمية الصناعية والزراعية، وهذا المفهوم ظهر بوضوح في حملة "القفزة الكبرى للأمام"، التي كانت تهدف إلى تسريع النمو الصناعي والزراعي في وقت واحد.

ماو تسي تونغ.. من فلاح بسيط إلى زعيم وإمبراطور أحمر

تأسيس جمهورية الصين الشعبية

نجحت الحركة الماوية في الانتشار في عموم الصين، وقد أدت في النهاية إلى هزيمة الكومينتانغ في عام 1949، ليتم الإعلان عن قيام جمهورية الصين الشعبية في الأول من أكتوبر في العام نفسه، وقد أصبح رئيسًا للجمهورية في عام 1954.

بعد تأسيس الجمهورية، بدأ ماو خطته في الإصلاح الزراعي، حيث انتزع الأراضي من الفلاحين والملاك الأغنياء بالإجبار، ومنحها إلى الفلاحين الأكثر فقرًا، وقد تعرض عدد كبير من ملاك الأراضي إلى التعذيب حتى الموت من أجل التخلي عن أراضيهم.

بدأ ماو أيضًا حملة شرسة من أجل تطهير المناطق الحضرية من الفساد، والتي عرفت باسم "الحملات الثلاثية والخماسية"، وقد أدت تلك الحملات إلى قتل آلاف الأشخاص، وغالبيتهم توفي عن طريق الانتحار.

"القفزة الكبرى للأمام"

كانت خطة "القفزة الكبرى للأمام" خطة اقتصادية اجتماعية أطلقها ماو تسي تونغ في الصين بين عامي 1958، و1962، وهدفت إلى تحويل الصين من اقتصاد زراعي، إلى قوة صناعية، ولكنها أدت إلى واحدة من أكبر الكوارث الإنسانية في القرن العشرين.

هدفت الخطة إلى تسريع التنمية الصناعية من خلال إقامة مشاريع صناعية في المناطق الريفية، بما في ذلك الأفران الصغيرة لإنتاج الحديد والصلب.

تضمنت الخطة إجراءات لزيادة الإنتاج الزراعي من خلال تنظيم الفلاحين في "الكومونات الشعبية"، وهي وحدات تعاونية كبيرة تهدف إلى تحسين الكفاءة وزيادة المحاصيل.

كان الهدف الأساسي من الخطة هو الاكتفاء الذاتي الاقتصادي، بحيث تتمكن الصين من تطوير نفسها دون الاعتماد على المساعدات الخارجية، أو التكنولوجيا الأجنبية.

تم تنفيذ الخط على عدة مراحل، المرحلة الأولى عرفت باسم "الكوميونات الشعبية"، وفيها يتم تجميع الفلاحين في مجتمعات زراعية كبيرة، كانوا يعيشون ويعملون فيها معًا، ويتقاسمون الموارد والنتاج.

شجعت الحكومة الصينية أيضًا على إنشاء أفران صغيرة في القرى والمناطق الريفية لإنتاج الحديد والصلب بهدف زيادة الإنتاج الصناعي بسرعة، وكانت الكوميونات تقدم تقارير عن الإنتاج الزراعي والصناعي لتحقيق الأهداف التي حددتها الحكومة، وأدى هذا إلى تقديرات غير واقعية للإنتاج الفعلي.

ماو تسي تونغ.. من فلاح بسيط إلى زعيم وإمبراطور أحمر

ماو تسي تونغ المجاعة الكبرى

أدت خطة "قفزة كبرى للأمام" إلى كارثة في الصين، فقد أدى تحويل الفلاحين من الزراعة إلى الصناعة، وتقديم تقارير مبالغ فيها إلى نقص حاد في الغذاء، ووصل إلى مجاعة، وقد قدرت وفيات تلك المجاعة ما بين 15 إلى 45 مليون شخص، وهو ما جعلها واحدة من أكبر الكوارث الإنسانية في التاريخ.

تفاقم عدد ضحايا ماو تسي تونغ في الريق عن المناطق الحضرية، وقد استمرت الحكومة، رغم المجاعة، إلى تصدير الغذاء إلى الخارج، والذي كان مخصصًا للمواطنين. مات العديد من الأطفال الذين أصيبوا بسوء التغذية خلال سنوات الشدة، والتي انتهت بانتهاء القفزة العظيمة للأمام في عام 1962.

خلال هذه الخطة، كانت تمارس على الفلاحين ممارسات غير إنسانية، حيث أجبروا على القيام بأعمال شاقة دون طعام أو راحة، وأدى ذلك إلى انتشار الأوبئة والمجاعات.

يُقال أن ماو بعدم اعلم بمدى المجاعة توقف عن أكل اللحوم، وفي عام 1959، تنحى عن منصبه كرئيس للصين، واحتفظ بمناصب عليا أخرى، مثل رئيس الحزب الشيوعي، ورئيس اللجنة العسكرية المركزية، فيما انتقلت الرئاسة إلى ليو شاو تشي.

ماو تسي تونغ والثورة الثقافية

أطلق ماو تسي تونغ حملة سياسية اجتماعية اسمها "الثورة الثقافية"، والتي عُرفت رسميًا باسم "الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى"، في الفترة من عام 1966 إلى عام 1976.

هدفت الثورة الثقافية إلى تعزيز الأيديولوجية الشيوعية والنقاء الثوري، والقضاء على التأثيرات البرجوازية، وأي عناصر يُعتقد أنها تمثل تهديدًا للثورة الشيوعية، وكانت هذه الثورة واحدة من أكثر الفترات اضطرابًا في التاريخ الصيني الحديث، وترك تأثيرًا كبيرًا على المجتمع والسياسة والثقافة في الصين.

كان ماو يهدف بهذه الحركة استعادة سلطته المطلقة في الحزب الشيوعي الصيني، بعد تخليه عن رئاسة جمهورية الصين، وخاصة بعد الفشل الاقتصادي الكبيرة لحملته "القفزة الكبرى للأمام"، والتي أضعفت موقعه داخل الحزب الشيوعي الصيني.

كان ماو يرى أن الثورة الصيني في تراجع نحو البرجوازية، وأن هناك حاجة إلى تجديد الروح الثورية للحفاظ على النقاء الأيديولوجي، وكان هناك صراع داخلي كبير بين الفصائل المختلفة في الحزب الشيوعي، لذا كانت الثورة الثقافية سياسية ناجحة لتهميش خصومه السياسيين داخل الحزب.

بدأت الثورة في مايو 1966 عندما دعا ماو إلى "تحطيم الأيقونات البرجوازية" و"تنظيف" الحزب من العناصر الرجعية، واستهدف ماو النظام التعليمي والثقافي، وشن حملة ضد المثقفين والعلماء والفنانين.

شجع ماو الشباب على تشكيل مجموعات "الحرس الأحمر" الذين كانوا يقومون بحملات تطهير داخل المدارس والجامعات والمجتمعات، مهاجمين كل من يُشتبه في ولائهم للأفكار البرجوازية.

أدت حملات الحرس الأحمر تلك إلى فوضى كبيرة، حيث تم تدمير الممتلكات الثقافية، وتعطيل النظام التعليمي، واعتقل آلاف الأشخاص، كما تم إجبار كبار المسؤولين في الحزب والدولة على الخضوع للجلسات اعتراف علنية، تعرضوا فيها للإهانة والعنف.

في أواخر الستينيات، تدخل الجيش الشعبي لتحرير الصين لفرض النظام، لكن الفوضى استمرت. شهدت الفترة صراعات داخلية في الجيش والحكومة.

انتهت الثورة الثقافية بوفاة ماو تسي تونغ في عام 1976، وبعد وفاته اعتقل خلفاؤه، عرفوا باسم "عصابة الأربعة"، والتي كانت تتكون من قادة الحزب المرتبطين بالثورة، وتم اتهامهم بارتكاب جرائم وتجاوزات.

بعد انتهاء الثورة الثقافية، بدأ الحزب الشيوعي في الصين بقيادة دنغ شياو بينغ عملية إعادة تقييم للأحداث، مما أدى إلى إصلاحات اقتصادية وسياسية واسعة النطاق.

ماو تسي تونغ.. من فلاح بسيط إلى زعيم وإمبراطور أحمر

وفاة ماو تسي تونغ

كان الزعيم الصيني ماو تسي تونغ مدخنًا شرهًا، وقد تفاقمت صحته في السنوات الأخيرة بسبب التدخين، وعانى من أمراض متعددة في الرئة والقلب في سنواته الأخيرة، إلا أن حالته الصحية أصبحت من الأسرار الرسمية.

انتشرت تقارير غير مؤكدة بأنه عانى من مرض باركنسون، كما عانى من التصلب الجانبي الضموري، وقد كان آخر ظهور له على قيد الحياة في 27 مايو عام 1976 في لقاء له مع رئيس الوزراء الباكستاني ذو الفقار علي بوتو.

قبل وفاته عانى ماو بنوبات قلبية جعلته عاجزًا، وتوفي في 9 سبتمبر عام 1976 عن عمر 82 عامًا، وتم الإعلان عن وفاته في الإذاعة الوطنية.

تم تحنيط جسد ماو بعلم الحزب الشيوعي الصيني في قاعة الشعب الكبرى لمدة أسبوع، وقد سار ما يصل إلى مليوني صيني لتقديم واجب العزاء، وكان الكثيرون منهم يبكون علنًا، أو يظهرون حزنهم عند المرور على جثمانه، فيها عرضت جنازته على التلفاز.

ضريح ماو تسي تونغ

في 17 سبتمبر نقلت جثته إلى المستشفى، وتم الاحتفاظ بأعضائه الداخلية، وفي اليوم التالي تم الالتزام بصمت إلزامي لمدة 3 دقائق، وانطلقت المدافع وصافرات الإنذار في جميع أنحاء الصين، ورغم أنه طلب حرق جثته، إلا أن مكان دفنه أصبح ضريحًا، وتم تحنيط جثته، وبناء قاعة تذكارية كمكان راحة أخير له بعد وقت قصير من وفاته.

أصبح ضريحه معلمًا سياحيًا بارزًا في بكين، وتم حفظ جثمانه المحنط في القاعة المركزية في صندوق زجاجي بإضاءة خافتة، ويحرسه حرس الشرف العسكري، ويفتح المركز للزيارة للجمهور طوال الأسبوع، عدا يوم الاثنين.

ماو تسي تونغ.. من فلاح بسيط إلى زعيم وإمبراطور أحمر

كتابات ماو تسي تونغ

كان الزعيم ماو تسي تونغ غزير الإنتاج للأدب السياسي والفلسفي، وقد تركزت كتاباته على الأفكار الثورية والأيديولوجية الشيوعية، والاستراتيجيات العسكرية، والنظريات الاجتماعية والسياسية.

كتاب ماو تسي تونغ "الكتاب الأحمر الصغير" هي من أشهر مؤلفاته، وعنوانه الرسمي "اقتباسات من أقوال الرئيس ماو تسي تونغ" ويحتوي الكتاب على مجموعة من الاقتباسات من خطب وكتابات ماو، تغطي مجموعة واسعة من الموضوعات بما في ذلك الأيديولوجيا الشيوعية، الحرب الثورية، والسياسات الاجتماعية.

كان لهذا الكتاب تأثير كبير خلال الثورة الثقافية في الصين، وأصبح رمزًا للأيديولوجيا الماوية، كما كان يستخدم كدليل تعليمي، ونشر على نطاق واسع بين الشعب الصيني وأعضاء الحزب الشيوعي. نشر الكتاب في 150 دولة، وترجم إلى 50 لغة، وتم توزيع أكثر من ملياري نسخة منه، كما عتبره البعض بأنه بمثابة "إنجيل" حركات التحرر في العالم.

من مؤلفاته الأخرى كتاب "حول الممارسة"، يناقش ماو العلاقة بين المعرفة والنظرية والتطبيق العملي. يؤكد على أهمية التجربة العملية كوسيلة لاكتساب المعرفة.

أما كتاب ماو تسي تونغ "حول التناقض"، يعرض فيه نظريته حول التناقضات، مستندًا إلى الماركسية. يناقش كيف أن التناقضات الداخلية هي المحرك الأساسي للتغيير والتطور في جميع الظواهر.

بجانب المؤلفات السياسية والأيدولوجية، ألف أيضًا العديد من القصائد والأعمال الأدبية، وقد تأثر أسلوبه الشرعي بالشاعرين الصينيين لي هي وتانغ لي باي.

ماو تسي تونغ كان ثوريًا مفكرًا سعى لتطبيق الماركسية بطريقة تتناسب مع السياق الصيني، وقد أثر بشكل كبير على مسار التاريخ الصيني الحديث من خلال سياساته وأفكاره الثورية.

من يقوم بنصف ثورة كمن يحفر قبره بيده

أهم الأعمال

  • أحد مؤسسي الحزب الشيوعي في الصين وزعيمها السابق

  • مؤسس جمهورية الصين الشعبية

  • تولى رئاسة جمهورية الصين الشعبية