ماريسا ماير.. نموذج للقيادة في عالم التكنولوجيا

ماريسا ماير، اسم لامع في عالم التكنولوجيا، ارتبط ارتباطًا وثيقًا بعملاقتي الإنترنت "جوجل" و"ياهو". اشتهرت ماير بكونها واحدة من أولى المهندسات في جوجل، حيث ساهمت في تطوير واجهة المستخدم الشهيرة للبحث. وبعد فترة طويلة في جوجل، انتقلت لتولي زمام الأمور في ياهو، محاولةً إحياء الشركة العريقة.

من هي ماريسا ماير؟

ماريسا آن ماير، هي سيدة أعمال ومستثمرة أمريكية، شغلت منصب الرئيس والمدير التنفيذي لشركة ياهو من عام 2012 إلى عام 2017، وتعد واحدة من أبرز الشخصيات في عالم التكنولوجيا، وأكثرهم تأثيرًا، ولدت في 30 مايو عام 1975.

اشتهرت ماير بدورها المهم كمديرة تنفيذية في كبرى شركات التكنولوجيا في العالم مثل جوجل وياهو، وقد بدأت مسيرتها المهنية في جوجل عام 1999، وكانت الموظفة رقم 20 في الشركة، وأول مهندسة أنثى أيضًا.

وفي جوجل شغلت ماير العديد من المناصب، منها إدارة المنتجات والإشراف على بعض من أهم منتجات الشركة، مثل Google Search وGoogle Images وGoogle Maps وGoogle News وGmail، وغيرها.

ساهمت ماير بشكل كبير في تصميم واجهة مستخدم جوجل، وجعلتها بسيطة وسهلة الاستخدام، مما ساعد على تعزيز شعبية جوجل كأشهر محرك بحث في العالم.

في عام 2012 انتقلت إلى ياهو كمديرة تنفيذية، وحاولت إعادة تنشيط الشركة، من خلال إحداث تغييرات كبيرة، بما في ذلك الاستحواذ على شركات ناشئة، وغادرت الشركة عام 2017، لتبدأ في تأسيس شركتها الناشئة في تطوير تطبيقات لتحسين الحياة اليومية.

تعتبر ماريسا ماير واحدة من النساء الرائدات في مجال التكنولوجيا، وقد ألهمت الكثيرات للعمل في هذا المجال.

نشأتها وتعليمها

ولدت ماريسا ماير في ويسكونسن بالولايات المتحدة الأمريكية، والدتها معلمة فنون من أصول فنلندية، أما والدها فهو مهندس بيئي عمل في شركات المياه، وقد كان جدها عمدة جاكسون لمدة 32 عامًا، ولديها شقيق أصغر منها.

كانت ماير طفلة خجولة جدًا في طفولتها وسنوات مراهقتها، ورغم ذلك شاركت في العديد من الأنشطة، مثل البيانو والباليه، والتزلج على الجليد والسباحة، وقد أظهرت اهتمامًا بالرياضيات والعلوم في سن مبكرة.

التحقت ماير بمدرسة واساو ويست الثانوية، وكانت طالبة متفوقة، خاصة في مواد الرياضيات والأحياء والفيزياء، وكانت رئيسة نادي اللغة الإسبانية، وقائدة فريق المناقشة في المدرسة.

تخرجت من الثانوية عام 1993، وأخذت دروسًا تمهيدية للطب في جامعة ستانفورد، حيث كانت تنوي دراسة الجراحة، إلا أنها حوّلت تركيزها فيما بعد إلى الأنظمة الرمزية، وهو تخصص جمع بين الفلسفة وعلم النفس وعلوم الكمبيوتر، والتحقت بجامعة ستانفورد.

كانت ماير طالبة متفوقة جدًا في الكلية، ففي سنتها الجامعية الأولى كانت تلقي دروسًا في الأنظمة الرمزية تحت إشراف معلمها إريك إس روبرتس، وقد تخرجت من الجامعة عام 1997، وفي عام 1999 حصلت على الماجستير في علوم الكمبيوتر.

زوجها وأطفالها

تزوجت ماريسا ماير من المحامي والمستثمر زاكاري بوج عام 2009، وأنجبت طفلها الأول ماكاليستر عام 2012، وفي عام 2015 أنجبت فتاتين توأم وهما مارييل وسيلفانا.

نشأت ماريسا في عائلة مسيحية لوثرية، ولكنها ليست متدينة، وقد قالت في أحد التصريحات: "أولوياتي هي الله والعائلة وياهو، إلا أنني لست متدينة إلى هذا الحد، لذا فإن الأمر يتعلق حقًا بالعائلة وياهو".

مسيرتها المهنية مع جوجل

كانت ماريسا ماير من أوائل الموظفين في شركة جوجل، وأول مهندسة أنثى يتم تعيينها في الشركة، وقد انضمت إلى جوجل عام 1999، وبدأت كمبرمجة، ومهندسة، وعملت على تطوير وتحسين محرك البحث.

كانت ماير مسؤولة عن تصميم واجهة مستخدم محرك البحث، وركزت على البساطة وسهولة الاستخدام، وكانت تؤمن أن التصميم يجب أن يكون بديهيًا. أدارت ماير العديد من الاختبارات لتحسين تجربة المستخدم، وكانت تؤمن بأهمية اتخاذ القرارات بناء على البيانات.

قادت ماير فريق العمل على Google Images، الذي أطلق عام 2001، وقد ساعد هذا المنتج المستخدمين في البحث عن الصور عبر الإنترنت، وسرعان ما أصبح أحد الميزات المهمة لمحرك البحث.

عملت ماير كذلك على تطوير Google News، الذي أطلق عام 2002، وتطوير Google Maps، وGoogle Earth. كانت ماير أيضًا جزءًا من الفريق الذي عمل على إطلاق جيميل عام 2004.

تولت ماير عدة مناصب إدارية في الشركة، منها نائب الرئيس للبحث وتجربة المستخدم، ونائب الرئيس للمنتجات المحلية والخرائط، وقد أظهرت قيادة قوية، وأثرت بشكل كبير على ثقافة العمل والابتكار داخل جوجل.

وخلال عملها في جوجل، واصلت ماير التدريس، حيث قدمت دروسًا في البرمجة في جامعة ستانفورد، مدرسة إيست بالو ألتو تشارتر، وحصلت على جائزة التدريس المئوية، وجائزة فورسيث من جامعة ستانفورد.

لعبت ماريسا ماير دورًا كبيرًا في تحويل جوجل إلى إحدى أكبر شركات التكنولوجيا في العالم، حيث ساهمت في تطوير منتجات أساسية واستراتيجية، وتركت بصمة واضحة على تجربة المستخدم والتصميم.

تركت أيضًا إرثًا من الابتكار والتميز في تصميم تجربة المستخدم. كانت رؤيتها وتركيزها على البساطة وسهولة الاستخدام عناصر أساسية في نجاح منتجات جوجل.

مسيرتها مع شركة ياهو

في عام 2012، انضمت ماريسا ماير إلى شركة ياهو كرئيسة ومديرة تنفيذية، في محاولة منها لإنجاح الشركة، حيث كانت أرقام ياهو في ذلك الوقت متدينة جدًا، وخضعت الشركة لعدة تغييرات في الإدارة أثّر على الأداء.

أشرفت ماير على تغيير كبير في سياسة الموظفين في ياهو، وقد كان يُنظر إليها على أنها قادرة على جلب الابتكار والتجديد لياهو. وضعت ماير تركيزًا كبيرًا على تطوير وتحسين تطبيقات ياهو المحمولة، وقادت عمليات تحديث وتطوير لتطبيقات البريد الإلكتروني والأخبار والطقس والمزيد.

من أبرز إنجازات ماريسا ماير خلال هذه الفترة، أنها قادت استحواذ ياهو على عدة شركات ناشئة تركز على الهواتف المحمولة، منها Summly، وFlurry، لتعزيز القدرات التقنية لياهو في هذا المجال.

قامت ماريسا أيضًا بإعادة تصميم وتحديث خدمة بريد ياهو الإلكتروني لتحسين تجربة المستخدم، وركزت على تحسين واجهة المستخدم، وتحسين تجربة المستخدم في منتجات ياهو، مثل ياهو نيوز.

في عام 2013، قادت ماير عملية الاستحواذ على تمبلر بمبلغ 1.1 مليار دولار، في محاولة لجذب جمهور الشباب إلى ياهو وتعزيز محتوى الوسائط الاجتماعية، وبالرغم من أن الاستحواذ كان طموحًا، إلا أن تمبلر لم تحقق النتائج المتوقعة فيما يتعلق بزيادة الإيرادات والنمو.

في عام 2016، توصلت ياهو إلى اتفاق لبيع أعمالها الأساسية لشركة فيريزون مقابل 4.48 مليار دولار، لترحل ماير عن الشركة في عام 2017 بعد إتمام الصفقة.

حاولت ماريسا ماير جاهدة إعادة تنشيط ياهو، وجعلها منافسة في سوق التكنولوجيا. على الرغم من بعض النجاحات في تحسين المنتجات واستراتيجياتها، إلا أن التحديات الكبيرة والقرارات المثيرة للجدل حالت دون تحقيق أهدافها بالكامل.

إنجازات ماريسا ماير في ياهو

عند استقالتها من شركة ياهو عام 2017، سلطت ماريسا ماير عن الإنجازات التي حققتها الشركة خلال فترة ولايتها، ومنها إنشاء 34 مليار دولار في القيمة السوقية، وقدرتها على مضاعفة أسهم ياهو ثلاث مرات.

خلال فترة ولايتها عملت على تنمية مستخدمي الهاتف المحمول، ووصل عددهم إلى أكثر من 650 مليونًا، كما تمكن من بناء أعمال إعلانات الهاتف بقيمة 1.5 مليار دولار.

انتقادات حادة طالتها

وعلى الرغم من التحسينات في المنتجات والمشاريع الجديدة، لم تشهد ماير زيادة في الإيرادات، وواجهت صعوبات مالية، وانخفضت قيمة أسهم الشركة خلال فترة رئاستها، وقد واجهت انتقادات حادة من المستثمرين.

جلبت بعض قرارات ماريسا ماير انتقادات حادة لها، منها قرار إلغاء سياسية العمل عن بعد، حيث فرضت على الموظفين العمل من المكتب، وقد اعتبر البعض أن ذلك سيؤثر سلبًا على معنويات الموظفين.

تعرضت أيضًا لاتهامات بالتمييز على أساس الجنس، فقد رفع موظف في شركة ياهو دعوى ضدها يتهمها بأنها عززت استخدام نظام تقييم أداء الموظفين لاستيعاب التحيزات الذاتية والآراء الشخصية للإدارة، وادعى أنه قبل طرده تلقى تقييمات مرضية منذ بدأ العمل مع الشركة عام 2011 كرئيس للبرمجة التحريرية، إلا أن القضية رفضت عام 2018.

ما بعد شركة ياهو

بعد الاستقالة من منصبها في شركة ياهو، بدأت ماريسا ماير في تأسيس شركتها الخاصة، والتي أطلقت عليها في البداية اسم Lumi Labs، ثم أصبح اسمها Sunshine، وركزت الشركة على الذكاء الاصطناعي، ووسائل الإعلام الاستهلاكية، وقد تمكنت شركتها عام 2020، من الحصول على تمويل بقيمة 16.5 مليون دولار.

وبجانب شركتها، عُرف عن ماير استثماراتها النشطة في شركات التكنولوجيا، فقد استثمرت في العديد من الشركات، منها شركة Airtime.com، وشركة uBeam، وشركة One Kings Lane، وشركات أخرى.

ثروة ماريسا ماير

قدرت فوربس ثروة ماريسا ماير بحوالي 970 مليون دولار أمريكي. خلال عملها في ياهو، وعلى الرغم من الخسائر الكبيرة للشركة، إلا أن ماير حصلت على إجمالي 239 مليون دولار في الفترة التي عملت فيها في ياهو، ومعظمها في الأسهم وخيارات الأسهم.

جوائز وتكريمات

تم اختيار ماريسا ماير في العديد من القوائم السنوية لمجلة فورتشن، منها قوائم أقوى 50 امرأة في مجال الأعمال أمريكا بداية من عام 2008 إلى عام 2014 على التوالي، وفي عام 2008 كانت أصغر سيدة تدرج في القائمة، وعمرها 33 عامًا فقط.

في عام 2009 تم اختيارها كواحدة من نساء العام في مجلة جلامور، كما أدرجتها مجلة فوربس ضمن قائمتها لأقوى 100 امرأة في العالم لعدة سنوات. أدرجتها مجلة تايم في قائمتها لأكثر 100 امرأة تأثيرًا أكثر من مرة.

ظهرت ماير في قائمة النساء الرئيسات التنفيذيات لشركات فورتشن 500 في عام 2017، حيث احتلت المرتبة 498 من بين أفضل 500 رئيس تنفيذي لشركات فورتشن 500.