اشتهر الكاتب الأمريكي مارك توين برواية الأطفال الشهيرة مغامرات توم سوير التي يعتبرها بعض الأدباء أول عمل رئيسي للأدب الأمريكي، وفي أعماله حاول أن يشرح جمال الضحك، ويعد أحد أوائل الذين اشتروا الآلة الكاتبة، تعرف أكثر عن سيرته الأدبية وحياته.
صمويل لانغهورن كليمنس المعروف باسمه المستعار مارك توين كان فكاهيًا أمريكيًا، وكاتبًا ساخرًا، وروائيًا، ومؤلفًا، ومعلمًا، ولد في 30 نوفمبر 1835 في فلوريدا، ميسوري، الولايات المتحدة الأمريكية.
يعتبر مارك توين واحد من أعظم كتاب الفكاهة في الولايات المتحدة الأمريكية، فقد كتب العديد من الروايات والقصص الساخرة وأشهرها "مغامرات توم سوير"، و"مغامرات هاكلبري فين"، والتي تسمى غالبًا بالرواية الأمريكية العظيمة.
بدأ توين حياته المهنية في كتاب الشعر الفكاهي الخفيف، ثم أصبح بعدها مؤرخًا أرخ عن الغرور والنفاق وأعمال القتل البشرية في أعماله، كما أنه كان بارعًا في إلغاء الخطاب العامي.
يعتبر توين من أفضل كتاب أمريكا وأكثرهم تأثيرًا، حيث أثر بشكل كبير على الأدب الأمريكي، حيث استخدم الفكاهة والسخرية في معالجة ونقد القضايا في المجتمع الأمريكي.
نشأته وتعليمه
كان مارك الطفل السادس لأسرة مكونة من سبعة أطفال وواحد من ثلاثة أشقاء على قيد الحياة، انتقلت عائلته إلى هانيبال، على طول نهر المسيسيبي، عندما كان عمره أربع سنوات، وكتب روايته المستقبلية بناءً على ملاحظاته في هذه المنطقة.
كان والده يعمل تاجرًا ومحاميًا وتوفي بسبب التهاب رئوي حينما كان يبلغ من العمر 11 عامًا؛ ولهذا السبب اضطر إلى ترك المدرسة وبدأ العمل كمتدرب في مطبعة.
في سن الثامنة عشر، بدأ السفر إلى ولايات مختلفة من الولايات المتحدة عندما كان شابًا لديه الرغبة في اكتشاف العالم، في الوقت نفسه كان يعمل في العديد من دور الطباعة.
عندما عاد إلى ميسوري بعد أربع سنوات، أراد أن يصبح قبطانًا على متن سفن بخارية في نهر المسيسيبي، لذا درس للتحضير للامتحانات واستغرق الأمر عامين لتعلم جميع أجزاء النهر، وشكلت هذه الأماكن التي تعلمها جيدًا مكانًا لرواياته.
كان مارك برفقة شقيقه هنري في هذا العمل، في أثناء عمله على الباخرة عام 1858 تعرضت الباخرة للحرق ومات على إثرها شقيقه، وكان يلقي اللوم على نفسه في وفاة أخيه؛ لأنه من أقنع أخاه بالعمل معه في السفينة البخارية.
بعد هذا الحادث أصبح مهتمًا بعلم التخاطر أو الباراسيكولوجيا؛ وذلك لأنه رأى في أثناء نومه تفاصيل مقتل أخيه قبل شهر من وقوع الحادث، وكان من أوائل أعضاء جميعة الدراسات الروحانية.
حصل على رخصة القبطان في سن 24 وقاد النهر حتى اندلاع الحرب الأهلية الأمريكية وحظرت الرحلات النهرية في المسيسيبي.
انضم مارك بعد ذلك إلى الحرب طواعية، ولكن بعد 14 يومًا من التدريب العسكري، ترك الجيش وتوجه إلى أخيه الأكبر أوريون، الذي كان حاكم ولاية نيفادا، وبعد أن قام بجولة في المنطقة مع شقيقه طمح أن يعمل في التعدين ويصبح ثريًا، ولكن فشلت أعمال التعدين التي قام بها.
زوجة مارك توين وأولاده
تزوج مارك من أوليفيا لانغدون عام 1870 وهي أخت أحد أصدقائه وقع في حبها من النظرة الأولى، وعاش في نيويورك حياة رغدة مع زوجته بفضل الأرباح التي حصل عليها من كتابه.
ثم عاش لفترة في بوفالو، نيويورك مع زوجته وعمل هناك محررًا وكاتبًا في إحدى الصحف، ولديه من زوجته أربعة أبناء أولهم ابن توفي بسبب الدفتيريا عن عمر يناهز 19 شهرًا، ثم أنجب 3 بنات وهن سوزي، وكلارا، وجان اللاتي ولدن في أعوام 1872 و 1874 و 1880 على التوالي.
انتقلت العائلة إلى هارتفورد، كونيتيكت في عام 1872، حيث بنوا المنزل الذي أصبح فيما بعد متحفًا يحمل اسمه، وفي هذا المنزل كتب مارك كتب أهم أعماله أثناء إقامته في ولاية كونيتيكت.
ديانة مارك توين
لا يوجد معلومات واضحة عن معتقداته الدينية، ولكنه ولد مسيحي الديانة، ولكنه أصبح ينتقد الدين في معظم حياته. في كتاباته سخر توين من الشخصيات والمؤسسات الدينية، ولكنه تحدث عن إيمانه بالله والحياة الآخرة رغم أنه لم يكن مرتبطًا بدين معين.
في سنواته الأخيرة أصبح توين مهتمًا بشكل أكبر بالروحانية، وكان يحضر جلسات تحضير الأرواح، كما أنه استثمر في منضدة يعتقد أنها يمكنها التواصل مع الموتى، ورغم تشككه في الدين النظامي إلا أنه في كتاباته تصارعت شخصياته مع الإيمان والأخلاق.
سافر الكاتب مارك توين إلى ولايات مختلفة يكتب بعض كتابات ومقالات السفر، وحقق بعد ذلك أول نجاحاته الأدبية عندما نشر قصته الطويلة "الضفدعة النطاطة المحتفى بها القادمة من مقاطعة كالافيراس" والتي كتبها في جريدة نيويورك ساترداي برس" في نوفمبر عام 1865.
استوحى مارك هذه القصة من قصة سمعها في فندق لوس أنجلوس في أنجلس كامب في كاليفورينا حيث قضى بعض الوقت هناك من أجل التعدين، وتعد من أشهر قصص مارك توين.
وفي عام 1866 ذهب إلى هاواي نيابة عن إحدى الصحف وأرسل مقالات من هناك، وبعد ذلك بعامين وبناءً على طلب إحدى الصحف المحلية ذهب في رحلة بحرية في البحر الأبيض المتوسط وجمع مقالاته عن السفر في كتابه بعنوان "الأبرياء في الخارج" وبهذا العمل أصبح كاتبًا كوميديًا مشهورًا جدًا.
بعد ذلك حظي كتاب "مغامرات توم سوير" التي نُشرت عام 1875 بشعبية كبيرة، وهذا الكتاب يحكي مغامرات صبي يتيم في ولاية ميسيسيبي، وهذا الكتاب من أشهر كتابات مارك توين.
بعد نجاحه الكبير في هذا الكتاب أبرم توين اتفاقًا مع دار نشر في عام 1878 لتأليف كتاب عن أوروبا بعد هذا الاتفاق سار في رحلة إلى أوروبا مع أسرته وعاد في سبتمبر عام 1879، وأهدى روايته "الأمير والفقير" لابنتيه كلارا وسوزي ونُشر الكتاب عام 1881، وتعد من أفضل كتب مارك توين.
وفي عام 1885 نشر مارك كتاب المغامرات الشهير "مغامرات هكلبيري فين" عندما احتفل بعيد ميلاده الخمسين، واعتبره الأدباء بأنه أول عمل رئيسي في الأدب الأمريكي، ويحكي الكتاب قصة صبي شرير ومتمرد.
زامن فترة كتابة هذا الكتاب الفترة التي كانت فيها العبودية مقننة، وخضع الكتاب للعديد من التعديلات من وقت لآخر بسبب أن إحدى شخصيات الكتاب التي تُدعى "جيم" أسود اللون.
وبعد هذا الكتاب توقف توين عن نشر الكتب لمدة 5 سنوات واتجه للاستثمار على أمل أن يصبح ثريًا، حيث استثمر في عدة أعمال لكسب المال، ولكن أدت تلك الأعمال إلى خسارة ماله.
أسس في عام 1885 دارًا للنشر التي نشرت كتاب "مغامرات هكلبيري فين"، كما أصدرت دار النشر كتاب "مذكرات يوليسيس جرانت" التي أعجب بها رؤساء الولايات المتحدة السابقين، وكانا هذان الكتابان أشهر الكتب التي أصدرها.
ولكن أدت دار النشر تلك إلى إعلان إفلاسه بعد فشل مبيعات الكتب التي أصدرها، حيث أنفق آلاف الدولارات على آلات الطباعة التي اشتراها ولم تتمكن مبيعات كتبه أن تجلب له أي دخل وأصبح مديونًا.
كيف أثرت مؤلفات مارك توين على الثقافة الأمريكية؟
كان لكتابات ومؤلفات مارك توين أثرًا كبيرًا على الثقافة الأمريكية فقد ساعد على تشكيل الهوية الأمريكيةمن خلال استخدام الفكاهة والسخرية لمعالجة قضايا المجتمع، وإنشاء تقليد للتعليقا الاجتماعي في الأدب الأمريكي، كما أنه خاطب فئة من الناس تجالتها أمريكا.
ألهم توين عدد كبير من الكتاب بعده منهم إرنست همنغواي وويليام فولكنر، كما أثره على الثقافة الشعبية وظهر ذلك في استخدام كلماته وشخصياته في المنتجات وإلهام الفنانين وكتاب الأغاني، كما تحولت بعض أعماله إلى أفلام وبرامج تلفزيونية وعروض مسرحية.
بسبب الأزمة المالية التي عانى منها الكاتب الامريكي مارك توين قرر الاستقرار في أوروبا مع أسرته عام 1891 حيث كانت تكلفة المعيشة هناك أقل، وركز في أوروبا على الكتابة لكسب العيش.
ولكي يبحث عن طريقة جديدة لسداد ديونه سافر إلى دول مختلفة حول العالم من أستراليا إلى الهند، ومن جنوب أفريقيا إلى إنجلترا وشارك ملاحظات السفر وكتب سلسلة من المقالات عن التجارب التي خاضها في تلك البلدان.
وفي عام 1896 أصيب توين بالاكتئاب بعد وفاة ابنته سوزي البالغة من العمر 23 عامًا من التهاب السحايا، وعانى من الاكتئاب طوال حياته.
عاش بعد ذلك مع أسرته في سويسرا والنمسا وإنجلترا حتى سدد ديونه وعاد إلى بلاده عام 1900، وبعد عودته إلى الولايات المتحدة، تدهورت صحة زوجته أوليفيا فذهبوا إلى إيطاليا في نهاية عام 1903 بناءً على نصيحة طبيب ولكنها توفيت في فلورنسا عام 1904.
في عام 1909، توفيت ابنته الصغرى جين عن عمر ناهز 29 عامًا بنوبة قلبية، وتوفي مارك توين في ولاية كونيتيكت في 21 أبريل 1910 نتيجة إصابته بمرض في القلب قبل أن يتمكن من إكمال سيرته الذاتية التي بدأ في كتابتها عام 1906.