امتلك صوتًا رخيمًا ظل في ذاكرة كل من سمعه، وأصبح نجمًا في ذاكرة الإعلام لا يُمكن أن يُنسى ولو طال غيابه، ماجد الشبل اسم إعلامي سعودي من الصعب أن يتكرر، فقد مهّد الطريق وأضاء درب الراغبين في دخول المجال الإعلامي، ورحل تاركًا وراءه سيرة إعلامية رائعة، في السطور التالية تعرف على مسيرته المهنية وحياته.
محمد عبد الله محمد الشبل هو إعلامي سعودي من أم سورية ومذيع سابق في التلفزيون السعودي ولد في عام 1935 في مدينة دمشق في سوريا وتعود أصوله إلى أحد الأسر المنتمية إلى العقيلات النجدية الذين اشتهروا بالتجارة مع الشام.
غادر جده مدينة عنيزة التي تقع في منطقة القصيم وسافر إلى بلاد الشام واستقر في دمشق، واسمه في الأوراق الرسمية محمد وهو الاسم الذي منحه إياه والده، ولكن سمّته والدته ماجد ومنه حصل على اسم شهرته.
تلقى ماجد تعليمه الأساسي في دمشق، وعمل في التلفزيون السوري حينما كان طالبًا، وتوفي والده في دمشق ودفن فيها، وبعد وفاة والده عاد إلى السعودية برفقة والدته عام 1964 واستقر في مدينة الرياض، وعمل بعدها في التلفزيون السعودي.
درس ماجد في قسم اللغة العربية، ولكن لم يكمل دراسته فيها وإنما ثقّف نفسه بنفسه وهو شأن العديد من الإعلاميين في زمانه الذين امتلكوا ثقافة عامة في سائر العلوم والفنون.
عاشت والدته الدمشقية في الرياض لمدة 35 عامًا، وكان بارًا بها وتوفيت في مدينة الرياض ودفنت فيها، وله ابنة واحدة اسمها سمر، ويُكنى بأبي راكان.
تميز الشبل رحمه الله بالتواضع وحب الأطفال، فكان يلعب مع الأطفال كرة القدم في الشارع الخلفي لمبنى الإذاعة في السعودية بعد الانتهاء من عمله.
بدأ الإعلامي البارز ماجد الشبل مشواره المهني في الإعلام في دمشق، حيث دخل مجال الإعلام في سن الثانية عشر حينما شارك مع الشاعر عبد الكريم الكرمي في الإذاعة السورية في برنامج أدبي موجه للأطفال.
وبعدها عمل مقدمًا لبرامج متنوعة منها الحواري ومنها الثقافي، كما عمل لفترة مدرسًا في مدينة الأصنام السورية في أول حياته العملية.
وفي عام 1964 كان وزير الإعلام السعودي آنذاك جميل الحجيلان في زيارة إلى ستوديوهات التلفزيون السوري، وحينها تعرف على الإعلامي ماجد فعرض عليه العمل في التلفزيون السعودي فوافق.
وعُرف ماجد رحمه الله بالبراعة في تقديم الكلمة الجميلة شعرًا ونثرًا، فهو يعد واحد من أجمل من قرأ الشعر في التلفزيون السعودي بجانب مذيعين متميزين بجودة الإلقاء مثل فاروق شوشة، وحسن الكرمي وغيرهم.
وما تميز به أيضًا هو الثقافة العامة، فعلى الرغم من عدم إكمال دراسته في قسم اللغة العربية في دمشق، ولكنه ثقّف نفسه بنفسه وكانت لديه حصيلة معلومات كبيرة جدًا في كافة الفنون والعلوم، فكان يمتلك أهم مقومات العمل الإعلامي ألا وهو الثقافة.
كذلك كان واحدًا من رواد العمل الإعلامي في الإذاعة والتلفزيون إعدادًا وتقديمًا وإدارة أيضًا، كما تدرب على يده العديد من الإعلاميين، وكان مميزًا في إنتاجه الإعلامي، فلا يخرج له عمل به مشكلة في الإعداد.
أما سلامة اللغة وحسن الأداء وعلو الذوق الأدبي خاصة في الشعر كل هذه الصفات جعلته قامة في سماء الإعلام وأصبح صوته المميز الرخيم مثالًا للإعلامي وقدوة يقتدي بها.
قدم ماجد الشبل العديد من البرامج الحوارية والثقافية، ولعل أهم هذه البرامج التالي:
برنامج حروف، وهو برنامج عُرض على شاشة القناة السعودية الأولى وكان يُعرض في شهر رمضان المبارك وبُثت أول حلقاته في عام 1987، واستمر ل17 موسمًا، وهو برنامج مسابقات بين فريقين تعرض عليهم أسئلة والفائز يحصل على جائزة مالية.
برنامج شاعر وقصيدة، وفيه يختار ماجد مجموعة من أجمل القصائد الشعرية ويقرأها على المستمعين، وبرنامج الميزان، وبرنامج أبنائنا في الخارج، وبرنامج أبجد هوز، وبرنامج همس النسيم.
برنامج لقاء مع الضيف الذي يستضيف فيه مجموعة من الشخصيات البارزة في مجالات عدة وفي هذا البرنامج استضاف عميد الأدب العربي طه حسين، والموسيقار محمد عبد الوهاب، والفنان فريد الأطرش، وعبد الحليم حافظ وغيرهم.
كما قدم أيضًا برنامج مع المشاهير الذي استضاف فيها العديد من مشاهير العرب والسعودية، واستضاف في هذا البرنامج فضيلة الشيخ عبد الباسط عبد الصمد.
وبالإضافة إلى البرامج فقد قدم ماجد النشرات الإخبارية، ومن أبرز النشرات التي قدمها خبر اغتيال الملك فيصل، حيث بكى وهو يلقي هذا البيان.
كما امتلك ماجد موهبة الشعر، ولكن لم يستطع جمع قصائده في ديوان شعري بسبب انشغاله في العمل الإعلامية، ومن أحد قصائده:
الآن تأتي الآن آسرتي…….عين تلمح ثم تعتذر
والآن أختصر الوجود على…..الاك تهزمني وتنتصر
والآن ما في الكون ناعمة…….أغرى بها في موعدي بشر
مالي الجميلة أخلفت أثرى……وتمنيتني الأفكار والصور
قلبي أحس به يعذبني…………والقلب مما فيه ينفطر
وعقارب الوسواس تلدغني…..وهواك لا يبقي ولا يذر
يا ناحل وهواك أنحلني……..لذهبت أستقصي وأختب
أثناء إعداد ماجد لبعض تقارير ذكرى مئوية التأسيس الخاصة بالسعودية وكان وقتها في مدينة دمشق شعر بالإجهاد والألم في الناحية اليسرى ليتبين فيما بعد أنها جلطة التي نُقل على إثرها إلى المستشفى.
وبعد معرفة الملك فهد بن عبد العزيز رحمه بحالة ماجد الصحية أمر بعلاجه في مستشفى الملك فيصل التخصصي وذلك في عام 2000.
وبعد تعافيه من وعكته الصحية عاد إلى المجال الإعلامي لفترة وجيزة ليتركها فيما بعد بسبب تعرضه لجلطة أخرى أصابته بالشلل، ومنذ عام 2001 توقف ماجد عن العمل الإذاعي واعتزل الإعلام وتقديم البرامج.
وفي يوم الأربعاء 4 شعبان سنة 1437 هـ الموافق 11 مايو سنة 2016م توفي الإعلامي البارز ماجد الشبل في مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض بعد معاناة طويلة مع المرض عن عمر يناهز 81 عامًا.
دفن الراحل في مقبرة أم الحمام غرب الرياض، وتمت الصلاة عليه في جامعة الملك خالد بعد صلاة عصر يوم الخميس.