تعد رحلة رجل الأعمال والملياردير الصيني لي كا شينج في ريادة الأعمال والثراء رحلة ملهمة، فقد استطاع أن يبني إمبراطورية اقتصادية ضخمة، على الرغم من بدايته المتواضعة، حيث بدأ رحلته من الصفر وبعزيمة وإصرار حوّل شركته الصغيرة لصناعة البلاستيك إلى واحدة من أكبر التكتلات التجارية في العالم، والتي تتنوع استثماراتها في قطاعات مختلفة مثل العقارات والموانئ والتكنولوجيا والاتصالات، ليصبح من بين أغنى الرجال في آسيا والعالم، في السطور التالية تعرف على مسيرته ورحلته في ريادة الأعمال.
من هو لي كا شينج؟
هو رجل أعمال وملياردير ومستثمر صيني يعيش في هونج كونج، ولد في 29 يوليو عام 1928 في مقاطعة تشوان في الصين، وهو المؤسس لشركة CK Hutchison Holdings، ويعد من بين أغنى رجال الأعمال في آسيا.
بدأ لي كا شينج مسيرته في ظروف صعبة، حيث اضطر للعمل في سن مبكر لدعم عائلته بعد وفاة والده، وفي الخمسينات أسس شركة صغيرة لصناعة البلاستيك، وسرعان ما توسعت لتشمل الشركة قطاعات أخرى، ومنها العقارات، حيث استغل لي طفرة العقارات في هونغ كونغ لبناء ثروة هائلة.
بمرور الوقت، توسعت أعمال شركته، وشملت مجالات متعددة، منها الموانئ، حيث استحوذ على شركة هاتشيسون وامبوا، وهي إحدى أكبر شركات تشغيل الموانئ في العالم، كما عمل في قطاع الاتصالات، وهو ما جعله من بين أكثر رجال الأعمال نفوذَا في العالم.
إلى جانب نجاحه في ريادة الأعمال، يعتبر لي كا شينج من أبرز الرجال المهتمين بالأعمال الخيرية، فخلال حياته تبرع لمليارات الدولارات لدعم التعليم والرعاية الصحية والأبحاث العلمية من خلال مؤسساته الخيرية.
نشأته وتعليمه
ولد لي كا شينج في مدينة تشاوان التابعة لمقاطعة قوانغدونغ الصيني في عام 1928، وقد عاش في ظروف بسيطة ومتواضعة.
في عام 1940، هربت العائلة إلى هونج كونج، وعاشوا فيها كلاجئين من الحرب الصينية اليابانية، ولم تكن تلك مأساته الأخيرة، فبعد الانتقال إلى هونج كونج، توفي والده بسبب مرض السل، وكان لي لا يزال حينها يبلغ من العمر 15 عامًا.
ولأنه الابن الأكبر، اضطر لي أن يتحمل مسؤولية عائلته بعد وفاة والده، وترك المدرسة، وبدأ بالعمل، وكانت وظيفته الأولى العمل في شركة تجارة البلاستيك، وكان يعمل لمدة 16 ساعة يوميًا.
![لي كا شينج.. من لاجئ فقير إلى أحد أغنى الرجال في آسيا]()
زوجته وأطفاله
تزوج رجل الأعمال لي كا شينج من ابنة عمه تشونغ يوت مينغ عام 1962، وقد استمر زواجهما حتى وفاتها عام 1990 في يوم رأس السنة الجديدة. اختلفت الأقاويل عن أسباب الوفاة، حيث ذكرت مصادر بأنها توفيت بسبب جرعة زائدة من المخدرات، فيما ذكرت مصادر أخرى أنها توفيت بسبب السكتة القلبية.
رزق لي بولدين، وهما فيكتور وريتشارد، وكلاهما يحملان الجنسية الكندية. تولى ابنه فيكتور منصب رئيس مجلس إدارة شركة CK Hutchison Holdings ورئيس مجلس إدارة CK Asset Holdings بعد والده. أما ابنه ريتشارد، فيتولى منصب رئيس مجلس إدارة PCCW، أكبر شركة اتصالات في هونغ كونغ.
في عام 1996، تعرض ابنه فيكتور للاختطاف خلال عودته إلى المنزل بعد العمل، حيث اختطفته عصابة مشهورة في هونج كونج. اضطر لي دفع فدية قدرها مليار دولار هونغ كونغي إلى رئيس العصابة، والذي جاء شخصيًا إلى منزله لاستلام الفدية وتسليم ابنه.
في عام 1998، ألقت السلطات الصينية القبض على رئيس العصابة، وتم إعدامه في نفس العام.
ديانة لي كا شينج
يتبع رجل الأعمال لي كا شينج الديانة البوذية.
تأسيس شركته الأولى
في عام 1950، وبعد عدة سنوات من التعلم في شركة البلاستيك التي عمل فيها، قرر لي كا شينج تأسيس شركته الخاصة لتصنيع البلاستيك في هونج كونج، وأسس الشركة بمدخراته الشخصية وأموال اقترضها من أقاربه.
قرر لي بأن تصبح شركته متخصصة في تصنيع الزهور البلاستيكية عالية الجودة، وتعلم كثيرًا حول تقنيات خلط الألوان مع البلاستيك لتبدو الأزهار حقيقية. حققت شركة لي مكاسب جيدة، واستطاع أن يؤمن مشتري أجنبياً كبيراً يورد له الزهور، وبعد بضع سنوات، أصبحت شركته أكبر مورد للزهور البلاستيكية في آسيا، وحقق ثروة طائلة منها.
![لي كا شينج.. من لاجئ فقير إلى أحد أغنى الرجال في آسيا]()
استغلال الطفرة العقارية
في عام 1958، استغل رجل الأعمال لي كا شينج الطفرة العقارية في هونج كونج، وآمن بأن أسعار الإيجارات سترتفع بشكل قياسي، لذا قرر شراء قطعة أرض وبناء مبنى عليها.
في عام 1967، تمكن لي من شراء المزيد من الأراضي بعد أعمال الشغب في البلاد، التي كانت مناهضة للحكومة، فخلال تلك الفترة، فر الكثير من الناس من هونج كونج، ونتيجة لذلك، انخفضت أسعار العقارات بشكل كبير.
اعتقد لي وقتها أن أزمة أسعار العقارات أزمة مؤقتة ستزول بزوال الأزمة السياسية في البلاد، واشترى الكثير من أراضي السكان الفارين بأسعار منخفضة، وفي عام 1971، أطلق شركة للتطوير العقاري باسم تشيونغ كونغ القابضة، والتي تم إدراجها في بورصة هونج كونج في العام التالي.
في عام 1977، نجحت شركة تشيونغ كونغ في أن تصبح شركة رائدة في التطوير العقاري في هونج كونج، بعدها نجحت في الحصول على حقوق التطوير فوق محطتي مترو الأنفاق المركزية والأدميرالية.
واجهت شركة لي كا شينج العقارية تحديات عديدة، ومنها نقل سيادة هونج كونج إلى جمهورية الصين الشعبية، وفي محاولة لتجنب عواقب ذلك، نقلت الشركة مقرها القانوني من هونج كونج إلى إقليم بريطاني آخر.
وفي محاولة لدفع عمليات بيع الأصول في هونج كونج، باع لي برمج "المركز" الذي يعد خامس أطول ناطحة سحاب في هونج كونج، بقيمة 5.15 مليار دولار أمريكية، وتشكل الصفقة أكبر عملية بيع عقارات مكتبية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
استثماراته في الإنترنت والتكنولوجيا
دخل لي كا شينج استثمارات في قطاعات أخرى، منها قطاع التكنولوجية، حيث أسس شركة Horizons Ventures للاستثمار ورأس المال المغامر دعم الشركات الناشئة في مجالات الإنترنت والتكنولوجيا، كما استحوذت شركته على حصة من فيسبوك، واستثمر كذلك في خدمة البث الموسيقي سبوتيفاي.
في عام 2011، دخلت شركة Horizons Ventures استثمارات مختلفة، منها تطبيق Summly، وهو تطبيق مختص بتلخيص المقالات، والذي أسس نيك دالوازيو، الذي كان يبلغ من العمر 15 عامًا فقط، ليصبح أصغر شخص في العالم يحصل على استثمار في رأس المال.
استحوذت شركته للتكنولوجيا على العديد من الشركات الأخرى، منها شركة Wibbitz، التي تقدم تقنية تحويل النصوص إلى فيديو، واستثمرت في شركة المدفوعات الرقمية BitPay، التي تعتمد على البيتكوين.
مولت الشركة أيضًا عدة شركات، منها شركة زوج، وشركة Impossible Foods، كما تعاونت شركته مع جاك ما، مؤسس علي بابا، لإطلاق خدمة المحفظة الرقمية AlipayHK في هونغ كونغ عام 2017.
![لي كا شينج.. من لاجئ فقير إلى أحد أغنى الرجال في آسيا]()
استثمارات لي كا شينج الأخرى
استثمر لي كا شينج في قطاعات أخرى، نها البيع بالتجزئة، حيث أسس شركة AS Watson، التي تعد واحدة من أكبر شركات التجزئة في العالم، وتشمل علامات تجارية في أوروبا، ولها أكثر من 16 ألف متجر في 28 سوقًا في آسيا وأوروبا.
حققت شركته أرباحًا ضخمة في تداول الأصول، فقد قام بعمليات بيع أسهم لعدد من شركات، كما أنه يمتلك 75% من شركة المياه البريطانية. لي كا شينج هو خامس أكبر مساهم في بنك CIBC في كندا.
تقاعده
في عام 2018، أعلن لي كا شينج تقاعده من العمل بعد قرابة 70 عامًا من تولي رئاسة المجموعة، ونقل السيطرة على إمبراطوريته التي تبلغ قيمتها 100 مليار دولار، وأكثر من 300 ألف موظف في أكثر من 50 دولة إلى ابنه فيكتور لي.
ثروة لي كا شينج
في عام 2021، قدرت بلومبرج ثروة لي كا شينج 35.5 مليار دولار. في عام 2025، قدرت فوربس ثروته ب37.7 مليار دولار.
يعد لي كا شينج في المرتبة 42 من بين أثرياء العالم، كما أنه يعتبر أحد أكثر الرجال نفوذَا في آسيا، وأطلق عليه لقب "سوبرمان"، كما أنه يعد أغنى رجل في هونغ كونغ.
![لي كا شينج.. من لاجئ فقير إلى أحد أغنى الرجال في آسيا]()
أعماله الخيرية
في عام 1980، أسس لي كا شينج مؤسسة خيرية باسمه ركزت على تقديم الدعم للتعليم والخدمات الطبية والمبادرات البحثية، وحتى الآن، استثمر لي كا شينج أكثر من 30 مليار دولار هونغ كونغي في مشاريع تشمل التعليم والخدمات الطبية والبرامج الخيرية ومكافحة الفقر، كما خصص حوالي 80% من هذه المشاريع للصين القارية وهونغ كونغ.
من ضمن مساهماته في التعليم، المشاركة في تأسيس جامعة شانتو، وكلية الطب التابعة لها، كما خصص أكثر من 12 مليار دولار هونغ كونغي لدعم وتطوير الجامعة.
في عام 2001، تبرع بمبلغ 100 مليون دولار هونغ كونغي لجامعة هونغ كونغ للفنون التطبيقية. ساهم كذلك في إنشاء مؤسسة أبحاث السرطان في المملكة المتحدة، وأسس مدرسة تشيونغ كونغ للأعمال في الصين عام 2002.
قدمت مؤسسته دعما للمتضررين من الكوارث الطبيعية، فبعد زلزال المحيط الهندي عا 2004، تبرع بمبلغ 3 ملايين دولار للمساعدات الإنسانية. في عام 2008، تبرع بمبلغ 20 مليون دولار لدعم جهود الإغاثة بعد زلزال سيتشوان. تبرع لي كا شينج كذلك إلى الجامعات الأمريكية والكندية.