لي شاو كي.. إمبراطور العقارات من أثرى الأثرياء في هونج كونج

واحد من أعظم رجال الأعمال والمستثمرين في قطاع العقارات في آسيا، إنه رجل الأعمال لي شاو كي، مؤسس شركة Henderson Land Development التي تعد واحدة من أكبر الشركات العقارية في هونغ كونغ، والذي صنع إمبراطوريته العقارية من بداية متواضعة، وحقق ثروة هائلة بفضل نهجه الاستراتيجي في تطوير العقارات، والاستثمارات الذكية، في السطور التالية تعرف على مسيرته المهنية وحياته.

من هو لي شاو كي؟

هو رجل أعمال وملياردير وقطب عقارات من هونج كونج، ولد في 20 فبراير عام 1928 في مدينة شوند في مقاطعة فوشان الصينية، وهو مؤسس شركة هندرسون لاند ديفيلوبمنت، وهي تكتل عقاري يملك العقارات والفنادق والمطاعم وخدمات الإنترنت.

نشأ شاو كي في بيئة متواضعة، وانتقل في شبابه إلى هونغ كونغ بحثًا عن فرص عمل أفضل، حيث بدأ حياته المهنية في قطاع التجارة والاستثمار. كان شاو كي طموحًا، ويرغب في تأسيس شركته الخاصة، وهو الأمر الذي حققه عام 1976، حيث أسس شركة العقارات Henderson Land Development، التي سرعان ما أصبحت من أضخم الشركات العقارية في آسيا، وعززت من مكانته كرجل أعمال بارز في قطاع العقارات.

لم يقتصر نشاط لي شاو كي على العقارات فحسب، فقد استثمر في القطاعات المالية والتكنولوجية والطاقة، ويمتلك حصصًا في العديد من الشركات الكبرى. برز اسم شاو كي كذلك في الأعمال الخيرية، فقد أسس عدة مشروعات خيرية في التعليم والصحة والإسكان.

استقال شاو كي من إدارة شركته عام 2019، وترك إدارتها للأبناء، وتوفي عام 2025، تاركًا خلفًا إمبراطورية عقارية ضخمة، وإرثًا بالمليارت.

نشأته وتعليمه

ولد رجل الأعمال لي شاو كي في مدينة شوند بمقاطعة قوانغدونغ الصينية، وقد نشأت لعائلة تملك تجارة بسيطة. عمل لي منذ طفولته في تجارة الصياغة والصرافة العائلية منذ صغره.

في أواخر سنوات المراهقة، قرر لي الهجرة إلى هونغ كونغ للبحث عن فرصة عمل أفضل، وهناك، عمل في العديد من الشركات، وعمل في البداية كاتبًا في شركة لتجارة العملات والذهب، قبل أن يبدأ تجارته الخاصة في نهاية الخمسينات.

في هونج كونج، تعلم لي اللغة الإنجليزية بنفسه، وعلّم نفسه الأمور الإدارة، واكتب خبرات مهمة في إدارة الأعمال من خلال عمله في الشركة، وكانت تلك الخبرة نقطة انطلاقه نحو تأسيس شركاته المستقبلية.

زوجته وأبنائه

تزوج رجل الأعمال لي شاو كي من سيدة صينية، وأنجب منها 5 أبناء. من بين أبنائه ابنه الأكبر بيتر لي كا كيت، الذي يدير أعمال العائلة بعد والده، وابنه الأصغر مارتن لي كا شينغ، والذي يشارك شقيقه في إدارة شركة هندرسون لاند وشركة تطوير عقاري في هونغ كونغ. لدى لي 8 أحفاد من أبنائه الخمسة.

تأسيس شركته الأولى

بعد سنوات من العمل في شركات متنوعة، قرر لي شاو كي تأسيس شركته الخاصة عام 1958، وبالفعل، أسس شركة عقارية صغيرة، والتي نجحت في النمو في غضون سنوات.

خلال عام 1963، نجح لي في التعاون مع رجل الأعمال فونغ كينغ هي، ورجل الأعمال كوك تاك سينغ، وأسسوا معًا شركة صن هونغ كاي إنتربرايزس المحدودة، والتي نجحت في أن تهيمن على سوق العقارات في هونج كونج منذ الستينات حتى ذلك الوقت.

بفضل ارتفاع أسعار العقارات بشكل كبير في هونج كونج، حققت الشركة لمؤسسات ثروات طائلة، وأصبح لي مليارديرًا بفضل نجاح أعمالها.

تأسيس شركة هندرسون للتطوير العقاري

في عام 1973، قرر لي شاو كي الرحيل عن شركة صن هونغ كاي إنتربرايزس، وأسس شركته الخاصة هندرسون لاند العقارية، والتي نجحت، بفضل عبقريته وذكائه الاستثماري، في أن تصبح شركة رائدة في جميع أنحاء هونغ كونغ والبر الرئيسي الصيني.

امتلك لي عقلًا قادرًا على استقراء المستقبل، وتحديد الاستثمارات التي ستحقق نجاحًا مستقبليًا، فقد تميز على أقارنه من رجال الأعمال في ذلك الوقت بالاستثمار في البر الرئيسي في الصين خلال الثمانينات، ونتيجة لذلك الاستثمار، أصبح لي من أبرز أقطاب العقارات في منطقة الصين الكبرى.

تمتلك شركة هندرسون للأراضي حاليًا أكثر من 8 آلاف موظف بدوام كامل، كما تملك أكبر احتياطي من الأراضي الزراعية بين مطوري العقارات في هونغ كونغ. توسعت أعمال الشركة، وشملت إدارة المشاريع، وتشغيل الفنادق والمتاجر الكبرى، والبنية التحتية، والتمويل والاستثمارات القابضة، والرعاية الصحية وأصبحت ثالث أكبر شركة تطوير عقاري في هونغ كونغ، ومدرجة في مؤشر هانغ سنغ، وبورصة هونغ كونغ.

ظل لي شاو كي يشغل منصب رئيس مجلس الإدارة والمدير الإداري للشركة حتى عام 2019 وهو بعمر 91 عامًا، وترك مهمة إدارة الشركة إلى اثنين من أبنائه، وهم بيتر ومارتن لي، فيما احتفظ بمنصبه كمدير تنفيذي للشركة حتى وفاته.

رائد الأعمال الخيرية في هونج كونج

يُعرف رجل الأعمال لي شاو كي بأنه رائد الأعمال الخيرية، حيث يعتبر رمزًا للعطاء والبصيرة، ويؤمن بأن الاستثمار في التعليم هو مفتاح المستقبل، لذا سخر جزءًا كبيرًا من ثروته لدعم المبادرات الأكاديمية وتوفير الفرص التعليمية.

في عام 1977، لعب لي دورًا محوريًا في دعم الجامعة الصينية في هونغ كونغ لتأسيس أول برنامج ماجستير في إدارة الأعمال في المنطقة، وفي عام 1979، أطلق منحة لي شاو كي السنوية، والتي تهدف إلى مساعدة الطلاب المتميزين من هونج كونج على متابعة دراستهم الجامعية في جامعة أكسفورد.

وعلى مدار سنوات، قدمت مؤسسته الخيرية منحًا دراسية وتبرعات بملايين الدولارات لدعم المدارس والجامعات في هونج كونج والصين ودول من حول العالم. ولم تقتصر مبادراته الخيرية على هونج كونج فحسب، بل أطلق مشاريع خيرية وتعليمية واسعة النطاق.

في عام 1982، شارك مع مجموعة من الأصدقاء في تأسيس مؤسسة باي هوا التعليمية، والتي ركزت على دعم الموهوبين في الصين، وخلال نحو 3 عقود، نجحت المؤسسة في تنفيذ أكثر من 500 برنامج تدريبي استفاد منه أكثر من 17 ألف شخص.

في عام 2006، قدم لي شاو كي تبرعًا بقيمة 330 مليون يوان لإطلاق مشروع الدفء، والتي تهدف إلى تدريب ميون مزارع وعشرة آلاف طبيب في المناطق الريفية لتحسين معيشة المزارعين، وقد استفاد من هذا البرنامج أكثر من 3 ملايين شخص.

قدم لي كذلك دعمًا لجامعة هونغ كونغ المعمدانية منذ الثمانينات، وساهم في تمويل بناء مبنى ديفيد سي لام، الذي يعد من أبرز معالم الجامعة. في عام 2005، تبرع بمبلغ 5 ملايين دولار لدعم تطوير الجامعة، وأنشأ فيها أول أكاديمية للفنون البصرية.

في عام 2015، تبرع لي بموقع يويون لونغ لصالح منظمة بو ليونغ كوك الخيري لتطوير أكب رنز للشباب، وتم منح شقق للإيجار للشباب بنصف أسعار السوق. كان لي كذلك يقدم هدايا لموظفيه للاحتفال بأعياد ميلاد أبنائه، وبلغ إجمالي الهدايا 60 مليون دولار هونج كونج على مدار 9 سنوات. في عام 2018، تبرع لي بمبلغ 100 مليون دولار لصالح كلية هان سنغ للإدارة.

جوائز وتكريمات

بفضل إنجازاته ورؤيته الإدارية، حصد لي شاو كي على العديد من الأوسمة الرفيعة، فقد منحته العديد من الجامعات المحلية والدولية شهادات الدكتوراه الفخرية والزمالات الفخرية، تقديرًا لمساهماته البارزة في دعم التعليم والبحث العلمي.

حصل لي على أرفع وسام شرف من حكومة منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة، وهو وسام بوهينيا الكبير، بفضل دوره في المجتمع. في عام 2008، حصل على درجة الدكتوراه الفخرية من جامعة فودان، بالإضافة إلى تعيينه أمينًا فخريًا ومستشارًا استراتيجيًا في جامعة تسينغهوا، ومنحه لقب مدير فخري في جامعة بكين.

ثروة لي شاو كي

في عام 2024، قدرت ثروة لي شاو كي ب27.8 مليار دولار أمريكي، وهو ما جعله ثاني أغنى رجل في هونج كونج بعد لي كا شينج، وفي المرتبة الثالثة والستين من بين أثرياء العالم.

في عام 1997، وقبل تسليم هونج كونج إلى جمهورية الصين الشعبية، كان لي رابع أغنى شخص في العالم.

وفاة لي شاو كي

توفي رجل الأعمال وقطب العقارات لي شاو كي في 17 مارس عام 2025 عن عمر 97 عامًا في مسقط رأسه في هونغ كونغ.