ربما يكون فيلم Belfast الحائز على أوسكار أفضل فيلم أحد أشهر أفلام الكاتب والمخرج الإنجليزي كينيث براناه طوال مسيرته المهنية، فالفيلم مبني على تجربة حقيقية في حياته، ولكن هذا المخرج والمكاتب العبقري لديه العديد من الأعمال الفنية الأخرى التي تدل على عبقريته الفنية سواء كمخرج، أو كاتب، أو ممثل.
السير كينيث تشارلز براناه هو ممثل، وصانع أفلام، وكاتب ومنتج إنجليزي ينحدر من أصول أيرلندية ولد في 10 ديسمبر عام 1960 في بلفاست أيرلندا، وهو ابن لوالدين من الطبقة العاملة، فوالده كان نجارًا، وتلقى تعليمه في مدرسة غروف الابتدائية.
حينما كان يبلغ من العمر 9 سنوات انتقلت عائلته إلى منطقة ريدينغ في إنجلترا هربًا من الاضطرابات التي أصابت أيرلندا وقتها، وفي إنجلترا درس في مدرسة محلية في المنطقة، وتعلم اللكنة البريطانية لتفادي التنمر.
على الرغم من أن براناه عاش معظم حياته في إنجلترا إلا أنه يشعر أنه أيرلندي أكثر، كما أنه ينسب حبه للكتابة والكلمات إلى تراثه الأيرلندي الشمالي.
اهتم كينيث من صغره بالمسرح حتى أصبح عضوًا في شركة Progress Theatre وهي شركة تهتم بتقديم مسرحيات خيرية في إنجلترا، أيضًا تدرب في الأكاديمية الملكية للفنون المسرحية في لندن وقام بدور في مسرحية هاملت أمام الملكة إليزابيث الثانية.
تزوج كينيث من الممثلة إيما تومسون في عام 1989 ولكنهما انفصلا عام 1995، وفي عام 2003 تزوج من المديرة السينمائية ليندساي برونوك.
بدأ كينيث براناه مسيرته الفنية من المسرح، بالأخص مسرحيات وليام شكسبير، وحقق نجاحًا مبكرًا في موطنه أيرلندا الشمالية من خلال مسرحيات بيلي، وحصل على إشادة كبيرة لأدائه المسرحي، ففي عام 1982 حصل على جائزة RADA لأفضل ممثل مسرحي جديد.
في عام 1984 ظهر في مسرحية Henry V، وفي عام 1987 أسس وهو وصديقه ديفيد بارفيت شركة Renaissance Theatre Company وأنتجا سويًا عدة مسرحيات ناجحة ولعل أشهرها مسرحية روميو وجولييت.
وبعدها أصبح براناه من أشهر منتجي المسرحيات، ففي عام 1988 أنتج 3 مسرحيات لوليام شكسبير، فضلًا عن إعادة إحياء العديد من المسرحيات ومنها مسرحية Look Back in Anger.
في عام 1990 كتب سيرته الذاتية يحكي فيها حياته ومهنة التمثيل، وفي عام 2002 لعب دور البطولة في مسرحية ريتشارد الثالث، وبعدها بعام لعب دور البطولة في مسرحية للمخرج ديفيد ماميت، كما أخرج مسرحية The Play What I Wrote.
وفي عام 2008 لعب دور البطولة في مسرحية Ivanov لأنتون تشيخوف وأشاد العديد من النقاد بأدائه، وفي عام 2013 شارك في إخراج مسرحية ماكبث في مهرجان مانشستر الدولي.
في عام 2015 أعلن عن تشكيله لشركة مسرح كينيث براناغ الذي ظهر فيها كممثل ومدير للشركة، وقدم العديد من العروض المسرحية من أكتوبر 2015 حتى نوفمبر 2016.
اشتهر كينيث براناه بحبه لشكسبير، وهذا بسبب تصويره للعديد من أفلام مقتبسة من مسرحياته، مثل فيلم هنري الخامس عام 1989، وفيلم Much Ado About Nothing عام 1993، وفيلم عطيل عام 1995، وفيلم هاملت عام 1996، وغيرها من الأفلام المقتبسة من مسرحياته.
كما قدم أيضًا العديد من الأفلام البارزة غير شكسبير، ومنها فيلم Dead Again، وفيلم Wild Wild West، وفيلم الرسوم المتحركة The Road to El Dorado وشارك في هذه الأفلام، إما كاتب، أو مخرج أو ممثل.
واشتهر كينيث بإخراجه جميع أفلامه، مثل فيلم Peter's Friends الذي أنتجه وأخرجه بنفسه ولكنه تعرض لفشل كبير في الإخراج أوقف مسيرته، ولكنه عاد مرة أخرى عام 2006 في إخراج نسخة فيلمية من أوبرا موتسارت.
وفي عام 2007 أخرج فيلم Sleuth، كما أنه أخرج فيلم Thor وفيلم My Week with Marilyn عام 2011، وفي عام 2015 أخرج فيلم Cinderella، وفي عام 2017 لعب دور قائد البحرية الملكية في فيلم الإثارة Dunkirk.
وفي العام نفسه أخرج فيلم Murder on the Orient Express وهو فيلم مقتبس من رواية أجاثا كريستي البوليسية، كما ظهر في الفيلم بدور هيرقل بويروت، وفي عام 2018 أخرج فيلم All Is True وظهر في الفيلم بشخصية وليام شكسبير.
كما أخرج أيضًا فيلم المغامرة الخيالي Artemis Fowl الذي صدر عام 2020، وفي مايو عام 2019 ظهر في فيلم Tenet وصور فيه الشرير أندريه ساتور.
وفي عام 2021 صور آخر أفلامه Belfast الذي كتبه بنفسه وأخرجه وتلقى إشادة كبير حيث ترشح لعدة جوائز أوسكار، وحصل على أوسكار أفضل سيناريو أصلي، وفي عام 2022 أخرج فيلم Death on the Nile.
أما في التلفزيون فقد شارك في العديد من الأفلام التلفزيونية ولعل أشهرها فيلم Warm Springs الذي يصور حياة الرئيس الأمريكي فرانكلن روزفلت، وترشح لجائزة الإيمي لأفضل ممثل، وترشح الفيلم ل16 جائزة إيمي، وفاز بخمس.
أيضًا مثّل في فيلم Shackleton وهو فيلم مكون من جزأين عبارة عن تمثيل درامي لمعرفة الإمبراطورية عبر القارة القطبية الجنوبية عام 1914، وترشح لجائزة بافتا، وإيمي كأفضل ممثل.
أيضًا في عام 1998 شارك في سرد المسلسل الوثائقي Cold War، وروى العديد من الأفلام الوثائقية مثل فيلم World War 1 in Color، وفيلم Walking with Dinosaurs وغيرها.
كما أنه مثّل في مسلسل الجريمة Wallander وجسد فيها شخصية المفتش كورت والاندر، وفاز عن دوره في هذا المسلسل بجائزة أفضل ممثل في حفل توزيع جوائز الإذاعة والتلفزيون.
أيضًا شارك في المسلسل القصير One Step Behind وترشح لجائزة الإيمي لأفضل ممثل وحقق الفيلم نجاحًا كبيرًا في المملكة المتحدة، وتمت دبلجته لعدة لغات منها الألمانية.
يُعد فيلم بلفاست الذي كتبه وأخرجه كينيث من أهم الأفلام التي قدمها طوال مسيرته الفنية، فعلى الرغم من أن هذا الفيلم لا يعد سيرة ذاتية صارمة، ولكنه تطرق في الفيلم إلى تجربته في أيرلندا، وأيضًا تحدث عن أعمال الشغب عام 1969 في مدينته التي ولد فيها بلفاست.
وأحد أكثر المشاهد التي لا تنسى في بلفاست هو بداية الفيلم حيث يتم مقاطعة مسرحية الطفولة لبودي (بطل الفيلم) من قبل حشد غاضب، والقصة الحقيقية وراء المشهد الافتتاحي للفيلم هي أعمال الشغب التي حدثت عام 1969.
ليس الهدف من الفيلم أن يعكس النزاع الذي استمر لعقود، ولكنه قدم أحداث الشغب من منظور مختلف تمامًا، حيث ألقى الضوء أكثر على الصراعات بين القوميين الأيرلنديين وبين البريطانيين الذي عاشوا في مقاطعة أولستر شمال أيرلندا.
حقق الفيلم عدة نجاحات ولعل أهم فوز كينيث بجائزة الأوسكار لأفضل سيناريو أصلي، وتعد هذه الجائزة هي الأولى التي يحصل عليها.