كيليا نمور.. الجزائرية صاحبة الذهبية التي أضاءت سماء باريس

من معاناة الإصابة والرفض من قبل الاتحاد الفرنسي للجمباز لتقديم الدعم لها، لبطلة أولمبية منحت بلدها الجزائر أول ميدالية ذهبية في الجمباز، ومنحت للعرب أول ميدالية ذهبية في أولمبياد باريس 2024، إنها لاعبة الجمباز الجزائرية كيليا نمور التي تألقت في الأولمبياد، وقدمت أداء استثنائيًا لفت أنظار العالم إلى هذه الموهبة الشابة والواعدة، تعرف على مسيرتها ونجاحها في المقال التالي.

من هي كيليا نمور؟

هي لاعبة جمباز جزائرية فرنسية، ولدت في 30 ديسمبر عام 2006 في سان بينوا لا فوريه في فرنسا، وهي بطلة أولمبية حصلت على ذهبية أولمبية في الجمباز الفني في أولمبياد باريس 2024.

تعد كيليا أول لاعبة جمباز تفوز بميدالية أولمبية من أفريقيا، وهي بطلة العالم 2023، وأصبحت أول لاعبة جمباز أفريقية تفوز بميدالية في بطولة العالم.

كانت نمور تمثل فرنسا في رياضة الجمباز، فهي البلد التي ولدت ونشأت وبدأت رياضة الجمباز فيها، إلا أنه بعد إصابتها عام 2021، لم تحصل على الدعم من الاتحاد الفرنسي للجمباز، فقررت تمثيل بلدها الأصلي الجزائر لتحقق إنجازًا تاريخيًا عربيًا وأفريقيًا.

أصل كيليا نمور

أصل والد كيليا نمور من الجزائر، ولكنه يعيش في فرنسا، والداه من ولاية جيجل، وتحديدًا من قبيلة بني مسلم في الجزائر، وهو يحمل الجنسية المزدوجة الفرنسية والجزائرية. أما والدة كيليا نمور فهي فرنسية، لذا فإن كيليا تحمل الجنسية الفرنسية والجزائرية.

نشأتها وبداية مسيرتها الرياضية

ولدت كيليا نمور في فرنسا لأم فرنسية وأب جزائري، وبدأت ممارسة الجمباز في سن الرابعة مع شقيقتها. في سن الحادية عشر من عمرها، برزت موهبة اللاعبة الشابة، وبدأت تشارك في بطولات خارجية مع نادي "أفوان" الفرنسي، وسرعان ما انضمت إلى منتخب فرنسا للجمباز للناشئين.

شاركت كيليا بعدها في عدة بطولات، منها بطولة البحر المتوسط عام 2019، وكانت وقتها تبلغ من العمر 12 عامًا، واحتلت المركز الثالث كفريق، والمركز الأول في الفردي العام، والعارضتين غير المتوازيتين، وعارضة التوازن.

ورغم صغر سنها، تمكن كيليا من لفت الأنظار إليها لموهبتها وقدرتها على التفوق على اللاعبات المحترفات، رغم أنها لا تزال ناشئة، وقد ساعدت منتخب فرنسا وناديها بتحقيق العديد من الألقاب.

إصابة منعتها من التألق

ورغم صغر سنها وموهبتها الاحترافية، عانت الجزائرية كيليا نمور من التهاب في العظم والمفاصل، واضطرت بسبب ذلك للخضوع لعمليتين جراحتين في الركبتين، وكانت لا تزال في الرابعة عشرة من عمرها.

وبسبب هذه الإصابة، اضطرت اللاعبة الشابة الابتعاد عن رياضة الجمباز لمدة 8 أشهر، لتعود إلى التدريب مرة أخرى في شهر مارس عام 2022، على أمل تمثيل فرنسا في أولمبياد باريس 2024.

إلا أن كل أحلامها تحطمت، حيث واجهت رفضًا شديدًا من طبيب المنتخب الفرنسي لضمها للمنتخب، رغم موافقة طبيبها الخاص ومدربها في نادي أفوان. طُلب من نمور أيضًا تمر ناديها في أفوان، والسفر للتدرب في باريس تحت إشراف الاتحاد الفرنسي للجمباز، إلا أنها رفضت ذلك.

وبسبب رفضها، واجهت اللاعبة الشابة تعنت شديد من الاتحاد الفرنسي، ورفض ضمها للمنتخب رغم تأهلها، وتحقيقها سابقًا ميداليات عدة للمنتخب الفرنسي، فما كان من نمور إلا أن غيّرت جنسيتها، وقررت تمثيل الجزائر.

قررت تمثيل الجزائر بدلًا من فرنسا

قدمت الجزائرية كيليا نمور طلبًا للاتحاد الدولي للجمباز بتغيير جنسيتها للجزائرية بدلًا من الفرنسية، ولكن قوانين الاتحاد ينص على شرط موافقة اتحاد البلد الأصلي على طلب التجنيس، أو البقاء لمدة عام كامل دون المشاركة في أي منافسات دولية تخضع لإشراف الاتحاد الدولي للجمباز، قبل تمثيل البلد الجديد.

وللمرة الثانية، واجهت نمور تعنتًا من الاتحاد الفرنسي للجمباز، الذي رفض السماح لها بتمثيل الجزائر دوليًا، لتضطر بسبب ذلك البقاء لمدة عام كامل دون المشاركة في أي بطولات دولية رسمية، منها بطولة العالم، وبطولة أفريقيا.

إلا أن فترة التوقف لم تكن فترة دون جدوى بالنسبة لها، حيث استغلتها في التدريب، كما شاركت باسم بلدها الجزائر في بطولات إفريقية ومحلية، إلا أنها لم تكن بطولات رسمية، ولم تكن تحت إشراف الاتحاد الدولي للجمباز، ونجحت في الفوز بذهبية الفرق.

وفي سن الـ16، أصبحت كيليا نمور مستعدة للمشاركة في بطولات الكبار، وكانت لحظة حاسمة في مسيرتها المهنية، لأن حظوظها في المشاركة في الأولمبياد بدأت تتقلص، وخاصة مع اقتراب بطولة العالم، وبالتالي التصفيات المؤهلة لها، وهي بطولة أفريقيا. ولكي تشارك نمور في بطولة أفريقيا، يجب على الاتحاد الفرنسي السماح لها بتغيير جنسيتها.

ضغط شعبي سمح لها بتمثيل الجزائر

وصلت قصة كيليا نمور إلى أسماع الجمهور الفرنسي، ومحبي الجمباز حول العالم، وانتشرت عريضة وقّع فيها الآلاف يطالبون فيها الرئيس الفرنسي للجمباز بترك نمور تمثيل بلدها الجزائر، وأصبحت قضية كيليا قضية تُناقش في الإعلام الفرنسي.

توسع الأمر ليشمل عددًا من الرياضيين الفرنسيين الذين تحدثوا صراحة عن الإساءة التي تعرضوا لها من قبل الاتحاد الفرنسي للجمباز، لتفتح وزيرة الرياضة والأولمبياد الفرنسية تحقيقًا في الواقعة، وانتهى الأمر بالسماح لنمور بتمثيل الجزائر أخيرًا، والمشاركة في التصفيات العالمية والأولمبية، وذلك في شهر أكتوبر من عام 2023.

إنجازات متتالية باسم الجزائر

وبعد تمثيلها الجزائر رسميًا، استطاعت كيليا نمور تحقيق العديد من الإنجازات، فقد فازت في البطولة الأفريقية، ثم تأهلت إلى بطولة العالم، وتأهلت فيها إلى النهائي، وبالتالي تمكنت من التأهل إلى أولمبياد باريس 2024، ولم تتم عامها السابع عشر بعد.

في عام 2023، تم اختيار نمور أفضل رياضية في الجزائر، واحتلت المركز الخامس في منافسات الفردي العام، وهو أعلى مركز وصل له لاعب أفريقي الأولمبياد.

كيليا نمور أولمبياد باريس

شاركت كيليا نمور في أولمبياد باريس 2023 باسم الجزائر، وخاضت منافسات الفردي، واحتلت فيه المركز الخامس، وقد تمكنت من تقديم أداء مذهل، لتهتف لها الجماهير الحاضرة في المدرجات، وتمكنت من تجاوز رقم اللاعبة الصينية تشو تشيوان، بطلة العالم 2023، وحصلت على 15.700 نقطة، لتتصدر الترتيب.

حصلت نمور على ميدالية ذهبية أولمبية تاريخية، وأصبحت أول لاعبة جزائرية، وأفريقية وعربية تفوز بميدالية أولمبية في الجمباز، وأول لاعبة تحقق ذهبية للجزائر منذ أولمبياد لندن 2012، وسادس لاعبة تحصل على ميدالية ذهبية في تاريخ الجزائر. بعد فوزها بالذهبية، أصبحت نمور بطلة في عيون العالم، وانتشر أداؤها في النهائي بشكل كبير حول العالم كله.