كان رجل الأعمال والملياردير الأسترالي كيري باكر من أكثر رجال الأعمال نفوذًا في أستراليا، فقد صنع اسمه كقطب إعلامي قوي يمتلك واحدة من أكبر إمبراطوريات الإعلام في البلاد، ولم يكن مجرد وريث لوالده، بل وسّع أعمال العائلة، وحولها إلى قوة اقتصادية ضخمة تمتد في مجالات مختلفة، في السطور التالية تعرف على مسيرته وإنجازاته.
من هو كيري باكر؟
كيري فرانيس بولمور باكر، هو رجل أعمال وملياردير أسترالي، ولد في 17 ديسمبر عام 1937 في سيدني، وهو أحد أقوى مالكي وسائل الإعلام في أستراليا، ويعتبر على نطاق واسع قطبًا إعلاميًا في البلاد.
امتلك باكر شركة Australian Consolidated Press التي أسسها والده، وعمل على توسيع أعمال الشركة، ودمجها في شركات أخرى، واستطاع أن يعزز المجموعة، ويحولها إلى قوة إعلامية كبرى في أستراليا.
كان كيري باكر مبتكرًا في قطاع الإعلام، فقد حدّث المحتوى التلفزيوني في أستراليا، واستثمر في تطوير البرامج الإخبارية والترفيهية. لم يقتصر تأثير باكر على الإعلام فحسب، بل امتد إلى الرياضة، وأحدث ثورة في عالم الكريكيت، حينما أسس بطولة World Series Cricket في أواخر السبعينيات، ونجح في تحويل تلك الرياضة إلى رياضة أكثر احترافية وربحية.
عُرف عن كيري باكر حب المخاطرة، فقد استثمر في مجالات متعددة، كما كان معروفًا بشغفه وعشقه بالمقامرة، ويعتبر من بين أعظم المقامرين في العالم، بفضل رهاناته الضخمة في كازينوهات لندن ولاس فيجاس.
نشأته وتعليمه
ولد كيري باكر في سيدني، والده هو رجل الأعمال الأسترالي السير فرانك باكر، مالك ومؤسس وكالة الأنباء الأسترالية الموحدة وشبكة ناين نتورك، أما والدته فهي سيدة المجتمع جريتيل بولمور، ابنة هربرت بولمور، لاعب الرجبي الاسكتلندي الشهير.
شقيقه الأكبر هو كلايد باكر، وهو أيضًا قطب إعلام ورجل أعمال ثري. خلال نشأته، باكر يشارك في العديد من الرياضات، منها الملاكمة والكريكيت والرجبي، إلا أنه لم يكن طالبًا متفوقًا، وعانى من عسر القراءة لسنوات.
في طفولته، عانى بكر من نوبة حادة من شلل الأطفال عندما كان يبلغ من العمر 8 سنوات، وظل يستخدم جهاز التنفس الصناعي لمدة 9 أشهر. كان والده فرانك قاسيًا جدًا معه، وكان يطلق عليه لقب "أحمق العائلة" وهو اللقب الذي شجعه لتحقيق مستويات أعلى بكثير في الدراسة.
عائلته وحياته العاطفية
تزوج كيري باكر من السيدة روزالين باكر، ورزق منها بطفلين، وهما ابنة اسمها جيرتيل، وابن اسمه جيمس باكر، والذي ورث أعمال العائلة فيما بعد.
في وقت وفاته، كان باكر لديه حفيدان، هما فرانسيسكا وبن من ابنته جريتل، التي تزوجت من الممول البريطاني نيك بارهام.
خلال حياته، كان باكر على علاقة مع العديد من النساء خارج إطار الزواج، ومنهم عارضة الأزياء كارول لوبيز، والتي ذكرت عدة صحف عالمية بأنها انتحرت بعدما انفصل عنها باكر.
كان كيري كذلك على علاقة مع الموظفة إيتا بوتروز، وجولي تريثوان، والتي قيل إنه نقل ممتلكات عقارية بملايين الدولارات في سيدني إلى ملكيتها.
![كيري باكر.. قطب الإعلام الأسترالي عاشق المقامرة]()
قطب الإعلام في أستراليا
في عام 1974، وبعد وفاة والده رجل الأعمال فرانك باكر، ورث كيري باكر ملكية العائلة، والتي قدرت قيمتها في ذلك الوقت 100 مليون دولار، ولم يرث شقيقه الأكبر كلايد، بسبب خلافات بينه وبين والده عام 1972، وغادر كلايد أستراليا بشكل دائم.
تولى باكر أعمال العائلة من خلال شركة Consolidated Press Holdings، وكانت الشركة مساهمة رئيسية في عدد من شركات النشر وقناة ناين، وشركة Australian Consolidated Press التي تنتج العديد من المجلات الأكثر مبيعًا في أستراليا.
استثمر باكر 100 مليون دولار في سوق الأسهم الأسترالية خلال السبعينات من خلال محفوظة متوازنة من أكبر 200 شركة، وقد قدرت قيمة تلك المحفظة أكثر من 6.9 مليار دولار عام 2005.
حظي باكر باحترام كبير في دوائر الإعلام، كما حافظ على علاقة جيدة مع السياسيين، لذا نظر إليه بأنه واحد من أكثر رجال الأعمال ذكاءً في عصره، حيث تضمنت إمبراطوريته الإعلامية المجلات، والشبكات التلفزيونية وشركات النشر والاتصالات.
ضمت مجموعته استثمارات في قطاعات مختلفة، منها البتروكيماويات والهندسة الثقيلة، والعقارات، وأعمال الكازينو داخل وخارج أستراليا، ومناجم الفحم واستكشاف الماس وغيرها من القطاعات المربحة.
استثمارات ناجحة في قطاع الرياضة
نجحت استثمارات كيري باكر الرياضية كذلك، وخاصة في رياضتي الكريكت والرجبي. خلال السبعينات، أسس باكر بطولة العالم للكريكيت، وانضم إليها العديد من الرياضيين حول العالم.
هدف باكر كذلك إلى الاستحواذ على حقوق بث بطولات الكريكيت في أستراليا، وقد نجح في ذلك لسنوات. وبسبب نجاح البطولة التي أسسها، سارع اللاعبون الكبار من العديد من الدول للانضمام إليه البطولة على حساب منتخباتهم، وأولهم قائد منتخب إنجلترا للكريكيت توني جريج.
ورغم دور باكر الكبير في تطوير رياضة الكريكت وتوسيع استثماراتها وزيادة أرباحها، إلا أنه واجه انتقادات حادة بسبب احتكار حقوق البث، وجذب العديد من اللاعبين الدوليين إلى أستراليا.
اهتم باكر كذلك برياضة الرجبي، وقد موّل مؤسسة الرجبي العالمية، وحاول تأسيس بطولة رجبي عالمية في أستراليا، ولكنه لم ينجح في جذب الرياضيين مثلما حقق في رياضة الكريكت.
اهتم باكر كذلك برياضة بولو، وأسس فريق فايننج هيل مع غونزالو بيرسي الأب، وقد حصد النادي ألقاباً متعددة، منها بطولة الأرجنتين المفتوحة وغيرها من البطولات. في عام 1999، تم بيع النادي إلى رجل الأعمال الروسي رومان أبراموفيتش مقابل 12 مليون جنيه إسترليني.
![كيري باكر.. قطب الإعلام الأسترالي عاشق المقامرة]()
أعظم المقامرين في العالم
عرف باكر بأنه واحد من أعظم المقامرين في العالم، فقد كان يقامر بملايين الدولارات. في عام 1999، كلفته سلسلة من الخسائر استمرت لمدة 3 أيام في كازينوهات في لندن ما يقرب من 28 مليون دولار أسترالي، واعتبرت أكبر خسارة مقامرة في تاريخ بريطانيا.
وفي المقابل، فاز بملايين الدولارات من المقامرة، وأكبرها فوزه بمبلغ 33 مليون دولار في لاس فيجاس، وفي الغالب كان يفوز بما يصل إلى 7 ملايين دولار أسترالي كل عام، وكان فوزه وخسائره يحدث فرقًا كبيرًا في تمويل الكازينوهات الضخمة حول العالم.
في أواخر التسعينات، دخل أحد الكازينوهات الكبرى في لندن، ولعب ب15 مليون جنيه إسترليني على 4 طاولات وخسرها جميعًا، وذكرت الصحف أنه كان يلعب بحد أدنى للرهان يبلغ 10 آلاف جنيه إسترليني، وقيل إنه خسر ذات مرة أكثر من 19 مليون جنيه إسترليني في غرفة مقامرة خاصة به في فندق ريتز في لندن.
هل كان كيري باكر وروبرت مردوخ صديقين؟
لم يكن رجل الأعمال كيري باكر وروبرت مردوخ صديقين، بل كانا منافسين شرسين، فكلاهما يعتبران من أبرز الشخصيات في عالم الإعلام في أستراليا وحول العالم، وكان كل منهما قطبًا إعلاميًا يمتك إمبراطورية ضخمة، وسعيا إلى السيطرة على سوق الإعلام في أستراليا.
تنافس باكر ومردوخ بشدة على النفوذ الإعلامي والاستحواذات، وتبادلا انتقادات لاذعة، لكنهما في الوقت نفسه كانا يدركان قوة بعضهما البعض.
مرض كيري باكر
كان كيري باكر مدخنًا شرهًا طوال حياته، وقد عانى من 4 نوبات قلبية. في عام 1999، عانى من نوبة قلبية أصبح بسببها ميتًا سريريًا مدة 7 دقائق، حيث تم إنعاش قلبه، ونقل جوًا إلى مستشفى خاص في سيدني، وتلقى جراحة في القلب.
بعد تعافيه، تبرع باكر بمبلغ كبير لخدمة الإسعاف في سيدني. عانى باكر كذلك من مرض كلى مزمن لسنوات، وأجرى عملية زرع، وبعد تعافيه من العملية، أطق جمعية زرع الأعضاء.
![كيري باكر.. قطب الإعلام الأسترالي عاشق المقامرة]()
وفاة كيري باكر
في 26 ديسمبر عام 2005، توفي الملياردير كيري باكر بسبب الفشل الكلوي عن عمر 68 عامًا بعد 9 أيام من عيد ميلاده، وتوفي في منزله وحوله أسرته.
قبل وفاته، كانت صحته تتدهور بسرعة، وأصدر باكر تعليمته بعدم معالجته رغبة منه في "الموت بكرامة". أقيمت جنازته في ديسمبر. في فبراير 2006، تم إقامة حفل تأبين رسمي له في دار الأوبرا في سيدني، وحضر حفل التأبين العديد من الشخصيات المشهورة.