كنزابورو أوي.. الروائي الياباني الحائز على نوبل في الأدب

يعد الروائي والأديب الياباني كنزابورو أوي من أعظم الأدباء اليابانيين في القرن العشرين، فقد فاز بجائزة نوبل للآداب عام 1994 تكريمًا لأعماله التي تميزت بالعمق الفلسفي والإنساني، وعالج في أعماله الأدبية قضايا إنسانية معاصرة، مثل الهوية والعلاقات الإنسانية والأخلاق والصراعات الحياتية، في السطور التالية نسلط الضوء على مسيرته وإنجازاته.

من هو كنزابورو أوي؟

هو كاتب وأديب ياباني، ولد في 31 يناير عام 1935 في قرية أوسي خلال الإمبراطورية اليابانية، وهو واحد من أبرز وأعظم الروائيين في اليابان.

نشأ كنزابورو نشأة ريفية، وقد أثرت على العديد من أعماله الأدبية، كما أنه تأثر بالأدب الإنجليزي والفرنسي، وخاصة كتابات جان بول سارتر وألبير كامو، وظهر هذا التأثير جليًا في كتاباته التي امتزجت بالفلسفة الوجودية.

بدأ كنزابورو أوي مسيرته الأدبية في الخمسينات من القرن الماضي، وقد ناقش في أعماله الأدبية موضوعات إنسانية واجتماعية معاصرة، وأولى رواياته كانت "إمكانية المراهقين" والتي نالت إشادة واسعة.

واصل كنزابورو بعدها كتابة المزيد من الأعمال المميزة، وتميزت أعماله بالسعي لفهم معنى الحياة والهوية الإنسانية، وهو ما جعل أعماله ذات طابع عالمي. في عام 1994، حصل كنزابورو على جائزة نوبل في الأدب، وأصبح ثاني كاتب ياباني يحصل على هذه الجائزة.

نشأته وتعليمه

ولد كنزابورو أوي في قرية أوسي خلال الإمبراطورية اليابانية، وقد نشأ في عائلة كبيرة، فهو الطفل الثالث من بين 7 أطفال، وتربى على قصص وحكايات جدته، والتي كانت لها دور في مخيلته الواسعة، وحبه للكتابة والقصص.

والده كان يملك شركة لتجريد اللحاء الذي كان يستخدم لصناعة العملة الورقية في ذلك الوقت، إلا أن والده توفي في حرب المحيط الهادئ في عام 1994، لذا أصبحت والدته هي من ترعاه ماليًا ومعنويًا.

تربى كنزابورو في كنف عائلة مهتمة بالعلم والتعليم، فقد حصرت والدته على تعليمه، واشترت له العديد من الكتب والقصص التي كانت لها أثر كبير على تكوينه وميوله الأدبي فيما بعد.

درس كنزابورو في المدارس العامة المحلية، وكانت فترة حرجة في تاريخ اليابان، حيث كانت ذروة العسكرية في اليابان، وقد أجبر على إعلان ولائه للإمبارطور، رغم أنه لم يكن مؤيدًا لأفعاله.

التحق كنزابورو بمدرسة ماتسوياما الثانوية من عام 1951 إلى عام 1953، وكان من الطلبة المتفوقين في المدرسة، وقد سافر إلى طوكيو للدراسة لمدة عام، وهناك بدأ بدراسة الأدب الفرنسي في جامعة طوكيو، وتخرج بتخصص في أعمال الأديب الفرنسي فرانسوا رابليه.

زوجة كنزابورو أوي وأطفاله

تزوج الكاتب والروائي الياباني كنزابورو أوي من يوكاري عام 1960، وهي ابنة المخرج السينمائي مانساكو إيتامي، وشقيقة المخرج جوزو إيتامي.

لدى كنزابورو من زوجته 3 أطفال، وقد عاش مع عائلته في طوكيو طوال حياته. ابنه الأكبر، هو الملحن الياباني هيكاري، والذي عانى طوال حياته من مشكلات صحية؛ بسبب تلف في الدماغ، وكان لابنه أثر كبير على كتاباته وأعماله الأدبية، وقد صرح بأن العديد من الشخصيات التي كتبها في رواياته مستوحاة من ابنه، كما صرح بأن معظم كتاباته مهداة لابنه حيث قال: "أردت أن أصنع صوتًا ابني".

عاش ابنه هيكاري معه في نفس البيت، حتى بلغ منتصف العمر، وكان يقضي معظم وقته في تأليف الموسيقى، بينما كان والده يعكف على كتابة الروايات.

بداية مسيرته الأدبية

بدأت المسيرة الأدبية للكاتب كنزابورو أوي في عام 1957، بينما كان لا يزال طالبًا، وكانت كتاباته الأولى متأثرة بشدة بالأدب الفرنسي والأمريكي، وخاصة كتابات جان بول سارتر.

كانت أول قصة ينشرها كنزابورو بعنوان "الموتى باذخون" والتي تدور أحداثها في طوكيو أثناء الاحتلال الأمريكي، وقد اشتهرت رواياته وقصصه القصيرة المبكرة بشكل كبير في محيط الجامعة، كما نشرت في مجلات أدبية في اليابان.

في عام 1958، حصل كنزابورو على جائزة أكوتاغوا المرموقة عن قصة The Catch، والتي تحولت فيما بعد إلى فيلم سينمائي.

أهم أعمال كنزابورو أوي

في عام 1961، ألف كنزابورو أوي أول رواية له بعنوان "اقتلعوا البراعم اقتلوا الأولاد"، وفيها ذكر الكثير من التفاصيل عن طفولته في الريف، وقد ترجمت تلك الرواية إلى العديد من اللغات، ومنها العربية.

بعد ولادة ابنه الأول هيكاري، انقلبت حياة أوي رأسًا على عقب، فقد فوجئ بأن ابنه يعاني من خلل عقلي، وقد كانت تلك المأساة ملهمته لمواصلة الكتابة والتأليف، حيث نشر بعدها سلسلة من الروايات المستوحاة من حياته الشخصية، ومنها رواية "مسألة شخصية" والتي تتناول كفاح أب يحاول التصالح مع فكرة ولادة ابن معوّق.

وقد تنوعت أعمال كنزابورو أوي الأدبية بين الروايات الطويلة والقصيرة، ومن ضمن رواياته القصيرة "علمان أن نتجاوز جنوننا"، و"الجزاء"، و"أجوي المسخ السماوي"، و"يوم يكفكف دمعي بنفسه".

ومن روايته الطويلة رواية "الصرخة الصامتة"، و"الموت غرقًا"، وغيرها من الروايات. وبجانب الروايات، ألف كنزابورو عددًا من الكتب، ومنها كتاب "مذكرات أوكيناوا" والتي روى فيه شهاداته حول أفعال الجيش الياباني ضد المدنيين في أوكيناوا خلال غزو الحلفاء للجزيرة، حيث أجبر العديد من المدنيين على الانتحار. ألف كذلك كتاب "مذكرات هيروشيما" والتي وثق فيها روايات الناجين من كارثة هيروشيما.

نشاطه السياسي

عُرف عن الكاتب كنزابورو أوي مناهضته للإمبراطورية اليابانية، فقد كان معارضًا بشدة لأفعال الجيش الياباني، كما أنه كان مناهضا للأسلحة النووية، وكتب عدة كتب تتعلق بالقفص الذري لهيروشيما وناجازاكي.

نبذ أوي كذلك الحرب، وكان موقفه صريحًا وواضحًا من السلطة في اليابان، حتى إنه رفض الحصول على وسام الثقافة الياباني من الإمبراطور، وقال: "أنا لا أعترف بأي سلطة أو قيمة أعلى من الديمقراطية".

جوائز وتكريمات

حصل الكاتب الياباني كنزابورو أوي على جائزة نوبل في الأدب عن مجمل أعماله عام 1994، وخلال الكلمة التي ألقاها خلال تسلمه الجائزة، تحدث عن التوترات والانقسامات في بلده، كما أنه عبر عن امتنانه بحصوله على الجائزة الذي رآه المزيد من الاعتراف بالأدب الياباني.

حصل كنزابورو على عدة جوائز أخرى، ومنها جائزة أكوتاجاوا، وجائزة نوام، وجائو يوميوري، وجائزة تانيزاكي، كما حصل على وسام فارس جوقة الشرف ووسام قائد الفنون والآداب من فرنسا. تم إنشاء جائزة باسمه في اليابان تمنح للروائيين والكتاب اليابانيين، وتم منح أول جائزة في عام 2007.

وفاة كنزابورو أوي

توفي الكاتب والأديب كنزابورو أوي في 3 مارس عام 2023 عن عمر 88 عامًا بسبب أمراض الشيخوخة.