حلمت العالمة المجرية كاتالين كاريكو منذ صغرها أنها تصبح عالمية، وقد وضعت حلمها هذا نصب عينيها من سن مبكر، لتتوج مسيرته العلمية بجائزة نوبل في الطب التي تعد واحدة من أرفع الجوائز في المجتمع العلمي، وتمكنت من تحقيق إنجازات علمية كبيرة رغم العقبات التي واجهتها، في السطور التالية تعرف على مسيرتها العلمية وأهم إنجازاتها.
من هي كاتالين كاريكو؟
كاتالين كاريكو هي عالمة كيمياء حيوية مجرية أمريكية ولد في 17 يناير عام 1955 في بلدة صغيرة اسمها زولنوك تبعد حوالي 150 كيلو مترًا عن العاصمة المجرية بودابست.
تخصصت العالمة كاتالين في الآليات التي يتوسطها الحمض النووي الريبوزي (RNA) وخاصة في الحمض النووي الريبوزي الرسول (RNA) المنسوخ في المختبر للعلاج ببدائل البروتين.
اشتهرت بمساهماتها في تكنولوجيا mRNA ولقاحات كوفيد. اخترعت كاريكو وشريكها درو وايزمان تقنية mRNA المعدلة المستخدمة في لقاحات فايزر ومودرينا للوقاية من عدوى كوفيد-19.
كاريكو هو نائب أول للرئيس في BioNTech وأستاذ مساعد في جراحة المخ والأعصاب في جامعة بنسلفانيا، وقد تم تكريمها بسبب إنجازاتها العلمية وأهم هذه الإنجازات جائزة نوبل للطب.
دراستها
درست كاتالين كاريكو في مدارس محلية في المجر، وقد حصلت على درجة البكالوريوس في علم الأحياء عام 1978، ثم حصلت على درجة الماجستير في الكيمياء من جامعة سيجد في المجر.
عملت كاريكو بعدها في مركز الأبحاث البيولوجية التابع للأكاديمية المجرية للعلوم، وأشرفت عليها أستاذتها جيني توماس، التي كان لها تأثير كبير عليها وتخصصت في الكيمياء الحيوية.
في عام 1982 حصلت كاريكو على درجة الدكتوراه في الكيمياء الحيوية من جامعة سيجد، وبعدها بدأت العمل على الحمض النووي الريبي المرسال، وهو الذي يحمل تعليمات الحمض النووي إلى آلية صنع البروتين في خلايا الإنسان.
واجهت العالمة كاتالين كاريكو صعوبات مالية شديدة، حيث نفد منها المال الذي منحته لها الجامعة عام 1985، لذا قررت السفر إلى الولايات المتحدة لإكمال دراستها هناك.
تلقت كاريكو عرضًا من جامعة تميبل في فيلادلفيا الأمريكية للحصول على الزمالة بعد الدكتوراه، ولكن لم تتمكن عائلتها من توفير سوى 100 دولار فقط أثناء مغادرتها، ولم تكن هذا الأموال كافية لاستكمال رحلتها العلمية.
زوج كاتالين كاريكو وأولادها
تزوجت العالمة المجرية كاتالين من بيلا فرانسيا، ولديها ابنة واحدة اسمها سوزان فرانسيا الحاصلة على الميدالية الذهبية الأولمبية مرتين في رياضة التجديف في لندن وبكين، وقد ولدت ابنتها في ولاية بنسلفانيا.
لدى كاتالين حفيد ولد في فبراير 2021، وقد تزوجت ابنتها من المهندس المعماري رايان آموس.
دراستها في أمريكا وبداية رحلة علمية شاقة
قررت كاتالين بيع سيارة عائلتها مقابل 1246، وعمل زوجها في إدارة مجمع سكني في الولايات المتحدة، وفي عام 1989 التحق بكلية الطب في جامعة بنسلفانيا كأستاذ مساعد باحث.
في الجامعة بدأت كاريكو بالعمل مع طبيب القلب إليوت بارناثان، وكانت لديها أفكار كثيرة حول كيفية استخدام الحمض النووي الريبي المرسال، ولكن كل أفكارها كانت تقابل بسخرية، كما أنها لم تتمكن من الحصول على أموال المنح بسبب عدم إيمان الحكومة في أبحاثها.
ليس هذا فحسب أصبحت كاريكو بعدها بدون مختبر علمي أو دعم مالي بعدما ترك زميلها بارناثان العمل في القطاع الخاص، كما أن جامعة بنسلفانيا خفضت رتبتها ولم تتمكن من الحصول على منصب أستاذة.
في عام 1998 قابلت كاتالين كارليو الطبيب دور وايزمان، الذي التحق وقتها بكلية الطب في نفس الجامعة، وقد أبدى اهتمامًا ببحثها العلمي، وبدأ تعاونًا طويلًا في البحث عن الحمض النووي الريبي المرسال.
إنجازاتها العلمية
في عام 2005 بدأت كاتالين كاريكو جني ثمار الأبحاث العلمية الطويلة مع صديقها وايزمان، حيث تمكنا من تعديل الحمض النووي الريبي المرسال وتحسن استقراره، ولكن لم يحظ هذا الاكتشاف باهتمام علمي كبير عندما نُشر في المجلات العلمية.
انتقلت كاريكو بعدها إلى مجال التكنولوجيا الحيوية، وفي عام 2006 أسست شركتها RNARx، وعملت كذلك في شركات أكبر، ولكن في عام 2013 أرغمت عن التقاعد من الجامعة.
إنتاج لقاحات كورونا
اخترعت كاريكو وشريكها درو وايزمان تقنية mRNA المعدلة المستخدمة في لقاحات فايزر ومودرينا للوقاية من فيروس كورونا، وكانت لقاحاتهم آمنة وفعالة وعملية للوقاية من كورونا.
حصل لقاح فايزر على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية في أغسطس 2021، كما حصل لقاح موديرنا على ترخيص إدارة الغذاء والدواء الأمريكية للاستخدام في حالات الطوارئ.
ركزت أبحاث كاريكو وويسمان لعقود من الزمن على الآليات التي يتوسطها الحمض النووي الريبوزي (RNA)بهدف نهائي يتمثل في تطوير الحمض النووي الريبوزي المرسال (mRNA) المنسوخ في المختبر لعلاج البروتين.
لقد قاموا بالتحقيق في تنشيط المناعة بوساطة الحمض النووي الريبوزي (RNA) واكتشفت مع زميلها وايزمان أن تعديلات النيوكليوزيد تثبط مناعة الحمض النووي الريبي (RNA)مما أدى إلى توسيع الإمكانات العلاجية لـRNA المرسال في علاج الأمراض.
أدى عملهم إلى تطوير اللقاحين الأكثر فعالية لكوفيد-19، وهما لقاح فايز ومودرينا، كما ويحملان وعدًا كبيرًا للعلاجات المستقبلية للعديد من الأمراض الأخرى.
حصولها على جائزة نوبل في الطب
حصلت كاريكو ووايزمان على جائزة نوبل في الفسيولوجيا أو الطب في عام 2023 لأبحاثهما التي مكنت من تطوير لقاحات mRNA ضد كوفيد-19، كما تجري أبحاث أخرى بهذه التقنية لعلاج أمراض أخرى منها مرض السرطان.
ووفقا للجنة جائزة نوبل فإن الفائزين ساهما في الوصول إلى معدل غير مسبوق في تطوير اللقاحات، وذلك خلال مرحلة شكلت أكبر تهديد على صحة الإنسان المعاصر، وهي جائحة كورونا.
بعد النجاح في إنتاج اللقاحات رفضت كاتالين كاريكو عروض العديد من الجامعات، وقد قالت في أحد المقابلات الصحفية إنها لن تعود إلى البحث الأكاديمي مرة أخرى.
وقالت: "لقد تقاعدت منذ 10 سنوات من جامعة بنسلفانيا، والآن أبدأ فصلاً جديداً من حياتي، وأعتقد أنه سيكون الفصل الأخيرة". تعمل كاريكو حاليًا في شركة بايونتيك المطور للقاحات فايزة وتعمل مستشارة في هذه الشركة.