فريد الأطرش ملك العود وموسيقار الأزمان الذي عشق الفن وجذبته النداهة ليسافر إلى هوليوود الشرق ويترك حياة الإمارة بسبب مطاردة الاحتلال لأسرته ليتحول إلى أحد أهم مطربي وملحني القرن العشرين.
كما ترك بصمات في السينما المصرية من خلال المشاركة في تمثيل وإنتاج عدد كبير من الأفلام السينمائية علي مدار نحو 40 عاما هي مدة حياته الفنية.
ولد فريد فهد فرحان إسماعيل الأطرش، يوم 21 أبريل في عام 1917، في سوريا، لعائلة تنتمي إلى آل الأطرش وهم أمراء ينتسبون إلى عائلة عريقة في جبل العرب بجنوب سوريا والتي تسمى أيضا جبل الدروز حيث يسكنها الدروز.
وتزوج والده ثلاث مرات: الأولى عام 1899 من طرفة الأطرش وأنجب منها ابنه طلال، والثانية في عام 1909 من علياء المنذر، وأنجب منها أنور وفريد وفؤاد، ووداد وآمال "أسمهان".
وفي المرة الثالثة تزوج من ميسرة الأطرش وأنجب منها منير ومنيرة وكرجية واعتدال، وتوفي عام 1925 بسوريا، وكانت والدته الأميرة علياء المنذر تعشق الغناء وتمتلك صوتا جميلا وتوفيت في عام 1968 ودفنت في لبنان.
كانت فترة طفولة ملك العود مضطربة حيث لم يعيش مع والده كثيرا وكان مضطرا إلى التنقل من سوريا إلى القاهرة مع والدته هربا من الفرنسيين الراغبين في اعتقاله بسبب كفاح عائلته ضد الاستعمار الفرنسي، وعاش في القاهرة، ولكنه توفي في بيروت متأثرا بأزمة قلبية عام 1974 عن عمر ناهز 64 عاما.
علي الرغم من نشأته في بيت من الأمراء وانتمائه لعائلة عريقة إلا أن ملك العود عانى من صعوبة العيش في القاهرة، حيث أقام في شقة صغيرة مع والدته وشقيقه فؤاد وشقيقته أسمهان.
والتحق بإحدى المدارس الفرنسية، ثم بمدرسة البطريركية للروم الكاثوليك، وبسبب الحاجة للمال لجأت والدته للغناء، وبعدها التحق موسيقار الأزمان بمعهد الموسيقى، ولمساعدة أسرته كان يقوم ببيع القماش لمساعدة الأسرة.
وكان لقاؤه بالمطرب إبراهيم حمودة هو بوابته الأولى نحو احتراف الموسيقى حيث طلب منه العزف علي العود في فرقته الموسيقية، ثم انضم إلى فرقة بديعة مصابني وأقنعها أن يغني بمفرده بدلا من الغناء ضمن الكورال.
وبعد ذلك قام ملك العود بتسجيل أغنيته الأولى "يا ريتني طير" من كلمات وألحان الملحن الفلسطيني يحيي اللبابيدي، وأصبح يغني في الإذاعة مرتين أسبوعيا، وللتوسع في نشاطه استعان بفرقة موسيقية وزودها بآلات غربية مع الآلات الشرقية.
رغم مرور سنوات طويلة علي وفاته، إلا أن عشاق ملك العود مازالوا يحرصون علي الاستماع إلى أغانيه وتخصص له القنوات والإذاعات الخاصة بالأغاني فقرات شبه ثابتة لإذاعة أشهر أغانيه ولكن يوجد عدد من الأغاني التي حققت انتشارا واسعا لدى المستمعين العرب.
شهرة أغانيه امتدت إلى حد إعجاب موسيقار الأجيال الفنان محمد عبد الوهاب بأغنية أغنية "أنا واللي بحبه" التي غناها ولحنها ملك العود من كلمات مأمون الشناوي.
وقال عبد الوهاب إنه علي استعداد للتنازل لفريد عن 5 سنوات من عمره مقابل مطلع هذه الأغنية، وأوضح أن التركيبة الموسيقية التي ابتكرها فريد في اللحن لا يمكن أن تخرج إلا من عقل موسيقي نابغ يجمع في الجملة الموسيقية بين الهندسة والفن.
وتضم أشهر أغاني موسيقار الأزمان التي يعشقها جمهوره: "مرة يبكيني ومرة يهنيني"، و"قلبي ومفتاحه"، و"بقي عايز تنساني"، و"وياك"، و"مانحرمش العمر منك"، و"يا عوازل فلفلوا"، و"فوق غصنك يا لمونة"، و"أنا واللي بحبه".
لم يمنعه عشقه للغناء والتلحين من المشاركة في عدد كبير من الأفلام، بعضها يعتبر علامات في تاريخ السينما المصرية، حيث قدم 31 فيلما سينمائيا من بطولته وبعضها من إنتاجه منذ عام 1941 وحتي عام 1975.
وضمت قائمة الأفلام التي قام ببطولتها: "انتصار الشباب"، و"أحلام الشباب"، و"جمال ودلال"، و"شهر العسل"، و"مقدرش"، و"حبيب العمر"، و"بلبل أفندي"، و"أحبك إنت"، و"عفريتة هانم"، و"آخر كذبة"، و"تعالي سلم"، و"ما تقولش لحد".
و"عايزة أتجوز"، و"لحن الخلود"، و"لحن حبي"، و"رسالة غرام"، و"عهد الهوى"، و"قصة حبي"، و"إزاي أنساك"، و"ودعت حبك"، و"إنت حبيبي"، و"ماليش غيرك"، و"من أجل حبي"، و"شاطئ الحب"، و"يوم بلا غد"، و"رسالة من امرأة مجهولة"، و"حكاية العمر كله"، و"الخروج من الجنة"، و"الحب الكبير"، و"زمان يا حب"، و"نغم في حياتي".
مسيرته الفنية الطويلة والمتنوعة دفعت عدد كبيراً من الكتاب لتأليف كتب تتناول قصة حياته والفترة التي عاش فيها وأسلوبه الموسيقى، ومن أهم هذه الكتب: "فريد الأطرش قصة حياته ومختارات من أغانيه" لسعيد الهيري، و"فريد الأطرش بين الفن والحياة" لسعيد الجزائري.
و"فريد الأطرش" لعبد الكريم عبد العزيز الجوادي، و"موسيقار الأزمان" لسعود بن عبد العزيز القويعي، و"فريد الأطرش العالمي نابغة عصره" للمهندس محمود الأحمدية، و"النصوص الكاملة" لأغاني فريد الأطرش.
قام ملك العود بالتعاون مع أشهر شعراء عصره حيث كتب له كبار المؤلفين، ومنهم: أحمد بدرخان، وأحمد رامي، وأحمد شفيق كامل، وبشارة الخوري، وإسماعيل الحبروك، وبديع خيري، وبيرم التونسي، وحسين السيد، وحسين شفيق المصري، وخالد الفيصل، وأبو السعود الإبياري، وصالح جودت، وفتحي قورة، وكامل الشناوي، ومأمون الشناوي، ومرسي جميل عزيز.
استغل موسيقار الأزمان موهبته الموسيقية في التلحين لعدد كبير من المطربين والمطربات ولم يكتف بتلحين أغاميه فقط، حيث تعاون مع أشهر المطربين علي الساحة الفنية في ذلك الوقت ومنهم شقيقته أسمهان، وشادية، وفايزة أحمد، وصباح، ووردة الجزائرية، ومها صبري، ووديع الصافي، ونور الهدى، وفهد بلان، ومحرم فؤاد.
لم يتزوج ملك العود رسميا رغم دخوله في عدد من العلاقات العاطفية التي كانت محور حديث الصحافة الفنية في ذلك الوقت والتي وصلت إلى 7 علاقات مع فنانات شهيرات وسيدات المجتمع الراقي.
وفقا لما نشر عن حياة موسيقار الأزمان، فإن علاقته العاطفية الأولى كانت مع فتاة تدعى "مديحة" من إحدى العائلات الغنية، ثم ارتبط بالفنانة سامية جمال، لمدة طويلة بلغت 11 عاما وانتهت العلاقة بعد زواجها.
ثم ارتبط بالفنانة ليلي الجزائرية، وبعدها بالفنانة شادية، وارتبط بعدها بالملكة ناريمان الزوجة السابقة للملك فاروق ملك مصر السابق، وبعدها ارتبط بالفنانة سميرة أحمد، ثم قام بخطبة سلوى القدسي، ولكنه توفي قبل الزواج رسميا.
