فرح الديباني.. أول مغنية مصرية وعربية تغني في أوبرا باريس

صنعت السوبرانو المصرية فرح الديباني لنفسها اسمًا عالميًا في عالم الفن الكلاسيكي، لتصبح واحدة من أبرز الأصوات الأوبرالية القادمة من الوطن العربي. تعد الديباني سفيرة للثقافة المصرية في المسارح العالمية، وأول مصرية وأفريقية تنضم إلى أوبرا باريس، ليصبح اسمها مرادفًا للاحتراف والتألق، في السطور التالية تعرف على مسيرتها الفنية وحياتها.

من هي فرح الديباني؟

هي مغنية أوبرالية وسوبرانو مصرية، ولدت في 12 فبراير عام 1989 في مدينة الإسكندرية في مصر، وهي أول مغنية مصرية وأفريقية تغني في أوبرا باريس، وأشهر مغنيات الأوبرا العالميات من الشرق الأوسط.

ولدت فرح في أسرة محبة للموسيقى الكلاسيكية، وقد درست في المعهد العالي للموسيقى في برلين، وفي عام 2016، صنعت التاريخ حينما أصبحت أول مغنية مصرية تنضم إلى أكاديمية أوبرا باريس، التي تعد من أعرق المؤسسات الأوبرالية في العالم.

ومنذ انضمامها إلى الأوبرا، شاركت في عروض كبرى لأعمال كلاسيكية، وغنت على مسارح أوروبية عريقة. حققت فرح الديباني شهرة عالمية خارج أوساط المهتمين بالفن الأوبرالي حينما  غنت النشيد الوطني الفرنسي في حفل تنصيب إيمانويل ماكرون عام 2022، وفي نهائي كأس العالم في قطر 2022.

لفتت الديباني الأنظار بعدها إلى موهبتها، واحتفت بها الصحافة المصرية والعربية بفضل إنجازاتها في مجال الموسيقى الكلاسيكية، وتمثيلها المشرف لمصر في الخارج.

نشأتها وتعليمها

ولدت المغنية فرح الديباني في مدينة الإسكندرية لعائلة محبة للموسيقى والغناء الكلاسيكي، ولكن لم يكن هناك أي فرد من عائلتها تحترف الموسيقى، إلا أن جدها كان طبيبًا، وكانت من بين هواياته عزف البيانو.

درست فرح في مدرسة بوروميرين الألمانية في الإسكندرية في الفترة من عام 1993 حتى عام 2007، وخلال دراستها كانت تشارك في الأنشطة الفنية والرياضية المختلفة. وفي المدرسة، اكتشف مدرس الموسيقي الألماني موهبتها الغنائية، واقترح عليها أن تدرس الغناء الأوبرالي بشكل احترافي، لتبدأ رحلتها مع الموسيقى.

خلال فترة دراستها في المدرسة، تلقت دروس الصوت مع مغنية الأوبرا المصرية نيفين علوبة بداية من عام 2003. في عام 2005، التحقت بمركز الفنون بمكتبة الإسكندرية.

وعلى الرغم من تقديمها حفلات أوبرالية في مصر، ودراستها الأوبرا بشكل احترافي، إلا أنها درست الهندسة المعمارية في الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، كما درست الهندسة المعمارية في الجامعة التقنية في برلين.

في عام 2010، التحقت فرح الديباني بأكاديمية هانز إيسلر للموسيقى في برلين، ثم حصلت على ماجستير في الفنون من جامعة برلين للفنون.

مسيرتها الفنية

بدأت السوبرانو فرح الديباني مسيرتها الفنية بتقديم حفلات في الأوبرا المصرية، وكانت أول حفلة تقدمها وهي بعمر 14 عامًا تقريبًا. في عام 2007، فازت فرح بالمركز الأول في مسابقة الغناء من تنظيم المجلس الأعلى للثقافة.

انتقلت بعدها إلى برلين لدراسة الغناء الأوبرالي، ثم سافرت إلى باريس، وخاضت تصفيات ضمت 780 شخصًا للانضمام إلى أوبرا باريس، وقد نجحت بأن تكون  من بين الشخصيات المتأهلين للغناء على خشبة المسرح، لتصبح أول مغنية مصرية وأفريقية تغني في أوبرا باريس، وأصبت من أهم الأسماء الموسيقية في فرنسا وأوروبا.

حفلات المغنية فرح الديباني

شاركت المطربة فرح الديباني خلال مسيرتها في العديد من التجارب المسرحية البارزة، ففي دار الأوبرا المصرية، أبهرت الحضور بأدائها المميز لدور كرونيليا في أوبرا جوليو سيزار للموسيقار الألماني الشهير جورج فريدريك هاندل.

في عام 2014، ظهرت في أوبرا موتسارت، وقدمت دور راميرو، كما قدمت أداءً مميزًا في مركز راديال سيستم الخامس في برلين. قدمت بعدها شخصية ديدو في أوبرا ديدو وأنيسا للمؤلف البريطاني هنري بيرسيل.

في عام 2015، تألقت على مسرح أوبرا نيوكويلنر الألماني. أبدعت فرح الدياني تقديم دور السيدة الثانية والثالثة في أوبرا الناي السحري لموتسارت ودور أمساترا في أوبرا زركسيس لهاندل، كما قدمت شخصية مارثا في أوبرا إيالونتا لتشايوفسكي، وأورفيو في الأبرا الخالدة أورفيوس ويوريديس لكريستوف فيليب غلوك.

خاضت الديباني كذلك تجارب فنية مختلفة، حيث قدمت مقاطع ألتو منفردة في العمل الموسيقي شغف بائعة الكبريت الصغيرة للمؤلف الأمريكي دافيد لانج في قصر جارنييه، وبجانب كل ذلك، كانت تقدم حفلات في أكاديمية دار الأوبرا.

وبجانب الغناء الأوبرالي، برعت المغنية فرح الديباني في تقديم أغنيات غير أوبرالية، وبالذات أغاني المغنية داليدا، فضلًا عن أغنيات عربية كلاسيكية مختلفة. خلال مسيرتها، قدمت فرح حفلات حول العالم، وآخرها حفلة خيرية في اليابان من تنظيم منظمات إنسانية وخيرية يابانية بهدف جمع التبرعات للمتضررين من الكوارث الطبيعية.

غنائها النشيد الوطني الفرنسي

اشتهرت المغنية الأوبرالية المصرية فرح الديباني عالميًا عام 2022، حيث حظيت باهتمام واسع حتى من غير المهتمين بالفن الأوبرالي والكلاسيكي، وذلك بعدما شاركت في غناء النشيد الوطني الفرنسي في قصر شامب دي مارس بمناسبة إعادة انتخاب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رئيسًا للجمهورية.

كان الحدث الثاني الأبرز في مسيرته، حينما غنت النشيد الوطني الفرنسي في ملعب لوسيل في نهائي كأس العالم لكرة القدم 2022 في العاصمة القطرية الدوحة، والتي أقيمت بين فرنسا والأرجنتين.

من الأحداث المهمة في مسيرتها أيضًا أنها شاركت ضمن وفد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في زيارته الرسمية إلى مصر، والتي زار فيها أماكن أثرية وتاريخية في القاهرة بصحبة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ومنها منطقة الحسين وخان الخليلي والسيدة زينب.

جوائز وتكريمات

حصلت السوبرانو فرح الديباني على تكريمات مختلفة، أبرزها تكريم من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي عام 2021 في منتدى شباب العالم تقديرًا لدورها في تمثيل مصر فنيًا وثقافيًا. حصلت في العام نفسه على جائزة حسن كامي المرموقة من مهرجان قصر المنيل، وسلماه الجائزة الأمير عباس حلمي.

حصدت الديباني أيضًا جوائز رفيعة من  مسابقات دولية أقيمت في أثينا وإسطنبول وروما وبرلين وغيرها. في عام 2007 نالت الجائزة الأولى في مسابقة الغناء التي نظمها المجلس الأعلى للثقافة في مصر، ثم أحرزت في العام التالي الجائزة الثانية في مسابقة الشباب الموسيقيين Jugend Musiziert التي تعد من أبرز المحافل الموسيقية في أوروبا.

واصلت تألقها في عام 2013 بالحصول على الجائزة الثالثة في المسابقة الدولية للغناء جوليو بيروتي التي تُعقد في ألمانيا، وبعد أربع سنوات نالت جائزة تقديرية من مسرح كاميروبر في قصر راينسبرغ حيث لعبت أدوارًا مميزة أبرزت قدراتها الدرامية والصوتية.

وفي عام 2018 كرّمتها مؤسسة فاغنر الألمانية التي تدعم الأصوات الشابة الواعدة في عالم الأوبرا لتتوج بعدها في عام 2019 بجائزة Lyrique de l'AROP من أوبرا باريس وهي جائزة تُمنح لأفضل المواهب الشابة المنضمة إلى أكاديميتها تقديرًا لما قدمته من أداء استثنائي على خشباتها.