فرانك باكر.. الرجل الذي أسس إمبراطورية إعلامية في أستراليا

يعد رجل الأعمال الأسترالي فرانك باكر من أبرز الشخصيات في مجال الإعلام في أستراليا، فقد لعب دورًا محوريًا في تطوير الصحافة المطبوعة والتلفزيون في البلاد، ونجح في بناء واحدة من أقوى المؤسسات الإعلامية، وأثر بشكل عميق في الرأي العام والسياسية في أستراليا، في السطور التالية تعرف على مسيرته وإنجازاته.

من هو فرانك باكر؟

السير دوغلاس فرانك هيوستن باكر، هو رجل أعمال أسترالي والمالك والمؤسس لعدد من المؤسسات الإعلامية في أستراليا، منها Nine Network، وشركة Australian Consolidated Press، ولد في 3 ديسمبر عام 1906 في سيدني في أستراليا.

بدأ فرانك مسيرته في الصحافة عندما تولى إدارة صحيفة صغيرة، وسرعان ما أدرك أهمية وتوسع هذا المجال، فأسس مجموعته كونسوليديتد برس، والتي أصبحت من أكبر المؤسسات الإعلامية في أستراليا، واستحوذت على العديد من الصحف الكبرى، وعزز سيطرته على صناعة الأخبار في البلاد.

لم يتوقف طموح فرانك باكر عند الصحافة المطبوعة، بل كان من أوائل من أدركوا قوة التلفزيون كوسيلة إعلامية، وأسس قناة TCN9، والتي أصبحت من أوائل القنوات التجارية في البلاد، ليصبح من الرواد في صناعة البث التلفزيوني.

كان لدى باكر قدرة استثنائية على فهم احتياجات الجمهور، وقد أثرت قراراته على مجريات الأحداث في أستراليا، وهو ما جعله من الشخصيات الأكثر نفوذّا في أستراليا خلال القرن العشرين.

انضم فارنك باكر إلى ميليشيا المواطنين عام 1939، وبعدها نقل إلى قوة المشاة الأسترالية. في عام 1944، عاد إلى الجيش، وخدم لفترة وجيزة في غينيا الجديدة.

نشأته وبداية مسيرته المهنية

ولد فرانك باكر في عائلة من الطبقة المتوسطة، وقد نشأ في الريف، حيث قضى سنواته الأولى وسط الطبيعة. لم يكن باكر طالبًا متفوقًا، وكان شخصًا عدوانيًا منذ طفولته، لذا ترك الدراسة في مدرسة سيدني، ولم يكمل شهادته الثانوية.

وبدلًا من الدراسة، اتجه باكر إلى العمل كمتدرب في مجال الصحافة في عدة صحف أسترالية شارك والده في إدارتها. لم يكن باكر ماهرًا في الصحافة مثل والده، إلا أنه كان يملك قدرة على التعامل مع الأرقام، وكان قادرًا على فهم صفقات الأسهم، وتحديد الخصوم المحتملين، وتقييم عمليات الاندماج والاستحواذ.

كان باكر رياضيًا ماهرًا، فخلال عمله كمتدرب، كان يمارس رياضة الملاكمة، وفي الوقت الذي كان والده يخوض منافسات شرسة مع الصحف في سيدني، كان باكر ينافس في بطولات الملاكمة، وفاز بلقب الوزن الثقيل للهواة في نيوز ساوث ويلز، ولكنه اعتزل الرياضة في سن الثانية والعشرين.

زوجته وأبنائه

تزوج فرانك باكر مرتين، المرة الأولى من سيدة المجتمع جريتيل جويس بولمور، وتزوجها في يوليو عام 1934، وأنجبت له ولدين، وهما كلايد وكيري. توفيت جريتيل باكر عام 1960.

بعد وفاة زوجته، تزوج باكر للمرة الثانية من فلورنس أدلين فينسينت عام 1964، وتوفيت عام 2012.

ابنه كلايد، واصل إدارة إمبراطورية والده الإعلامية، وأصبح من أبرز الشخصيات المساهمة في مجال الإعلام في أستراليا، حيث ورث مجموعة العائلة.

عملاق الإعلام في أستراليا

بدأ فرانك باكر مسيرته في الصحافة عام 1923، حيث كان صحفيًا مبتدئًا في صحيفة والده، ديلي جارديان، وبعد 4 سنوات، أصبح مديرًا للصحيفة. في عام 1933، أسس باكر صحيفة The Australian Women's Weekly، وكانت من أشهر المجلات النسائية في أستراليا في ذلك الوقت.

بعد وفاة والده عام 1934، أسس صحيفة "ديلي تلجراف"، والتي حققت نجاحًا كبيرًا في البداية، وكانت حجر الأساس لنجاحاته اللاحقة في مجال الإعلام، وبحلول نهاية الثلاثينات، أصبح فرانك لاعبًا أساسيًا في عالم الصحافة والمجلات في أستراليا.

وخلال الثلاثينات، أسس باكر شركة Australian Consolidated Press ACP، وشغل منصب رئيس الشركة من عام 1936 حتى عام 1974.

خلال الأربعينات، بدأ فرانك باكر معاركه الخاصة في مجال الإعلام، وكان له دور بارز في التأثير على القرارات السياسية في البلاد. دعم باكر الحزب الليبرالي، ودخل في معارك سياسية مع حزب العمال والنقابات العمالية، وسيطر على مؤتمر الصحف الأسترالية.

واصل فرانك سيطرته على الصحافة المكتوبة في أستراليا، واستحوذ على العديد من المجلات، منها مجلة "ذا بوليتن" عام 1961، والتي نجح في إعادة صورتها من جديدة وسط الصحف الأسترالية.

دوره في التلفزيون

ولم يقتصر دور فرانك باكر على الصحافة المكتوبة فحسب، بل كان من أوائل الشخصيات الرائدة التي دخلت مجال التلفزيون، وحققت نجاحًا كبيرًا فيه منذ تأسيسه. في عام 1954، وبعد دخول التلفزيون إلى المشهد الإعلامي في أستراليا، اغتنم فرانك هذه الفرصة، وأسس شركة Nine Network، والتي أصبحت من أكبر القنوات التلفزيونية في أستراليا.

عرفت إمبراطورية باكر الإعلامية بتوجهاتها المحافظة، واستغل منصاته الإعلامية لدعم أفكاره وميوله السياسية في البلاد.

مرضه ووفاته

توفي فرانك باكر في الأول من شهر مايو عام 1974 بعد معاناة مع المرض، حيث عانى من قصور في القلب، وتوفي في مستشفى الأمير ألفريد الملكي؛ بسبب الالتهاب الرئوي وساركوما الخلايا الشبكية.

حرق جثمان باكر، ودفن رماده في مقابر العائلة في ساوث هيد. ترك باكر تركه تقدر ب2 مليون دولار خلال السبعينات، كما ترك مجموعة فنية تضم لوحات ورسومات من بعض أشهر الفنانين في أستراليا.

جوائز وتكريمات

في عام 1959، تمكن باكر من الحصول على لقب فارس، وهو اللقب الذي لطالما حارب من أجل الحصول إليه، ويزعم الكثير من المعارضين السياسيين في أستراليا بأنه حصل على هذا اللقب مكافأة لدعمه الحزب الليبرالي في البلاد.

حصل فرانك باكر كذلك على وسام الإمبراطورية البريطانية عام 1951، وتمت ترقيته ضمن وسام الإمبراطورية البريطانية إلى رتبة قائد فارس عام 1971. تم تجسيد شخصية باكر في العديد من الأعمال الفنية في أستراليا، ومنها مسلسل Bodyline، ومسلسل The True Believers خلال الثمانينات.

في عام 2007، تم تقديم شخصيته في فيلم السيرة الذاتية  The King الذي يحكي عن قصة حياة الفنان جراهام كينيدي. تم تقديم شخصيته في مسلسلات Paper Giants: The Birth of Cleo، و Power Games: The Packer-Murdoch War.