شاعرة فلسطين وأول من نظمت الشعر العربي الحر، إنها الشاعرة الفلسطينية فدوى طوقان التي كتبت عن النضال والمقاومة والنسوية والحرية في شعرها، وتعد واحدة من أجرأ الشاعرات اللاتي دافعن عن حقوق النساء ضد الذكورية، في السطور التالية تعرف على مسيرتها الأدبية وقصتها.
معلومات عن الشاعرة فدوى طوقان
اسمها بالكامل فدوى عبد الحميد آغا طوقان هي شاعرة ومناضلة فلسطينية ولدت في مدينة نابلس في عام 1971، ونشأت في عائلة عريقة كبيرة وفي بيت أثري كبير. نشأت الشاعرة فدوة في أسرة مكونة من 10 أبناء، وهي الطفلة السابعة في العائلة وقد عانت في طفولتها من الاضطهاد والرفض بسبب السيطرة الأبوية، حيث لم تشعر بحنان الأب تجاهها، كما وصفت في سيرتها الذاتية.
عانت فدوى من الظلم في طفولتها وهو ما جعلها ثائرة في أشعارها، وتعد من أكثر الشاعرات جرأة في طرح الموضوعات المختلفة. وصفها الشاعر محمود درويش أم الشعر الفلسطيني، وقد بدأت كتابة الشعر تحت اسم مستعار "دنانير" وقد شاركت فدوى في الحياة السياسية في الخمسينيات من القرن الماضي.
في الستينيات ساعرت إلى لندن وقد قضت حياتها مناضلة ناضلت بكلماتها وأشعارها في سبيل حرية فلسطين وحرية المرأة أيضًا، وقد حصلت على العديد من الجوائز منها جائزة الزيتونة الفضية الثقافية، ووسام الاستحقاق الثقافي في تونس وغيرها.
كرست الشاعرة فدوى حياتها للأدب والشعر، وقد أصدرت عدة مجموعات شعرية ومؤلفات منذ الخمسينات ويظهر فيها جليًا مشاعر الحزن والأسى من تجاربها الصعبة التي عاشتها في حياتها، وقد ترجمت العديد من أشعارها إلى لغات أجنبية عدة.
لدى فدوى أيضًا عدة مؤلفات نثرية، وقد كتب كتابان سيرة ذاتية عن حياتها تتضمن مذكراتها منذ ولادتها وأخرى تتضمن حياتها تحت الاحتلال الإسرائيلي منذ النكسة حتى الانتفاضة الأولى، وقد ترجمت إلى الفرنسية.
نشأتها وطفولتها
لا يُعرف تاريخ محدد لولادة الشاعرة فدوى طوقان، فقد ذكرت أن والدتها لم ترغب بها، وحاولت إجهاضها أكثر من مرة، كما لم تربها والدتها، إنما سلمت والدتها مسؤولية العناية بها وتربيتها إلى الخادمة.
ليس هذا فحسب عاشت فدوى أيضًا طفولة صعبة، حيث مُنعت من اللعب بالدمى في سن الثامنة، وكانت والدتها تسخر من خيالها الجامح وتأمرها بالتوقع عن الخزعبلات. كانت فدوى تتعرض للظلم كثيرًا بسبب سيطرة التقاليد القاسية ومحاولات والدتها في الدفاع عنها تبوء دائمًا بالفشل.
لم تتلقَ فدوى القسوة من والدتها فقط، بل من والدها أيضًا الذي تمنى أن تكون ذكرًا، ولم يهتم بها في حياتها، لذا لم تعش فدوى حنان الأم والاهتمام، وكانت علاقتها به باردة وخالية من العاطفة.
وقد انعكس هذا على حياة فدوى بشكل كبير، وأثر على حالتها الصحية أيضًا، فقد عانت من حمى الملاريا في طفولتها. وفي مراهقتها عانت أيضًا بسبب كتابتها للشعر وسط رفض قاطع من عائلتها التي رأت أنها تحارب التقاليد كونها امرأة وشاعرة.
وفي مقابل كل هذا الجفاء شعرت فدوى بالحب والعاطفة من شقيقها الشاعر إبراهين الطوقان، الذي وصفته بأنه الأب الضائع لها، فعندما عاد من بيروت عام 1921 منحها الاهتمام والحب الذي كانت تفتقده.
علاقاتها الشخصية
لم تتزوج فدوى طوال حياتها رغم أنها عاشت الحب الكبير أكثر من مرة. أحبت فدوى طوقان الشاعر المصري إبراهيم نجا، وقد كتبت له أروع قصائدها وأجمل رسائلها، ولكن انتهت قصة الحب تلك بالفشل بسبب العادات والتقاليد.
ربطتها قصة حب أخرى مع الناقد المصري أنور المعداوي رغم أنها كانت تعلم أنها علاقة بلا أمل بسبب الظروف التي عاشتها، ولكنها قدمت للأدب العربي أجمل الرسائل والإنتاجات الشعرية بسبب قصة الحب غير الناجحة تلك.
دراستها
كانت أسرة فدوى طوقان تهتم بالعلم جدًا، ولكن كان هذا الاهتمام منصبًا للرجال فقط، فكانت الإناث يتلقين التعليم الأولي والبسيط فقط، وقد تمكنت فدوى من تلقي التعليم الابتدائي في مدرسة الفاطمية ثم العائشية ودرست لمدة 5 سنوات فقط ثم حرمت من الدراسة.
حرمت فدوى أيضًا من الخروج من المنزل وفرض عليها الإقامة الجبرية، وذلك عندما علم شقيقها يوسف أن هناك صبيًا كان يلاحقها في الطريق. ولكن أنقذها شقيقها إبراهيم الذي نالت العلم والثقافة منه في المنزل فعلمها الشعر والنحو والبلاغة وعلم العروض كما شجعها على كتابة الشعر ومنحها الكتب العربية في الأدب وغيرها.
قامت فدوى بتثقيف نفسها بنفسها، فقد كانت كثيرة الاضطلاع على أمهات الكتاب، وكانت تعشق قراءة التراث العربي والآداب العالمية والكتب الدينية أيضًا، وقرأت في التاريخ وعلم النفس والفلسفة وغيرها.
تعمقت بعدها في قراءة الأدب العربي، وأحبت الرواية، وفي عام 1939 تعرفت على الشعراء والأدباء والسياسيين عندما انتقلت مع شقيقها إبراهيم إلى مدينة القدس، وتردد على نوادي الأدب والمكتبات وغيرها. تعلمت فدوى أيضًا اللغة الإنجليزي واضطلعت على الأدب الغربي، وهناك التحقت بمدرسة مسائية لجمعية الشبان المسيحية في القدس.
مؤلفات فدوى طوقان
تعد الشاعرة فدوى طوقان واحدة من أشهر الشاعرات في فلسطين ومن رموز القضية الفلسطينية، وقد مثلت الشعب الفلسطيني الذي عانى من الاحتلال والقتل والأسر. عانت فدوى من حياة صعبة وكانت حياتها عبارة عن قصة كفاح نقلتها عبر أشعارها ومؤلفاتها.
نشرت فدوى قصائدها في الصحف والمجلات العربية، وقد تأثرت في الأربعينيات بشعراء المهجر، كما تأثرت بالتيار الرومانسي أيضًا. كتبت فدوى عن تجاربها الأنثوية في الحب والحرية والثورة، واحتجت من أجل المرأة على المجتمع.
وبعد وفاتها شقيقها إبراهيم كتبت أروع القصائد التي عبرت فيها عن حزنها الدفين، كما تأثرت بحركة الشعر العربي في الخمسينات، وكانت من أوائل من نظموا الشعر العربي الحر. خلال النكسة بدأت المسيرة الحقيقية لفدوى، حيث انخرطت في الواقع الفلسطيني وقاومت الاحتلال بقلمها.
الأعمال الشعرية الكاملة فدوى طوقان
أصدرت فدوى طوقان العديد من المجموعات الشعرية أولها "وحدي مع الأيام"، و"وجدتها"، و"أعطني حبًا"، و"أمام الباب المغلق"، و"الليل والفرسان"، و"تموز والشيء الآخر"، و"اللحن الأخير" و"على قمة الدنيا". وقد ترجمت العديد من أشعارها إلى اللغات الأجنبية مثل الإنجليزية والتركية، والفارسية والفرنسية وغيرها.
ومن قصائدها المشهورة قصيدة مع سنابل القمح، والتي تقول فيها:
أوت إلى الحقل كطيف كئيب
يرسو بعينها أسى غامر
في روحها اللهفى اضطراب غريب
وقلق مستبهم، خائر...
غامضة، في العمق أغوارها
فيض انفعالات وإحساس
صيّرها شذوذ أطوارها
غريبة في عالم الناس
تأملت في السنبل الوادع
يموج في الحقل زكيّا نماه
تكاد في سكونها الخاشع
تسمع في السنبل نبض الحياة
ومن مؤلفاتها النثرية كتاب "أخي إبراهيم" وكان مقدمة لديوان شقيقها إبراهيم. كتبت أيضًا عن سيرتها الذاتية في كتاب "رحلة صعبة رحلة جبلية" عام 1685 وروت فيها حياتها منذ ولادتها حتى عام 1967.
كتبت بعدها سيرتها الذاتية "الرحلة الأصعب" عام 1993 وروت سيرة حياتها خلال الاحتلال الإسرائيلي حتى الانتفاضة الأولى عام 1987.
وفاة فدوى طوقان
توفيت الشاعرة فدوى طوقان يوم الجمعة في 12 ديسمبر عام 2003 في مستشفى مدينة نابلس بعدما تعرضت لأزمة قلبية، حيث ظلت في المستشفى لمدة 20 عامًا وتوفيت عن عمر 86 عامًا.
كتب على شاهد قبرها قصيدتها المشهورة:
كفاني أموت عليها وأدفن فيها
وتحت ثراها أذوب وأفنى
وأبعث عشبًا على أرضها
وأبعث زهرة إليها
تعبث بها كف طفل نمته بلادي
كفاني أظل بحضن بلادي
ترابًا، وعشبًا، وزهرة