يعد الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو من أبرز الشخصيات السياسية على الساحة الدولية في الوقت الحالي، فقد انتقل إلى العمل الثوري المسلح إلى ساحة السياسة الديمقراطية، وأصبح أول رئيس يساري في تاريخ البلاد، وقد اشتهر بمواقفه التقدمية ودعواته لإصلاح اقتصاد كولومبيا، وهو ما جعله شخصية سياسية بارزة، في السطور التالية تعرف على مسيرته وحياته.
من هو غوستافو بيترو؟
غوستافو فرانسيسكو بيترو أوريغو، هو الرئيس الرابع والثلاثون لكولومبيا، ولد في 19 أبريل عام 1960، ويعد أول رئيس يساري يحكم كولومبيا.
بدأ اهتمام غوستافو بالسياسة في سن مبكرة، ففي سن 16 عامًا انضم إلى حركة 19 أبريل، وهي جماعة ثورية مسلحة سعت إلى الإصلاح السياسي، لكنه تخلى عن الكفاح المسلح مع اتفاق السلام مع الحكومة خلال التسعينات.
اتجه غوستافو بيترو فيما بعد على السياسة الديمقراطية، حيث شغل عدة مناصب سياسية، منها عضو مجلس الشيوخ، وفي عام 2018، ترشح للانتخابات الرئاسية، لكنه خسر أمام إيفان دوكي. في عام 2022، ترشح للمرة الثانية، وفاز بالرئاسة.
تعهد غوستافو في حملته الرئاسية بإجراء إصلاحات اقتصادية واجتماعية في البلاد، ومكافحة المخدرات، وبفضل رؤيته، أصبح من الشخصيات البارزة في أمريكا اللاتينية والعالم، ويواجه الكثير من التحديات في بلد يعاني من العديد من الصراعات والأزمات.
نشأته وتعليمه
ولد غوستافو بيترو في بلدية سسيناجا دي أورو، وتنحدر أصوله إلى عائلات مختلطة الأعراق، فلديه أصول إيطالية، وهو يحمل الجنسية الكولومبية والإيطالية المزدوجة بسبب ذلك. هاجرت عائلة غوستافو خلال السبعينات إلى مدينة زيباكويرا الكولومبية للبحث عن حياة أفضل، وعاش غوستافو معظم حياته هناك.
درس بيترو الاقتصاد في جامعة كولومبيا الخارجية، ثم درس الماجستير في الاقتصاد من جامعة خافيرينا، ولكنه لم يتخرج ولم يحصل على الشهادة.
سافر بعدها إلى بلجيكا، ودرس الدراسات العليا في الاقتصاد وحقوق الإنسان من جامعة لوفان الكاثوليكية، وثم درس الدكتوراه في الإدارة العامة من جامعة سالامانكا في إسبانيا.
ما هي ديانة رئيس كولومبيا؟
ولد الرئيس غوستافو بيترو في عائلة كاثوليكية، وقد صرح بأنه مؤمن بالله، على الرغم من أنه شكك في وجود الله في فترة من فترات حياته.
حرم رئيس كولومبيا وأبنائه
تزوج الرئيس غوستافو بيترو 3 مرات. المرة الأولى في سن السادسة والعشرين من حبيبته كاتيا بورغوس، والتي هرب معها للزواج منها بسبب رفض عائلتها هذه الزيجة.
رزق بيترو من زوجته الأولى بابن اسمه نيكولاس بيترو بورغوس، والذي أصبح سياسيًا بارزًا فيما بعد، لكنه قبض عليه عام 2023 بتهمة غسيل الأموال.
تربى ابنه نيكولاس على يد والدته، حيث اضطر غوستافو للاختباء بسبب نشاطه المتمرد وانضمامه إلى جماعة ثورية مسلحة.
خلال فترة فراره، تعرف بيترو على ماري لوز هيران، والتي تصغره ب10 سنوات، وعاشا معًا لأكثر من 15 عامًا، ورزق منها بطفلين، وما أندريا وأندريس، وكلاهما يعيشان في الخارج.
أما حرم رئيس كولومبيا الحالية فهي فيرونيكا ألوكسر، والتي التقى بها في أواخر التسعينات في أحد المؤتمرات السياسية. كانت زوجته تصغره ب17 عامًا حينما تعرف عليها، وقد انفصل عن زوجته الأولى عام 2003، للزواج منها.
لم يتمكن بيترو من الزواج من حبيبته فيرونيكا فورًا، بسبب رفض عائلته هذا الزواج، لكنه نال موافقة والدها فيما بعد، وتزوجا ورزق منها بابنتين، وعما صوفيا وأنتونيلا.
لدى بيترو ابن آخر من علاقة سابقة، واسمه نيكولاس أيضًا، وقد أعلن بيترو تبني طفله عام 2022.
![غوستافو بيترو.. أول رئيس يساري في تاريخ كولومبيا الحديث]()
الانضمام إلى الحركات الثورية المسلحة
كان غوستافو بيترو من بين الشباب الذين آمنوا بالحراك السياسي المسلح لتغيير النظام الاقتصادي والسياسي في البلاد، وقد انضم إلى حركة 19 أبريل المسلحة في سن 17 عامًا تقريبًا.
كانت حركة 19 أبريل منظمة حرب عصابات كولومبية اشتهت خلال السبعينات، والتي ظهرت من أجل معارضة ائتلاف الجبهة الوطنية. اختار غوستافو لنفسه اسمًا مستعارًا، وبرز كزعيم في الحركة، حيث تم انتخابه أمينًا للمظالم، وعضوًا في المجلس عام 1984 إلى عام 1986.
في عام 1985، نظمت حركة 19 أبريل 13 عملية اغتيال لسياسيين بارزين، وشاركت في عمليات اختطاف وعنف في جميع أنحاء البلاد. في العام نفسه، اعتقل بيترو بتهمة حيازة السلاح، واعتقل لمدة 18 شهرًا، وخلال تواجده في السجن، غيّر أيدولوجيته، وآمن بأن البلاد لن تتغير بالكفاح المسلح.
بداية مسيرته السياسية
بعد تصفية حركة 19 أبريل، بدأ غوستافو بيترو مسيرته السياسية من خلال تأسيس حزب سياسي اسمه التحالف الديمقراطي إم 19، والذي شارك في تأسيسه مع عدد من الأعضاء السابقين في الحراك.
تمكن الحزب الناشئ من الفوز بعدد كبير من المقاعد في مجلس النواب عام 1991، وأصبح غوستافو نائبًا عن مقاطعة كونديناماركا، وفي عام 2002، أصبح نائبًا عن بوغوتا، ولكن هذه المرة كعضو في حركة فيا ألتيرنا السياسية، التي شارك في تأسيسها كذلك.
في عام 2006، تم انتخاب بيترو في مجلس الشيوخ، وحصل على ثاني أعلى نسبة إقبال على التصويت في البلاد، وقبلها بعام، كان قد شارك في تأسيس ائتلاف انتخابي شارك فيه العديد من الشخصيات السياسية اليسارية في البلاد.
![غوستافو بيترو.. أول رئيس يساري في تاريخ كولومبيا الحديث]()
معارضة حكومة الرئيس ألبارو أوريبي
في عام 2005، كان الرئيس غوستافو بيترو من أشد المعارضين لحكومة الرئيس ألبارو أوريبي، وكان حينها عضوًا في مجلس النواب. اتهم بيترو الرئيس بأنه يمو جماعات شبه عسكرية خلال حملته الانتخابية. خلال فترة ولاية أوريبي الثانية، قاد بيترو نقاشات حول قضية "البارابوليتيكا" التي كشفت عن ارتباط سياسيين بجماعات مسلحة.
في عام 2007، أثار بيترو الجدل بكشفه وثائق تؤكد وجود علاقة بين مسؤولين عسكريين وتجار مخدرات وجماعات مسلحة خلال حكم أوريبي لإقليم أنتيوكيا. وبسبب هجومه على الرئيس، واجه بيترو ردود فعل عنيفة من الحكومة، واتهم بمحاولة تشويه سمعة الرئيس، فيما وصفه أوريبي بأنه "إرهابي في ملابس مدنية".
توليه منصب عمدة بوغوتا
في عام 2011، أصبح غوستافو بيترو عمدة بلدية بوغوتا، يصبح أول مقاتل سابق في حرب العصابات يتولى مثل هذا المنصب المهم في كولومبيا. بعد توليه المنصب، قدم بيترو مشروعاً لمكافحة الإرهاب ودعم المساواة وحماية البيئة ومكافحة تغير المناخ، ومحاربة الفساد.
خلال فترة حكمه، التي استمرت حتى عام 2015، اتخذت البلدة تدابير مهمة، منها حظر محل الأسلحة، وهو ما أدى إلى خفض معدل الجرائم، كما قام بحملة ضبط للمخدرات والأسلحة، وتم إنشاء مركز "أمانة المرأة".
قام بيترو بعدد من الإصلاحات الاجتماعية التي ساهمت في تقليل نسبة الفقر، وانتشال نحو نصف مليون شخص من الفقر. اهتم كذلك بمجال الصحة، وأنشئ مراكز متنقلة لرعاية مدمني المخدرات، كما تم إنشاء العديد من العيادات. كان بيترو أيضًا من اقترح إنشاء مترو أنفاق في المدينة، وتم الانتهاء منه عام 2017، وبلغت تكلفته 70 مليار بيزو.
![غوستافو بيترو.. أول رئيس يساري في تاريخ كولومبيا الحديث]()
رحلته مع الترشح للانتخابات
بدأ الرئيس غوستافو بيترو رحلته مع الانتخابات الرئاسية لأول مرة عام 2010، حيث أعلن عن ترشحه للانتخابات كمرشح لحزب القطب الديمقراطي، لكنه لم يتمكن من الفوز، واحتل المركز الرابع في إجمالي الأصوات.
في عام 2018، ترشح للرئاسة للمرة الثانية، وكان مرشحًا قويًا أمام منافسه إيفان دوكي، لكنه خسر في الانتخابات، وحصل على المركز الثاني. في عام 2022، ترشح للرئاسة للمرة الثالثة، وأعلن حينها أنه سيعتزل السياسية إذا خسر هذه المرة.
قدم الرئيس غوستافو بيترو مشروع انتخابي مميز ركز على الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية كذلك، كما تعهد برفع الضرائب على أغنى الأشخاص في كولومبيا، وركز كذلك على الاستصلاح الزراعي في مشروعه.
تمكن بيترو من الفوز بأكبر عدد من الأصوات في الجولة الأولى، وفي الجولة الثانية، فاز بيترو في الانتخابات بنسبة 50.44%، ليصبح أول رئيس يساري في تاريخ كولومبيا الحديث.
ماذا فعل غوستافو بيترو لكولومبيا؟
تولى الرئيس غوستافو بيترو منصبه في 7 أغسطس عام 2022، وقضى الفترة بين انتخابه وتنصيبه على اتلفاوض مع الأحزاب اليمينية والوسطية، ونجح في تشكيل تحالف واسع ضم العديد من الأحزاب، إلا أنه غادر الائتلاف بسبب الخلافات الأيدولوجية.
نجح بيترو قبل أيام من تنصيبه رئيسًا على حث مجلس الشيوخ للموافقة على اتفاق إسكاثو، وهو أول معاهدة بيئية في أمريكا اللاتينية. على الرغم من أن بيترو واجه معارضة قوية من الجيش، إلا أنه نجح في كسب ثقتهم بعدما عين قيادة عسكرية جديدة.
نجح بيترو بعد توليه الرئاسة في إعادة العلاقات مع فنزويلا بعد قطيعة استمرت ل3 سنوات. أعلنت بيترو عن إصلاح زراعي يهدف إلى توزيع الأراضي على الفلاحين الفقراء.
على الرغم من أنه بدأ فترته الرئاسية بدعم كبير، إلا أن شعبيته تراجعت بعد ارتفاع معدلات الجريمة في البلاد، وتعثر الإصلاحات التي وعد بها، فضلًا عن اعتقال ابنه الأكبر نيكولاس في قضية غسيل أموال مرتبطة بتمويل حملته.
![غوستافو بيترو.. أول رئيس يساري في تاريخ كولومبيا الحديث]()
رئيس كولومبيا وترامب
تعقدت العلاقة بين رئيس كولومبيا وترامب في يناير 2025، حينما رفض بيترو غوستافو السماح لطائرين عسكريتين أمريكيتن تقل مجموعة من المهاجرين المرحلين، وكانت كل طائرة تحمل حوالي 80 كولومبيًا.
وردَا على ذلك، هدد ترامب في البداية بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على الورادات الكولومبية، وفرض حظر السفر، وإلغاء تأشيرات لمسؤولي الحكومة الكولومبية، ثم هدد بمضاعفة الرسوم إلى 50% إذا لم يتراجع بيترو عن قراره.
توصل الدبلوماسيون من كلا البلدين إلى اتفاق يقضي بإرسال كولومبيا طائرات تابعة لسلاحها الجوي لنقل المرحّلين بنفسها، وهي خطوة وصفها بيترو بأنها تضمن "معاملتهم بكرامة" ودون تكبيل أيديهم.
انتقد بيترو استخدام الجيش الأمريكي لترحيل المهاجرين، وكتب عبر حسابه على إكس: "أنا لا أصافح المستعبدين البيض".