غوردون مور.. عبقري التكنولوجيا مؤسس شركة إنتل

يعد رجل الأعمال الأمريكي غولدون مور واحد من أهم عباقرة التكنولوجيا في العالم، فقد اشتهر بقانون مور الذي أدى إلى ثورة هائلة في صناعة الإلكترونيات، وساعد في تطوير أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية التي نستخدمها حتى الآن، وقد ساهم في إنشاء شركة إنتل التي تعد من أهم الشركات التكنولوجية في العالم، تعرف أكثر على مسيرته المهنية وأهم إنجازاته في هذا المقال.

من هو غوردون مور؟

جوردون إيرل مور هو رجل أعمال ومهندس أمريكي ولد في 3 يناير عام 1929 في كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية وهو المؤسس المشارك والرئيس الفخري لشركة إنتل.

يعد مور رائد صناعة المعالجات الدقيقة في العالم، كما أنه أحد أهم عمالقة التحول التكنولوجي في العصر الحديث وذلك بفضل مساهمته في صناعة رقائق أكثر قوة صنعت ثروة في تصنيع أجهزة الحاسوب الصغيرة.

ساهم مور في تأسيس شركة إنتل في السبعينيات وشغل منصب الرئيس التنفيذي للشركة لعدة سنوات، وقد ساهمت الشركة تحت قيادة في طرح أول معالد دقيق في العالم لتصبح الشركة فيما بعد واحدة من أهم الشركات المصنعة لأشباه الموصلات في الولايات المتحدة والثالثة في العالم من حيث حجم الأعمال.

عرف مور أكثر بفضل "قانون مور" والذي تحدث عنه في مقالة نشرها في منتصق الستينيات والتي كتب فيها وملاحظاته حول صناعة الرقائق الدقيقة، وبعد نشر هذه المقالة أصح الرقائق أقل تكلفة وأكثر كفاءة من ذي قبل.

نشأته وتعليمه

ولد غوردون مور في ميدنة بيسكانيرو في نيويورك بالولايات المتحدة، وهو الابن الثاني لوالتر مور، والذي كان عمدة مقاطعة سان ماتيو، ووالدته فلورنس والتي كانت ربة منزل.

بدأ مور دراسته في عام 1935 وقد كان طفلًا منطويًا ولا يحب التحدث والاختلاط مع زملائه في المدرسة، ولكنه كان طفلًا ذكيًا ومنتبهًا في دراسته. انتقلت العائلة فيما بعد إلى مدينة ردوود سيتي في كاليفورنيا، وفيها التحق بثانوية سيكويا وخلال المدرسة شارك في الأنشطة الرياضية.

كان مور يرغب في أن يصبح كيميائيًا، حيث حصل على أول مجموعة كيميائية له عام 1940 والتي ألهمته لدراسة الكيمياء في الجامعة، وبالفعل التحق بكلية ولاية سان خوسية ودرس الكيمياء، ثم انتقل للدراسة في جامعة كاليفورنيا وتخرج عام 1950 بدرجة بكالوريوس العلوم في الكيمياء.

في العام نفسه التحق بمعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا وحصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في الكيمياء عام 1945، وقد قاد أبحاث ما بعد الدكتوراه في مختبر جامعة جونز هوبكنز في الفترة من 1953 إلى 1956.

زوجة غوردون مور

التقى رجل الأعمال الأمريكي غوردون بمور بزوجته بيتي إيرين ويتاكر عام 1947 خلال مؤتمر الحكومة الطلابية وتزوجا بعد لقائهما الأول بثلاثة سنوات وتحديدًا في عام 1950.

لدى غوردون من زوجته ولدين وهما كينيث مور الذي ولد عام 1954، وابنه الثاني ستيفن مور ولد عام 1959. كان مور يحب هواية الصيد كثيرًا، وقد شارك مع عائلته وأسرته الصغيرة حب هذه الهواية، حيث كان يسافر كثيرًا معهم لصيد الكثير من أنواع الأسماك، كما أنه كان مهتمًا بالحفاظ على البيئة ونبع هذا الأمر من حبه للصيد والوقت الذي كان يقضيه خلال الصيد.

ديانة غوردون مور

لا يوجد معلومات كافية عن ديانة رجل الأعمال الأمريكي غوردون مور، حيث لم يسبق أن تحدث عن معتقداته الدينية، ولكن تشير بعض المصادر بأنه كان ملحدًا، فيما تشير مصادر أخرى أنه كان متدينًا، ولكن لا يوجد تأكيد على هذين الأمرين.

بداية مسيرته المهنية

بعد حصوله على درجة الدكتوراه بدأ غوردون مور مسيرته المهنية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وقد انضم بعدها إلى قسم مختبر شوكلي لأشباه الموصلات في شركة بيكمان الأمريكية، والتي أسسها خريج معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا ويليام شوكلي.

بعد فترة غادر غوردون المختبر للانضمام إلى شركة فيرتشايلد لأشباه الموصلات وسط مجموعة من زملائه في المختبرة، وقد سميت هذه المجموعةف يما بعد باسم "الخونة الثمانية"، حيث غادر 8 موظفين من حاملي الدكتوراه من مختبر شوكلي لإنشاء الشركة بهدف تطوير وإنتاج أجهزة أشباه الموصلات الجديدة.

قانون مور

في عام 1965 نشر غوردون مور مقالة كتب فيها ملاحظة شهيرة حول الرقائق، حيث لاحظ أن عدد الترانزستورات في دائرة متكاملة يضاعف تقريبًا كل عامين، أي أنه تنبأ بأن قدرة معالجة أجهزة الكمبيوتر ستزداد بشطل مطرد مع مرور الوقت فيما ستنخفض تكلفتها.

سميت هذه الملاحظة فيما بعد باسم "قانون مور" وقد أدى هذا القانون إلى ثورة  ائلة في صناعة الإلكترونيات في العالم، كما ساعد في تطوير أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية والعديد من الأجهزة الإلكترونية المستخدمة في وقتنا هذا.

ويمكن تلخيص أهمية القانون في أنه ساعد في زيادة قدرة معالجة أجهزة الكمبيوتر بشكل مطرد، وهو ما أدى إلى تطوير برامج وتطبيقات أكثر تعقيدًا وكفاءة، كما ساعد القنون في انخفاض تكلفة الإلكترونات بشكل كبير وجعلها متحاة لمزيد من الناس، وأدى هذا إلى تطوير الأجهزة الأإلكترونية الجديدة، بما فيها الهواتف الذكية والحواسيب الشخصية وظهور عمالقة الإنترنت ووادي السيليكون مثل جوجل وآبل وفيسبوك وغيرها.

وقد تحدث مور عن هذا الأمر في مقابلة أجراها عام 2005 حول هذا الأمر، وقال: "من المؤكد أن التواجد في المكان المناسب والوقت المناسب يعتبر أمراً رائعاً. لقد كنت محظوظاً جداً بالدخول في صناعة أشباه الموصلات في بداياتها، وأتيحت لي الفرصة للنمو معها منذ الوقت الذي لم نكن فيه قادرين على صنع ترانزستور واحد، إلى الوقت الذي تمكنا فيه من وضع 1.7 مليار ترانزستور على شريحة واحدة! لقد كانت رحلة استثنائية".

إلا أنه في السنوات الأخير أكد منافسو شركة إنتل أن قانون مور لم يعد ساريًا الآن، لأن التحسينات على تصنيع الرقائق أصبحت أكثر تباطئًا من ذي قبل.

تأسيس شركة إنتل

بدأت رحلة تأسيس شركة إنتل عام 1968، حيث شارك غوردون مور مع روبرت نويص وشيلدون بايل في تأسيس الشركة، وقد كان نويص رائدًا في مجال تطوير أشبا الموصلات، بينما كان بايل مختصًا في تمويل الشركات الناشئة.

وخلال هذا الوقت رأى المؤسسون أن هناك فرصة هائلة في تطوير دوائر متكاملة جديدة اسمها "دوائر المنطق المتكامل" وكانت أصغر حجمًا وأكثر كفاءة من الدوائر الإلكترونية التقليدية، وقد أدت الشركة على ثورة في صناعة أجهزة الكمبيوتر.

شغل مور منصب الرئيس التنفيذي للشركة في الفترة ما بين 1978 و1987، وقد اشترت الشركة اسم "إنتل" عام 1968 مقابل 15 ألف دولار أمريكي.

وفي عام 1971، أطلقت "إنتل" أول معالج دقيق في الأسواق، والذي كان يُعدّ بمثابة جهاز حاسوب كامل على شريحة واحدة. كان هذا المعالج القابل للبرمجة يحتوي على آلاف الترانزستورات، مما أحدث ثورة تقنية في ذلك الوقت.

تعتبر "إنتل" اليوم أهم شركة لتصنيع أشباه الموصلات في الولايات المتحدة، والثالثة على مستوى العالم من حيث حجم الأعمال، بعد شركة "سامسونغ" "تي إس إم سي".

دوره في الحفاظ على البيئة

عرف غوردون مور بمساهماته الواسعة للحفاظ على البيئة، وقد ساعدته على ذلك زوجته، ففي عام 2000 أسس مؤسسة خيرية للحفاظ على البيئة والعلوم في منطقة خليج سان فرانسيسكو وتبلغ قيمتها 5 مليارات دولار.

تحرز المؤسسة تقدماً واسعاً في مجال الحفاظ على البيئة، حيث تدعم مشاريع كبرى في حوض الأنديز والأمازون، بما في ذلك دول مثل البرازيل وبوليفيا وبيرو والإكوادور وفنزويلا وسورينام، بالإضافة إلى منطقة خليج سان فرانسيسكو.

شغل مور منصب مدير منظمة Conservation International لعدة سنوات، ووفي عام 2002، حصل هو ونائب رئيس المنظمة، كلود جاسكون، على وسام السفينة الذهبية من الأمير برنهارد من هولندا تقديراً لمساهماتهما البارزة في الحفاظ على الطبيعة.

حبه للأعمال الخيرية

في عام 2007 تبرع مور وزوجته بمبلغ 200 مليون دولار لمعهد كاليفورنيا للتكنولجيا لبناء تلسكوب ثلاثين مترًا والذي من المتوقع أن يصبح ثاني أكبر تلسكوب بصري في العالم.

أنشأ مور كذلك مؤسسة خيرية للتمريض تستهدف الرعاية التمريضية في منطقة خليج سان فرانسيسكو، وفي عام 2007 تعهدت المؤسسة بالتبلغ بمبلغ 100 مليون دولار على مدى 11 عامًا لإنشاء مدرسة للتمريض في جامعة كاليفورينا.

وفاة غوردون مور

توفي رجل الأعمال الأمريكي غوردون مور في 24 مارس عام 2023 عن عمر 94 عامًا في منزله في هاواي، وقد نشرت صحيفة سان فرانسيسكو كرونيكل خبر الوفاة ووصفته بأنها "رمز وادي السيلكيون"، كما تحدث عنه بات جيلسنجر الرئيس التنفيذي لشركة إنتل ووصفه بأنه حدد صناعة التكنولوجيا من خلال رؤيته المبتكرة.

وبعد وفاته قال عنه سوندار بيتشاي، الرئيس التنفيذي لشركة جوجل عبر تغريدة كتبها على منصة إكس قال فيها إنه ألهم الكثير من الناس لمتابعة التكنولوجيا، فيما وصف الرئيس التنفيذي لشركة آبل، تيم كوك، بأنه أحد الآباء المؤسسن لوادي السيليكون وبوفاته فقد العالم عملاقًا في عالم التكنولوجيا.