"جسمي صغير ولكن قلبي كبير".. جزء من شعار معجزة الخليج غانم المفتاح الذي خاض معركة تحدي منذ اليوم الأول لميلاده بمرض نادر، واستطاع أن يبهر الجميع بقدرته على التعايش مع الإعاقة وتحقيق الإنجازات المختلفة في شتى المجالات، حتى أصبح سفيرا للنوايا الحسنة.
وفي واحد من أرواع المشاهد التمثيلية بين الشرق والغرب، شاهد العالم أجمع "غانم" وهو يشارك في افتتاح كأس العالم في قطر 2022 مع النجم العالمي مورغان فريمان، ليتصدر اسمه بعدها محركات البحث، قصة نجاح "غانم" وأبرز المعلومات عن حياته في السطور التالية...
نشأة غانم المفتاح وحياته
ولد غانم محمد المفتاح في مدينة الدوحة بدولة قطر يوم 5 مايو عام 2002، وهو مصاب بمتلازمة التراجع الذيلي، ولديه شقيق توأم يدعى أحمد، وكشفت والدته إيمان العبيدالي، في تصريحات لها، إنه في أثناء فترة الحمل في "غانم" أخبرها الطبيب المعالج أنها حامل في توأم.
وأن طفل منهم طبيعي، أما الآخر فلديه العديد من الصعوبات فهو مصاب بمتلازمة التراجع الذيلي، كما أنه يفتقر إلى وجود حوض، ولديه أيضا ضمور في العمود الفقري.
وأوضحت أنها في تلك الأثناء كان أمامها خياران الأول هو أن تجهض هذا الطفل وهو ما نصح بيه كثير من المحيطين بها، أما الثاني فهو أن تتحمل ميلاد طفل وفقا للتوقعات لن يبقي كثيرا بعد ميلاده وإن عاش فإن حياته لن تكون سهلة بالمرة وستكون قاسية.
في تلك الأثناء تحدث قلب الأم فقط، واختارت أن تمنح جنينها الحياة، وأن تناضل من أجل أن توفر له حياة جميلة يستحقها. وبعد ميلادها بدأت الأسرة تواجه الصعوبات، كان الأمر الأول هو ضرورة بتر أرجله، ولم تتوقف الصعاب عند هذا الحد وإنما بدأت تتوالى.
فحينما بلغ "غانم" سن الالتحاق بالمدرسة، رفضت جميع المدارس قبولها، وذلك لأن أي من تلك المدارس لم تكن تريد تحمل تجهيز مكان له، هنا قررت الأم والأسرة ألا تستسلم وأن تمنح ابنها الحق في التعليم فقاموا بتجهيز مدرسة خصيصا له على نفقتهم الخاصة، لكي يتمكن من حقه في التعليم.
ولم تتوقف والدته عند تعليم صغيرها، وإنما بدأت في طباعة قصص وكتيبات عنه منذ الصغر، وبدأت توزعها بالمجان في المدارس والجهات المختلفة من أجل تغيير نظرة الناس لذوي الإعاقة لكي تمهد المجتمع لتقبل ابنها ومعاملته بشكل جيد لا يؤثر عليه. وبالفعل نجح "غانم" واستطاع أن يثبت حدس أمه في أنها تمتلك طفلا غير عاديا، وأصبح سفيرا للنوايا الحسنة لدولة قطر.
واستطاع "غانم" أن يصدر كتابا يحكي فيه تجربته بعنوان "غانم الرابح دائما"، ورصد فيه قصة حياته والصعوبات التي واجهها، وكان هدفه من هذا الكتاب هو نشر التوعية في المجتمع عن ذوي الاحتياجات الخاصة، إلى جانب ضرورة القضاء على أي خجل منها داخل المجتمع.
ولم تهتم والدة "غانم" بالدراسة فقط وإنما جعلته يمارس العديد من الرياضات ومنها الرماية، السباحة، وحتى تسلق الجبال، هذا إلى جانب أنه يعتبر أصغر تاجر عربي فهو يدير شركة تجارية.
غانم المفتاح في المناهج التعليمية
وضعت دولة قطر قصة الفتى الملهم غانم المفتاح في مادة المهارات الحياتية المهنية ضمن منهم الصف الأول الثانوي باعتباره مصدرا للإلهام، وتم وضع مقدمة الموضوع على لسانه: "اسمي غانم، طفل قطري، ولدت في دوحة الخير عاصمة قطر، وتنسمت ربيع بلادي في لغتي. يعني اسمي الرابح دوماً، ولنقرأ ونسمع معاً حكايتي الجميلة".
كما تم طباعة قصته باللغتين العربية والإنكليزية من خلال المجلس الأعلى لشؤون الأسرة في قطر.
وفي عام 2018 تم إدراج قصة غانم المفتاح ضمن منهج الصف الثامن من خلال وزارة التربية والتعليم الكويتي، وتم تداول الجزء الذي رصد قصة كفاحه على مواقع التواصل الاجتماعي وقتها، وكان عمر "غانم" آنذاك 16 عاما، ولقى الأمر ترحيبا كبيرا من داخل المجتمع الكويتي ومن رواد مواقع التواصل الاجتماعي.
علق غانم مفتاح في تدوينة له على قرار وزارة التربية والتعليم الكويتية: "يسعدني أن أتوجه بالشكر والتقدير لوزارة التربية في دولة الكويت الحبيبة لمبادرتهم الكريمة بوضع نبذة عني ضمن منهاج الصف الثامن. شكرًا من القلب، وأتمنى أن أكون سفير خير لبلادي قطر وللأمة العربية والإسلامية".
وعلت المطالب بعدها لأن تدرس قصة كفاح "غانم" في المناهج القطرية وعدم الاكتفاء بها ضمن مادة المهارات الحياتية، ورد "غانم" على تلك المطالب بتدوينة له على موقع تويتر يشكر كل المطالبين بذلك ويؤكد لهم أن هذا المطلب مسئولية كبيرة عليه.
كما شكر وزارة التعليم القطرية على وضع نبذه عنه في مادة المهارات الحياتية والمهنية ضمن منهج الصف الأول الثانوي، وأكد أن هذا الأمر كان تشجيعا كبيرا له منحه مزيدا من السعي لكي يستكمل طريقه.
غانم المفتاح والأعمال الخيرية
أنشا غانم المفتاح جمعية للكراسي المتحركة أطلق عليها اسم غانم الرابح، وجعل من منزله مقرا لها، ويقوم من خلال تلك الجمعية بشراء المقاعد المتحركة وتوزيعها على المحتاجين. وسعت والدته منذ أن كان عمر "غانم" ست سنوات فقط في عام 2008 من أجل تأسيس نادي غانم الرياضي ليكي يكون مكانا يستطيع الأطفال الأصحاء وغير الأصحاء ممارسة الرياضة فيه سويا، ويكون مجهز لكل شيء يحتاجه ذوي الإعاقة.
واستطاع "غانم" سريعا أن يكون أحد الأشخاص المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي، واختارته مؤسسة أيادي الخير نحو آسيا ليكي يكون سفيرا للنوايا الحسنة، كما اختاره مركز قطر للمال سفيرا دعائيا لهم، خاصة أن "غانم" خير نموذج لتحقيق أهداف المركز الذي يسعى لدمج ذوي الاحتياجات الخاصة بالحياة.
ولم يقتصر الأمر على ذلك، فأقيمت العديد من الفاعليات احتفالا وتكريما لنجاح "غانم"، منها حفل أقيم له داخل كلية الشرطة القطرية، في حفل ضمن العديد من الشخصيات الهامة وتحدث فيه غانم عن تجربة نجاحه على الرغم من صغر سنه، والتحديات التي واجهها بسبب إعاقته منذ الصغر.
وأكد غانم المفتاح في الحفل الذي أقيم له إنه لم يتحد الإعاقة وإنما تعايش معها، ولم يستسلم لها، واستطاع أن يسير في طريقه حتى يحقق شيء إلى بلاده، مؤكدا أن القيمة الحقيقة للإنسان تكمن فيما يستطيع أن يحقق من نجاحات، معبرا عن فخره بأنه مثل قطر في المحافل الدولية المختلفة ومنها الأمم المتحدة.
وأوضح "غانم" أن خطوات النجاح تبدأ دائما بالاستعانة بالله، ويأتي بعدها طاعة الوالدين والبر بهما. مؤكدا على ضرورة الثقة بالنفس والصبر مع ضرورة تحديد الأهداف وتنظيم الوقت من أجل النجاح، مؤكدا على أن الفشل يكون أحد خطوات النجاح بشرط عدم الاستسلام له.
غانم المفتاح في افتتاح كاس العالم
في واحد من المشاهد التي أبهرت العالم شارك غانم المفتاح في افتتاح كأس العالم في قطر 2022، في مشهد تمثيلي مع النجم الأمريكي مورغان فريمان، وتلا "غانم" آيات من القرآن الكريم، وتصدر صورته بعدها مواقع التواصل، كما تصدر اسمه محركات البحث.