عيد اليحيى هو باحث وكاتب سعودي، لم يمنعه الفقر من تحقيق طموحه أو يقف حائلا أمام شغفه، فاستطاع برغم ظروفه الصعبة أن يحصل على الدكتوراه من لندن، ويقدم مجموعة من النظريات والمؤلفات، والتي حاول تطبيقها في برنامجه الشهير على خطى العرب، بعدما قاد جولة على مسافة 24 ألف كيلو متر مربع للاستدلال على أطلال الشعراء العرب، مسيرته وأبرز المعلومات عن حياته في السطور التالية...
نشأة عيد اليحيى وحياته
ولد عيد بن حمد بن عبدالكريم اليحيى الدوسري، في مدينة بريدة القصيم بالمملكة العربية السعودية، يوم 11 أغسطس عام 1973، في أسرة فقيرة، وهو في الخامسة من عمره ألحقه والده بحلقات تحفيظ القرآن، وأتم حفظه وهو في العاشرة من عمره، وكان يذهب للحلقة طوال أيام السنة.
التحق "اليحيى" في التعليم الأساسية بمدرسة الصالحية في بريدة، عرف عنه شفعه للقراءة فكان يقرأ في كل المجالات، وكان من محبي الأديب المصري العالمي نجيب محفوظ، وعميد الأدب العربي طه حسين.
وهو في المرحلة الثانوية كشف "اليحيى" الذي كان يرتدي العقال في الصف الثالث الثانوي، أنه تعرض لضغوط شديدة بسبب لبسه العقال، والذي لم يكن يلبس في المهد العلمي في تلك الفترة.
وبعد انتهاء المرحلة الثانوية التحق "اليحيى" بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في القصيم. حصل "اليحيى" على شهادة البكالوريوس في اللغة العربية، وأثناء دراسته بالجامعة كان "اليحيى" يجمع مكافأته والتي تصل لحوالي 1700 ريال، من أجل شراء 15 كتابا من القاهرة.
ولكن في المطار كان يتم مصادرة الكتب للعرض على لجنة شرعية بالمطار، وبعد شهرين يمكنه الحصول عليها من وزارة الأوقاف، رغم أنها تكون كتباً عادية.
وكشف في لقاء لها أن هذا الأمر كان في عام 1996، أما الآن فالشباب لديهم فرصة كبيرة في الاطلاع والمعرفة لم تكن موجودة قبل 20 عاما.
وبعد أن حصل "اليحى" على البكالوريوس، استمر لمدة عامين يعمل مدرسا في مدارس الحرس الوطني، بعدها قرر السفر على نفقته الخاصة لاستكمال دراسته في الخارج، واختار بريطانيا.
استطاع "اليحيى" أن يلتحق بجامعة ويستمنستر وحصل منها على درجة الماجستير في العلوم السياسية، ولم يتوقف طموحه العلمي عند هذا الحد، فالتحق بجامعة إكستر، وحصل منها على الدكتوراه في العلوم السياسية.
برنامج على خطى العرب
يرجع الفضل للدكتور عيد اليحيى في اكتشاف الثلاثة عناصر الأساسية التي تقوم عليها مفهوم السعادة الوطنية وهي تعريف المجتمع بأنثروبولوجيا وطنه، وإركيولوجيا وطنه، وجيولوجيا وطنه نظرياً وتطبيقياً، وهو ما حاول تطبيقه من خلال برنامجه على خطى العرب.
حيث قاد الدكتور "اليحيى" فريقه مسافة 24 ألف كيلومتر، استغرقت منهم عدة أشهر من أجل تغطية كافة أنحاء المملكة العربية السعودية، واستطاع الاستدل على أطلال الشعراء بوسائل الرصد الإلكترونية الحديثة، وبالمراجع العلمية.
واستطاع ومعه فريقه تتبع آثار شعراء المعلقات بالصوت والصورة، ووثقوا من خلال تلك الرحلة الهامة الأماكن التي تحدث عنها أعظم الشعراء بالمملكة مثل، عنترة، امرؤ القيس، عمرو بن كلثوم، لبيد، زهير، وطرفة، وآخرون.
وقال "اليحيى" إن الهدف من برنامجه على خطى العرب هو تثقيف العرب عن أرضهم وشعرائهم، للحفاظ على تراث الأمة العربية والمحافظة عليها، وهو ما يساهم في قيام دولة معتزة بوطنيتها وتراثها.
وانطلق "اليحيى" في رحلته من الرياض جنوباً عند على كل موقع ورد في المعلقات أو في العصر الإسلامي، ثم انتقل فريق البحث إلى جنوب وادي الدواسر ومملكة كندة (الفاو) إلى جبال القهر جنوب غرب تثليث وإلى وادي طلحام في يدمه التابعة لنجران.
واتجه فريق البحث شمال غرب إلى بيشة ومجامع الهضب ثم إلى جبال عسير، واستمروا في التنقل شمالا، شرقا، وغربا، حتى انتهت الرحلة بعد قطع مسافة 24 ألف كيلومتر.
أبرز المعلومات عن عيد اليحيى
أما عن زوجة عيد اليحيى وأولاده، فهو لا يكشف أي تفاصيل عن حياته الشخصية، سواء مع الإعلام أو في مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة به، لذلك لا توجد معلومة مؤكدة عن زوجته أو أولاده.
كشف "اليحيى" أنه حاول الحصول على وظيفة في الملحقية الثقافية في لندن لكي يتمكن من السفر والحصول على بعثة دراسية ولكنه فشل، فباع سيارته التي لم يكن يمتلك غيرها.
حينما قرر السفر للدراسة في بريطانيا عام 2000 لم يكن راتبه يكفي إلا لتسديد رسوم معهد اللغة، ودفع الأجرة للأسرة التي كان سيعيش معها، وقال إنه واجه في أثناء وجوده في بريطانيا العديد من الصعوبات.
لم يكن يمتلك ثمن الغداء، كان يتناول الإفطار مع السيدة العجوز التي يقيم معها، ويذهب في فترة الغداء إلى المكتبة، لكي يتجنب الإحراج مع زملائه، ويعود على موعد تناول العشاء المجاني.
عمل مزارع في إحدى المزارع في بريطانيا، لكي يتمكن من سداد رسوم الحصول على الماجستير والتي بلغت وقتها 12 ألف إسترليني وكان ذلك في عام 2001-2002 بحكم خبرته في الزراعة في القصيم.
في مرحلة الدكتوراه عمل عيد اليحيى كمتعاقد ساعي بريد لمدة ثلاث سنوات في السفارة السعودية بلندن، لكي يتمكن من الإنفاق على دراسته، وكان السعودي الوحيد الذي يعمل في هذه الوظيفة، واضطر لعدم رؤية أسرته إلا مرة كل عام ونصف لعدم امتلاكه ثمن تذكرة الطيران.
عاش "اليحيى" بسبب ظروفه المادية الصعبة لمدة 6 أشهر في أحد أحياء المشردين ومتعاطي المخدرات في بريطانيا، حتى إنه تعرض للضرب في إحدى المرات على يد مجموعة من المراهقين في هذا الحي الذي لم تكن تدخله الشرطة، لعدم دفعهم الضرائب.
كشف عيد اليحيى أنه حينما عرض فكرة على خط العرب والذي يقوم على فكرة مشروع الأركان الثلاثة للمعرفة الوطنية، قوبل بالرفض من عدة جهات إعلامية، حتى انتهى به الأمر لتسجيل أول حلقة من البرنامج عن طريق كاميرته الشخصية، وبثها على قناته عبر موقع يوتيوب.
قال "اليحيى" إنه تلقى اتصلا ذات مرة من الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- الذي كان متابعاً جيداً للبرنامج، وأنه أوصاه خلال الاتصال أن يشرك الشباب معه في رحلاته.
قدم عيد اليحيى مجموعة من المؤلفات ومن أشهرها، "كتاب الرحالة في الجزيرة العربية: المكتشفون البريطانيون في المملكة العربية السعودية"، وأيضا كتاب "أصوات الجزيرة العربية في عيون أعظم الرّحالة".
ويعمل "اليحيى" في مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني حاليا، بالإضافة لذلك فهو باحث غير متفرغ في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية.