بدأت الحركة الفنية والمسرحية في الكويت بفضل نخبة من الفنانين الذين أخلصوا للفن ولرسالته السامية، ومن هؤلاء الفنانين الفنان علي المفيدي الذي كان له دور هام في تأسيس معالم الفن في الخليج، وله العديد من الأدوار الرائدة التي لها الفضل في نهضة الفن في الكويت.
علي سليمان المفيدي هو ممثل ومخرج كويتي ولد في منطقة الشرق في العاصمة الكويتية في 10 سبتمبر عام 1939، وبدأ عمله في الإذاعة قبل أن ينتقل إلى التمثيل، واشتهر المفيدي بأدوار كثيرة ولعل أهمها دور "قحطة" في مسلسل "درب الزلق"، كما اشتهر بدبلجة بعض المسلسلات الكرتونية.
عاش المفيدي يتميًا حيث توفي والده قبل ميلاده بشهر واحد فتولت أمه تربيته وانتقل للعيش عند أخواله في منطقة الجبلة، وحينما بلغ من العمر 5 سنوات توفيت والدته وحُرم من حنان الأب والأم وتولى أخواله تربيته.
درس المفيدي على يد المطوعة زهرة، حيث علمته القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم، وبعدها درس في معهد الدراسات التجارية في عام 1958.
بدأ المفيدي عمله في بلدية الكويت حيث كان موظفًا في بريد الصفاة منذ عام 1957 حتى عام 1973، كما كان يشغل منصب رئيس الفرز والتوزيع قبل أن ينضم إلى المسرح، وتميز في اللغتين العربية والإنجليزي والطباعة على الآلة الكاتبة.
بدأ حياته المهنية في الفن في الإذاعة، حتى إنه درّس مادة الإذاعة في المعهد العالي للفنون المسرحية في الكويت لسنوات طويلة، والتحق المفيدي بالمعهد العالي للفنون المسرحية ودرس في قسم التمثيل والإخراج، وذلك في عام 1976، وبعدها اتجه إلى الفن.
تزوج المفيدي مرتين، المرة الأولى من سيدة غير مشهورة ورزق بثلاثة أبناء وخمس بنات، وهم حسين، وخالد وسليمان، وخلود، وأبرار، وإيمان، ونرجس وسهير، والمرة الثانية تزوج من الإعلامية مي العيادن، وذلك في عام 1995، ولكنهما انفصلا عام 2006 قبل وفاته بعامين.
يعمل الكثير من أبنائه في المجال الفني، فابنه الأكبر حسين المفيدي هو ممثل ومخرج، وابنه سليمان ممثل، وخالد يعمل مخرجاً، وخلود تعمل معدة برامج، وأبرار ممثلة ومخرجة.
في أكتوبر عام 2006 عانى علي المفيدي من بعض المشاكل الصحية التي سافر على إثرها لإجراء بعض الفحوصات الطبية في الولايات المتحدة الأمريكية، وحين وصوله عانى من مشكلات في التنفس استلزم استخدام جهاز الأكسجين.
وفي 27 أكتوبر عام 2008 دخل المفيدي العناية المركزة في مستشفى الخالدي في عمان بعد قيامه بعملية في الحنجرة أدت إلى تدهور حالته الصحية، وعانى من نزيف في المعدة أدى إلى إصابة رئته، وتوفي في اليوم التالي عن عمر ناهز 69 عامًا.
عاد جثمانه إلى الكويت يوم 29 أكتوبر وتم استقبال جثمانه في صالة التشريفات في مطار الكويت الدولي، ودُفن بجانب الشيخ جابر الأحمد الصباح في مقبرة الصليبيخان وفقًا لوصيته.
حضر جنازته عددًا كبيرًا من الفنانين منهم محمد المنيع، وغانم الصالح، وعبد الرحمن العقل، وحمد ناصر، وعبد العزيز المسلم، وإبراهيم الصلال، وغاب مسؤولو وزارة الإعلام عن حضور جنازته.
بدأ علي المفيدي مشواره الفني في الإذاعة في عام 1959 حيث عمل فيها مذيعًا ومخرجًا لعدة برامج إذاعية منها "نجوم في القمة"، و"نافذة على التاريخ"، و"شهداء الكويت" وغيرها من البرامج والمسلسلات الإذاعية.
وبعدها اتجه المفيدي إلى المسرح حيث شارك في عدة مسرحيات وأولها مسرحية "صلاح الدين وبيت المقدس" في عام 1968، كما ظهر في التلفزيون لأول مرة في مسلسل "سلطان الزمان حب الرمان".
أعماله المسرحية
في المسرح قدم المفيدي مجموعة متميزة من المسرحيات حققت نجاحًا جماهيريًا كبيرًا، وتنوعت مسرحياته ما بين الكوميدية والهزلية والمأخوذة عن التراث، والجادة، وانضم إلى مسرح الخليج العربي.
وأشهر هذه المسرحيات "بخور أم جاسم"، والدرجة الرابعة"، و"مصاص الدماء"، وحب في الفلوجة"، و"فوضى"، و"الزير سالم"، و"سنطرون بنطرون"، ومجنون ليلى"، و"الحجلة" وغيرها.
أعماله في الإذاعة
كما ذكرنا سابقًا بدأ المفيدي عمله في الإذاعة وشارك في عدد كبير من البرامج والمسلسلات الإذاعية معدًا ومخرجًا ومشاركًا فيها أيضًا، ومن المسلسلات الإذاعية التي شارك فيها "باب النجار"، و"أعراس القيروان"، و"طائر البحرين"، و"أنا وعمي"، و"خميس بو خميس"، و"محامي بلا قضية"، و"عيال قرية"، و"سطور على السور"، و"الأميرة والثعبان".
أيضًا عمل معدًا ومخرجًا في برامج إذاعية مختلفة منها "نافذة على التاريخ"، و"شهداء الكويت"، و"الكويت كلمة سلام"، و"رفع الستار"، و"ينابيع الخير"، ونجوم القمة"، و"حبيبنا الغالي"، ولقب بعدها بـ"ملك الميكروفون".
أعماله التلفزيونية
في التلفزيون قدم المفيدي عشرات المسلسلات التلفزيونية الناجحة التي قربته من الجهور الكويتي والخليجي، وأول المسلسلات التي شارك فيها مسلسل "سلطان الزمان حب الرمان"، وبعد قدم مسلسلات أخرى ناجحة.
وفي التلفزيون اشتهر بشخصيات كثيرة، ولعل أهمها شخصية "قطحة" في مسلسل "درب الزلق" عام 1977 من تأليف عبد الأمر التركي وإخراج حمدي فريد، وظهرت هذه الشخصية في عملين تلفزيونيين آخرين، وهما "دنيا المهابيل" و"الأخوة الثلاثة".
وكانت شخصية قحطة في الأعمال الثلاثة مختفة، ففي مسلسل "درب الزلق" كان يعمل خرازًا وتميز بصلعته، وفي مسلسل "دنيا المهابيل" كان تجار يحتكر السوق، وفي مسلسل "الأخوة الثلاثة" كان صراف بخير تتحول حياته حينما يصبح مبذرًا بشكل مبالغ فيه.
ومن أعماله التلفزيونية الأخرى الناجحة مسلسلات "أجلحح وأملح"، و"ابن الحطاء"، والسيف المفقود"، و"العتاوية"، و"بدر الزمان"، و"رقية وسبيكة"، و"القصاص"، و"الوريث"، و"دار الزمن"، و"السرايات"، و"عندما تشتعل الثلوج".
أجاد المفيدي الأدوار المركبة ولمع فيها، كما أنه يعتبر فنانًا متنوعًا فقدم كل أنواع الدراما وشارك في التأليف والتمثيل والإخراج وأخلص للفن طوال مشواره الفني الذي امتد لأكثر من 40 عامًا.
ومن الشخصيات الأخرى التي اشتهر بها المفيدي في التلفزيون شخصية "شبروح" في مسلسل "الشاطر حسن"، وشخصية "أبو عزوز" في مسلسل "الطابق الثالث".
أعماله الفنية الأخرى
كانت للمفيدي إسهامات فنية أخرى، ومنها مشاركته في أفلام قليلة، فعلى صعيد السينما لم يشارك إلا في فيلمين فقط، وهما فيلم "بس يا بحر" الذي صدر عام 1971 من تأليف عبد الرحمن الصالح، وإخراج خالد الصديق.
والفيلم الثاني "ذئاب لا تأكل اللحم" الذي لم يُعرض في الكويت وهو فيلم مصري شارك فيه عزت العلايلي، وناهد شريف، ومحسن سرحان، وخالد عبد الله الصقعبي، ومحمد المنصور وغيرهم، وصدر الفيلم عام 1973.
ومن أعماله الأخرى مشاركته في دبلجة المسلسلات الكرتونية، حيث دبلج شخصية فارس في كارتون "مغامرات عدنان"، وكما دبلج شخصية "همام" في كارتون "الرجل الحديدي"، كما شارك بصوته في كارتون "مغامرات نحول بشار"، و"السيف المفقود".