كانت النجمة العراقية عفيفة إسكندر واحدة من أشهر نجمات الغناء في عصرها، فلم تقتصر موهبتها بين الجمهور العراقي فحسب بل كانت المغنية المفضلة في القصر الملكي، فأجادت كل أنواع الفنون ما بين العزف والغناء والتمثيل وامتلك موهبة فنية لا مثيل لها في عصرها، تعرف أكثر على مسيرتها الفنية وحياتها.
من هي عفيفة إسكندر؟
عفيفة إسكندر إصطفيان هي مغنية عراقية ولدت في 10 ديسمبر عام 1921 في مدينة الموصل، وعاشت في بغداد، وتعد واحدة من أشهر نجمات الغناء في العراق.
عُرفت عفيفة بموهبتها الفنية التي ظهرت في سن مبكرة، فقد بدأت الغناء في سن 5 سنوات وشاركت في العديد من الحفلات، وقد أظهرت نبوغًا مبكرًا إذ برعت بالغناء بأكثر من لغة منها التركية والفرنسية.
سافرت عفيفة خلال حياتها إلى القاهرة، التي كانت تعد ولا تزال هوليوود الشرق، وهناك غنت مع فرقة بديعة مصابني ثم عادت إلى العراق مرة أخرى لتكمل مسيرتها الفنية التي قدمت فيها أجمل الأغاني العراقية.
أحاطت حياة عفيفة الكثير من الغموض والأسرار، فقد كانت من النجمات اللاتي لا يُعرف الكثير عن حياتهن وقد عاشت آخر حياتها وحيدة ومريضة وتوفيت في هدوء رغم ما حققته من نجاح وشهرة.
نشأتها وحياتها
ولدت الفنانة عفيفة إسكندر في 10 ديسمبر عام 1921 وقد اختلفت الأقاويل عن أصلها، فمنهم من يقول إنها عراقية من أم أرمينية، ومنهم من يقول إنها من أب وأم سوريين وحصلت على الجنسية السورية بالزواج من رجل عراقي.
نشأت عفيفة في عائلة فنية محبة للفن، فقد كانت والدتها ماريكا دمتري مغنية في ملهى هلال، والذي كان يُعرف باسم "ماجستك" وأنشأ بعد احتلال بغداد وموجود في منطقة الميدان في باب المعظم، وقد ظل هذا الملهى يعمل حتى عام 1940.
كانت والدتها قادرة على العزف على 4 آلات موسيقية، لذا كانت المعلمة والداعمة الأولى لموهبة ابنتها وتنصحها دائمًا وتقدم لها المشورة والنصح في مسيرتها الفنية.
هل اختطفت عفيفة إسكندر؟
تتضارب الأقوال والحقائق حول حياة ونشأة الفنانة عفيفة إسكندر، فقد ذكرت بعض المصادر أن اسمها الحقيقية تريزا إسكندر ولدت في عائلة متدينة في مدينة أربيل، حيث كان والدها شماسا، وقد أخذها والدها في عمر 3 سنوات برفقة شقيقتها أغاته إلى الموصل بمناسبة عيد القيامة المجيد وهناك اختطفت تريزا.
وفي الموصل تعرضت تريزا، ذات الثلاث سنوات، إلى الخطف وبيعت إلى عائلة يونانية تسكن الموصل اسمها ديمترين وتبنها سيدة عراقية اسمها مريم زوجة ديمتري اليوناني.
زواج عفيفة إسكندر
قيل إن الفنانة عفيفة تزوجت بعمر 12 عامًا من الفنان العراقي إصطفيان إسكندر، وحصلت على لقب زوجها الذي يشبه لقب والدها الحقيقي، وقد كان زوجها يبلغ من العمر 50 عامًا.
لم تنجب عفيفة من زوجها أية أبناء، ولكنها تبنت طفلة اسمها أنطوانيت من دار أيتام الراهبات في الموصل في شبابها.
ما هي ديانة عفيفة إسكندر؟
الفنانة عفيفة إسكندر مسيحية كاثوليكية.
مشوارها الفني
نشأت الفنانة عفيفة إسكندر في وسط فني وكانت والدتها الداعم الأول لها حيث شجعتها على الغناء وبدأته في سن 5 سنوات، وفي سن الثامنة من عمرها كانت تغني في ملهى صغير في مدينة أربيل، وبعدها انتقلت العائلة إلى بداد وهناك غنت عفيفة في أغلب النوادي الليلية فيها.
حصلت عفيفة على دعم أسري كبير في مشوارها الفني، بداية من والدتها وصولًا إلى زوجها إصطفيان الذي لم يرفض أن تكمل مسيرتها الغنائية، وإنما شجعها على تطوير موهبتها، وقد قدمت أولى حفلاتها في أربيل عام 1953 وعمرها 14 عامًا.
وفي العراق أحيت عشرات الحفلات حتى ذاع اسمها في سماء بغداد وأصبحت من أكثر النجمات طلبًا في العراق، وتحولت إلى واحدة من أشهر نجمات الغناء.
تميزت عفيفة بقدرتها على غناء المونولج بعدة لغات، فغنت باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية والتركية، وقد عملت مع الفنانة منيرة الهوزوز.
في عام 1937 بدأت عفيفة الغناء في الإذاعة العراقية واشتهرت أغانيها بشكل كبير، وقد أجادت المقام العراقي، وتعد عفيفة أول مغنية عراقية تجيد الغناء بالمقامات العراقية التي تعرف بصعوبتها، كما أنها أول من غنت القصيدة الفصيحة والقصائد الشعبية الشعرية والجالغي البغدادي.
أغاني عفيفة إسكندر
تميزت المسيرة الفنية للفنانة عفيفة إسكندر بغزارة الإنتاج فقد قدمت قرابة 1500 أغنية تعاونت فيها مع كبار الملحنين والشعراء في العراق، ومنها الشاعر أحمد الخليل وخزعل مهدي.
ومن أشهر الأغنيات التي قدمتها عفيفة "يا عاقد الحاجبين"، و"يا سكري يا عسلي"، و"قلب قلب"، و"غبت عني فما الخبر"، و"يا نجوم غني"، و"مسافرين"، و"يا يمة إنطيلي الدربين انظر حبي وأشوفه"، و"هلال العيد"، و"شايف خير ومستاهلها"، و"يا نجوم غني"، و"خلهم يكولون".
من أغنياتها الشهيرة أيضًا "أردي الله يبين حوبتي بيهم"، و"جاني الحلو لا بس حلو"، و"نم وسادك صدري"، و"قسمًا"، و"حركت الروح"، و"قيل لي قد تبدلا"، و"إلك يومين"، وأغنيات أخرى.
مغنية العصر الملكي
كانت الفنانة العراقية عفيفة إسكندر المغنية الأولى بالعصر الملكي في العراق، فقد غنت أمام كبار المسؤولين في الدولة من ملوك وقادة ورؤساء، وكان الملك فيصل من أشد المعجبين بصوتها.
أعجب بصوتها السياسي العراقي نوري السعيد، الذي شغل منصب رئاسة الوزراء في المملكة العراقية، وكان يحضر كل حفلات المقام التي تقدمها. أما الرئيس عبد الكريم قاسم كان يحب أغانيها.
بعد انتهاء العصر الملكي وبدأ الجمهورية العراقية واجهت عفيفة مضايقات عديدة من الرئيس عبد السلام عارف الذي كان يضايقها على حد وصفها، وقد اتهمها بدفن الشيوعيين في حديقة بيتها.
ورغم أنها كانت أشهر مغنية في العصر الملكي إلا أنها لم تغني للملكية إطلاقًا، وكل أغنياتها الوطنية كانت عن الجيش، ولكنها غنت للملك فيصل الثاني.
أفلام عفيفة إسكندر
سافرت عفيفة إسكندر إلى القاهرة عام 1938 وهناك عملت في فرقة بديعة مصابني لفترة، كما عملت في فرقة تحية كاريوكا، وفي مصر شاركت في فيلم "يوم سعيد" للفنان الراحل محمد عبد الوهاب وفاتن حمامة.
شاركت عفيفة أيضًا في أفلام أخرى في لبنان وسوريا ومصر، ومن الأفلام التي شاركت فيها فيلم "القاهرة بغداد" من إخراج أحمد بدرخان، وفيلم "ليلى في العراق" من إخراج أحمد كامل مرسي.
آخر حياتها ووفاتها
عاشت الفنانة عفيفة إسكندر عزلة فنية لسنوات، وقد ظهرت عام 2003 على كرسي متحرك للتكريم في بعض المنتديات إلا أن المرض أنهكها فابتعدت مرة أخرى.
عاشت عفيفة في آخر أيامها في مستشفى مدينة الطب في العاصمة العراقية بغداد، حيث كانت تعاني من هبوط في الدورة الدموية ونزيف في المعدة، وآخر حياتها فقدت القدرة على الحركة والنطق.
توفيت عفيفة في يوم 22 أكتوبر عام 2012 عن عمر 91 عامًا وحيدة في المستشفى، وقد قالت أم عيسى التي كانت ترعاها أن عفيفة أوصت بدفنها في المدافن الخاصة بعائلتها في مدينة بعقوبة في محافظة ديالي لأنها لا تملك أهل لها في بغداد.
وذكرت أم عسى أن عفيفة كانت تسكن في شقة مؤجرة ف يمنطقة الكرادة الشرقية، وكان صاحب العقار لا يأخذ منها الإيجار وأوصى أبناءه برعايتها قبل وفاته، وقد توفيت عفيفة فقيرة لا تملك أي شيء.