يعد الكاتب والأديب التركي عزيز نسين واحد من أهم الكتاب في تاريخ الأدب التركي، فقد اشتهر بأسلوبه الأدبي الفريد الذي مزج فيه بين السخرية والواقعية بهدف فضح عيوب المجتمع التركية ومناصرة فئات المجتمع المهمشة والفقيرة، تعرف أكثر على مسيرته الأدبية وحياته.
من هو عزيز نسين؟
اسمه الحقيقي محمد نصرت نسين هو كاتب وأديب تركي ولد في 20 ديسمبر عام 1915 في إزمير بتركيا، ويعد واحد من أهم الكتاب والمؤلفين في تركيا في مجالات القصة القصيرة والمسرح والشعر.
يعد نسين واحد من أكثر الكتاب الأتراك الذين ترجمت أعماله الأدبية إلى لغات أجنبية بجانب كتاب آخرين منهم أورهان باموق، وناظم حكمت ويشار كامل، كما تم اختيار أعماله ضمن قائمة 100 فنان أدبي تركي.
يعد نسين ظاهرة ثقافية استثنائية في تاريخ الأدب التركي، وقد هزت أعماله الأدبية الساخرة أركان المجتمع التركي، حيث استخدم الفجاهة اللاذعة من أجل نقد المجتمع، وكشف بكلماته زيف الطبقة الحاكمة ليخلد اسمه بين أحد أهم رواد الأدب الساخر في تركيا والعالم.
تميز أسلوب نسين بالبساطة ووضوح الأفكار، وقد كتب خلال حياته العديد من الروايات والقصص القصيرة والمسرحيات التي ناضلت من أجل حقوق الإنسان والمساواة والعدالة، وقد تعرض بسبب نضاله ذلك للاضطهاد والسجن بسبب آرائه المخالفة للسلطة، ولكن هذا لم يمنعه من مواصلة استخدام قلم.
ترك نسين خلفه إرثًا أدبيًا خالدًا ونجح في تحويل معاناة الشعب التركي إلى أبداع أدبي مؤثر، ولا تزال أعماله الأدبية تصف الكثير ما يعيشه المجتمع التركي.
نشأته وتعليمه
ولد عزيز نيسن في عائلة فقيرة في قرية صغيرة اسمها شيبينكاراهيسار في إزمير بتركيا، حيث كان والده يعمل في البستنة، وقد استقرت العائلة فيما بعد في إسطنبول، وقد نشأ خلال فترة احتلال إسطنبول.
التحق عزيز بالمدرسة السليمانية في إسطنبول، والتي تغيرت فيما بعد إلى مدرسة إسطنبول الابتدائية، ثم التحق بالمدرسة الثانوية في مدرسة شنجلكوي الثانوية وتخرج فيها عام 1953.
التحق بعدها بالأكاديمية العسكرية وتخرج فيها عام 1937 برتبة ملازم ثاني مهندس، وفي عام 1939 تخرج في مدرسة الحفر العلمية، وبعدها التحق بقسم الديكور في أكاديمية الفنون الجميلة ولكنه لم يكمل دراسته فيه.
زوجته وأبناؤه
تزوج عزيز نيسين مرتين، المرة الأولى من فيديا سينين ورزق منها بطفلين وهما أتيش نيسين وأوياسنين. تزوج للمرة الثانية من ميرال سنين وأنجب منها حسين علي وهو عالم رياضيات تركي شهير، وابنه الثاني أحمد نيسين.
مشاركته في الحرب العالمية الثانية
تخرج عزيز نسين من الكلية الحربية برتبة ملازم ثاني والتحق بعدها بالجيش للمشاركة في الحرب العالمية الثانية بداية من عام 1941، وكانت خدمته في معسكر خيام في منطقة تراقيا لمدة عامين.
في عام 1942 تم تعيينه قائدًا لكتيبة هندسة المنطقة المحصنة في أرضروم، وخلال خدمته أصيب بحادث قنبلة، حيث تم تكليفه بإخلاء مستودع الذخيرة الذي تدمر في الزلزال الذي ضرب أذربيجان وقتها.
في عام 1944 تم تكليفه ببناء مواقع مدافع مضادة للطائرات، ولكن خلال هذا الوقت تم إيقافه عن الخدمة العسكرية بسبب إساءة استخدام سلطته. وقد تحدث ابنه أتيش أن والده طرد من الجيش لأنه كان يوزع الخبز على القرويين الفقراء، كما أنه كان يرسل كتاباته المعارضة تحت اسم مستعار، وتم الكشف عنه لذا تم فصله من الجيش بقرار من المحكمة العسكرية.
مسيرته الأدبية
بعد فصل عزيز نسين من الخدمة العسكرية بدأ الكتابة في عدة مجلات تركية منها صحيفة كاراكوز، كما أنه كتب العديد من المسرحيات، وقد أسس مجلة بعنوان "السبت" التي نشرت 8 أعداد منها فقط، كما عمل في صحيفة وطن.
في عام 1946 أسس جريدة "ماركو باشا" الفكاهية الساخرة بالتعاون مع صباح الدين علي، وقد انتقدت الصحية السياسيين والشخصيات الهامة في الدولة، وحققت الجريدة شهرة واسعة رغم الضغوطات الشديدة والمستمرة التي تعرضت لها مثل الدعاوى لقضائية والإغلاقات المتكرة.
في عام 1947 تعرض للاعتقال بسبب إحدى المقالات السياسية المعارضة وحكم عليه بالسجن لمدة 10 أشهر، وفي العام التالي نشر كتابًا بعنوان "عزيزنامه" وقد تعرض بسبه إلى السجن لمدة 6 أشهر.
نيسين وُجّهت إليه تهم في حوالي 200 قضية، وفي بعضها لم يكن يعلم ما هي التهمة الموجهة إليه، وقد أمضى نحو نصف حياته في السجون، ويقول نيسين عن تلك الفترة: "خلال سجني الأول في عام 1946، كانت الشرطة تطرح عليّ السؤال نفسه لمدة ستة أيام متواصلة: من هو الكاتب الحقيقي لهذه المقالات التي تُنشر باسمك؟".
شارك نيسين في مؤتمر اتحاد كتاب آسيا وأفريقيا الذي انعقد في القاهرة في نوفمبر/تشرين الثاني عام 1966، وكذلك في المؤتمر المنعقد في لواندا بأنغولا، وأيضاً في مؤتمر اتحاد كتاب آسيا وأفريقيا الذي أُقيم في هانوي بفيتنام عام 1982.
مؤلفات عزيز نيسين
كتب عزيز نيسين العديد من المؤلفات خلال مسيرته الأدبية، فقد كان يعمل كاتبًا بدوام كامل طوال حياته، وقد قال إنه كتب أكثر ألفي قصة طوال حياته، وقد قال في أحد قصصه التي اعتبرها الكثيرون سيرة ذاتية: "كتبت أكثر من 2000 قصة. لا تندهشوا حيث لا شيء يدعو للاستغراب، فأنا ملتزم بدعم عائلتي وأجد أنني ملتزم بكتابة أكثر من 4000 قصة".
من مؤلفات الشهيرة قصة "آه منا نحن معشر الحمير"، و"الناس الفقراء"، و"الأستاذ"، و"المجنون"، و"الطريق الوحيد"، و"بتوش الحلوة"، و"أي حزب سبفوز"، و"يحيى يعيش ولا يحيى" و"لا تنزعج"، و"وحش طوروس"، و"الكرسي"، و"صحوة الناس" وغيرها من المؤلفات.
وفاة عزيز نيسين
توفي عزيز نيسين في 6 يوليو عام 1995 بسبب أزمة قلبية، وقد أوصى بعد وفاته ألا يتم الإعلان عن وفاته في الصحف، كما أوصى بأنه لا يريد مراسم جنائزية وأن يكون مكان دفنه مجهولًا ليظل الأطفال يلعبون فوقه.
وقد قال في وصيته: "لا أريد قبرا يذكرهم بالموت وهم أحوج إلى تذكر الحياة". دفن نيسين في حديثة مؤسسة نيسين في تشاتالجا دون أي مراسم، وقد حضر الدفن صديقه و7 من أفراد أسرته، وأوصى أن من يريد زيارة قبره عليه فقط الوقوف أمام الآلة الكاتبة.