عزة فهمي

البحث عن الشغف هو كلمة السر في نجاح المصرية عزة فهمي صانعة الحلي الشهيرة، التي تمردت على الوظيفة التقليدية وبدأت تبحث عن شغفها حتى وصلت في النهاية له وهو "الحلي"، لتقرر أن تذهب لإحدى ورش الصاغة وتتعلم أصول الحرفة، وخاضت رحلة طويلة انتهت بأن تصبح واحدة من ألمع مصممي الحلي في الشرق الأوسط، مسيرتها الفنية وأبرز المعلومات عن حياتها في السطور التالية...

نشأة عزة فهمي وحياتها

ولدت عزة فهمي في صعيد مصر في محافظة سوهاج في عام 1945، ولدت في أسرة ميسورة كان والدها موظفاً كبيراً وكان لديها ثلاثة أشقاء، قالت عزة إن طفولتها كانت طفولة سعيدة حتى رحيل والدها وهي في عمر الثالثة عشر عاما، وأوضحت أن والدها علمها حب القراءة منذ الصغر ووصفت بيتهم قائلة "نحن عائلة تحب القراءة".

وفي لقاء لها مع الإعلامي أنس بوخش، قالت إن أسوأ حدث في طفولتها كان وفاة والدها، موضحة أنها تتذكر كل تفاصيل اليوم، حيث أصيب والدها بانفجار في المخ فهو كان مريضاً بالضغط، مشيرة إلى أن حياتهم تغيرت تماما بعد وفاة والدها، سواء على المستوى المادي أو الاجتماعي.

والدة عزة فهمي تحولت إلى الشخص الملهم في حياتها بعدما قدمت لها نموذجا لقدرة المرأة اللامتناهية، فهي استطاعت أن تربي أبناءها الأربعة بدون رجل وفي ظرف اقتصادي صعب.

لم تكن "عزة" طالبة متفوقة في الدراسة كما أوضحت، ولكنها كانت تشعر أن بداخلها طاقة تشعر أنها من الممكن أن تخرج شيئاً جيداً، التحقت بكلية الآداب قسم التصميم الداخلي بجامعة حلوان، وبعد الحصول على الليسانس حصلت على وظيفة حكومية، ولكنها شعرت أن هذه الوظيفة لا تناسبها ولا تجد فيها شغفها.

قررت "عزة" البدء في رحلة البحث عن الشغف، بدأ تتواصل مع أصدقائها، إحدى صديقاتها صاحبة مشروع القرية التونسية في الفيوم-مشروع قرية على التراث- ذهبت إليها لكي تعمل معها، ولكن بعد فترة أحسن أن هذه الوظيفة أيضا لا تناسبها.

بدأت تبحث عن الأمور التي تحبها، ولأنها تحب الأطفال بشدة قررت دراسة تصميم كتب للأطفال، وتواصلت مع أحد أصدقائها المتخصص في هذا المجال وذهبت لتعرض عليه إنتاجها، ولكنه لم يلق استحسانه، فعرفت أن هذا المجال أيضا لا يناسبها.

كانت عزة على موعد مع أهم الأقدار في حياتها في عام 1969، حينما ذهبت إلى أحد المعارض بصحبة أصدقائها، لتجد نفسها تتجه نحو كتاب على أحد الأرفف وتقوم بفتحه، وكان الكتاب عن تصميم المجوهرات في العصور الوسطى، وقالت إنها بمجرد أن فتحت الكتاب وشاهدت أحد التصميمات شعرت أن شيئاً ما أضاء بداخل عقلها، قررت "عزة" شراء الكتاب ودفعت فيه كل الأموال التي كانت لديها، ولكنها كانت تشعر أن هذا الكتاب سيغير حياتها في المستقبل.

بدأت تقرأ عزة فهمي الكتاب وتشعر مع كل صفحة من صفحاته أن هذا هو الشيء الذي تبحث عنه، ولكنها لم تكن تعلم كيف تبدأ؟، فكرت في البداية أن تدرس الفنون التطبيقية، ولكن قررت أن تبدأ تمارس بديها أولا.

مسيرتها العملية

ذهبت "عزة" إلى منطقة خان الخليلي وبدأت تعمل في مشغل الحاج سيد، وهو واحد من أشهر الجواهريين في منطقة خان الخليلي، بدأت في البداية على عملية برد المعادن، ثم تدرجت حتى أصبحت تصمم المجوهرات، كانت "عزة" السيدة الوحيدة التي تمضي ساعات طويلة داخل الورشة.

بعد عامين من العمل في منطقة خان الخليلي، وصلت إلى معرفة كل تفاصيل الصناعة، قالت إنها حينما وصلت إلى أن الأمور التي في عقلها أكبر من المعلومات التي يمتلكها صاحب الورشة، قررت عزة فهمي أنها بحاجة لأن تسافر للدراسة في الخارج، ولكنها لم تكن تمتلك الأموال.

استطاعت أن تحصل على منحة من المجلس الثقافي البريطاني في مصر في منتصف السبعينات من القرن الماضي، لدراسة تصميم المجوهرات في كلية السير جون كاس، هناك تحلمت "عزة" كل تقنيات التصنيع ووجدت إجابات لكل الأسئلة التي كانت تجول بخاطرها، وعادت إلى مصر وبدأت الرحلة مع اسم عزة فهمي الذي أصبح واحد من ألمع الأسماء في العالم أجمع في صناعة الحلي.

بدأت "عزة" بورشة صغيرة واستعانت فيها بموظفين اثنين فقط، قررت أن تضع بصمة التراث في كل إنتاج تقدمه، وبدأت مع كل مجموعة تطرحها تحقق نجاحا كبيرا، ومن أشهر المجموعات التي قدمتها مجموعة منازل النيل والتي عبرت فيها عن أسلوب حياة المواطن المصري.

قالت "عزة" في لقاء لها إنها زارت كل المتاحف في مصر، وبدأت بعدها تتعلم من ثقافة المناطق مثل أهل النوبة، منطقة الوحات، وقررت بعدها السفر للخارج لمعرفة تفاصيل تراث كل دولة، حتى إنها أصبحت بمجرد أن ترى أي شيء تعلم أصله، وأكدت أنها تعشق مختلف الفنون وهو ما يدفعها دائما للبحث عما يميز كل مكان لكي تقدمه هي بطريقتها الخاصة.

تحرص "عزة" على الدمج ما بين الموضة وبين التراث، ولذلك نجدها قدمت مجموعتان باسم أم كلثوم، تضمنت نقوش خطية بأشهر كلمات أغانيها، كما تحرص على تقديم نقوش بالخط العربي لكبار الشعراء مثل جبران خليل جبران، الرومي، وأيضا رابعة العدوية.

في عام 2006 كانت "عزة" حاضرة في أسبوع الموضة في لندن بالمشاركة مع جوليان ماكدونالد، وفي 2010 كانت على موعد مع المشاركة في أسبوع الموضة في نيويورك وتعاونت مع برين.

وفي عام 2012 قدمت "عزة" مجموعة بعنوان "الحج: رحلة إلى قلب الإسلام" والتي عرضت في المتحف البريطاني، وضمت المجموعة 9 قطع، وتكرر التعاون بين "عزة" والمتحف البريطاني في عام 2015 في مجموعة حملت اسم "مصر: الإيمان بعد الفراعنة".

أبرز المعلومات عن عزة فهمي

تزوجت عزة فهمي مرتين، المرة الأولى كان زواج قصيراً لمدة 6 أشهر فقط، المرة الثانية كان زواج لمدة 17 عاما، وانفصلت بعدما أنجبت ابنتين هما فاطمة وأمينة وكان عمر بناتها في ذلك الوقت الكبرى 10 سنوات والصغرى 8 سنوات، وقالت "عزة" إنها كانت في بداية الأربعينات حينما انفصلت عن زوجها الثاني إلا أن شغفها بالحلي وبتربية بناتها جعلها لا تفكر في أن تتزوج مرة أخرى.

تمت خطبة "عزة" والملحن الشهير بليغ حمدي لمدة 6 أشهر فقط، حتى إنها تلقت مكالمة تهنئة من السيدة أم كلثوم ولكنها لم تستطع الاندماج مع عالمه، ولذلك فسخت الخطبة.

استشهد شقيق "عزة" الأصغر في حرب أكتوبر عام 1973، وكان طيار سقطت به الطائرة، وقالت في لقاء لها إنها اضطرت أن تنقل هذا الخبر لوالدتها بنفسها وهو الخبر الذي بدل حياة والدتها حتى لحقت به.

صممت "عزة" مجوهرات الفنانات الآتي شاركن في موكب المومياوات الملكية الشهير الذي عرض في مصر في عام 2021، إلى جانب أن مجوهراتها ترتديها مشاهير العالم مثل الغنية الأمريكية ريهانا، وأيضا أميرات العالم العربي.

أصدرت "عزة" عدة كتب الأول في عام 1994 بعنوان مجوهرات شرق أوسطية من تصميم عزة فهمي، وفي عام 2007 أصدرت كتاب المجوهرات المصرية المسحورة: الفن التقليدي والحرف، وهو من إصدار الجامعة الأمريكية في مصر، وفي عام 2015 أصدرت كتاب المجوهرات التقليدية المصرية.

في عام 2007 تم إدراج اسم عزة فهمي في قائمة " فايننشال تايمز" عن صاحبات الأعمال الـ 25 الأكثر نفوذاً في الشرق الأوسط.