"كده يا سونه يا خاين" وأنت تستمع إلى هذه الجملة بصوت الفنانة هند رستم يأتيك صورة الفنان الرائع عبدالمنعم إبراهيم صاحب الوجه البشوش، الذي يرسم البسمة على وجهك دون أي مجهود منه، ورغم ذلك فقد كان عبدالمنعم إبراهيم يخفي كثيراً من آلام الفقد وراء ضحكاته المتصاعدة.
توفيت زوجته وشريكة حياته وأم أبنائه الأربعة وبعدها توفي شقيقه وترك له 6 أبناء، ليأتي بعدها وفاة نجله الوحيد، ورغم كل تلك المآسي لم يترك فرصة يمتعنا فيها إلا وقدمها، مسيرته الفنية وأبرز المعلومات عن حياته في السطور التالية...
من هو عبد المنعم إبراهيم؟
عبدالمنعم إبراهيم من مواليد محافظة بني سويف، ولكن عائلته من قرية "ميت حلاوة" بمحافظة الغربية، قضى "عبدالمنعم" ثلاث سنوات فقط في محافظة بني سويف، ثم انتقل بعدها مع أسرته لمحافظة القاهرة.
حصل على شهادة التعليم المتوسط –دبلوم صنايع- من بولاق، وتم تعيينه في وزارة المالية، في ذلك الوقت تعرف على الفنان عبدالمنعم مدبولي، والفنان عدلي كاسب، واشترك معهم في أول أعماله سنة 1942 وقدم أول مسرحية له على مسرح الأزبكية.
وجد عبدالمنعم إبراهيم شغفه في التمثيل، فأدرك أنه لكي يكمل في هذا المجال فإن عليه دراسة الفن، فالتحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وكان ضمن الدفعة الثانية للمعهد، وتخرج منه عام 1949، قرر التفرغ للفن، فاستقال من وظيفته بوزارة المالية.
وانضم إلى فرقة المسرح الحديث مع الفنان زكي طليمات، وظل يشارك معهم في العروض حتى عام 1955، ليقرر الانضمام إلى فرقة إسماعيل ياسين. بعدها اتجه للإذاعة وشارك في عدد من المسلسلات الإذاعية، ومنها إلى المسلسلات التليفزيونية التي كانت بوابته للسينما.
أشهر أفلام عبدالمنعم إبراهيم
رغم أن أول ظهور لعبدالمنعم إبراهيم في السينما كان عام 1951 من خلال فيلم ظهور الإسلام، إلا أن عام 1957 يعتبر نقلة في حياته السينمائية وهو العام الذي بدأ بفيلم إسماعيل ياسين في الأسطول، ليقدم في هذا العام وحده 10 أفلام، وبدأ سيل الأفلام التي يقدمها.
وعلى الرغم من أنه لم يحظ بالبطولة إلا في فيلمين فقط وهما “أيامي السعيدة”، “سر طاقية الإخفاء”، إلا أن بصمته ظلت عالقة مع الجمهور في كل الأعمال التي شارك بها مثل دوره في فيلم "سكر هانم" مع الفنان كمال الشناوي وعمر الحريري، وهو الدور الذي كان مقرراً أن يقوم به إسماعيل ياسين، إلا أنه تم منعه من أداء أدوار سيدات بعد الآنسة حنفي، ليذهب الدور إلى عبدالمنعم إبراهيم ويؤديه ببراعة، ويصبح من علامات السينما رغم أن الفيلم لم يحقق أي نجاح وقت عرضه.
كما أن دور "محروس" في فيلم "إشاعة حب" مع الفنان القدير يوسف وهبي، عمر الشريف وسعاد حسني إحدى العلامات المميزة في مشوار عبدالمنعم إبراهيم الذي أمتع جمهوره برصيد يفوق الـ300 عمل، ولم يكن "عبدالمنعم" يجيد فقط الأدوار الكوميدية فقد برع أيضا في أداء الأدوار التراجيدي مثل دوره في مسلسل أولاد آدم، ولكن يظل الإفيه هو العالق في أذهان المشاهدين.
إتقان اللغة العربية الفصحى
حب عبدالمنعم إبراهيم للمسرح، وإتقانه اللغة العربية، كان سبب يجعله من أشهر من تحدث باللغة العربية في السينما المصرية، وظهر هذا في عدد من الأدوار الرائعة مثل دور الشيخ عبدالبر عبدالواحد المجند في البحرية بفيلم "إسماعيل ياسين في الأسطول" في العام ١٩٥٧ من بطولة أحمد رمزي وإسماعيل ياسين، وشخصية الأستاذ حكم مدرس اللغة العربية في فيلم "السفيرة عزيزة" بطولة شكري سرحان وسعاد حسني في العام ١٩٦١، وغيرها من الأدوار التي أتقن فيها اللغة العربية الفصحى وأداها باقتدار.
زواج عبدالمنعم إبراهيم 4 مرات
رشح له أحد أصدقائه فتاة للزواج، فذهب لرؤيتها، وكان في تلك الفترة لا يزال يعمل في وزارة المالية، وعندما رأي شقيقتها "سلوى" أعجب بها وتزوجها، ورزق منها بأربعة أبناء هم "سمية وسلوى وسهير وطارق"، ولكن بعد سنوات من الزواج السعيد أصيبت زوجته بمرض خطير.
في حوار له قال عبدالمنعم إنه كان يصور أحد أفلامه في أثينا، وتلقي اتصال بأن زوجته في حالة خطيرة وتريد أن تراه، فأسرع إلى المطار ولكن الطائرة تعطلت حوالي 17 ساعة، لتمر عليها كأنها 17 سنة، وحينما وصل للقاهرة، أخبره الطبيب أن زوجته تبقى له في الحياة حوالي 6 أشهر فقط.
وقال عبد المنعم عن تلك اللحظات إنها أصعب الفترات التي مرت عليه في حياته، يتذكر تلك الأيام المؤلمة ويقول عنها إنه كان لا يرى النوم، فقط ينظر إليها لا يريد أن تفارق نظره، ولكن قدر الله كان مكتوباً وتوفيت زوجته.
قرر عبدالمنعم إبراهيم الزواج من شقيقتها –عروسته الأولي- لكي تربي أبناء شقيقتها، ولكنه لم يتحمل الشبه الكبير بينها وبين زوجته الراحلة، فانفصل عنها بعد الزواج بأيام قليلة.
ولم تكن هذه آخر ماسي عبدالمنعم إبراهيم فبعد وفاة زوجته بعامين توفي شقيقه وهو في ريعان شبابه كان يبلغ من العمر 35 عاما فقط، وترك له 6 أبناء ووالدتهم، ليجد نفسه ملزماً بعائلة تتكون من 11 فردا.
قرر عبدالمنعم إبراهيم الزواج مرة أخرى لكي يجد من تراعى أبناؤه وهذه المرة كانت الزوجة لبنانية تدعى عايدة تلحوم، كانت تعمل في مكتب طيران الشرق الأوسط، فعملت على رعاية أبنائه وأنجبت إليه ابنته الرابعة "نيفين" ليصبح لديه 4 بنات وولد.
وبعد فترة تعرف عبدالمنعم إبراهيم على كوثر العسال وأحبها، وقرر الزواج منها عام 1967، ولكنه طلب منها إخفاء الأمر وأن يبقى الزواج سرا حفاظا على مشاعر زوجته اللبنانية التي أشرفت على تربية أبنائه واستمر زواجهم لمدة عشرين عاما حتى وفاته عام 1987.
ولم يكن ذلك آخر أحزان عبدالمنعم إبراهيم فكان على موعد من فاجعة أخرى، وهي وفاة نجله الوحيد "طارق" عام 1969، إثر إصابته بمرض خبيث.
وبعد وفاة ابنه التي أثرت فيه كثيرا، أصيبت زوجته اللبنانية بسرطان الطحال وتوفيت هي الأخرى بعد صراع مع المرض عام 1982.
متى توفي عبد المنعم إبراهيم؟
في 17 نوفمبر عام 1987 توفي عبد المنعم إبراهيم، ودفن في قريته ميت بدر حلاوة بناء على وصيته، وقد تم تكريمه مرتين قبل رحيله، فنال وسام العلوم والفنون عام 1983، وأخذ الدرع الذهبي من المسرح القومي عام 1986 بعد تكريمه عن مشواره الفني الذي يتجاوز الـ300 عمل.
