أحد أهم المخرجين السينمائيين الكبار ورموز جيل الرواد في السينما العربية، إنه المخرج التونسي عبد اللطيف بن عمار الذي توفي عن عمر ناهز 80 عامًا تاركًا خلفه مجموعة مميزة من الأفلام، ويعد أول مخرج عربي يشارك فيلمه في مهرجان كان، في السطور التالية تعرف على مسيرته المهنية والفنية وحياته.
حياة عبد اللطيف بن عمار ونشأته
هو مخرج تونسي ولد في 25 أبريل عام 1943 في تونس العاصمة، وبدأ مسيرته المهنية في السينما في سن الـ22 عامًا.
عشق بن عمار السينما منذ صغره، وعمل جاهدًا للعمل في السينما، فبعد أن أنهى دراسته العليا في الرياضيات اتجه لدراسة السينما من المعهد العالي للدراسات السينمائية IDHEC في باريس وحصل على دبلوم التصوير من المعهد في عام 1965.
بعد عودته إلى تونس عمل كممثل في البداية وشارك في بعض الأفلام القصيرة، كما عمل كمخرج مساعد لبعض المخرجين التونسيين والأجانب، ثم بدأ العمل مخرجاً منفرداً بداية من عام 1970.
وفاته
أعلنت جمعية المخرجين التونسيين، يوم الاثنين الموافق 6 فبراير 2023، عن وفاة المخرج عبد اللطيف بن عمار عن عمر 80 عامًا تاركًا خلفه إرثًا فنيًا مهمًا.
حياته المهنية
لم تكن بداية المخرج عبد اللطيف بن عمار في السينما سهلة، فقد واجه العديد من الصعوبات أهمها اعتراض والده على دخول مجال السينما، ولكنه استمر في تحقيق حلمه، وبدأ عمله كمساعد مخرج للعديد من المخرجين الكبار في تونس وباريس الذي كان له فضل في نبوغه في الإخراج السينمائي.
تحدث بن عمار أيضًا أنه قرر الذهاب لدراسة السينما في فرنسا وليس في أمريكا بسبب إتقانه للغة الفرنسية، كما أنه يرى أن باريس عاصمة للسينما الجديدة والأوروبية وقتها.
أخرج بن عمار العديد من الأفلام القصيرة في الوقت الذي كان يعمل فيه مساعد مخرج، وقد أكسبه ذلك المزيد من التجربة والخبرة في السينما.
من الأفلام التي عمل فيها كمساعد مخرج الفيلم الروائي الطويل Follow me عام 1968 للمخرج روبيرتو كافالوني، وفي العام التالي عمل كمساعد مخرج لفيلم Justine للمخرج جورج كوكور.
في عام 1970 شارك في فيلم Biribi للمخرج دانيل موسمان، وفي عام 1972 شارك في فيلم The Rebel Jesus للمهرج لاري بوشانان، وفي عام 1976 شارك في فيلم Les Magiciens للمخرج كلود شابرول، وفي العام نفسه عمل كمساعد مخرج في فيلم Le Messie.
في عام 1977 عمل في فيلم Jésus de Nazareth للمخرج فرانك زفيريللي، وبجانب هذه الأعمال كان ضمن طاقم عل أفلام Actualités tunisiennes، وLes grand'mères pour la télévision canadienne، وغيرها.
تأسيسه شركة إنتاج
بعد عودته إلى تونس قرر بن عمار مع عبد اللطيف لعيوني تأسيس شركة إنتاج، كما عينته الشركة التونسية للإنتاج والتنمية السينمائية، التي تأسست عام 1957، كمخرج لإخراج العديد من الأعمال، وكانت الشركة مسؤولة عن إنتاج وتوزيع الأفلام التونسية، واستيراد الأفلام الأجنبية كذلك.
بفضل هذه الشركة تمكن بن عمار من تصوير أفلام وثائقية وروائية كثيرة، وركز في أعماله على الدور الوظيفي والرسالة الذي يرغب أن يحملها إلى الجمهور.
أول فيلم روائي طويل
في عام 1970 أخرج عبد اللطيف بن عمار أول فيلم روائي طويل له بعنوان "قصة بسيطة" وشارك بهذا الفيلم في مهرجان "كان السينمائي" ليصبح أول مخرج عربي يشارك في هذا المهرجان، واختارت لجنة التحكيم فيلمه ضمن أفضل 20 فيلمًا بالمهرجان.
فاز الفيلم أيضًا بجائزة التانيت البرونزي في مهرجان أيام قرطاج السينمائية في العام نفسه من إنتاجه، والعمل من سيناريو بن عمار أيضًا، وكان عمره وقتها 26 عامًا فقط.
يتحدث الفيلم عن منتج تلفزيوني اسمه شمس الدين الذي يقرر تصوير تقرير عن العمال التونسيين الذين ذهبوا للعمل في فرنسا ثم عادوا إلى بلادهم، وهناك يلتقي بزوجته التي من أصل إسباني.
الفيلم يصور عن الصعوبات التي يواجهها المخرج في صنع فيلمه الوثائقي والصعوبات التي يمر بها الأزواج في الغربة.
فيلم "رسائل من سجنان"
أخرج بن عمار طوال حياته المهنية العديد من الأفلام الناجحة، منها فيلم "رسائل من سجنان" عام 1974 وشارك في التمثيل فيه فاضل الجعايبي، ومنيرة بن عرفة، ونور الدين قصباوي، ومنى نور الدين، وكمال التواتي.
يتحدث الفيلم عن المعركة الأخيرة لكفاح الشعب التونسي للتحرير من الاحتلال الفرنسي، ويحكي عن المنظمة الإرهابية التي أسسها المستعمر لتصفية عدد من رموز النضال ضد الاستعمار.
حصل الفيلم على جائزة التانيت البرونزي من مهرجان أيام قرطاج السينمائي، وجائزة لجنة التحكيم الخاصة عن مهرجان FESPACO الذي يعد أول مهرجان للسينما الأفريقية.
فيلم "عزيزة"
في عام 1979 أخرج فيلم "عزيزة" الذي شارك في التمثيل فيه ياسمين خلاط، وتوفيق جبالي، ودليلة رامز، ومنى نور الدين وغيرهم، وهو فيلم يتحدث عن فتاة اسمها عزيزة تجد نفسها مجبرة للاعتماد على نفسها أمام الهيمنة الرجولية بعد موت كبير عائلتها وانتقالهم إلى العاصمة.
حصلت الفيلم على جائزة التانيت الذهبي في مهرجان أيام قرطاج السينمائية، وتم عرضه في العديد من المهرجانات العربية والعالمية.
فيلم "خطى فوق السحاب"
في عام 2003 أخرج هذا الفيلم الذي من تأليفه وشارك في بطولته توفيق الباهي، وكوثر بلحاج، ولمياء العمري، وليلى الشابي، ورمزي عزيز.
تدور أحداث الفيلم قبل وبعد ليلة رأس السنة، والفيلم يحكي عن قصة حقيقية عاشها بن عمار في ليلة رأس السنة بنزل في عين دراهم بالشمال التونسي. وقد أخرج بن عمار النسخة التلفزيونية من الفيلم وتكون من أربعة أجزاء، وأعيد بثه مؤخرًا قبل وفاته بفترة قصيرة.
فيلم "النخيل الجريح"
في عام 2010 أخرج وألف فيلم "النخيل الجريح" وشارك في بطولته ناجي ناجح، وليلى واز، وريم تاكوشت، وصلاح مصدق، وتوفيق البحري، وحسن كشاش وغيرهم.
تدور أحداث الفيلم عام 1961 حيث معركة بنزرت، ويستعرض حقبة النضال التونسي وتاريخ عدد من البلدان المغاربية ومنها الجزائر الذي تعتبر ذات تاريخ مشترك مع تونسي وخاصة في النضال ضد المستعمر.
