هرم الكوميديا في المغرب صاحب المشوار الفني الزاخر بالإبداع، إنه الفنان الكوميدي المغربي عبد الرحيم التونسي المشهور بلقب عبد الرؤوف وتوفي منذ أيام بعد صراع مع المرض ليودع الشعب المغربي واحدة من عمالقة الكوميديا، تعرف على حياته ومسيرته الفنية في السطور التالية.
حياة عبد الرحيم التونسي ونشأته
عبد الرحيم حمود التونسي المعروف بلقب عبد الرؤوف هو ممثل كوميدي مغربي يعتبر أسطورة الكوميديا المغربية لعقود، ولد في المدينة القديمة في الدار البيضاء في 27 ديسمبر عام 1936.
والد تونسي جاء من المغرب لأداء الخدمة المدنية بأمر من فرنسا، واشتغل والده في الترجمة، وبعدها قرر الاستقرار في المغرب وتزوج من سيدة مغربية.
نشأ عبد الرحيم يتيم الأم، فقد توفيت والدته المغربية وهو لم يتجاوز السادسة من عمره، وكان يقضي معظم وقته في الشارع مع إخوته الذكور الثلاثة الذي كان أصغرهم.
منذ نعومة أظافره كان عبد الرحيم مولعًا بالفن والتمثيل والتقليد، وكان مولعًا بالكوميدي القدميري التي كانت تُذاع تمثيلياته في الإذاعة المغربية.
كان الفنان عبد الرحيم منذ صغره يحرص على دخول سينما "مدينة" لمشاهدة العروض الكوميدية، كما كان يذهب مع أصدقائه لمشاهدة أفلام رعاة البقر في قاعات أبولو وفوكس.
اشتغل عبد الرحيم في بداياته بشركة لتركيب السيارات، وبعدها توجه إلى عالم الفن من خلال المسرح في الستينيات، وقد عرف الفنان بارتدائه الملابس الفضفاضة ومظهره الطفولي.
قصة اعتقاله
عندما نُفي السلطان محمد الخامس شارك التونسي في مظاهرات ضد الاستعمار الفرنسي وتم اعتقاله، وقضى شهرًا تحت التعذيب الشديد، وأطلق سراحه بعد 5 أشهر من الاعتقال.
وفي السجن تعرف التونسي على مجموعة من المقاومين الذين كانوا يقومون بعرض مسرحية ضد المستعمر، وانضم التونسي إليهم، وبعد خروجه من السجن كوّن مع هذه المجموعة فرقة موسيقية قدمت عروضًا مسرحية في مختلف المدن المغربية.
لم تستمر الفرقة لفترة طويلة حيث شاءت الظروف أن تفرق بين أفرادها، ليقرر التونسي العودة لحيه في مدينة الدار البيضاء وتكوين فرقة مسرحية أخرى.
زوجته وأبنائه
تزوج التونسي من سيدة من خارج الوسط الفني ورغم أنها لم تكن تظهر معه في المناسبات الرسمية ولكن انتشرت لها عدة صور مع أبنائها، وأنجب منها 5 أبناء، وهم أسامة، وإيهاب، وبهاء والتوأم دنيا وجيهان.
وفاته
توفي الفنان الكوميدي عبد الرحيم التونسي يوم الاثنين الموافق 3 يناير عام 2022 عن عمر 86 عامًا بعد معاناة طويلة مع المرض، وقد أعلن ابنه أسامة على حسابه على فيسبوك وفاته والده.
كان الراحل يعاني من مرض في القلب يسبب له في انتفاخ على مستوى الصدر وضيق في التنفس باستمرار ما أدى إلى وفاته، ووري الثرى بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء بحضور عدد من الشخصيات الهامة وخاصة في مجال الفن.
ونعاه عدد من مشاهير الوسط الفني في المغرب، منها الكاتب الصحفي والشاعر عبد الحميد اجماهري، والفنانة لطيفة أحرار مديرة المعهد العالي للفن المسرحي، كما نعته النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية.
وكتب الكاتب الصحفي عبد الحميد اجماهري ناعيًا الراحل: "ظل مقرونا عندي بالضحكة الغامرة منذ علمنا الضحك في الصغر، ووزع ملايين الصدقات على ملايين البشر بسمة وضحكة وفرحة."
بالإضافة إلى ذلك بعث الملك محمد السادس برقية تعزية إلى أفراد أسرة الراحل، وجاء في البرقية:"فقد تلقينا بعميق التأثر، النبأ المحزن لوفاة المشمول بعفو الله ورضاه، الفنان الكوميدي القدير المرحوم عبد الرحيم التونسي، أحسن الله قبوله إلى جواره".
وأعرب العاهل المغربي عن أحر تعازيه وصادق مواساته في فقدان الراحل، حيث قال إن الراحل أحد رواد الفن المسرحي الكوميدي الهادف المشهود له بالأصالة والإبداع.
واستحضر العاهل المغربي ما كان يتحلى به الراحل من دماثة الخلق وروح إبداعية مرح وبرع في تجسيد شخصيته التلقائية عبد الرؤوف التي بصم بها على مسار فني طويل.
وكانت الجرائد الصحفية والمنابر الإعلامية قد تداولت قبل أسابيع تدهور حالته الصحية ودخوله الإنعاش، لتعلن بعدها وفاته عن عمر 86 عامًا.
مشواره الفني
بدأ الراحل عبد الرحيم التونسي أو عبد الرؤوف أولى خطواته الفنية من خلال خشبة المسرح في بداية ستينيات القرن العشرين، وخلال مشواره الفني قدم العديد من الأعمال الفنية الناجحة.
أصبح التونسي من أبرز الفكاهيين المغاربة الذي طبع جيلًا كاملًا واشتهر بملابسه الفضفاضة وصوته المميز، وقدم في الغالب الشخصية الساذجة والمرحة التي تحول مواقف الحياة اليومية إلى مواقف مضحكة وساخرة.
في عام 1975 أسس التونسي فرقة مسرحية مع أصدقائه وقدم العديد من العروض المسرحية منها مسرحيات "موليير" التي قدمها في المقاهي في مختلف ربوع المملكة.
نال الراحل العديد من التكريمات وأبرزها حصوله على لقب أفضل فكاهي مغربي في القرن العشرين عام 2011 في احتفال أقيم في بلجيكا، كما تم تكريمه في الدورة الـ16 من المهرجان الدولي للفيلم في مراكش.
آخر الأعمال الفنية التي شارك فيها الراحل عبد الرحيم كان فيلم "عمي" وقدم فيها شخصية عبد الرؤوف، ويحكي عن فتاة اسمها عالية تحاول أن تشق طريقها في صناعة السينما وعندما يزورها عمها لم تره منذ فترة طويلة وتتعقد العلاقة مع شريكاته في السكن أكثر فأكثر.
شخصية عبد الرؤوف
اشتهر الراحل بشخصية عبد الرؤوف التي أطل بها عام 1960 التي كانت البوابة التي تعرف الجمهور منها الجمهور عليه، وقدم هذه الشخصية في البداية على خشبة المسرح في عدة عروض مسرحية، ثم انتقلت بعدها إلى التلفزيون في الستينيات.
حققت شخصية عبد الرؤوف نجاحًا باهرًا وأصبحت من أبرز الشخصيات الكوميدية التي مرت في تاريخ التلفزيوني المغربي، واشتهرت الشخصية بحركاتها اللطيفة وطريقة كلامها وضحكتها الساخرة.
بسبب شهرة شخصية عبد الرؤوف تحول لقب الفنان عبد الرحيم إلى "عبد الرؤوف" وعُرف بهذا الاسم طوال مشواره الفني، واستوحى الراحل هذه الشخصية من زميل سابق له في الدراسة، وكان يعتبر تجسيدًا لكل ما هو مثير للسخرية في الحياة.