لم يكن الفنان الراحل عبد الحسين عبد الرضا كوميديان بقدر ما كان حالة فنية خاصة، فهو نموذج للفنان الذي يجعل من الضحك فرصة لمناقشة مشكلات المجتمع وتناقضاته، وواحد من الفنانين القلائل الذي زادت مسيرته الفنية عن 50 عامًا قدم خلالها أعظم الأعمال الفنية.
يحتفي محرك البحث قوقل اليوم ذكرى ميلاد الفنان الكبير عبد الرضا الذي أثرى الفن الخليجي وكان له دور كبير في تطوير المسرح الكويتي، تعرف في السطور التالية على مسيرته الفنية وحياته الشخصية.
حياة عبد الحسين عبد الرضا ونشأته
عبدالحسين عبدالرضا محمد عوض هو ممثل كويتي كوميدي ولد في 6 ديسمبر عام 1939 في دروازة عبد الرزاق في منطقة شرق في الكويت.
كان والده يعمل بحارًا، وهو الابن السابع بين 14 أخاً، وتلقى تعليمه في الكويت حتى المرحة الثانية في مدرستي المباركية والأحمدية.
عمل عبد الحسين بعدها في وزارة الإرشاد والأنباء في قسم الطبع، وبعدها قرر السفر إلى مصر لتعلم فنون الطباعة عام 1956، وذلك على نفقة الوزارة.
ومن مصر إلى ألمانيا حيث استكمال دراسته في فنون الطبع عام 1961 في بعثة دراسية، وبعد عودته إلى الكويت تدرج في الوظائف الحكومية حتى حصل على منصب مراقب عام قسم الطباعة في وزارة الإعلام، وتقاعد من هذه الوظيفة عام 1979.
تزوج الفنان الراحل 4 مرات ولديه 5 أبناء، أكبرهم عدنان وبه يُكنى وأصغرهم بشار الذي يعمل في مجال التمثيل أيضًا، وله عدة مؤلفات شعرية، أما ابنتاه منى منال فهما فنانتان تشكيليتان، ولديه ابنة اسمها بيبي.
نشأ الفنان الراحل في أسرة فنية، فأخوه أمير فنان تشكيلي وشارك في تقديم مسرحيات وأوبريتات في فن تحريك الدمى بشخصية "بو زعلان"، أما ابن أخيه هو الممثل علي محسن، وابن أخته هو المذيع بو خرشد، وابن عمه هو المغني غريد الشاطئ.
مرضه ووفاته
تعرض الفنان عبد الحسين عبد الرضا للعديد من الأزمات الصحية طوال حياته، منها عام 2003 عندما تعرض لأزمة قلبية في أثناء تصوير مسلسل "الحيالة" وتبين إصابته بانسداد في الشرايين.
سافر بعدها إلى لندن وأجرى هناك عملية جراحية عاجلة، وبعد تعافيه عاد إلى الكويت وإكمال تصوير المسلسل.
بعدها بعامين تعرض مرة أخرى لأزمة حادة إثر إصابته بجلطة في المخ ودخل العناية المركز في مستشفى مبارك الكبير وبعدها نُقل للعلاج في ألمانيا، وبعد الانتهاء من تصوير مسلسل "العافور" أجرى عمليتي قسطرة للقلب في لندن عام 2015.
في يوم 9 أغسطس 2017 تعرض الفنان إلى وعكة صحية شديد في لندن ودخل العناية المركزة، وتوفي في 11 أغسطس بعد تعرضه لجلطة حادة في القلب عن عمر يناهز 78 عامًا.
بعد وفاته أعلنت قنوات كويتية الحداد عليه، وأمر أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد بنقل جثمانه من لندن إلى الكويت في طائرة أميرية، وتم تشييع جنازته في عصر يوم 16 أغسطس في مقبرة الجعفرية بالصليبخات.
أقيم العزاء في مسجد الوزان في منطقة غرب مشرف وسط مشاركة حاشدة من الآلاف الذين شيعوه إلى مثواه الأخير.
من المفارقات في وفاته أنه في مسرحية "باي باي لندن" التي عرضت عام 1981 قدم شخصية "جمعة" وقد توفي يوم الجمعة في مستشفى رويال برومبتون في مدينة لندن.
مشواره الفني
بدأ الفنان عبد الحسين عبد الرضا مشواره الفني عام 1961 من خلال المسرح، حيث شارك في مسرحية "صقر قريش" وهي مسرحية ناطقة بالفصحى وتم اختياره بديلًا للممثل "عدنان حسين".
تدرب الفنان عبد الحسين على يد المخرج المصري زكي طليمات وأثبت موهبته أمامه، وبعدها توالت أعماله الفنية في المسرح والتلفزيون والإذاعة، وقدم طوال مسيرته العديد من الأعمال الناجحة.
في المسرح شارك عبد الحسين في العديد من المسرحيات التي قام ببطولتها بجانب العديد من الفنانين منهم حياة الفهد، وخالد النفيسي، وزهرة عرفات، وسعاد عبد الله، وغانم الصالح، وإبراهيم الحربي، وعلي المفيدي، ومريم الغضبان وغيرهم من الفنانين.
من المسرحيات الشهيرة التي قدمها مسرحية "الكويت سنة 2000"، و"24 ساعة"، و"عالم نساء ورجال"، و"بني صمات"، و"فرحة أمة"، و"سيف العرب"، و"باي باي عرب"، و"فرسان المناخ"، وآخر مسرحياته كانت عام 2004 وهي مسرحية "على الطاير".
أما في التلفزيون فقد الراحل العديد من الأعمال الفنية الكوميدية التي ناقش فيها قضايا مجتمعية متنوعة بأسلوب فكاهي وساخر، ومنها "محكمة الفريج"، و"الملقوف"، و"درب الزلق"، و"قاصد خير"، و"زمن الإسكافي"، و"سوق المقاصيص"، وأبو الملايين"، و"العافور"".
آخر مشاركة له في التلفزيون كانت عام 2017 قبل وفاته بعدة أشهر، حيث شارك في حلقتين من مسلسل "سيلفي 3" من بطولة الفنان السعودي ناصر القصبي.
قدم عبد الحسين كذلك العديد من السهرات التلفزيونية التي كانت آخرها سهرة "الانحدار" عام 1985 بمشاركة سعاد عبد الله، وداوود حسين، وعبد الإمام عبد الله، وأحمد الصالح، وبعد الناصر درويش، وغيرهم.
قدم كذلك العديد من المسلسلات الإذاعية، ومنها "بو عليوي في رمضان"، و"راعي الدونية"، و"بو شلاخ"، و"دار الفلك"، و"وعد الحر"، و"يوميات العيدروسي"، وأحلام الزراير، وآخر مسلسل إذاعي قدمه في عام 2017 وهو مسلسل "مول الهوايل" مع داوود حسين، وعبير الجندي، وهدى الخطيب.
أما في السينما فقد الفنان عبد الحسين عبد الرضا عملًا سينمايًا واحدًا عام 1965 وهو فيلم "العاصفة" بجانب خالد النفيسي، وجوهر سالم، وفرقة حمد بن حسين والعمل من إخراج محمد ناصر السنعوسي، وتأليف عبد الأمير التركي.
بجانب التمثيل في التلفزيون والمسرح والإذاعة كتب الفنان الراحل العديد من الأعمال الفنية في المسرح والتلفزيون، ومنها مسرحيات "إغنم زمانك"، و"مطلوب زوج حالًا"، و"من سبق لبق"، و"على هامان يا فرعون"، و"باي باي عرب"، و"سيف العرب"، و"مراهق في الخمسين"، وشارك في التمثيل في بعضها.
وفي التلفزيون ألّف عدة مسلسلات منها "أجلح وأملح"، و"الأقدار"، و"درس خصوصي"، و"قاصد خير"، و"سوق المقاصيص"، و"العافور"، و"شرباكة" وشارك أيضًا في بعض هذه المسلسلات.
كان للفنان الراحل دور إداري فقد شغل منصب رئيس ومالك مركز الفنون للإنتاج الفني التلفزيوني والمسرحي، كما شغل منصب الرئيس الفني والمالي في مجلس إدارة المسرح العربي، ومؤسس قناة فنون الفضائية، وعُين نقيبًا للفنانين في الكويت عام 2009.
طوال مسيرته الفنية حصل الفنان عبد الحسين عبد الرضا على العديد من الجوائز منها جائزة الدولة التقديرية أكثر من مرة، وجائزة سلطان العويس للإبداع الفني، وجائزة المشوار الفني من جامعة الخليج للعلوم والتكنولوجيا، ودرع وزارة الشباب والرياض، وغيرها.