عارف نقفي.. قصة رائد أعمال بين الاستثمار واتهامات بالاحتيال

يعرف رجل الأعمال الباكستاني عارف نقفي من أبرز رجال الأعمال في مجال الاستثمار، حيث أسس شركة "أبراج كابيتل"، التي كانت واحدة من أكبر شركات الأسهم الخاصة في الأسواق الناشئة، واستطاع أن يبني إمبراطورية مالية ضخمة امتدت من الشرق الأوسط إلى آسيا وأفريقيا، ورغم نجاحه الباهر، ارتبط اسمه بأحد أكبر الفضائح المالية في عالم الاستثمار، في السطور التالية تعرف على مسيرته وقصة سقوطه.

من هو عارف نقفي؟

عارف مسعود نقفي هو رجل أعمال باكستاني، والمؤسس والرئيس التنفيذي لمجموعة أبراج، ولد في 13 يوليو عام 1960 في كراتشي في باكستان، وهو حاليًا يُحاكم بتهم الاحتيال في الولايات المتحدة.

بدأ عارف نقفي مسيرته المهنية في عالم المال والأعمال بعد إنهاء دراسته في كلية لندن للاقتصاد، حيث عمل في عدة مؤسسات مالية، وفي عام 2002، أسس شركة أبراج كابيتال في دبي، ونجح في تحويله إلى واحدة من أكبر شركات الأسهم الخاصة في الأسواق الناشئة.

تخصصت شركته في الاستثمار في الشركات الناشئة والمشاريع الكبرى، واستثمرت في قطاعات مختلفة، مثل التكنولوجيا والبنية التحتية والرعاية الصحية، وجذبت مليارات الدولارات من مستثمرين من حول العالم.

إلا أنه بعد رحلة طويلة من النجاح، بدأت الشكوك تحيط بمجموعة أبراج كابيتال حول طريقة إدارة أموال المستثمرين، وبداية من عام 2018، تصاعدت أزمات الشركة بعد الكشف عن وجود مخالفات مالية إدارة غير شفافة للأموال.

واجه نقفي بعدها تهمًا بالاحتيال المالي واختلاس الأموال، واعتقل في لندن 2019، وبدأت محاكمته منذ ذلك الوقت، ورغم أنه كان الرجل وراء نجاح شركته، تحول ليصبح سببًا في سقوطها، لتصبح شركة أبراج كابيتال واحدة من أكبر حالات الانهيار المالي في تاريخ الاستثمار الخاص.

نشأته وتعليمه

ولد عارف نقفي في عائلة باكستانية ثرية عملت لسنوات في التجارة، فقد كان والده مالكًا لشركة صغيرة لتصنيع البلاستيك. تلقى نقفي تعليمه في كراتشي حتى المرحلة الثانوية، ثم سافر إلى المملكة المتحدة، وتخرج من كلية لندن للاقتصاد.

بداية مسيرته المهنية

بدأ رجل الأعمال الباكستاني عارف نقفي مسيرته المهنية في لندن، حيث عمل في شركة آرثر أندرسن للمحاسبة، وبعدها بسنوات، عاد إلى مسقط رأسه في كراتشي باكستان، وانضم إلى شركة أمريكا إكسبريس.

في أوائل التسعينات، انضم عارف إلى مجموعة العليان السعودية، التي تعد واحدة من أكبر الشركات التجارية في البلاد، وخلال فترة التسعينات، بدأ في تجربة تأسيس مشروعات استثمارية وشركات مختلفة قبل تأسيس شركة أبراج كابيتال.

في عام 1994، أسس عارف شركة استثمارية في دبي اسمها "كوبولا" وبدأ شركته باستثمار 50 ألف دولار فقط من مدخراته الخاصة. في عام 1999، اشترى شركة إنشكيب الشرق الأوسط مقابل 102 مليون دولار، مع 4.1 مليون دولار من الأسهم، وكانت تلك العملية أول عملية شراء بالاستدانة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وقد باع أجزاء من الشركة فيما بعد بمبلغ 173 مليون دولار.

تأسيس شركة أبراج كابيتال

في عام 2002، أسس رجل الأعمال عارف نقفي شركة "أبراج كابيتال" التي سرعان ما أصبحت من أكبر صناديق الأسهم الخاصة في الشرق الأوسط، كما نجحت الشركة في أن تصبح من أكثر شركات الاستثمار تأثيرًا في الأسواق الناشئة على الصعيد العالمي.

جاءت فكرة تأسيس الشركة استجابة للحاجة المتزايدة لرأس المال الاستثماري في الأسواق الناشئة، حيث كانت الشركات تواجه صعوبات في الحصول على التمويل اللازم للنمو.

انطلقت أبراج كابيتال برؤية واضحة، وهي الاستثمار في الأسواق الناشئة في الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، وركزت على المشروعات التي تخلق تأثيرًا اقتصاديًا واجتماعيًا إيجابيًا.

مع مرور السنوات، جذبت الشركة استثمارات بمليارات الدولارت من صناديق الثروة السياسية ومؤسسات مالية كبرى ومستثمرين من حول العالم، ومن أبرز المستثمرين في شركته مؤسسة بي وميليندا غيتس، والبنك الدولي، وصناديق التقاعد والمؤسسات الاستثمارية العالمية.

في عام 2007، سجلت شركة أبراج إنجازًا كبيرًا بعدما استحوذت على شركة أوركس كابيتال، وهي الصفقة التي عززت من مكانتها في قطاع الأسهم الخاصة. استحوذت كذلك على شركات في قطاعات مختلفة، منها الرعاية الصحية، والخدمات المالية، والتكنولوجيا، والبنية التحتية وغيرها.

في عام 2014، أصبحت شركة أبراج كابيتال، التي أسسها عارف نقفي، تدير أصولًا قيمتها 14 مليار دولار، وامتدت عملياتها في أكثر من 20 دولة حول العالم.

بداية الانهيار

بدأت أزمة رجل الأعمال عارف نقفي بداية من عام 2017 حينما نشب خلاف حاد بين مجموعة أبراج كابيتل وبين 4 من أبرز مساهميها حول إدارة أموال صندوق الرعاية الصحية، الذي كان يركز على دعم الأسواق الناشئة، وقد أشعلت تلك الأزمة سلسلة من التحقيقات والمراجعات المالية، والتي أدت في النهاية إلى انهيار واحدة من أكبر شركات الاستثمار في المنطقة.

قررت مؤسسة بيل وميليندا غيتس، ومؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي، إلى جانب مجموعتي سي دي سي البريطانية وبروباركو الفرنسية، تكليف شركة استشارات مالية متخصصة لإجراء تحقيق مستقبل حول إدارة صندوق أبراج للرعاية الصحية، والذي بلغت قيمته مليار دولار.

وقد خلصت التحقيقات إلى أن الشركة تباطأت في استثمار 545 مليون دولار بهدف بناء مستشفيات في عدة دول نامية، وهو ما أطلق مجموعة من الشكوك حول إدارة أبراج للأموال المودعة إليها.

وفي محاولة لاحتواء الأزمة، أعلنت أبراج كابيتال بتكليف شركة ديلويت للتدقيق المالي لمراجعة حساباتها المالية، إلا أن الصدمة كانت مدوية، حيث كشفت ديوليت في تقريرها وجود عجز مالي أجبر شركة أبراج إلى خلط أموال المستثمرين بأموالها الخاصة.

تسببت هذه النتائج في تزايد الضغوط المالية والقانونية على الشركة، وعلى عارف نقفي، واجتمعت الشركة مع دائنيها في عام 2018 لمحاولة إيجاد حلول عاجلة لتجميد الديون المستحقة وتسهيل عملية بيع أبراج لإدارة الاستثمارات، إلا أن الدائنين رفضوا مقترح تجميد الديون، ولجأوا إلى المحاكم الدولية للمطالبة لتصفية الشركة؛ بسبب تخلفها عن سداد الديون.

وفي محاولة لتهدئة المستثمرين، قررت شركة أبراج كابيتال إقالة عرف نقفي من الإدارة، إلا أن ذلك لم يساعد في تهدئة الوضع، وبدأت المجموعة في اتخاذ خطوات جذرية، منها تعليق الاستثمارات، والتخارج من بعض الاستثمارات، وتسريح 15% من موظفي الشركة، ليتم إعلان انهيار شركة أبراج ومؤسسها عارف نقفي.

تعرض لمحاكمات عالمية

في عام 2019، تم تغريم عارف نقفي بمبلغ 135.57 مليون دولار من قبل الهيئة القانونية للأسواق المالية في دبي، بسبب فشله الجسيم فيما يتعلق بمجموعة أبراج.

وفي الوقت الحالي، يخضع نقفي للإقامة الجبرية في منزله في بريطانيا، وذلك بعدما أطلقت محكمة بريطانية سراحه بكفالة بلغت 15 مليون جني إسترليني عام 2020، ولكن مع تحديد إقامته، كما وافقت المحكمة في بريطانيا على تسليمه للولايات المتحدة للتحقيق مع 6 مسؤولين آخرين بتهم الاحتيال على المستثمرين.

رغم أن إرث رجل الأعمال عارف نقفي يظل موضوعًا للنقاش، إلا أنه لا يزال يعتبر رائداً استثمارياً جريئاً نجح في قيادة شركته وتوسعها عالميًا، وهناك من يرى أن تجربته مثال لتحذير المستثمرين من مخاطر التمويل غير الشفاف.