يعد الملحن السعودي طارق عبد الحكيم واحد من أبرز الملحنين في المملكة، حيث غنى ألحانه العديد من الفنانين في الوطن العربي أمثال نجاة الصغيرة، ووديع الصافي، وسميرة توفيق وغيرهم، وقد حاز على جائزة اليونسكو الدولية للموسيقى، تعرف على مسيرته الفنية في السطور التالية.
حياة طارق عبد الحكيم ونشأته
طارق عبد الحكيم الطويرقي هو ملحن ومغنٍ سعودي ولدت في 4 أبريل عام 1918 الموافق 1 رجب سنة 1336 هـ في قرية المثناة في محافظة الطائف بالمملكة العربية السعودية.
يعد طارق من أعمدة الفن على الساحة العربية والسعودية، واشتهر في الوطن العربي وحصل على العديد من الجوائز، وشغل عدة مناصب مختلفة.
نشأ طارق في ضاحية المثناة في الطائف التي اشتهرت بمزارعها الخصبة ومساهها العذبة، وكان أهلها يعتمدون على الزراعة في كسب العيش، ولم يختلف طارق عنهم إذ عمل في الحقل وساعد والده في أمور الزارعة قبل أن يلتحق بالمدرسة.
اضطر والده الهجرة إلى العراق وسافر طارق مع أسرته للعيش في بيت خاله، وهناك عمل في بيع الخضار والفواكه، وبعدها عمل محاسبًا، وتمكن في النهاية من العيش في بيت مستقل مع أسرته، ووضع على كاهله مسؤولية أسرة بأكملها.
في أثناء عمله في المحاسبة التقى طارق صدفة بضابط في الجيش السعودي، الذي أقنعه بالالتحاق بالجيش، وهو ما فعله طارق بالفعل، حيث انضم إلى صفوف الجيش السعود، وتدرج في الرتب العسكرية حتى ترقى لرتبة عميد.
على الرغم من أن العادات والتقاليد وقتها كانت رافضة تمامًا الموسيقى والآلات الموسيقية، إلا أنه تمكن بعد عناء ومشقة من شراء العود الذي كان نادرًا وقتها، في ظل خوفه على والدته وخاله من كلام الناس.
سافر طارق بعد ذلك في بعثة إلى خارج المملكة العربية السعودية لدراسة الموسيقى والعزف على الآلات الموسيقية بترشيح من الأمير منصور بن عبد العزيز الذي كان وقتها وزيرًا للدفاع.
عمل طارق بعد ذلك على تدريب أعضاء الفرقة الموسيقية الخاصة بالجيش السعودي على تقديم التحية العسكرية، وبعدها سافر إلى مصر ليبدأ مسيرته الفنية هناك.
طارق متزوج من سيدة غير معروفة، ولديه 3 بنات وولد اسمه سلطان.
وفاته
توفي طارق عبد الحكيم في القاهرة في 21 فبراير عام 2012 عن عمر يناهز 93 عامًا ودفن فيها بناء على وصيته بعد معاناة من مرض السرطان.
مشواره الفني
بدأ طارق عبد الحكيم حياته الفنية عام 1939 حيث سافر إلى البحرين، وسجل فيها بعض الأعمال الفنية التراثية القديمة، منها "المجرور"، و"المجالسي" إضافة إلى تأليف بعض الألحان.
ولكن كانت انطلاقته الحقيقية عام 1952 في مصر، حيث درس الموسيقى في مصر ضمن بعثة حكومية من وزير الدفاع منصور بن عبد العزيز، وذلك بهدف تأسيس مدرسة موسيقات الجيش السعودي.
في مصر سجل طارق أول لحن له في نفس العام الذي سافر فيه إلى مصر، وهي لحن أغنية "يا ريم وادي ثقيف" من كلمات الأمير عبد الله الفيصل، وهي أول أغنية سعودية وخليجية يتم إذاعتها في استوديو إذاعة صوت العرب، وأول أغنية تُغنى للشيخ عبد الله الفيصل.
في عام 1965 ألف طارق العديد من المقطوعات الموسيقية منها "خيالي في القاهرة"، و"أفراح الطائف"، و"أنوار المدينة المنورة"، و"ذكريات"، و"أبطال الرياض"، و"جمال الصحراء"، و"وحي الطبيعة"، و"تهاني"، و"نجد"، و"مناجاة أبه".
بعد انتهائه من تسجيل كل هذه المقطوعات الموسيقية قرر طارق أن يهديها إلى الإذاعة المصرية، وإذاعة صوت العرب.
تعاون طارق كذلك مع الشيخ عبد الله بن زقر رحمه الله، وقدما معًا عملًا فنيًا مشتركًا عبارة عن تسجيل 4 أسطوناتا من ألحانه، وغنى اثنين منها، كما شارك كذلك في طرح هذه الأسطوانات في مهرجان عيد الجلاء بمقطوعته الموسيقية الشهيرة "فجر مصر".
تعاون طارق مع عدد كبير من مشاهير الغناء في مصر والوطن العربي، ومنهم الفنانة نجاة الصغيرة بأغنية "فين يا محبوبي فين"، و"يللي في هواك هيمان".
تعاون كذلك مع الفنانة فايزة أحمد في أغنية "أسمر عبر"، و"حبيت تاني"، كذلك تعاون مع محمد قنديل بأغنية "يا حمام الحرم"، ومع الفنان كارم محمود بأغنية "حنا رجال الحرب"، و"نشيد صوت العرب"، و"يا لابس الإحرام".
انتقل طارق بعد ذلك إلى البنان وأقام فيه فترة لحن خلالها لمجموعة من أهم الفنانين اللبنانيين منهم الفنان وديع الصافي بأغنية "لا وعينيك" كما لحن للفنان إحسان صادق أغنية "اذكريني يا حياتي"، و"دعاني".
من أهم تعاوناته في لبنان تعاونه مع الفنان سميرة توفيق بأغنية "أشقر وشعره ذهب"، و"حبيبي ضمني ضما"، و"تعداني ما سلم".
تعاون طارق أيضًا مع سعاد هاشم في أغنية "غنى الوتر ألحانه"، وسامية كنعان في أغنية "أنا بهواه"، ونزهة يونس بأغنية "قضيت العمر"، وجاكلين بأغنية "نزلت السويق"، وتعاون مع هيام يونس في عدة أغنيات منها "تعلق قلبي طفلة عربية"، و"يهون الله"، و"شوفني بساعة اونساني"، و"يا منية النفس".
قدم طارق أيضًا ألحانه إلى الفنان السوري فهد بلان في أغنية "أنا أنت"، و"محبوب قلبي".
بعد تخرجه من معهد الموسيقى العربية في القاهرة قرر العودة إلى بلاده، وقدم ألحان العديد من الأغاني العسكرية، قدم ألف عدة مقطوعات موسيقية عسكرية، كما أعاد توزيع لحن السلام الوطني من تلحين الملحن المصري عبد الرحمن الخطيب.
أسس طارق أيضًا معهد موسيقى الجيش في السعودية، وشكل فرقة موسيقية عسكرية لعزف النشيد الوطني، كما أسس متحف الموسيقى العسكرية في الرياض، ومعهد موسيقى الأمن العام، والجمعية العربية للفنون، وتم تعيينه مشرفًا عامًا على الموسيقى في الإذاعة.
بالإضافة إلى التلحين عنى طارق العديد من القصائد للكثير من الشعراء في المملكة منهم محمد ناصر السويلم، وخالد الفيصل، ومحمد الفهد العيسى، وإبراهيم خفاجي، وفهد بن محمد وغيرهم.
بعد عودته إلى المملكة بدأ بتلحين أغانٍ للعديد من الفنانين في الخليج، منهم الفنان طلال مداح في عدة أغاني أشهرها "هلت عيوني"، و"يا صاحبي"، و"نالت على يدها"، و"إذا كشف الزمان"، و"بات سجي الطرف"، و"جميل وأسمر" وغيرها.
قدم طارق أيضًا عدة أمسيات فنية في مختلفة مدن الوطن العربي منها ليبيا، والسودان، والبحرين، والجزائر، والمغرب، والأردن. قدم أمسيات فنية أيضًا في ألمانيا وكوريا وتركيا والدنمارك والمكسيك وفرنسا.
في عام 1983 انتخب طارق رئيس المجمع الموسيقي العربي، وتم إعادة انتخابه مرة ثانية عام 1987. حصل أيضًا على جائزة اليونسكو للموسيقى عام 1981، وعدة جوائز أخرى.